بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وخاتم الرسل والنبيين ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين .
وبعد :
فقد أكرم الله تعالى هذه الأمة بهذه الشريعة الغراء التي نزلت رحمةً وخيراً وسعادة ومصلحة للعباد فقد قال تعالى : (وقيل للذين اتقوا ماذا انزل ربكم قالوا خيراً) وقال تعالى في وصف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين) وقال تعالى : (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) .
من هنا أدرك الفقهاء هذه الحقيقة حيث نصوا على أن هذه الشريعة شرعت لتحقيق المصالح ، ودرء المفاسد ، وأينما كانت الشريعة فثم المصلحة ، وأينما كانت المصلحة الحقيقية فثم شرع الله ، يقول العز بن عبدالسلام : (وقد علمنا من موارد الشرع ومصادره أن مطلوب الشرع إنما هو مصالح العباد في دينهم ودنياهم ) ويقول ابن القيم : (فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ،وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل…) .
ومن هذا المنطلق عالج الإسلام القضايا المتعلقة بحالات الحرب ، وحقوق الإنسان في خضم المعارك ، والقواعد والأعراف الدولية التي تنظم هذه الأمور ، وتكمن أهمية دراسة هذه المبادئ التي تحكم هذه المسائل في أنها تبرز عظمة الإسلام ورحمته ، وسبق الفقه الإسلامي في تنظيم هذه الأمور ، ولا سيما في وقت يبذل أعداء الإسلام جهوداً كبيرة لتشويه سمعة الإسلام منذ فترة طويلة ، وبالأخص بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001م .
وقد بذلنا ما في وسعنا من جهد لتوضيح أهم المبادئ والأسس التي تحكم العلاقات الدولية ، وبالأخص في حالات الحرب ، داعياً الله تعالى أن يتقبلها مني ، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم ، وان يعصمنا من الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل ، إنه مولانا فنعم المولى ونعم النصير .