الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد الهادي الأمين ، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله المطهرين وصحبه الطيبين  ، ومن تبع هداهم  إلى يوم الدين


وبعد


    فهذه دراسة متواضعة بعنوان (الصفات المؤثرة في العلاقة بين الشركات) جاءت بطلب من أخي أ.د. عبدالستار أبو غدة ، المشرف العام على ندوات البركة ، لتكون ضمن الموضوعات التي تناقشها ندوة البركة السابعة والعشرون التي تنعقد بجدة في رمضان 1427هـ ، وهو موضوع في غاية من الاهمية ، لأن هناك علاقات وتعاقدات بين الشركة الام ، والشركات المتفرعة منها ، أو التابعة لها ، أو الزميلة لها ، كما تقع تعاقدات بين الشركة وشركائها المساهمين ، وبينها بين الشركات الشقيقة ، فهل تعتبر هذه الشركات كلها مستقلة وبالتالي تعتبر متعددة ، وحينئذ تعامل كل واحدة مع الأخرى معاملة الشخص مع غيره ، أو أنها تعتبر واحدة ، وبالتالي تعامل معاملة الشخص مع نفسه ؟


  ولأهمية هذا الموضوع ندرس هذه الاحتمالات محاولين أن نضع معايير لضبط هذه العلاقات بقدر الامكان ، سائلين الله تعالية أن يلبس عملنا هذا ثوب الاخلاص وحليّ القبول وأن يعصمنا من الخلل والزلل في القول والعمل ، إنه حسبنا ومولانا فنعم المولى ونعم النصير .


تمهيد


  بعدما تحققت الشخصية المعنوية ( الاعتبارية ، القانوينة )  للشركات ، وأصبح لها اسم خاص بها وذمة مالية مستقلة ترتبت عليها مجموعة من الآثار في الحالتين :


أ) حالة اعتبار شركة مثل ( أ ) مع صاحبتها ( ب ) شخصيين اعتباريين مستقلين ، وحينئذ يترتب على هذه الاستقلالية مجموعة من الآثار منها :


1. أن الربا بينهما يتحقق إذا توافرت شروطه لأنه لا يدخل في باب ( ربا النفس ) .


2. أن بيع العينة لا يتحقق بينهما إذا دخل بينهما طرف ثالث ، أي أن شركة ( أ ) إذا اشترت بضاعة من طرف ثالث ، ثم باعت لـ ( ب ) فإن العينة منتفية لأن العلاقة ثلاثية ، في حين لو اعتبرناهما شخصاً واحداً لتحققت العينة بينهما ، لأن العلاقة ستبقى ثنائية .


3. جواز ضمان احداهما لاخرى في المضاربة والمشاركة ونحوهما مما  لا يجوز أن يضمن العاقد أن يضمن رأس المال ونحوه .


 


ب) حالة اعتبارهما شخصاً اعتبارياً واحداً ، وحينئذ لا يتحقق بينهما الربا لأنه من باب   ( ربا النفس ) ويتحقق بينهما بيع العينة كما سبق ، ولا يجوز ضمان احداهما لاخرى ، لأنه من باب ضمان النفس .   


 


ومن جانب آخر فإن هناك حالات كثيرة تحتاج إلى وجود معيار للتمييز بينها وهي :


1ـ متى تعتبر الشركة مستقلة عن مساهميها .


2ـ ومتى تعتبر الشركة مستقلة عن شركة أخرى ، أو كما جاء في ورقة العمل التي كلفنا بدراستها : ( تتعدد صور العلاقات بين الشركات ـ أو حتى بين الشركات والشركاء المالكين أسهماً فيها ، والمؤسسات بحاجة إلى التعرف على نوع العلاقة المانعة من اجراء بعض العمليات ، كشراء سلعة من شريك أو شركة بثمن حال وبيعها بالمرابحة المؤجلة إلى شركة أخرى ( بيع العينة ) ، وكذلك تحقق الربا في اقراض شركة لأخرى بزيادة ، أو عدم تحققه ( ربا النفس ) وكذلك إصدار شركة ضماناً لشريك أو شركة أخرى على أساس أنه ضمان طرف ثالث مع وجود علاقة بين الطرفين ……….الخ             وهذه المسائل تقع بين الشركة الام وفروعها أو الشركات التابعة أو الزميلة لها ، كما تقع بين الفروع المتعددة لشركة ما  ( الشركات الشقيقة ) والحاجة ماسة إلى تحديد نوع الصفة المؤثرة في الحكم ، هل هي :


•           الشخصية الاعتبارية للطرفين بصرف النظر عن مقدار الملكية بينهما


•           الذمة المالية من حيث استقلالها في كل طرف


•           الملكية المتداخلة بين الشركتين أو بين الشركة وأحد الشركاء ونسبتها


•           السيطرة من خلال العضوية في مجالس الادارات ممن يمثل الشركات


 والمأمول استعراض هذه الصفات وتحديد المؤثر منها وضوابط تأثيره وبيان التطبيقات للاحكام المشار إلى أهمها في صدر الورقة ) .


  وهذه الدراسة تتطلب دراسة الشخصية الاعتبارية عند القانونيين ، والشرعيين ، ودراسة الذمة المالية للشركة ، والشركاء ، وللشركة الام والشركات المرتبطة بها والملكية المتداخلة بينهما ، ومدى تأثير كون الشريك رئيساً لمجلس الادارة ، أو عضواً منتدباً أو رئيساً تنفيذياً ، أو عضواً في مجلس الادارة .


  اعلى الصفحة