المواطنة
في الإسلام
وحقوق
المواطنين غير المسلمين في ظله
– دراسة على ضوء الكتاب
والسنة –
بقلم
أ . د . علي محيى الدين القره داغي
الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين
ونائب رئيس المجلس الأوروبي للافتاء
والبحوث
الحمد لله ربّ
العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ،
وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين ، ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد
فإننا في عصرنا
الحاضر أمام مجموعة من المصطلحات ( السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، و.. )
تكونت لها مفاهيم خاصة وأبعاد تجاوزت ما كانت عليها في أوضاعها الأصلية اللغوية ،
مثل (المواطنة) و (القومية) ، لذلك علينا بيان مفاهيمها الجديدة بدقة ثم الحكم
عليها في ضوء مبادئ الشريعة الاسلامية ومقاصدها لنصل إلى مدى قبولها جملة أو رفضها
، أو التفصيل فيها .
وقد أوضح القرآن
الكريم أن المصطلحات لها أهميتها واعتبارها ، ولذلك جاء النهي عن مصطلح مثل ( راعنا ) لما يحمله من معان سيئة لدى اليهود
الذين استعملوه فيها مع أنه في أصل اللغة العربية ووضعها العربي يحمل مدلولاً
طيباً ومفهوماً جميلاً ، ولم يكتف القرآن بذلك بل أمر بمصطلح آخر ليحل محله وهو (
انظرنا ) فقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا
ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [1] .
وفي هذا التعامل
القرآني مع المصطلحات دلالة واضحة على أن الأمة يجب أن تكون واعية في اختيار
مصطلحاتها ، بل وفي استعمالها أيضاً ، وفي تربية أبنائها عليها .
ومن هذه
المصطلحات التي شاعت ولكن مفهومها الاصطلاحي يختلف عن مفهومها اللغوي مصطلح : ( المواطنة ) الذي شاع مع الثورة الفرنسية ووصل
إلى ديار الإسلام فيما بعد .
ونحن في هذا
البحث نحاول بيان المعنى اللغوي للمواطنة ، والمعنى الاصطلاحي له بدقة ، ثم نحاول
التفصيل والتأصيل لآثاره ، وأحكامه ، وموقف الفكر الإسلامي منه ، موضحاً من خلاله
حقوق غير المسلمين في ظل الدولة الإسلامية ، وشارحاً ما تضمنته وثيقة المدينة
المنورة بإيجاز والتي تعدّ أول دستور للحقوق في التأريخ .
والله تعالى
أسأل أن يلهمنا الصواب ، ويعصمنا من الزلل والخلل في العقيدة والقول والعمل ، إنه
حسبنا ومولانا ، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير .
كتبه الفقير إلى ربه
علي محيى الدين القره داغي
الدوحة / 17 محرم 1435هـ