تحليل وقياس وإدارة
مخاطر شركات التأمين الإسلامي
ـ الواقع والمنشود ـ
عنوان البحث يتضمن الكلمات الآتية ، نعرف بها بإيجاز :
تحليل : لغة مصدر : حلل ، فيقال : حللّ الشيء : رجعه إلى عناصره ، وحلل الجملة أي بيّن أجزاءها ووظيفة كل منها ، وحللّ العقد : أي فكها[1] ، ومن المعاني المحدثة له أنه يقصد بالتحليل : دراسة الشيء لكشف خباياه[2] ، وفي علم النفس يقصد بالتحليل النفساني : البحث في العقل ، وأما الباطن ، وما فيه من عقد ورغبات تمهيداً لعلاجها[3] .
قياس : لغة : مصدر قاس الشيء على غيره ، وبه قوساً وقياساً أي قدره به[4] والمقياس هو المقدار.
إدارة : لغة : مصدر : أدار ، فيقال : أدار التجارة : تعاطاها وتداولها من دون تأجيل ، وأدار الرأي والأمر : أحاط بهما[5] ، والمدير : من يتولى تصريف أمر من الأمور كمدير الشركة ( كلمة محدثة)[6] .
مخاطر : لغة : من خطُر ـ بضم الطاء ـ خطَراً ـ بفتح الطاء ـ وخطوراً ، وخطورة ، أي عظم وارتفع قدره ، فهو خطير ، وخاطر به : جازف وأشفاه على خطر ، والخَطَر هو الاشراف على الهلاك ، وجمعه أخطار[7] .
وبقية كلمات العنوان لا تحتاج إلى شرح وتفصيل هنا .
والمقصود بالعنوان هو :
وضع المعايير والمقاييس لكل ما يمكن أن يهدد شركات التأمين الإسلامي بالفشل والافلاس ، أو الضرر والخسارة ، أو إعاقة مسيرتها ، ونهضتها وتقدمها .
وهذا العنوان العام يحتاج إلى دراسة مفصلة سواء كانت حول المعايير والمقاييس العلمية ، والتخطيطية ، والمحاسبية ، والإدارية ، وكيفية تطبيقها ، وبالتالي الوصول إلى نتائج محددة ، ثم البحث عن كيفية الحلول المتنوعة ، والبحث عن مكوناتها ، وأهدافها ، ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها ، والطرق المستخدمة في تحديد أهدافها …الخ .
ولذلك نحدد دراستنا ببيان المخاطر التي تواجه شركات التأمين الإسلامي ، ومحاولة تحليلها وقياسها ودرجة هذه المخاطر بإيجاز مع بيان الحلول الممكنة في هذا المجال .
منهجية البحث :
ومن المعلوم أن هناك عدة مناهج للتقويم والتحليل في هذا المجال ، من أهمها المنهج الاستنباطي الفكري الذي يعتمد على استنباط الإطار الفكري ، والمنهج الاستقرائي[8] يتمثل في رصد الواقع والتطبيقات ، وما ترتب عليها من نتائج فيما يخص المخاطر التي تواجه شركات التأمين الإسلامي .
ونحن نحاول أن نستفيد من المنهجين بصورة جزئية ، إذ أن الاستفادة الكاملة منهما تقتضي القيام برصد جميع شركات التأمين ، أو معظمها للوصول إلى النتائج المتكاملة ، غير أننا نعتمد على الإطار الفكري ، مع الإطار العملي والتطبيقي في حدود معلوماتنا وخبرتنا في هذا المجال ، والله المستعان .
المخاطر التي تواجه شركات التأمين الإسلامي :
هناك مخاطر عامة تواجه شركات التأمين بصورة عامة ، وهناك مخاطر تخص شركات التأمين الإسلامي ، ونحن نبدأ بالمخاطر العامة لنتبعها بالمخاطر الخاصة .
المخاطر العامة لشركات التأمين ( جميعاً ) :
هذه المخاطر تكمن فيما يأتي :
أولاً : الكوارث الطبيعية من عواصف وأمطار غزيرة :
فقد أدت الكوارث الطبيعة من عواصف وأمطار غريزة وفيضانات وزلازل وثورات بركانية وموجات البرد إلى خسائراقتصادية كبيرة ، وانعكست آثارها على صناعة التأمين العالمية بشكل واضح ، وقد سجلت العقود الخمسة الأخيرة من القرن الماضي وبداية القرن الحادي والعشرون إزديادا ملحوظا في عدد الكوارث الطبيعية ، ويمكن إلقاء الضوء على ضخامة الخسائر الناتجة بسبب الكوارث الطبيعية ، أن نذكر أن الخسائر التي سببتها العواصف الزوابع في شتاء عام 1990م في قارة أوربا وحدها بلغت حوالي 10 مليار دولار ، وفي عام 1996 بلغت المطالبات الناشئة عن كوارث الطبيعة وحدها ما يقرب من 8 بليون دولار أمريكي وفي عام 2002م كما شهد العالم الفيضانات الكبيرة التي اجتاحت أوربا والعواصف غير الاعتيادية التي ضربت مناطق مختلفة من العالم ، وتسببت الخسائر المادية والبشرية الهائلة التي قدرت حسب دراسة شركة ميونخ للإعادة بحوالي 55 بليون دولار أمريكي ، وكانت الخسائر التأمينية حوالي 11.5 بليون دولار أمريكي في زلزال 1999م الذي ضرب مدينة ” أزميت ” في تركيا أنهارت آلاف المباني السكنية ، وترتبت عليها خسائر كبيرة .
والوطن العربي والإسلامي قد تأثر بعدد من هذه الكوارث من العواصف والفيضانات وبالخصوص الزلازل ، ولكن بفضل الله الوطن العربي أقل تعرضا لأخطار الطبيعة وكوارثها قياسا على أقاليم أخرى .
123 مليار دولار خسائر الكوارث عام 2004 :
قدرت حجم الخسائر المادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث من صنع البشر العام الماضي بحوالي 64مليار جنيه إسترليني (123 بليون دولار)، تكبدت بسببها شركات التأمين الدولية نحو 49 مليار دولار في صورة تعويضات على الممتلكات المؤمن عليها.
وذكرت صحيفة الحياة اللندنية انه على عكس ما قد يتبادر إلى الأذهان، فإن السبب ليس الزلزال المدمر والمد البحري (تسونامي) الذي ضرب جنوب آسيا قبل نهاية 2004 بأيام، والذي أسفر عن دمار غير مسبــوق تـاريخياً، وانما ذهبت معظم تعويضات التأمين الى مناطق في الأميركتين واليابان.
وعلى رغم ان الدمار في آسيا اكبر بكثير، إلا ان غالبية ما دمر لم يكن مؤمّناً عليه لعدم انتشار ثقافة التأمين في المنطقة، باستثناء الشركات الأجنبية العاملة هناك.
وذكر تقرير لشركة إعادة التأمين الدولية “سويس ري” ان عدد الكوارث التي شهدها العالم في 2004 بلغ 330 كارثة، بينها 216 كارثة من صنع البشر كالحرائق والانفجارات.
وعلى رغم فارق الأرقام في عدد الكوارث، إلا ان شركات التأمين الدولية تكبدت تعويضات بنحو46 مليار دولار عن الخسائر في الممتلكات المؤمن عليها والمتضررة من الكوارث الطبيعية، في مقابل ثلاثة بلايين دولار تعويضات عن الخسائر الناجمة عن الكوارث من صنع البشر.
وتعرضت القارة الأميركية لنحو 13 إعصاراً وعاصفة، منها إعصار “ايفان” الذي ضرب منطقة الكاريبي وخلف أضراراً هائلة.
ووصل حجم تعويضات التأمين نتيجة الكوارث الطبيعية في الأميركتين إلى 27 مليار دولار.
وفي اليابان، أدت عشرة أعاصير وزلازل إلى أضرار ببلايين الدولارات ،إلا ان توزع الخسائر البشرية الناجمة عن الكوارث الطبيعية يختلف عن نمط توزع تعويضات التأمين، فمن بين اكثر من 300 ألف ضحية نتيجة تلك الكوارث العام الماضي، كان نصيب كارثة «تسونامي» اكثر من 90 في المائة من الضحايا البشرية ، وبلغ عدد الضحايا البشرية من بقية الكوارث الطـــبيعية في العـالم 20 ألفاً فقط.
ولفت تقرير “سويس ري” الى ان خسائر شركات التأمين تجاوزت ضعف المعدل السنوي منذ عام 1987، والمقدر بنحو 23 بليون دولار، وذلك بسبب زيادة عدد الأعاصير والعواصف، خصوصاً في المناطق التي تشهد كثافة تأمينية، والى تركز الممتلكات المؤمن عليها في مناطق ساحلية اكثر عرضة للكوارث، أما نمط الخسائر فيظل كالمعتاد، إذ انه باستثناء تعويضات الاعتداء على «مركز التجارة العالمي» في نيويورك عام 2001، فإن الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية تفوق تلك الناجمة عن الكوارث من صنع البشر منذ عام 1989[9].
أضرار كاترينا وحدها ستبلغ 125 مليار دولار :
ألحق إعصار كاترينا أضراراً مادية كبيرة فقد رفعت شركات التأمين الأمريكية تقديراتها للأضرار التي تسبب بها إعصار “كاترينا” وتشير التقارير الأخيرة لشركات احتساب المخاطر إلى أن حجم الخسائر المادية سيبلغ قرابة 125 مليار دولار وسيتعين على شركات التأمين دفع تعويضات تصل إلى 60 مليار دولار.
وفي حال بلغت التعويضات هذا الحجم فتكون أضرار إعصار كاترينا تجاوزت حجم الخسائر الأعلى التي تكبدها قطاع التأمين في أمريكا والتي بلغت 21 مليار دولار عام 1992 وكان تسبب بها إعصار اندرو، بحسب وكالة الأسوشيتد برس.
وقالت مصادر شركة “ريسك ماناجمنت سوليوشنز” في كاليفورنيا إنها راجعت تقديراتها السابقة بسبب الأضرار الضخمة التي تكشفت في نيوأورلينز والتي دفعت المسؤولين إلى إجبار السكان على إخلائها.
وصرحت نائبة رئيس الشركة المذكورة، لوري جونسون، بأن “قرابة نصف الخسائر الاقتصادية يتصل مباشرة بآثار الفيضان الذي غطى المدينة.
وأضافت أن الفيضانات التي غمرت المدينة بعد خروج المياه عن ضفاف الأنهر والقنوات تجعل من الصعب بمكان تحديد الحجم الحقيقي للضرر.
وأنه كلما طال الوقت وبقيت المياه راكدة على هذا النحو سترتفع نسبة المواد السامة التي ستحتاج لوقت أطول للتخلص منها.
وقالت إن تقديرات الأضرار التي أصابت البنى التحتية والطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي تبلغ عشرة مليارات دولار.
وتشمل الخسائر الاقتصادية المنازل المهدومة والسيارات والمرافئ البحرية والمصافي النفطية إضافة إلى العطل والضرر الناجم عن توقف الأعمال في المناطق المنكوبة والتي تشمل كل من لويزيانا والميسيسيبي وألاباما[10] .
225 مليار دولار خسائر العام 2005 :
وقد ذكرت التقارير بأن العام 2005 كان العام الأسوأ ، حيث تكبدت المناطق المنكوبة أكثر من 225 مليار دولار خسائر ، واعتبرت أوساط التأمين في العالم عام 2005 الأكثر كلفة علي شركات التأمين بعدما سببته الكوارث الطبيعية من خسائر بلغت 225 مليار دولار. غير أن الأضرار المؤمنة كانت بحدود 80 مليار دولار. طبقاً لجداول إحصائية نشرتها أمس شركة “سويس ريه” السويسرية ثاني أكبر شركة تأمين في العالم. فإن إعصار كاترينا كان الأكثر تدميراً. وقد استحوذ وحده علي 135 مليار دولار من مجمل الأضرار. وستدفع شركات التأمين ما يعادل 45 مليار دولار منها. وهي أكبر فاتورة لكارثة طبيعية واحدة في التاريخ. قبل كاترينا كان إعصار أندرو. الذي ضرب فلوريدا. خليج المكسيك عام 1992. الأكثر كلفة بعد أن بلغت فاتورته 22 مليار دولار. وتأتي بعده هجمات 11 سبتمبر 2001. التي كلفت 21 مليار دولار. ولم تتوفر حتي الآن أرقام تتعلق بالكلفة التأمينية للحريق الهائل الذي دمر مخزناً للوقود قرب لندن مطلع الشهر الحالي. أما أضرار زلزال باكستان في أكتوبر الماضي فقد بلغت 5 مليارات دولار[11] .
خسائر زلزال باكستان والهند ومخاوف وصول الكوارث إلى الخليج :
تشير التقديرات الأولية لضحايا الزلزال الذي ضرب الهند وباكستان أول أمس إلى وقوع مليون قتيل وجريح ومشرد مما ينبئ بكارثة إنسانية كبيرة. يأتي ذلك قبل أن يفيق العالم من آثار الكارثة التي خلفها إعصارا كاترينا وريتا اللذان ضربا جنوب الولايات المتحدة الأمريكية الشهر الماضي.
وقد أعلنت شركة ميونخ ري الألمانية أن هذين الإعصارين كلفا شركات التأمين العالمية تعويضات تقدر بحوالي 40 مليار دولار، منها 30 مليار دولار نتجت عن إعصار كاترينا، فيما تتراوح التعويضات المقدرة لإعصار ريتا ما بين 10-15 مليار دولار.
وقد أثارت تلك الخسائر المخاوف في مختلف دول العالم حول قدرة شركات التأمين على التعامل مع المخاطر الطبيعية عموماً وإمكانية توفير التعويض الكافي عنها. كما أثارت أيضاً الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة شركات التأمين السعودية على مواجهة الخسائر المحتملة إذا ما وقعت في المملكة أي من التمخضات الطبيعية التي باتت تضرب جميع دول العالم بلا استثناء؟ وما إذا كانت وثائق التأمين التي تطرحها تلك الشركات توفر غطاء تأمينياً ضد الخسائر الناتجة عن الأخطار الطبيعية؟.
وبينما ترى مصادر في سوق التأمين السعودي أنه لا توجد مخاوف على المملكة كونها موجودة في منطقة آمنة من تلك الأعاصير، فقد أكد خبراء في التأمين أنه لا توجد حالياً دولة في العالم بمنأى عن المخاطر الطبيعية مشيرين إلى أن تلك المخاطر لا تقتصر على الأعاصير فقط بل تمتد لتشمل السيول والفيضانات والعواصف الرملية والرعدية والبرد و الزلازل والبراكين، وتتسم جميعها بضخامة الخسائر الناتجة عنها.
ويشير الخبراء إلى أن المملكة تتعرض بين وقت وآخر لبعض المخاطر الطبيعية مثل السيول التي ضربت مكة خلال العام أكثر من مرة مسببة خسائر مادية جسيمة. ويلفت هؤلاء الخبراء الانتباه إلى عاصفة البرد التي ضربت منطقة الرياض يوم 24 مارس 1996 ودفع قطاع التأمين أكثر من 100 مليون ريال كتعويض عن الخسائر التي وقعت للسيارات والممتلكات والمشاريع الانشائية والطيران. وفسر الخبراء انخفاض مبلغ التعويض الذي دفعته شركات التأمين في ذلك الوقت إلى أن معظم المتضررين لم يحصلوا على تعويضات، إذ كانت الوثائق التي يحملونها في ذلك الوقت تستثني التعويض عن أضرار الأخطار الطبيعية.
ويؤكد خبراء تأمين سعوديون أن السوق استفاد من تلك التجربة حيث أصبحت الوثائق التي تصدرها الشركات السعودية للتأمين على السيارات والمشروعات الهندسية والإنشائية والمساكن والممتلكات لا تستني الأخطار الطبيعية من التعويض. وتوفر تلك الوثائق غطاء تأمينياً واسعاً ضد المخاطر الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والبرد والسيول والأعاصير سواء ضمن التغطية الأساسية أو كتغطية إضافية تمنحها بناء على رغبة العملاء[12].
هذا، وقد أوضحت دراسة صدرت مؤخراً عن شركة سويس ري اكبر شركة إعادة تأمين في العالم أن عام 2004م اعتبر عاماً قياسياً فيما يتعلق بخسائر التأمين الناتجة عن الكوارث الطبيعية. وقالت الدراسة أن العالم فقد 000 300 انسان نتيجة الكوراث الطبيعية التي وقعت عام 2004 منهم 000 280 انسان مات بسبب موجات المد البحري (توسنامي) التي وقعت في المحيط الهندي وضربت دول جنوب شرق آسيا.
وأكدت الدراسة أن أسواق التأمين العالمية دفعت خلال عام 2004 تعويضات عن تلك الكوارث بلغت قيمتها 123 بليون دولار منها 49 بليون دولار دفعها قطاع التأمين على الممتلكات.
وترى شركات تأمين الممتلكات أن عام 2004 كان بالفعل عاماً قياسياً بالنسبة للتعويضات التي دفعتها مشيرة إلى أن الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا وجزر الباهامز ودول البحر الكاريبي خلال شهري أغسطس وسبتمبر من العام الماضي كلفتها تعويضات بلغت 32 بليون دولار.
ودفعت أيضاً تعويضات قدرها 6 بلايين دولار عن الإعصار الاستوائي سنوجدا الذي ضرب طوكيو في شهر سبتمبر من العام الماضي.
وقالت الدراسة إنه نظراً لأن عام 2004 كان من أشد الأعوام ارتفاعاً في درجات الحرارة فقد وقع خلال العام 13 إعصاراً كبيراً و10 أعاصير استوائية. ويرجح خبراء التأمين أن يكون عام 2005 أحد أسوأ الأعوام التي شهدها قطاع التأمين في العالم وأن خسائره ستفوق كثيراً تلك التي وقعت خلال عام 2004م.
فلا بد أن تدرك شركات التأمين وإعادة التأمين مدى خطورة الكوراث الطبيعية على صناعة التأمين فقد يمكن أن تعجز الشركة عن مواجهة الخسائر والأضرار التي تسفر عنها ، وتؤدي إلى دمار شركة التأمين إذا كانت هذه الخسائر أكبر من طاقتها ، ولا بد من تحقيق المتطلبات والشرائط الفنية الملائمة لطبيعة هذا الخطر ، واتخاذ الإجراءات الخاصة ووضع اللوائح والنظم التي تؤدي إلى تقليل الخسائر أو الحد منها . وإلزام المؤمن له بأن يتخذ بالقواعد والأسس الموضوعة والاشتراطات الفنية المحددة لإنشاء المباني ، وتيقيد بكل الإجراءات والتعليمات للسلام التي من شأنها تقليل الخسائر الأضرار ، وتحديد قسط التأمين المناسب المتوازن بيينه وبين طبيعة الخطر وتقدير الخسارة المحتملة وقت إصدار الوثائق[13] .
ثانياً : أخطار التكنولوجية الحديثة :
شهدت السنوات الأخيرة ازديادا بالغا في عدد من المشاريع ذات التقنية العالية والأخطار الجسيمة و في أماكن بالغة الخطورة ، مثل مشاريع توليد الطاقة الكهربائية بالطاقة الذرية / المدخنة الشمية / بفعل قوة الرياح ، والتنقيب عن النفط والغاز في البحر ، والمشاريع الهندسية الإنشائية ، ومشاريع إنشاء الطرق والسكك الحديدة والجسور والنفق ، ومشاريع المصانع وغيرها ، وتؤدي مثل هذه المشاريع الخطيرة إلى حدوث مطالبات ثقيلة على صناعة التأمين سواء كان مطالبات تأمين الهندسة والاخطار المهنية أو مطالبات تأمين المسؤولية المدنية أو مطالبات تأمين العمال أو مطالبات الحريق إلى غير ذلك ، وتؤدي شركات التأمين إلى مواجهة الأخطار ، فأصبحت الأخطار التكنولوجية الحديثة من المخاطر الكبرى أمام صناعة التأمين[14] .
ثالثاً : عوامل المناخ المتغيرة
قد بدئ ازدياد درجة حرارة الأرض منذ عام 1880م ، حتى زادت الآن بأكثر من تسع درجات سنتيغراد ، وهذا أدى إلى زيادة الغازات الساخنة في الجو بمقدار 50 بالمئة ، واهتماما بالموضوع اسست الأمم المتحدة الهيئة الدولية لتغيرات المناخ في عام 1988م . التي كلفت ثلاث مجموعات لدراسة ظاهرة التبدل المناخي ، وقدمت هذه المجموعة تقريرها الأول في عام 1990م ، وذكرت المجموعة الثانية التي عمدت إلى دراسة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة التسخين ، أنها تؤثر أثرا كبيرا على قطاعات الزراعة وانتاج الطاقة والمياه الجوفية ، وسوف تكون المناطق الساحلية والبلدان أقل تطورا هي الأكثر تعرضا لهذه الآثار ، فتتأثر صناعة التأمين وبالتحديد تأمين الممتلكات .
وأهم عوامل المناخ المتغيرة هي :
1. نزول المطر العشوائي .
2. حدوث المزيد من انزلاقات التربة .
3. كثرة العواصف والفيضانات والكوارث الطبعية .
4. حدوث حرائق بسبب الجفاف .
5. تغيرات في البحار
فتغير المناخ من المخاطر الهامة التي تواجه شركات التأمين ، حيث هذه العوامل وغيرها تؤثر على المجالات المختلفة للنشاط البشري ، والقطاع المالي من ضمنه التأمين وبالخصوص فرع تأمين الممتلكات ، والواقع يشهد بأنه كلما زاد عدد العواصف زاد ت الخسائر الاقتصادية والتأمينية .
ويمكن لشركات التأمين تقليل هذا الخطر بزيادة مقدارمناسب للتحمل الذي يدفعه المؤمن له ، وتحديد الأخطار التي تحملها الشركة ، وعدم منح تغطية شاملة ، وتحويل الخطر أو توزيعه بإعادة التأمين ، وتحديد القسط الملائم[15] .
رابعاً : الاحتيال على التأمين من الخارج والداخل والخيانة :
حيث تتعرض كافة النشاطات الاقتصادية والصناعة المالية لمحاولات احتيالية وخيانة ، ويعتبر التأمين أحد الأنشطة الاقتصادية المهمة وهدفا رئيسا لمثل هذه الأعمال منذ فترة طويلة ، وقد أدى إلى بروزعديد من المنظمات والهيئات والمكاتب بتركيز جهودها على دراسة هذه الظاهرة ومراقبتها ، ونظرا لطبيعته الخاصة فإنه من الصعب تحديد الخسائر عن الاحتيال على التأمين ، وعلى الرغم من ذلك فإن هيئة التعاون ضد الاحتيال على التأمين قدرت أن عمليات الاحتيال التي تمس صناعة التأمين العالمية قد تصل إلى 79 بليون دولار سنويا ، وقدر مكتب جرائم التأمين القومي الأمريكي الخسائر الناتجة عن الاحتيال بـ 20 بليون دولار سنويا ، وقدرت جمعية المؤمنين البريطانيين أن سوق التأمين يتعرض لعمليات احتيالية بمختلف أنواعها ربما تسبب من خسائر لصناعة التأمين البريطانية إلى ما يقرب مليون دولار سنويا ، وقد أظهرت الدراسة التي أعدت في عامي 94/95 لصالح اللجنة الأوربية للتأمينات (CEA) بأن ظاهرة الاحتيال احدى المشكلات الرئيسية وذات أهمية بالغة في صناعة التأمين في أوربا ، ولا تخلو شركات التأ مين في الدول الإسلامية والعربية من هذه الأوبئة ، بل ازدات في الفترة الأخيرة مع ضعف الوازع الديني لدى الناس ، وحامل وثيقة التأمين قد لا يقدم على الاحتيال بصورة فردية بل غالبا ما يتم التواطؤ بين جهة أخرى ذات علاقة لاكتمال حلقة الاحتيال ، والشريك المحتل للمؤمن له قد يكون طبيبا أو محاميا أو كراج تصليح السيارات ، أو موظفا لدى شركة التأمين ، فأكثر هذه الحالات تظهر في التأمينات الصحية وتأمين السيارات