كانت اليهود قبل مبعث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تبشر بمقدمه ، وتهدد المشركين بأنه إذا بعث خاتم الرسل فتكون معه ضدهم ، ولما جاءهم كفروا به كما سجل ذلك القرآن الكريم : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) ، قال ابن عطية : ( ان بني إسرائيل كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قد علموا خروجه بما عندهم من صفته وذكر وقته وظنوا أنه منهم ، فكانوا إذا حاربوا الأوس والخزرج فغلبتهم العرب قالوا لهم : لو خرج النبي الذي أظل وقته لقتلناكم معه واستنصرنا عليكم به ) .
وقد أعطى القرآن الكريم صورة رائعة للأنبياء السابقين وبالأخص سادتنا إبراهيم ، وإسحاق ، وإسماعيل ، وموسى ، وداود ، وسليمان ، وعيسى ، فذكر خصصهم ، وجعلهم قدوة للمسلمين فقال تعالى : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) .
وليكن الإسلام بدِعا من الأمر بل كان مثالاً للرسالات السابقة ، وخاتماً لها فقال تعالى ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه …. ) وقال تعالى : ( اليوم أكلت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) .
ومن الجانب العملي كان حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته لانتصار أهل الكتاب على المشركين ، فقد اغتم المسلمون بانتصار الفرس المشركين على الروم النصارى ، وفرحوا كثيراً بانتصار الأخير على المشركين ، حتى إن أبا بكر الصديق قد دخل في رهان مع المشركين حول ذلك فقد روى أحمد والنسائي وأحمد وابن جرير بسند قال فيه الترمذي ( حسن صحيح ) عن ابن عباس قال : ( كان المشركون يحبون أن يظهر الروم على أهل فارس ، لأنهم أهل الكتاب ، فذكروه لأبي بكر ، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أما أنهم سيغلبون ) فذكره أبو بكر لهم فقالوا اجعل بيننا وبينك أجلاً ، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ( وفي بعض الروايات على أربعة قلائص أي فوق ) ….. ؛ ثم جعل أبو بكر الزمن أقل من العشر بناء على أن ( بضع …. ) ما بين ثلاث إلى تسع ، فظهرت الروم بعد ، فذلك قوله تعالى : ( ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنيين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر الله من يشاء وهو العزيز الرحيم ) قال سفيان : ( سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر ) . وهذا يعني أن عاطفة المسلمين كانت بجانب أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ).