يوم 19 مارس 2010

أيها الاخوة الكرام لقد تحدثنا
في الخطب السابقة أن الثقافة العربية الاسلامية لا تتحقق بالاغاني أو بالرقص
والطبول وإنما تتحقق بجملة من العناصر الأساسية التي اذا تحققت سيكون لهذه الأمة
ثقافتها الخاصة وسيكون لها حضارتها وقوتها كما يتحقق لها كذلك مكانتها وعزتها
فالثقافة هي عنوان التميز والأمة لا تتميز إلا بثقافتها الخاصة بها وإذا انحرفت
عنها فإنه سيكون مصيرها أمة ذات ثقافة مشوهة أو أنها ستنصهر في بوتقة الثقافات
الأخرى

فالثقافة التي يريدها الاسلام
هي ثقافة هادية هادئة هادفة رائعة جميلة يتحققا فيها عنصرا الجمال والجلال فيعبر
الجلال عن عناصر القوة ويعبر الجمال عن الذوق والأخلاق ومن هنا كانت العناصر
الأساسية خمسة تحدثنا في الخطب السابقة عن أربعة منها وهي الأخلاق والذوق الجمالي
والتنظيم والعمران والتعمير أما اليوم فسنتحدث بإذن الله تعالى عن ثقافة العمل
وهناك فرق أيها الإخوة الأحبة بين العمل وثقافة العمل فكلنا يعمل كما قال الله
تعالى << قل كل يعمل على شاكلته>> الآية ولكن ثقافة العمل أن يكون
عملك في إطار أهداف معينىة أن يكون عملك جزءا من كيانك جزءا من حياتك كما يقول
فقهاؤنا أن يتحول العمل الى ملكة بحيث لا تستطيع أن تعيش دون عمل وليس المقصود
بالعمل أيها الاخوة الأحبة بمجرد العمل الدنيوي فقط أو بمجرد العمل الأخروي فقط
كذلك مثل أن نصوم أو نصلي أو غير ذلك وإنما العمل في الإسلام هو كل عمل صالح لدينك
ودنياك لنفسك ولاهلك ولعشيرتك ولقومك ولأمتك وللانسانية جمعاء وحتى الحيوانات
والنباتات والبيئة بشكل عام ولذلك أكد الله سبحانه وتعالى في معضم اللآيات على
الرلبط بين العمل والصلاح ومنها ما جاء في سورة العصر تلك السورة العظيمة التي قال
فيها الامام الشافعي لو نزلت من القرآن إلا هذه لكفتنا << والعصر ان الإنسان
لفي خسر إلا الذين آمنو وعملوا الصالحات وتواصو بالحق وتواصو بالصبر>>

فالإيمان هو المنهج الداخلي
الذي يربطك بالله سبحانه وتعالى وهو الطاقة التي تفجر فيك القوة والقدرة على
التحمل لأن تعمل العمل الصالح في كل مجالات الحياة وأنا في اعتقادي أنه من أكبر
المشاكل ومن أكبر التراجعات التي أصابت هذه الأمة هو أن تفسر الأعمال الصالحات
بالأعمال الأخراوية فقط أو أن تفسر بالأعمال الدنياوية فقط فإذا فسرنا الأعمال
الصالحات بالأعمال الأخراوية فقط كالصيام والصلاة وغير ذلك فقد ابتعدنا عن منهج
الله سبحانه وتعالى ذلك المنهج الرباني وليس المنهج الرهباني الذي حاربه الاسلام
ولقد حاول السابقون تطبيقه فلم يستطيعوا ذلك وإذا اقتصرنا في تعريف الأعمال
الصالحات على الدنيا فأيضا قد خسرنا الآخرة فهذا الدين هو جامع بين الدنيا
واللآخرة بل أن ىآخرتك تمر عبر الدنيا وما الصلوات والزكوات والصيام إلا لتحقيق
الصلاح داخل النفس لأنه بدون العمل الأخروي المنبثق عن الإبمان يكون هناك الجشع
والبغض والحسد والظلم وغيرها من مظاهر العلو في الأرض << إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر>> وهكذا الصيام وهكذا الزكاة وسائر العبادات وكل هذه الأعمال
هي بمثابة الضامنة لتنقلك الى العمل الدنيو الصالح هو الىخر وتبعدك عما سواه وهذه
هي في الحقيقة حقيقة الاسلام وفلسفته في التشريع لأنتاج الانسان الصالح في حين
عملت الفلسفة الغربية على تربية الانسان الصالح فقط في واقعه الضيق الذي لا يتجاوز
اغلوطن والمؤسسات التي يعمل ويعيش فيها ولذلك تراهم إذا خرجوا من هذه الدوائر
سرعان ما يتحولون الى شخصيات أخرى مغايرة وهي ما يعبر عنه بالمواطن الصالح في حين
يعمل الاسلام على تربية الانسان الصالح، فالمؤمن هو مرتبط بقلبه وروحه مع الله
سبحانه وتعالى في حين جوارحه وحواسه تعمل في الارض بما لا يتعارض مع ذلك الرابك
الرباني ومن ثم يتحقق الصلاح في الدنيا وفي الىخرة وهذا هو المقصود بثقافة العمل
هو أن يكون الانسان بهذا المستوى من الفهم والعمل الصالح ولذلك فإن الانسان عندما
يعمل فلابد أن يكون خالصا لله ثم أن يكون صالحا كما أن المسلم مطالب أكثر من العمل
الصالح والعمل الأصلح أي  الأحسن وهو قمة
العمل الصالح في الدنيا وقمة الجزاء في اللآخرة وهو الفردوس الأعلى وه1ه درجة لا
يقدر عليها إلا المقربون عند الله وكذلك هذا العمل الأصلح والأحسن هو الذي تقوم به
الحضارة وتتحقق به القوة بنص القرآن الكريم << تبارك الذي بيده الملك وهو
على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا>> ليبلوكم
أي يمتحنكم في ثلاث مجالات مجال الملك وما في هذا الملك من خيرات ومجال صناعة
الحياة لنفسك وتصنع الحياة الطيبة الهادئة للآخرين وكذلك مجال صناعة الموت ممثلة
في القوة والسلاح للردع لتهابنا الأمم الأخرى وللمحافضة على المجالين الأولين
فبدون قوة قد تضيع كل المكتسبات إذا ففي هذه المجالات الثلاث لا يمكن للأمة أن
تنجح فيها إلا إذا اتجهت نحو الأحسن ولم تكتفي بالحسن << ليبلوكم أيكم أحسن
عملا>> فهذا هو أيها الاخوة الكرام ثقافة العمل التي وللأسف الشديد يعمل بها
في جانبها الدنيوي اليوم الحضارات المتقدمة عندما تخلفنا نحن المسلمون فتراهم
يصنعون صناعة اليوم لتتحول بعد سنة أو سنتين الى صناعة في درجة أقل لأنه قد صنغ ما
هو أحسن منها وهكذا يتطورون ويتقدمو بالبحث دائما عن الأحسن ولا يكتفون بالحسن

الخطبة الثانية:

الحمد لله أيها الاخوة الكرام
وبسبب تخلفنا وضياع بوصلتنا وعدم توجيهها التوجيه الصحيح ممثلا في السيراط
المستقيم وبسبب انعدام ثقافة العمل في توفير اسباب القوة وبسبب هذه الفوضى التي
نعيشها ونحياها في جميع مجالات حياتنا تقريبا فإننا نلاحظ حتى في أكثر القضايا
التي من المفروض أن نتفق حولها وتتوجه فيها البوصلة الوجهخة الحقيقية والصحيحة وهي
قضية فلسطين فإننا وللأسف الشديد نعيش غير ذلك ولذلك نرى اسرائيل تفعل وتقرر ما
تريد ومن عادة اسرائيل أنها تفعل وتقدم في كل عشر سنوات على عمل كبير وخطير ففي
سنة 1897 كان قرار انشاء دولة يهودية وبعدها بعشر سنوات استطاعوا أن يضعفوا الدولة
العثمانية من خلال اضعاف الخليفة الأخير عبد الحميد الثاني الذي رفض طلبهم ببيع
أراضي فلسطين لهم فقاموا ضده بانقلاب وأزاحوه وسجنوه ثم في سنة 1917 كان وعد بلفور
الذي بمقتضاه قدم الوزير البريطاني وعدا لهم بانشاء وطن قومي لهم على أرض فلسطين
في 1927 كانت هناك الموافقة البريطانية المحتلة لليهود بالحق في حائط البراق الذي
يسمونه بحائط المبكى ومن ثم انطلقت ما سمي بثورة البراق من قبل الفلسطينيين آنذاك
وفي 1936-1937 كان هناك القضاء على المجاهدين القسام وغيرهم وفي سنة 1947 كان قرار
انشاء دولة الكيان الصهيوني على جزء من فلسطين التاريخية في 1956 العدوان الثلاثي
على مصر ثم في سنة 1967 الكارثة الكبرى احتلال كامل فلسطين وسيناء والجولان وهكذا
في 1977 زيارة رئيس أكبر دولة مواجهة مع اسرائيل انور السادات رئيس مصر الىيهم
وبداية مشروع التطبيع معه وهكذا الى أن وصلنا الى هذه السنة فكل المؤشرات تشير الى
أنهم قد يقدموت لا قدر الله على هدم المسجد الأقصى وما هذه الخطوات المتتالية التي
أقدموا عليها من ضم الحرم الابراهيمى ومسجد بلال بن رباح والاعتداءات المتتالية
على المسجد الأقصى وبناء كنيس الخراب على بعد بعض الأمتار منه إلأا دلائل يجسون
بها نبض الأمة وكيف سيكون ردة فعلها إذا ما أقدموا على هدم المسجد الأقصى

ولهذا أيها الاخوة الكرام
القدس في خطر والله وإذا لم يجتمع هؤلاء الحكام على حماية أولى القبلتين وثالث
الحرمين الشريفين فمتى سيجتمعوا فتراهم الى اليوم لا حياة لمن تنادي الى الحد الذي
أصبح الموقف الأمريكي تجاه هذه القضية أفضل من بعض هذه الدول

إن الموقف أيها الاخوة جد خطير
والله فإذا لم يتحرك العرب فمن الذي سيتحرك قبلهم في الذود عن المسجد الأقصى ولذلك
فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يناشد كل الحكام أن يتقوا الله وليعلموا أن
الله سائلهم يوم القيامة فليعدوا الجواب فان كانوا قادرين على الدفاع ولم يفعلوا
فتلك مصيبة وان كانوا عاجزين فتلك مصيبة أكبر فماذا تراهم فاعلون؟

كما أننا نحن الشعوب علينا مسؤولية من خلال الدعاء
والمال والتظاهر السلمي للتعبير عن رفضنا لما يجري ويحاك ضد القدس إذا فلابد أن
نفعل شيئا وأضعف الإيمان أن تتألم لما يحدث وتدعو في سجودك أن ينصر الاسلام
والمسلمين