خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي
بتاريخ 17 ديسمبر 2010 بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب
أيها الاخوة المؤمنون
لازلنا مع الآيات القرآنية التي تتحدث عن عباد الرحمن وصفاتهم ومواصفاتهم واليوم نتحدث عن مواصفة أخرى ضمن دائرة النواهي ضمن دائرة المحضورات والمحرمات وكما قلنا في خطب سابقة بأن الانسان مبتلى بالأوامر والنواهي بالواجبات والمحرمات حتلى يكون هذا الشخص سويا ولكن لو نظرنا الى هذه المحرمات التي منعها الله علينا لوجدنا أن كل هذه المحرمات تدخل ضمن دائرة الخبائث والمفاسد والمضار وليس هناك محرم الا ومندرج ضمن هذه الدوائر
ومن هنا كان المنهج الاسلامي وهو أن كل شيئ فيه مصلحة وكل شيئ فيه منفعة وكل شيئ طيب فهو مباح أما ما حرمه الله فهو مضر بالانسان فيها ما يدركه الانسان وفيها ملا يدركه فكثير من الناس مثلا لم يكونوا يدركوا الامراض التي يسببها الزنى الا بعد أن كشفها الطب الحديث وبين الايدز والزهري وغيرهما من الامراض الفتاكة الناجمة عن هذا العمل المحرم
ومن هنا فإن حديثنا اليوم عن هذه الفاحشة التي حرمها الله سبحانه وتعالى << والذين لا يدعون مع الله الاها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون >> ولا يزنون، نرى أن هذه الآية الكريمة أو هذه الكلمة جاءت باطلاق تام دون أي استثناء في حين رأينا في الخطبة السابقة أن عدم قتل النفس جاءت فيها استثناءات وهو القتل بالحق بمظاهره المختلفة مثل القتل في الجهاد أو رد من أراد قتلك وغير ذلك من الحالات ولكن حينما جاءت الآية التي بعدها << ولا يزنزن>> بدون اي استثناء يمكن أن يبرر الزنا << ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا>> الآية وكذلك فقد جاء لفظ النفي في آية الزنى بحرف “لا” والتي هي على عكس “لم” التي تنفي الماضي وكذلك النفي هنا يشمل كل أنواع الزنا من العين الى اللمس وصولا الى الفاحشة الكبرى يجب على كل من يريد أن يدخل في زمرة عباد الرحمان أن يجتنبوها ولا يقعوا فيها
ولذلك لابد من العمل على جميع المستويات الاسرية والتربوية والمجتمعية ومؤسسات الدولة من أجل توفير ظروف عمل ودراسة خالية من كل ما من شأنه أن يساعد على تفشي هذه الظاهرة الخطيرة من مثل الاختلاط وغيرها.
ومن هنا أيها الاخوة الاحبة تأتي خطورة الزنا كثالث درجة بعد الشرك بالله وقتل النفس بغير الحق وهكذا التسلسل في معظم الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة عندما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن السبع الموبقات كان أولها الشرك بالله ثم بعد ذلك قتل النفس ثم بعد ذلك الزنا عن ابن مسعود قال “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت ان ذلك لعظيم ثم أي قال أن تقتل ولد مخافة أن يطعم معك قلت ثم ماذا قال أن تزنى بحليلة جارك” رواه البخاري
وكذلك من أشد أخطر أنواع الزنى هو زنا الشيخ الكبير فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ” ثلاثة لا يكلمهم الله تعالى ولا يزكيهم ولا ينظر اليهم ولهم عذاب أليم شيخ زان ، وملك كذاب، وعائل مستكبر” رواه مسلم
الخطبة الثانية:
أيها الاخوة الأحبة
ليس هناك نعمة بعد الايمان والاسلام من نعمة الأمن والأمان والاستقرار لذلك من الله تعالى هذه النعمة فقال تعالى<< فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف>> هذه الآية توضح أن الله من عباده شكرا لنعمتين أو هما نعمة واحدة متعددة ، نعمة الأمن الغذائي ونعمة الأمن الاجتماعي والسياسي
ومن فضل الله تعالى علينا جميعا المواطنين والمقيمين على هذه الأرض المباركة أن الله أكرمنا بهذه النعم كلها، نعمة الأمن الغذائي، فلا يوجد من يعيش على هذه الأرض وهو مهدد بالمجاعة أو الفقر المدقع، ونعمة الأمن الاجتماعي ونعمة الأمن السياسي، ونعمة الأمن الاقتصادي.
فهذه النعم مفقودة في معظم البلاد الاسلامية، وعلينا أن نشكر الله تعالى على هذه النعم <<لإن شكرتم لأزيدنكم>> الآية ثم نشكر الذين أرسوا دعائم الأمنفي هذا البلد العزيز على رأسهم الشيخ المرحوم باذن الله مؤسس هذه الدولة الفتية الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأدخله الفردوس الاعلى
فقد أقام هذه الدولة على أساس التقوى والالتزام باحكام الشريعة الغراء، والعدالة والمحبة بين الناس، وأقامها على أساس الحكمة والتوازن، والحقوق المتقابلة، وبسياسة حكيمة سار عليها الأبناء، والأحفاد، فحافظ أمراء قطر على هذه السياسة الحكيمة بكل دقة وعقل وحكمة وتوازن دقيق قائم على موازنات حكيمة بين دول الجوار، والدول الكبرى، وحافظوا على محيطهم العربي والاسلامي، وهويتهم المتوازنة، حتىاذا تسلم الأمانة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني فحافظ على هذه السياسات الثابتة، والثوابت العربية الاسلامية والدولية ولكنه قام بتطوير الحياة في قطر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فالعظيم أنه قام بتطوير مع الحفاظ على الأصالة فجمع بين الأصالة والمعاصرة، وطور العلاقات الدولية مع الحفاظ على حقوق الوطن والمواطن وكل من يعيش على أرض قطر.