أولاً : الأهداف المتوخاة من هذه الآلية :

( ويهدف أســلوب التمويل المباشـر على أساس المشاركة في الربح والخسارة إلى : ـ توفير آلية أكثر مرونة للبنك الإسلامي (كما هو موضح أدناه) تمكنه من تقديم كافة أنواع التمويل التي يستطيع أن ينافس بها البنوك التقليدية وبما يغطي كافة احتياجات المشروعات الصناعية والتجارية والخدمية وبما لا يخل بمبادئ الشريعة الإسلامية ، الأمر الذي يساعد على التوسع في توظيف واستثمار فوائض الأموال المتنامية غير المستغلة لدى البنوك الإسلامية وتقليل اللجوء إلى استثمار هذه الفوائض مع البنوك التقليدية .

ـ تفعيل المفهوم الحقيقي لدور البنك الرئيسي في تحقيق التنمية عن طريق إدارة وتوظيف أموال المودعين وتحقيق القيمة المضاعفة النابعة من دوره الفعلي في توفير الكفاءات والخبرات القادرة على دراسة وتقييم واختيار الاستثمار الأمثل .

ـ العمل بشكل تدريجي وعلى المدى الطويل على توجيه أسلوب التمويل المرابحات (التي هي في أصلها عبارة عن عقود شراء وبيع) إلى عمليات التمويل الاستهلاكي بشكل رئيسي من خلال شركات تجارية متخصصة يقوم البنك بتأسيسها مع ذوي الخبرة التجارية على أن يتم تمويل هذه الشركات بأسلوب التمويل مع المشاركة في الأرباح والخسائر طبقاً لما هو مذكور في اعلاه ، وبذلك يستطيع البنك أن يكون كيانات متخصصة تتمتع بهياكل تنظيمية تستطيع ان تمارس نشاطها التجاري بدون تحميل البنك عبء القيام بمهام التاجر الوسيط والتي لا يتوافر لديه الخبرات ولا المؤهلات اللازمة لأداء مثل هذه المهام بشكل كفء وفعال) .

 

ثانياً : أسباب هذه الآلية :

وأما أهم أسباب البحث عن هذه الآلية والالتجاء إليها فتعود في نظري إلى ما يأتي :

1 ـ تفادي المخاطر الموجودة في أسلوب المشاركة العادية حيث لا يخفى أن المشاركة بصورتها الفقهية لا تخلو من مخاطر .

2 ـ وجود مشاكل في تعامل العميل الشريك من حيث الأمانة ، ومن حيث العمل ، ومن حيث احتساب الربح ، وكيفية التصرف بالمال المشترك .

  ففي القطاع الصناعي تواجه المشاركة مشكلات كبيرة تكمن في المخاطر ، وفي أن العميل يمكن أن يستخدم أموال المشاركة لتطوير مصنعه بدلاً من تشغيله ، فيشتري آلات جديدة أو نحوها ، فيؤثر ذلك في تنفيذ المشروع وتأخيره وبالتالي تأخير ظهور الربح ، إضافة إلى أن العميل قد لا يدفع مساهمته في الوقت المناسب ، ناهيك عن ضعف القيم الإسلامية في التعامل لدى البعض .

  وقد ذكر الدكتور عابدين أحمد سلامة حالات عملية لواقع عمليات المشاركة في البنوك الإسلامية في السودان ، وانتهى من خلال دراسة حالات إلى أن العميل يهتم باستغلال أموال المشاركة لصالحه ، ولا يدفع مساهمته في الوقت المناسب ، كما أن العميل يخفي نسبة من أسعار البيع لصالحه ، كما أن هناك مشكلات أخرى واجهت المصنع ، وهي مشاكل ناتجة من عدم التفرغ للمصنع ، ثم قال : (ونجد من دراسة هاتين الحالتين أن معظم مشكلات القطاع الصناعي مشكلات ناتجة من عوامل خارجية ، وقصور الدراسة في التنبؤ بحجم هذه المشاركة كأن يعتمد الدراسة على الاعتماد على التصنيع المحلي للمعدات دون النظر إلى مشكلاته ، ومشكلات التضخم وآثاره في عدم التنفيذ الفوري…. ونرى في دراسة الحالة رقم 3 أن الهدف من المشروع لم يتحقق وهو تصدير السلعة المنتجة) ثم ذكر الحل من خلال تأسيس مجلس إدارة مشترك وتعيين مندوبين من البنك لمراقبة التنفيذ  .

  ونجد في المشاركة في القطاع الزراعي مشاكل أخرى أيضاً تتمثل في مخاطر مرتبطة بالتقلبات التي تواجه القطاع الزراعي من عوامل طبيعية من آفات زراعية ونحوها.

 وكذلك في قطاع النقل نرى مخاطر أخرى تتمثل في تعرض وسائل النقل إلى التلف والهلاك ، وأن التأمين قد لا يغطي المبالغ المصروفة عليها ، إضافة إلى أن الضبط الإداري والمالي في هذا القطاع أصعب من غيره .

  وفي القطاع التجاري نجد مشاكل أخرى أيضاً تكمن في فشل التسويق نتيجة الركود الذي أصاب سوق السلعة ، فأدى إلى انخفاض معدل العائد ، وإلى بعض الانفلات الزمني للعملية بصورة غير حقيقة ، ومحاولات تدوير المبلغ ، والاستفادة منه لمصلحة العميل فقط دون إشراك البنك ، أو محاولة حجب النواحي المالية والإدارية عن البنك ، وإخفائها ، والانفلات الزمني للعمليات  . 

 

  ولكن هذه السلبيات يمكن علاجها ، أو التخفيف من وطأتها من خلال الانتقاء للمشروعات ، والعملاء والدراسات الدقيقة للجدوى الاقتصادية ، ووجود كوادر كافية للضبط الإداري والمالي والمتابعة والمراقبة ، وبالتالي فلا تقلل هذه الملاحظات من قيمة صيغ المشاركة (بجميع أنواعها من المفاوضة والعنان ، والصنائع ، والمضاربة ، والمساقاة والمزارعة….) ومن أهميتها وضرورتها للتنمية الحقيقة ، ولكنها تؤثر  (في الوقت الحاضر بسبب ضعف القيم الإسلامية في نفوس البعض) في التوسع من دائرتها .

  لذلك كان توجه معظم البنوك الإسلامية إلى صيغ المرابحة ، ثم أخيراً إلى التورق المصرفي ونحوهما ، حيث تجد في هذه الصيغ أكثر أمناً وضماناً ، لأن العملية تتحول بعد إجراءات بسيطة إلى دين في ذمة العميل يأخذ البنك كل الضمانات المتاحة لتحصيله ، ناهيك عن التأمين على البضاعة والوعد الملزم من العميل بالشراء …الخ .

 

 وأمام هذه المخاطر للمشاركة من جانب ، وأهميتها ودورها من جانب آخر اتجهت بعض البنوك الإسلامية إلى عدم ترك المشاركة بصورة مطلقة ، ولكن مع وضع قيود جديدة ، وإضافة أمور تقلل من المخاطر الكبيرة وبالأخص في عصرنا الحاضر الذي فيه التنافس الشديد مع البنوك الربوية التي لا تعرف هذه الصيغ ، ولا تتعامل إلاّ بقروض مضمونة مع فوائدها .

  لذلك أعتقد أن الآلية المقترحة انبثقت من هذه الخلفيات ، ومن النية الحسنة لإيجاد صيغ جديدة للبنوك الإسلامية ، أو تحوير بعض صيغ قديمة بما يتناسب مع عصرنا الحاضر ، وتحقق الأمان ، وتدرأ المخاطر بقدر الإمكان .

 

  لذلك ندرس هذه الآلية المقترحة من هذا المنطلق بإذن الله تعالى وهي :

( تتضمن آليات التطبيق ما يلي :

1 ) يكون التمويل في إحدى الصيغ الآتية :

  تمويل قصير الأجل لتمويل رأس المال العامل ويكون في صورة تمويل باستحقاقات قصيرة الأجل أو تمويل تحت الطلب أو سحب على المكشوف وتكون أغراض التمويل محددة (أي لشراء بضائع أو خامات أو تمويل مقابل أوراق القبض أو أوراق مالية أو فتح اعتمادات مستندية لاستيراد خامات أو مشتريات محلية….الخ) .

1ـ تمويل متوسط أو طويل الأجل لشراء أصول ثابتة أو إعادة الهيكلة المالية للشركة .

2 ـ يكون احتساب العائد على التمويل الممنوح على أساس المشاركة في أرباح وخسائر النشاط طبقاً للمعادلة الآتية :

حيث إن :

            أ ) إجـمالي الأموال المتـاحة = متوسـط رصيد الدين المســتخدم خـلال فترة الاحتساب + رصيد حقوق الملكية في نهاية فترة الاحتساب السابقة .

            ب) أرباح النشاط تتمثل أساساً في : صافي الربح القابل للتوزيع قبل خصم ضرائب الدخل .

ملحوظة :

 في حالة الشركات التي تتعامل مع بنوك تقليدية أخرى يتم الاحتساب على أساس صافي الربح القابل للتوزيع قبل خصم الضرائب وكذلك الفوائد التي تخص التسهيلات الممنوحة من البنوك التقليدية ، وفي هذه الحالة يتم احتساب عائد التمويل الممنوح من البنك الإسلامي على أساس المعادلة الآتية :

 

متوسط أرصدة الديون البنكية              متوســـط رصيد التمويل

خلال فترة الاحتساب                       ×          الممنوح من البنك الإسلامي

         ــــــــــــــــــــــــ                     ــــــــــــــــــــــــ

إجمالي الأموال المتاحة                                متوسط أرصدة الديون خلال

فترة الاحتساب

(X) أرباح (خسائر النشاط عن فترة الاحتساب     (X) 1– نسبة احتياطي النمو)

 

   وهذه المعادلة تسمح للبنوك الإسلامية أن تتعامل مع كافة الشركات التي تتعامل مع البنوك التقليدية ، الأمر الذي يُمَكّن البنك الإسلامي من التنافس مع البنوك التقليدية حيث إن صيغ التمويل تتمتع بنفس المرونة التي تتمتع بها البنوك التقليدية وبدون أن يتأثر احتساب عائد البنك الإسلامي بالفوائد التي تدفع للبنوك التقليدية .

  ومن الممكن التفاوض مع الشركة على إعادة تعريف أرباح النشاط مثل أن يتم الاحتساب على أساس صافي الربح الخاضع للتوزيع قبل خصم الضرائب وفوائد البنوك التقليدية وإعادة تقييم مصروف المخصصات التي يرى البنك الإسلامي أنها مبالغ فيها…… وهكذا طبقاً لكل حالة على حدة .

 

ج) فترة الاحتساب :

 يتم الاحتساب العائد بصفة شهرية أو ربع سنوية أو نصف سنوية طبقاً للاتفاق مع الشركة ، ويتم سداد العائد المحتسب على التمويل عن كل فترة احتساب كدفعة تحت التسوية حتى يتم احتساب العائد النهائي المستحق عن العام المالي بالكامل .

د) نسبة احتياطي النمو :

  وتمثل الحد الأدنى من الأرباح التي يجب الاحتفاظ بها حتى يتم مقابلة أي احتياجات خاصة بتطوير المعدات أو الآلات أو الإضافات للشركة محل التمويل .

ثالثاً : مخاطرة البنك الإسلامي :

  يبقى هنا أن المخاطرة التي يتحملها البنك الإسلامي هي الأكبر بالمقارنة بكافة الأطراف التي تتعامل في المشروع والمتمثلة في :

 * صاحب العمل أو العاملين الذين غالباً ما تكون العلاقة في صورة التوظيف ومن ثم فإن العائد في شكل أجرة ثابتة .

* الشركاء (أو مالكي أسهم رأس المال في الشركة) وهم بالرغم من أنهم لا يتحملون كافة مخاطر النشاط إلاّ أن أصل رأس المال ـ على مدى الطويل ـ لا يتناقص دفترياً بقيمة حجم الخسائر المحققة ـ طبقاً للأعراف ومعايير ونظم المحاســبة المالية المتعارف عليها ـ حيث يتم تحميل هذه الخسائر على حساب مجمع الخسائر ، وليس حساب رأس  المال ، وهو ما يعني أن رأس المال له الحق في استرداد أي خسائر تراكمية من الأرباح المستقبلية التي قد تحققها الشركة ويظل هذا الحق قائماً طالما أن الشركة مستمرة في نشاطها ولم يتم تصفيتها .

* البنوك التقليدية الأخرى ـ التي قد تكون ممولة للمشروع ـ فهي تتعامل بالنظام الربوي وبالتالي فإنه طبقاً لعقود الإقراض المتعارف عليها لدى هذه البنوك ، تحصل على الفوائد بغض النظر عن نتائج الأعمال المحققة كما أنها غالباً ما تحصل على ضمانات عينية تضمن لها أصل القروض الممنوحة للشركة في حالة تحقيق الخسائر .

* أما بالنسبة للبنوك الإسلامية ، فتتعاظم المخاطرة التي تتحملها وذلك لأنها في حالة التمويل المباشر (غير المساهمة في رأس مال الشركة) ليس لها ـ طبقاً لصيغ الاستثمار الإسلامية ـ أن تحصل على ضمانات لتضمن أصل مبالغ التمويل في حين أنها تتحمل كافة نصيبها في الخسارة من الأرباح المستقبلية كما هو الحال بالنسبة لرأس المال ، وبالتالي فإنها حتى تستطيع الدخول في التمويل فإنها إما أن تقوم بالمساهمة في رأس مال الشركة وهذا محدود حيث إن معظم أموال البنوك ذات استحقاقات قصيرة الأجل وإما أن تقوم بتقديم التمويل عن طريق صيغ المرابحات التي وإن كانت تحقق الهدف في تخفيض المخاطرة إلاّ إنها قد لا تحقق المرونة الكافية عند التطبيق .

 وبالتالي حتى يمكن تخفيض حجم المخاطرة المصاحبة لتطبيق الآلية المقترحة فإن هناك عدة تساؤلات تتعلق بالنواحي الشرعية وتتمثل في الآتي :

1 ـ هل يجوز التمويل بصيغ التمويل التقليدية التي تقوم بها البنوك التقليدية مع المشاركة في الربح أو الخسارة بدلاً من تحديد سعر فائدة على أصل القرض (أي مثلاً هل يمكن ان يتم تمويل شركة بأسلوب السحب على المكشوف أو تمويل طويل الأجل على أن يتم احتساب العائد طبقاً للربح المحقق على أساس نسبة متوسط رصيد التمويل خلال الفترة التمويل إلى رأس المال طبقاً للميكانيكية المذكورة أعلاه) .

 

 

 

الشرح والتحليل والإجابة عما في الآلية :

أولاً : الصيغ المقترحة في بداية الآلية من كونها تمويلاً قصـير الأجل لتمويل رأس مـال …. أو متوسطاً ، أو طويلاً … لا تتعارض مع أحكام المشاركة في الفقه الإسلامي ، لأنها أمور فنية لا تمس جوهرها في أركانها وشروطها .

ثانياً : إن ما يخص فقرة (2) من احتساب العائد على التمويل الممنوح على أساس المشاركة طبقاً للمعادلة المذكورة يلاحظ عليه ما يأتي :

1ـ الأصل في المشاركة في الأموال هو أن تكون نسبة الربح حسب المال ، إلاّ أن الحنفية والحنابلة أجازوا أن تكون حسب الاتفاق ، فلا تضر الزيادة أو النقصان رعاية للجانب البشري حيث إن الأصل هو أن الشركاء جميعاً يعملون ، وبالتالي تجوز مراعاة الفروق في الأداء والعمل ، والتأثير بالنسبة للأرباح .

 أما بقية أنواع المشاركات (من المضاربة والمساقاة ونحوهما) فيقوم توزيع الأرباح المحققة فيها على الاتفاق السابق بين الطرفين  .

  وبما أن الأصل أن يكون توزيع الأرباح على الأسس السابقة ، فالأفضل ترك هذه الأمور على بساطتها ، إذ أن ذلك يعطي مجالاً لتحقيق أرباح جيدة للبنك الممول في حالة الربح الوفير .

 ولكن مع ذلك فلا مانع شرعاً من ترتيب الأمور حسابياً في الداخل ، على ضوء معادلات حسابية تنتج منها نسبة معينة عادلة ( كما هو الحال في المرابحات في البنوك الإسلامية) ، ولنضرب لذلك مثالاً عملياً ، وهو أن المضارب في بعض الأحيان يرى أن تحديد نسبة 50% مثلاً لرب المال كبير ، وأن رب المال يخاف من أنه لو قبل بأقل من ذلك فإنه لن يحصل على ربح مناسب ، فالحل في ذلك هو الاتفاق على النسبة السابقة مع إضافة بند وهو أنه في حالة ما إذا زادت نسبة الأرباح التي يحصل عليها رب المال عن 10% من رأس المال فإن 95% مثلاً للمضارب و5% لرب المال ، فهذه النسبة الثانية (أو التوزيع الثاني) أمر جائز تعمل به بعض البنوك الإسلامية ، كما أنه لا مانع فيما لو قال ربّ المال في الحالة السابقة : (ما زاد عن 10% فهو ذلك) .

  وقصدي من ذلك أن مثل هذه التراتيب الحسابية والإدارية الفنية لا مانع منها شرعاً ما دامت لا تقطع المشاركة ، ولا تتعارض مع أحكام الشركة في الفقه الإسلامي ، بل يجوز النص على أن ما زاد على نسبة معينة فهو للطرف الفلاني من الشركة ، فقد جاء في معيار الشركة 3/1/5/9 ما يأتي : (….يجوز الاتفاق على أنه إذا زادت الأرباح عن نسبة معينة فإن أحد أطراف الشركة يختص بالربح الزائد عن تلك النسبة ، فإن كانت الأرباح بتلك النسبة أو دونها فتوزيع الأربح على ما اتفقا عليه)  .

   ولكن جواز هذا الاحتساب المذكور آنفاً مقيد بشرط أن لا يؤدي ذلك حسب العقود والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين إلى قطع المشاركة وتحديد النسبة حسب رأس المال وليس حسب الربح مثل 10% من رأس المال ، فهذا غير جائز إذا كانت الاتفاقيات مبنية عليه .

  فعلى ضوء ذلك لا بدّ أن يكون أساس التوزيع في هذه الآلية قائماً على أساس المشاركة في الربح إما حسب المال ، أو حسب الاتفاق دون ربط الربح الممنوح لأحد الشركاء على أساس نسبة من رأس المال في البداية ، حيث لا يجوز الاتفاق على أن يمنح أحد الشركاء ، نسبة 1% أو 50% من رأس المال ، ولكن يمكن أن توضع آلية تؤدي في حالة تحقق الربح إلى أن لا يزيد ربح البنك مثلاً عن 10% مثلاً كما ذكرنا في المثال السابق .

  فقد اتفق الفقهاء قاطبة  على عدم جواز تحديد نسبة من رأس المال إلى أحد الشركاء مطلقاً مثل إعطاء 10% من رأس المال إليه ، فقد حكى ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن لا شركة مع اشتراط مقدار معين من الربح ـ كمائة ـ لأحد الشريكين سواء اقتصر  على اشتراط هذا المقدار المعين لأحدهما ، أم جعل زيادة على النسبة المشروطة له من الربح ، أم انتقص من هذه النسبة ، لأن ذلك في الأحوال كلها قد يفضي إلى اختصاص أحدهما بالربح ، وهو خلاف موضوع الشركة ، أو ـ كما عبر الحنفية ـ قاطع لها  .  

ثالثاً : إن المعادلة المذكورة في فقرة (2/أ،ب) لا أرى فيها مخالفة شرعية ، مع ملاحظة أن المقصود برصيد الدين المستخدم هو المال المستخدم خلال فترة الاحتساب ، لأن الدين لا يجوز أن يكون نصيباً من المشاركة إلاّ بعد قبضه  .

  هذا وقد صدرت فتوى من ندوة البركة السابقة حول تمويل رأس المال العامل نذكرها لأهميتها وهـي : ( يجــوز تمـويل رأس المـال العـامل بـالطـرق التــاليــة:

1ـ دخول الشركة طالبة التمويل بأصولها الثابتة والمتداولة كحصة لها في المشاركة ، وتكون حصة البنك الممول هي المبلغ الذي يتحدد بسقف معين ويكون السحب في حدوده ويوضع تحت تصرف الشركة طالبة التمويل ، ويكون طالب التمويل مضارباً وشريكاً بقيمة أصوله ويقسم الربح أو الخسارة على الطرفين بنسبة نصيب كل في المشاركة ، ثم يأخذ المضارب (الشركة) النسبة المتفق عليها من ربح البنك على أن تحدد قيمة الأصول عند بدء الدخول في عقد المضاربة ويكون البنك شريكاً بنســـبة حصــته في جميـع أصــول الشــركة الثابتة والمتـداولــة وتجــري الأحـكام تبـعاً لذلك.

2ـ دخول الشركة طالبة التمويل في المشاركة بأصولها المتداولة بعد تقييمها ، وتكون حصة البنك الممول على النحو السابق ، ولا تدخل الأصول الثابتة في المشاركة بل تؤجر للمضاربة وتكون الأجرة مصروفات على المضاربة ، وتجري الأحكام تباعاً لذلك ، وبذلك لا يكون البنك الممول شريكاً في الأصول الثابتة ويقسم الربح أو الخسارة على الطرفين بنسبة نصيب كل في المشاركة ثم يأخذ المضارب(الشركة)النســــبة المتفق عليها من ربح البنك .

3ـ نفس الصورة الســابقة ، مع عدم احتساب أجرة الأصول الثابتة للشركة طالبة التمـويل ، بل تتبرع بها الشـــركة وتـتـرتب تبـعاً لذلك أحكــام المضــاربة.

والصيغ الثلاث أذن فيها رب المال المضارب بخلط مال المضاربة بماله) .

  وما ذكر في الملحوظة (حول التعامل مع الشركات التي تتعامل مع بنوك تقليدية من أن أساس المعادلة يكون على أساس احتساب إجمالي الأموال المتاحة للشركة في مقابل متوسط أرصدة الديون البنكية الممولة من قبل البنك) ليس فيه مخالفة شرعية بل هو أساس جيد لتحقيق العدالة ، وعدم احتساب الفوائد قبل التوزيع ، باعتبار أن هذه الفوائد تتعلق بذمة الشركة وحدها ، فهي تتحمل المسؤولية ، وأنها ليست من المصروفات المشروعة حتى تخصم من الأرباح ، وبالتالي أرى أنه ينبغي أن ينص اتفاق المشاركة على تعريف الربح الصافي الخاضع للتوزيع بأنه قبل احتساب فوائد البنوك الدائنة والمدينة أيضاً ، فالفوائد للشركة أو على الشركة لا يجوز أن تحسب للبنك الإسلامي ، أو عليه وهذا ما عليه فتوى (6/29) من ندوات البركة  . 

  وأما الضرائب فيجوز التفاوض عليها ، وإذا لم يكن هناك اتفاق بعدم احتسابها فإنها من المصروفات ، ولكن لو تم الاتفاق على أن الشركة العميلة للبنك الإسلامي تتحملها وحدها فلا مانع من ذلك فـ (المؤمنون على شروطهم).

  وكذلك تقتضي العدالة أن يكون للبنك الإسلامي الحق في إعادة تقييم مصروف المخصصات التي يرى البنك الإسلامي أنها مبالغ فيها .

  وأما فترة الاحتساب فتعود شرعاً إلى اتفاق الشركاء سواء أكانت شهرياً ، أم سنوياً ، أم غير ذلك ، ولكن في حالة عدم إجراء التنضيض الحقيقي (أي التصفية) أو التنضيض الحكمي (أي التقويم للموجودات بالقيمة العادلة) فإن ما يصرف لأحد الشركاء ، أو لجميعهم يجب أن يكون من باب الصرف تحت الحساب ، وهذا ما نص عليه معيار الشركات : ( لا يجوز توزيع الأرباح بشكل نهائي على أساس الربح المتوقع ، بل على أساس الربح المتحقق حسب التنضيض الحقيقي أو الحكمي ، ويجوز توزيع مبالغ تحت الحساب قبل التنضيض الحقيقي أو الحكمي ، على أن يتم التسوية لاحقاً مع الالتزام بردّ الزيادة عن المقدار المستحق فعلاً بعد التنضيض الحقيقي أو الحكمي)  .

 

مخاطرة البنك الإسلامي في المشاركة ، أو المضاربة :

  لا شك أن مخاطرة البنك الإسلامي في المشاركة والمضاربة كبيرة ، وأن مخاطرته في المضاربة أكبر ، لان المضارب لا يشارك بأي مال ، وعند الخسارة لا يتحمل إلاّ جهده في حين أن الشريك الآخر ـ أي غير البنك ـ يتحمل من الخسارة بقدر نصيبه من الشركة ، فيكون أحرص على عدم تحقق الخسارة .

  وقد ذكرتُ في بداية البحث أهم أنواع المخاطر التي تواجه البنك الإسلامي لدى المشاركة ، ولذلك نجد هذه الصيغة المهمة والأداة الفعالة في الاستثمار أقل استعمالاً من المرابحات والاستصناع .

  وقد ذكرت الآلية أن المخاطر التي يتحملها البنك الإسلامي هي الأكبر بالمقارنة بكافة أطراف المشاركة والتي تتمثل فيما يأتي :

1 ـ أن صاحب العمل ، أو العاملين غالباً تكون العلاقة في صورة التوظيف ومن ثم فإنهم يحصلون على العائد في شكل أجرة ثابتة.

LinkedInPin