الفقر في اللغة : هو الحاجة ، والعوز ، فالفقر هو المحتاج مطلقاً [1] .

وجمهور الفقهاء على أن الفقراء والمساكين هم أهل الحاجة الذين لا يجدون ما يكفيهم ، وهما من الكلمات التي إذا ذكرتا معاً يراد بكل واحدة معنى مستقل ، وإذا انفردتا شملت كل واحدة معنى الأخرى مثل الايمان والاسلام ، فإذا أطلق لفظ ” الفقراء ” وحده فيراد به ما يشمل معنى المساكين أيضاً ، ولكن إذا ذكر مع ” المساكين ” فيراد بالفقراء معنى ، وبالمساكين معنى آخر ، مثل قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ)[2] فقد ذهب الحنفية إلى أن الفقير هو من يملك شيئاً دون النصاب الشرعي للزكاة ، وان المسكين لا يملك شيئاً ، فعلى ضوء هذا فإن المسكين أشد حاجة من الفقير ، في حين أن المالكية والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى عكس السابق ، فيكون الفقير أشد حاجة من المسكين[3] .

  والحق أن القرآن الكريم استعمل اللفظين معاً في الآية السابقة فقط مما يدل على  وجود فرق بينهما ، وأن كل واحد منهما مصرف مستقل من مصارف الصدقات ، وتكرر لفظ الفقر ومشتقاته فيه أربع عشرة مرة منفرداً ، في حين تكرر لفظ ” المسكنة ، ومسكين ، ومساكين ” خمساً وعشرين مرة ،ولذلك تطبق عليهما القاعدة السابقة في الجمع ، والانفراد .

  ونحن في هذا المبحث نقصد بالفقير : المحتاج إلى الضروريات ، أو الحاجيات ، من الغذاء والدواء والمسكن ، والملبس ونحو ذلك ، مع ملاحظة نسبية الفقر ونسبية الضروريات والحاجيات ، وتأثرها بالأعراف[4] .

  فقد أشار القرآن الكريم إلى الحاجيات الأساسية للانسان فقال تعالى :  (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى )[5] .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

([1])  يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط مادة ” فقر

([2])  سورة التوبة / الآية 60

([3])  يراجع : فتح القدير (2/15 ، 16) والشرح الكبير مع الدسوقي (1/492) وشرح المحلى على المنهاج (3/196) والمغني (6/420) ويراجع : الشيخ القرضاوي : فقه الزكاة ط. وهبة / القاهرة 1406هـ (2/554) ومشكلة الفقر وكيف عالجها الاسلام ، ط.وهبة / القاهرة ص 5 وما بعدها ، والموسوعة الفقهية الكويتية (23/313)

([4])  يراجع لموضوع الفقر : الدكتور يوسف القرضاوي ، مشكلة الفقر وكيف عالجها الاسلام ، ط. وهبة بالقاهرة 1980م ، ود. حمدي عبدالعظيم : فقر الشعوب بين الاقتصاد الوضعي والاقتصاد الاسلامي ، 1415هـ ، ود. السين سان جان : مشكلة الفقر وعلاقتها بالقرآن الكريم ، رسالة دكتوراه بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، القاهرة 1981 ، وكتاب وقائع الندوة العلمية ببغداد في الفترة 22-23 تشرين أول 2000م ، بعنوان : الفقر والغنى في الوطن العربي ، ود.نبيل الطويل : الحرمان والتخلف في ديار المسلمين ، كتاب الأمة (7) بدولة قطر ، وميشيل شودفسكي : عولمة الفقر ، ترجمة جعفر علي حسين السوداني ، ط. بغداد /بيت الحكمة ، وديباناريان ، روبرت تشامبرز ميراك شاه ، باتي بتيش : أصوات الفقراء ، ترجمة ونشر مركز الأهرام للترجمة والنشر 2002ن ، وحلمي عبدالحليم صابر ، مشكلة الجوع في العالم ، رسالة ماجستير بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، ود.عبدالغفور ابراهيم أحمد : الأمن الغذائي في العراق ، ط. بيت الحكمة ببغداد 1999م ، ود. محمد بن أحمد الصالح : منهج الاسلام في معالجة الفقر ط1425هـ ، ود.عبدالرزاق الفارس : الفقر وتوزيع الدخل في الوطن العربي ، طبع ونشر مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت 2001م .

([5])  سورة طه / الآية 118-119