أيها الإخوة المؤمنون
إن جميع أعمالنا وأنشطتنا وتصرفاتنا وحركاتنا التي نعملها إذا لم تكن خالصة لله سبحانه وتعالى ، ولم تكن موجهة إلى رضاء الله سبحانه وتعالى وحده، لم تكن كل هذه العبادات والتصرفات مقبولة عند الله مهما كان الجهد كبيراً، ومهما كان العطاء كثيراً، ومهما كانت التضحيات جساماً، فالأساس في قبول العبادات هو الإخلاص لله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، فالإخلاص في الدين هو الأساس، ولذلك ورد في الحديث الصحيح الذي يرويه الإمام مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ)، فالقلوب هي المحطة الأساسية، والمنطلق الأساس لقبول الأعمال والعبادات، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان هذا الربط المحكم بين القبول وبين العمل من خلال الإخلاص والنية الصادقة (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)، رغم أن الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لا تعتبر عملاً صالحاً بحد ذاتها، ولكنها مع ذلك مرتبطة بهذه النية القلبية، ولذلك يقول علماؤنا: إن أعمال القلوب هي الأساس، والأصل، وإن أعمال الجوارح من العبادات والطاعات تبع لها، وأن مقام الإخلاص في العمل، بمثابة الروح في الجسد، مهما كان كبيراً وضخماً ورائعاً ولكن حينما تخرج منه الروح يموت الجسد ، ويصبح جثة هامدة ، كذلك الأعمال والأنشطة والتصرفات فروحها وأساسها وسبب حراكها وقبولها يعود إلى نية الإنسان.
فالإنسان في هذه الأنشطة التي فرضها الله عليه لا بد أن تصحبها النية الصادقة والإخلاص بأن تكون هذه الأعمال خالصة لله سبحانه وتعالى بعيدة كل البعد عن النفاق والرياء وإرضاء الناس.
فحينما تتحقق هذه النية بهذه الصورة حينئذ يتحقق الإخلاص ويتحقق القبول إن شاء الله للطاعة والعمل والتصرفات.
لذا علينا أن نخلص النيات في أعمالنا وأن نجرد وننزه قلوبنا عن الرياء والنفاق ومجاملة الناس بدون حق أو أن نتظاهر وإن كان العمل فيه لله ولكن الجانب البشري فيه، وحينئذ فالله أغنى الشركاء، وإن الله لا يقبل هذا الشرك في هذا العمل، لأنك أدخلت في عملك إرضاء الناس إلى جانب طلب مرضاة الله تعالى، فحينئذ ضيعت عملك وضيعت نفسك.
ورد في حديث صحيح: (إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَـسُحِبَ عَـلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ )، وهذا الحديث يدل على خطورة النية وكما قال علماؤنا: إن روح الأعمال هي النية الصادقة لله فإذا ماتت هذه الروح مات الجسد ومات العمل.
النية الصادقة لها آثار كبيرة فلا تتصور بأن الله يحرمك مما أنت تريد بنية غير صادقة، لو أنت عملت لله خالصاً لوجهه فالله يجعل الناس يرضون عنك ، فما تريده من خلال الرياء والنفاق اتركه في هذا السبيل، فهذا ليس سبيلاً صحيحاً، وإنما سبيل الشيطان ولكن الله يحقق لك هذا الغرض وأكثر منه من خلال سبيل الرحمن، وحينما يكون عملك خالصاً يحبك الناس، ويدعون لك ويذكرونك بالخير ويكون لك بينهم لسان الصدق كما دعا سيدنا إبراهيم، والله يوحي إلى ملائكته إني أحب فلاناً فيحبونه ثم ينشرون هذه المحبة بين خيار الناس، فلا تبالي بشرار الناس فهم يسبونك ويشتمونك، فلا يهمنك ذلك، ولكن الملائكة وخيار الناس يحبوك ولذلك حينما تلتقي ببعض الناس دون أن تعرفهم تراهم يعبرون عن محبتهم لك؛ لأن هذه المحبة من الله، فالعاقل ولا أقول العابد من تكون نيته خالصة لوجه الله.
إن محبة الناس مطلوبة شرعاً ( لن تؤمنوا حتى تحابوا) فمحبة الناس شرط لإيماننا وكذلك الولاية والمحبة والنصرة. وورد عن أبي ذر أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: (تلك عاجل بشرى المؤمن). فالله يعجل لك ويدخر لك الخير الكبير في الآخرة . هذا أثر طيب من آثار عمل تقصد به إرضاء الله تعالى.
حينما يكون الإنسان مخلصاً لا يستطيع الشيطان أن يجعله في غواية وفي فسق (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فمن آثار الإخلاص لله النجاة من إغواء الشيطان سواء كان عصمة الله وأن يبعد الله عن طرق إغوائه أو أن تكون لك القدرة والقوة من خلال نيتك بأنك تخاف الله حينئذ تبتعد عن الشيطان وعن سبله الخطيرة في إغواء الناس.
ومن آثار الإخلاص شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ورد في الحديث صحيح (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْكَ ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ ، إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ “.
كذلك من آثار الإخلاص قبول الدعوة لأنك قريب من الله لأنك عبد خالص لله سبحانه وتعالى وهذه قصة الأشخاص الثلاثة عندما دخلوا الغار وسد عليهم بحجر كبير ولكنهم لهم عمل لله وقالوا اليوم لا ينجيعنا إلا الدعاء بالعمل الخالص لله ” انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ ، فَقالُوا : إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ .
قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُمَا أهْلاً ولاَ مالاً ، فَنَأَى بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْماً فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا ، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلاً أو مالاً ، فَلَبَثْتُ – والْقَدَحُ عَلَى يَدِي – أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَميَّ ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ ، فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ .
قَالَ الآخر : اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ – وفي رواية : كُنْتُ أُحِبُّها كأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النساءَ – فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فامْتَنَعَتْ منِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمئةَ دينَارٍ عَلَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا – وفي رواية : فَلَمَّا قَعَدْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا ، قالتْ : اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلاّ بِحَقِّهِ، فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا .
وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ ، فَقالَ : يَا عبدَ اللهِ ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي ، فَقُلْتُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ : مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ ، فقالَ : يَا عبدَ اللهِ ، لاَ تَسْتَهْزِىءْ بي ! فَقُلْتُ : لاَ أسْتَهْزِئ بِكَ ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئاً . الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ”. فهذه الأعمال الثلاثة الاجتماعية من علاقة بالأبوين وقضايا الشهوة و قضايا المال والعمال وأجورهم، وقضية العمال قضية اليوم فالعامل لا يحترم ولا يعطى حقه وأجره مع أن عقود الدولة شرط ملزم لنا.
العبادات في مفهومنا الإسلامي تشمل كل عمل صالح ولو عدنا وطبقنا كل هذه الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة على أنفسنا لوجدنا أن مشكلتنا هو عدم الإخلاص فلو أخلصلنا لله لتحاببنا وتآخينا ولما بقيت بيننا مشاكل، لأن الإنسان يعرف أن كل هذه الدنيا متاع وعرض زائل ولا تحتاج أن نتعب أنفسنا من أجلها وإنما نريد فقط إرضاء الله.
ولو كان هناك إخلاص حتى في الجانب السياسي والعملي ما حدثت هذه المشاكل داخل أمتنا الإسلامية فقليل من القادة والحكام يعمل بالإخلاص -والله أعلم- لأن الإخلاص يقتضي العمل لله وليس إرضاء أمريكا أو أوروبا أو روسيا، إلا ما كانت فيه مصلحة أمتنا، ولا يُضحي برضاء الله ولا مصالح الأمة في سبيل الكرسي الذي يذهب ويكون ندامة وثبوراً يوم القيامة. فما حاجتنا بإرضاء الآخرين لو اتحدنا، ولكن ينقصنا الإخلاص وهذا الإخلاص لا يعني مجرد النية في العبادات وإنما في كل الأعمال فالإخلاص في الأمراء والملوك والحكام يحميهم من الابتزاز وأن لا ينظروا إلا إلى إرضاء الله وإرضاء أمتهم.
والإخلاص يقتضي في تعاملهم مع الحاكم الفلاني وغيره أن ينظروا في الأمر إن كان يتوافق مع أمر الله أم لا يتوافق، والمعيار هو الشريعة وإرضاء الله تعالى. فلو كان هذا المعيار أساساً لما حدث ما وقعت الأمة في المصائب والهتززات الخطيرة كما هو الحال الآن في العراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا وغيرهم.
الخطبة الثانية
الأمر الآخر الذي هو أيضاً مرتبط بالإخلاص هو ما يثار اليوم على جميع وسائل الإعلام ومجالس الناس كلها تتحدث عما يسمى بالإرهاب وكذلك أيضاً قد يسند هذا الإرهاب إلى الإسلام ويقال الإرهاب الإسلامي مع أن هذا الدين هو دين الرحمة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فهل هناك نص أوضح من هذا النص (وإنك لعل خلق عظيم) في وصف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .
هذا الإرهاب هو ناتج من عدم الإخلاص لله سبحانه وتعالى سواء كان من قبل هؤلاء أو من قبل الحكام ووسائل الإعلام التي تريد أن تعالج هذه القضية . هذا الإرهاب لم يكن موجوداً في عالمنا الإسلامي ولكن الإرهاب صنعه الاستبداد والدكتاتورية والظلم وتعذيب الشباب في السجون وإحباط الشباب من نجاح أي وسيلة لتمكين شرع الله، فهؤلاء الإخوة في الجزائر من عشرين سنة نجحوا في الانتخابات ومع ذلك ضُربوا وقُتلوا، ثم ما حدث في مصر أيضاً ، وقد كادت أن تنتهي الجماعات المتشددة في الربيع العربي لأن الشعوب إذا علمت أنها تصل إلى مبتغاها وحقوقها بالقضايا السلمية فلماذا تلتجيء إلى العنف؟ فما يلجأ إلى العنف إلا المجنون ولكن حينما يحاصر الإسلام ويمنع تمكين الإسلام والشريعة بكل الوسائل فمن الطبيعي أن يلجأ
الشباب إلى وسائل أخرى.
وقد قلت في المؤتمر الدولي في مكة خلال أسبوع الماضي: إن الإرهاب صنعه الاستبداد والدكتاتورية والقضاء على الشرعية ونماه نظام بشار أسد في سوريا ونظام نوري المالكي في العراق فلم يكن الإرهاب موجوداً قبل هذين النظامين فأهل السنة في العراق حينما تمكنت القاعدة في تلك المناطق طردوهم خلال شهرين فقط.
ونحن نعلم علم اليقين حينما جاءت داعش إلى الموصل وعددهم لا يزيد عن 3000 ولكن تركت لهم أسلحة خمس فرق وحوالي 2000 دبابة وما لا يحصى من أسلحة النخبة الأمريكة المتطورة. فالإرهاب صُنِع لأجل تفرقتنا ولأجل تشويه الإسلام وصناعة الحاجز بين الإسلام وإنتشاره في ربوع العالم.
حضر في المؤتمر في مكة من المفكرين الغربيين الذين أسلموا وقالوا: أن الكنيسة تدرس في كيفية منع الإسلام من الانتشار؛ لأنه في كل شهر يفتح مسجدان وتغلق كنيسة في أوروبا، وكذلك يُدرس منع انتشار الإسلام من قبل العلمانية التي تكره الإسلام وتكره العفاف فقد انتشر الحجاب في شوارع ألمانيا وبريطانيا وعادت العفة، لذا هم عملوا على صنع الإرهاب في لعبة قذرة ومسرحيات هزيلة، وقتل بشع من المسلمين والمسيحين باسم الإسلام وكان الإرهاب سابقاً يسمى القاعدة أما اليوم فيسمى بدولة الخلافة الإسلامية حتى تغرس في نفوس الناس أن الإرهاب مرتبط بكلمتي الخلافة والإسلام لتشويه ما يدعو إليه الإسلام من خلافة وحكومة راشدة.