بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الاخوة المؤمنون لقد تحدثنا في الخطبة السابقة عن مكونات الامة التي كما بينا تتمثل في مجموعة من البشر لهم غايات واحدة وأهداف واضحة يتعلقون بأرضهم وديارهم وبلغتهم وهناك مجموعة من الروابط تجمع بينهم وبالنسبة للأمة الاسلامية فقد قلنا أن هذه الروابط هي عبارة عن القيم العقائدية والاخلاقية والسلوكية لهذه الأمة مميزات ذكرناها كذلك في الخطبة السابقة وفي هذه الخطبة انشاء الله سنتحدث عن واجبات هذه الأمة وعن حقوقها لأن الأمة ليست مجرد كلمة سهلة تقال أو مجرد خطبة تلقى وإنما هي عبارة عن حقوق وواجبات، عن كل ما يجمع هذه الأمة في وقت السراء والضراء ، في المنشط والمكره، في حالات الغنى والفقر بحيث تكون كالجسد الواحد كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في تصوير هذه الامة تصويرا دقيقا رائدا ورائعا يقول فيه صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح متفق عليه” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” فجسم الانسان يا سبحان الله إذا أصيب عضو منه بشي لا يعرف صابه طعم الراحة حتى يهدأ هذا الألم أو يعالج هذا العضو أو يسكن هذا الألم هكذا ينبغي أن تكون الأمة في صورتها العادية بل أنه وأمام الأعداء لم يكتفي بأن يكونوا جسدا واحدة بل يدا واحدة وصفا واحدا كما قال صلى الله عليه وسلم ” هم يد واحدة على من سواهم” وحتى الجهاد في سبيل الله إذا لم يكن صفا واحدا فلا قيمة له عند الله سبحانه وتعالى << إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا واحدا>> لأن الله غني عن كل شيئ غني عن الجهاد غني عن العبادة إنما يريد لكم الخير فإذا أنتم متفرقون فما قيمة الجهاد مثلا.
إذا من هنا فقضية الأمة الواحدة هي الأساس ولذلك ركز القرآن الكريم عليها تركيزا شديدا كما قلت في الخطبة السابقة في 64 آية ومن هذه الآيات التي تتحدث عن الحقوق بين مكونات هذه الأمة أفرادا وجماعات يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء<< إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون>> ثم يقول سبحانه وتعالى حينما يمضي زمن و تتفرق هذه الأمة فيبين الأسباب والاسس لهذه الفرقة والتي هي اسس لا يرضاها الله تعالى<< فتقطعوا أمرهم بينهم كل الينا راجعون>>
هذا الأمر الأساسي أمر الوحدة أمر الجماعة أمر المصالح العامة أمر العقيدة الموحدة والموحدة التي يقطعونها ويجزؤونها الى كتب وأوراق متناثرة وجزاؤهم حين إذ في الدنيا العذاب وفي الآخرة يرجعون الى الله سبحانه وتعالى وفي سورة المؤمنون كانت الآيات أكثر وضوحا في خطورة التفرق على أساس الحزبية والجماعات يقول الله سبحانه وتعالى << وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعو أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون انما نمدهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون>>.
بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية بأن هذه الامة تقوم على عنصرين أساسيين عنصر العبودية لله سبحانه وتعالى عبودية خالصة لوجهه و العنصر الثاني عنصر التقوى والتي هي تشمل كل الاضرار والمخاوف التي تصيب الأمة الاسلامية فهؤلاء كلهم يتقون وعلماؤنا الكرام يقولون إذا حذف المفعول به في الفعل المتعدي يراد به العموم أي أيها الأمة الواحدة فاتقون أي فاتقوا الله سبحانه وتعالى فكل ما له اثر سلبي للفردأوللمجموعة يدخل في هذه التقوى فإن المؤمن يكون في مثل حالة استنفار ان صح هذا التعبير خوفا من أن يتكلم كلمة يترتب من خلالها افساد، لا يعمل عملا يترتب عليه اضرار فيكون دائما في حالة الحذر الشديد والاستنفار الشديد والخوف الشديد لوحدة هذه الأمة لأنه من الخطر الشديد تفرق هذه الأمة << ولا تنازعو فتفشلوا وتذهب ريحكم>> فإذا دب التنازع فحينئذ سنفشل لا يكون لنا قيمة لا يحسب أحدا لنا حسابا كما هو حالنا اليوم فاضعف الدول واقلها مستوى لا تحسب لهذه الامة أي حساب وللأسف الشديد.انظر مثلا لما يحدث في غزة وما يسمى بقافلة شريان الحياة حوالي 1000 شخصية 90% منهم غير مسلمين ومعظمهم من أوروبا وأمريكا ويترجون ويطمئنون بأنهم لا هم لهم الا رفع هذا الحصار على غزة فالصورة أن غير المسلمين يترجون المسلمين لاغاثة مسلمين فتنهال عليهم الشروط فهذا الطريق ممنوع!! وهذا الطريق لا نوافق عليه وهذا الطريق بامكنكم أن تمرروا منه الشاحنات وهكذا يدخلونهم في دوامة من الشروط والعوائق بدون سبب!!! فبدل أن تكون القافلة والمساعدات التي تحملها تكون قد دخلت منذ اسبوع تقريبا فتغير هذا الموعد الى 3 من يناير والحذر الحذر فأي تأخير عن الموعد المحدد عن فتح المعبر قد يلغي دخول هذه القافلة نهائيا فلا نستغرب من أولائك أي شيئ فبالله عليكم من سيحترم هذه الأمة وهي على هذه الحالة.
إذا أيها الاخوة الكرام فكرامة هذه الأمة وهيبتها في وحدتها.
واني والله لن أنسى قولة هلموت كول المستشار الألماني السابق عندما اقترح بتوحيد الألمانيتين فرفع تقريرا للبرلمان يكلف هذه الوحدة في البداية بحوالي 70 مليار دولار فاعترض البعض على ضخامة هذا المبلغ فرد كول على هذه الاصوات ان قيمة ألمانيا بوحدتها فلو صرفنا كل ما نملك على هذه الوحدة فنحن الذين سنربح وسترون هذا في أقرب الاوقات وبالفعل وبعد سنوات معدودة تحولت ألمانيا بوحدتها الى دولة عظمى وهي التي تقود الاتحاد الاروبي مع فرنسا وهي أقل الدول الاوروبية تضررا من الازمة المالية الاخيرة.
ونحن المسلمون عرب وجيرة وشعب واحد فغزة ولوقت قصير كانت تابعة للادارة المصرية و مدينة رفح هي في الحقيقة مدينة واحدة قسمتها هذه الحدود المصطنعة انظر الى هذه المفارقات العجيبة ومن هنا حقيقة أنا فهمت هذا الحذر الشديد من قوله << وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون>> فهذه التقوى والهذا الخوف وهذا الاستنفار لأنه يترتب على التفرق مخاطر كبيرة جدا ثم يهدد الله سبحانه وتعالى ويهدد تهديدا شديدا لا يتوعد به الا للكفرة فيقول << فذرهم في غمرتهم حتى حين.. >> هؤلاء الذين لا يحافضون على وحدة الأمة الذين لا يتقون الله سبحانه وتعالى في في هذه الامة في حقوق الأمة، بل يقول سبحانه << بل لا يشعرون…>> هؤلاء لا يشعرون ليس لهم أي شعور تجاه ما يضر وينفع هذه الامة فلو كان لهم شعور واحساس مصلحة دينهم تقتضي ذلك كما أن مصلحة دنياهم تقتضي ذلك أن نكون محافظين على حقوقنا لى كرامتنا وإلا نكون فضيحة أمام الآخرين ثم بين سبحانه وتعالى حقوق الأمة في نفس الآية الكريمة << والذين يؤتون ما أتو وقلوبهم وجلة أنهم الى ربهم راجعون >> فهؤلاء هم الذين يستحقون أن يعجل لهم في الخيرات أما الذين يفرطون فرب العالمين لا يسارع لهم في الخيرات أبدا بل يسارع لهم بالشرور والمفاسد فلذلك أيها الاخوة الكرام واجبات الامة، حقوق الأمة الكلمات رنانة فكل الناس يقوقلون الامة العربية الامة الاسلامية وكلهم يقولون اخواننا الفلسطينيون لكن أين الحقيقة أين نحن من هذه الآية وخاصة ما تعلق بالحفاظ على الوحدة والانفاق للآخرين من اخوانك بهذه الصورة تعطي كل ما آتاك الله وأنت خائف هكذا كانو صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك سجل الله لهم الشهادة بأن الله قد رضي عنهم أين نحن اللآن من هذا أيها الاخوة الكرام والله العظين إنني حين قرأت هذه الآية شعرت بالخجل من نفسي واخجل من امتي التي وصلت الى هذه المرحلة أننا بدل أن نضحي بكل شيئ في سبيل اخواننا فنذهب ونحاصرهم بجدار فولاذي لنسد عليهم حتى هذه الانفاق التي هي بمثابة شريان الحياة لهؤلاء المحاصرين فماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك بكل بساطة أن المليون ونصف يموتون أين نحن من قول النبي “كالجسد الواحد” أين احساسنا خاصة لمن هو قادر.
ولذلك نحن قلنا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن هذه جريمة (بناء الجدار الفولاذي) وانه حرام وحرام وحرام وكل من يساهم فيه من عمال ومهندسون وسائقون وغيرهم كلهم مجرمون وشركاء في الجريمة وهم آثمون وهذه فتوى من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وهذا العمل الخطير فهو يقترب من موالات الكفار الذي يخرج من الملة ونحن في الاتحاد لم نصل الى هذا الحد في فتوانا ولكننا نقول أن الذي يحدث من قبل السياسيين المصريين يدعوا الى الغرابة والشعور بالجنون كما قال بعضهم بأن الذي يحدث يشعرني وكأني مجنون ولذلك أيها الاخوة الكرام القضية خطيرة جدا
الخطبة الثانية:
أيها الاخوة الكرام بلا شك أن أمتنا تحتاج إلى إعادة النظر نظرا لما وصلنا اليه من الانحطاط والتخلف الذي وصل اليه بعض الساسة والحكام فالامة في شعوبها بخير ان شاء الله ولذلك فعلا فاصلاح النظام السياسي أصبح أساسي بعد اصلاح العقيدة والتعليم ومن هنا فعلى هذه الامة واجبات فلا يجوز أن نتكتفي بالدعاء فقط رغم اهمية الدعاء لكن لابد أن يكون لنا مواقف ومن هذه المواقف ارسال الرسائل الالكترونية بكثافة الى المسؤولين المصريين وفي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وكل المنظمات التي تدافع عن حقوق الانسان.
فلذلك أيها الاخوة الكرام علينا أن نتكلم من خلال الانترنت والحتجاجات والاعتصامات والمسيرات السلمية لمن يقدر على ذلك كل هذه اعمال مشروعة من أجل الضغط لإيقاف هذا الجدار الفولاذي