أيها الاخوة المؤمنون اذا نظرنا الى أحوال أمتنا ليس في الجوانب العسكرية
والصناعية وإنما في الجانب الثقافي أيضا نجد أنها تتعرض لحربين شرستين ومعركتين
كبيرتين شاملتين كلاهما تتجه نحو هذه الأمة في ثقافتها وفي حضارتها هتان الحربان
احداهما تتجه من خلال تشويه حضارة الاسلام وحضارته من خلال ما سمي بالاسلاموفوبيا
أي التخويف من الاسلام ويساعدهم في ذلك بعض الاعمال الطائشة الارهابية التي تعطيهم
حججا وبراهين لما يريدون أن يفعلوا للوصول الى نتيجتين :النتيجة الاولى لمنع
انتشار الاسلام لأن العالم الغربي ليس في حاجة للقوة المادية والعنف وإنما هو في
حاجة الى الجانب الروحي الى الجانب الانساني الى الجانب الاخلاقي لأن لديهم خواء
روحي وهو لا يملئ إلا من خلال المدخل الجميل مدخل الاخلاق والسلوك الراقية من
أمثال أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ومن اتبعوه حينما قاموا
بنشر الاسلام في اندنوسيا وآسيا من خلال الاخلاق والسلوك فقط الأمر الثاني أيضا
اقناع المسلمين أنفسهم ولا سيما النخبة الثقافية والنخبة السياسية والنخبة الفكرية،
اقناعهم بأن هذا هو الاسلام اليوم قتل وتخريب ولذلك لا يمكن القبول به حتى لدى
هؤلاء هتان النتيجتان من اخطر النتائج إذ لا يمكن أن تتحقق مثلهما في أي حرب فعلى
العكس من ذلك تماما بالنسبة لامة الاسلام اذ عادة ما تتوحد ابان الحروب العسكرية المباشرة
ولكن هذه الحرب الشرسة والتي من الممكن ان يكون البعض منا يساهم فيها بغير وعي هى
من أخطر الحروب والغزوات التي تتعرض لها أمتنا الاسلامية أما الحرب الثانية وهي
ايضا في عالم الثقافة وهي مرتبطة أيضا بالحرب الأولى تتمثل في العمل بكل الوسائل
لتذويب الهوية الاسلامية. إذا نحن ايها الاخوة الاحبة والكل يعلم ولو فكرنا لوصلنا
الى هذه النتيجة إذا مالعمل كيف نعالج كيف نبدأ ومن أين نبدأ وما هي الوسائل التي
تقينا من هاتين الحربين لان لكل حرب أسلحتها فالحرب العسكرية لها سلاحها والحرب
الاقتصادية لها أسلحتها أما الحرب الثقافية فهي من أخطر الحروب وهي أيضا لها
آلياتها وأدواتها وأسلحتها فهؤلاء يستعملون كل الوسائل الاعلامية والكتب والافلام
وغير ذلك ونحن أيها الاخوة الكرام في كثير من الاحيان تصدق هذه النتائج على الكثير
منا ومن هنا نجد ان الاسلام أراد أن تكون لهذه الامة ثقافة واضحة لها خمسة عناصر
أساسية فإذا تحققت هذه العناصر الخمس في الامة فإنها الضمان وإنها الكفالة لحماية
هذه الامة وأنها المناعة الذاتية لجسم الامة ضد هذه الجراثيم وبدون هذه المناعة تنتشر الامراض في الجسم كما
هو الحال بنالسبة للانسان العادي.
هذه العناصر الخمسة من أهمها أيها الاخوة الاحبة نحن نتحدث عن أمة الرسول
صلى الله عليه وسلم عن أمة رحمة للعالمين الذي وصفه ربه وصفا عضيما <<
وانك لعلى خلق عظيم>> ولكن والله حينما ننظر نجد أن هذه الاخلاق قد ضعفت
في بعض الناس إذا العنصر الأول هو ثقافة السلوك ولا اقول الاخلاق فهناك فرق بين
الاخلاق وثقافة الاخلاق وبين السلوك وثقافة السلوك فلدينا الاخلاق نضريا ونتكلم
بها دائما ولكن هل لدينا ثقافة الاخلاق وثقافة السلوك هذا هو السؤال ؟ كلنا يقول
أنك أخي وأحب لك ما أحب لنفسي ولكن عندما تأتي المصلحة هل نطبق هذا المبدا
الاخلاقي إذا ثقافة الاخلاق أن تصبح الاخلاق جزءا من كيان الانسان جزءا من تفكير
الانسان وهذا ما سماه علماؤنا الملكة والملكة ينى تصبح تتعامل بشكل طبيعي بالاعمال
الحسنة والطيبة وبدون تكلف. في البداية تحتاج الى شيء من التكلف لابد إذا لما
تتكلف وتروض وتتعب نفسك تصبح الاخلاق والسلوك الاخلاق عندك عاديا وعادة ما يحاول
الشيطان ان يثنيك على ذلك وربما كذلك تربية المجتمع لا تساعد على ذلك ولكن والحمد
لله فكل مظاهر الاسلام أيها الاحبة تحاول أن تثبت ولكن نحن حولنا العبادات الى
عادات هذه الاشكالية فنحن مثلا نصلى ولكن لا نعرف أن الصلاة في حقيقتها تنهى عن
الفحشاء والمنكر << إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر>> أي
الصلاة المقبولة أي الصلاة الصحيحة أي الصلاة التي يريدها الله سبحانه وتعالى،
الفحشاء في الافعال والمنكر في الأقوال فلسانك يتهذب واعمالك أيضا تتحول الى أعمال
إيجابية وكذلك الصيام و كل العبادات فانت تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تراه
فإنه يراك وهذه في العرف المعاصر تسمى بثقافة السلوك بحيث تصبح أنت غير قادر بأن
تتعامل بغير ذلك وحتى إن جاءك شخص يريد أن يخاصمك ويشتمك فلا تستطيع أن تنزل الى
مستواه وهذا ما وصف به سبحانه وتعالى عباد الرحمان بهذه الثقافة في قوله << وعباد
الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما >>
والجاهلون هنا الذين يظلمون الذين يشتمون فهذه هي ثقافة الاخلاق التي أرادها الله
سبحانه وتعالى وكذلك جزء من هذه الثقافة إذا أحد لم يخاطبك بل قام بعمل مادي ضدك
سيئ فكيف ترد فهل تجازي السيئة بمثلها لا فالله تعالى يقول<< ولا تستوي
الحسنة ولا السيئة >> بالرغم من أن من حق الانسان أن يرد عليه ولكن
بميزان ثقافة الاخلاق فالمعادلة تتغير فلا يمكن ان تستوي الحسنة مع السيئة
<< ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع باللتي هي أحسن فإذا الذي بينك
وبينه عداوة كأنه ولي حميم>> فإذا أردت أن تكون قدوة وداعية فعليك أن
تعامل سيئات الناس بالحسنات وانظر الى
النتيجة << وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم>>
فالمسألة ليست سهلة فهي للمحضوضين.
إن كل المشاكل التي نعيشها وتعرض علينا من حين لآخر خاصة بين الزوج والزوجة
قائم على هذه المسألة.
إنني اعتقد أيها الاخوة الكرام وانتم معي بالتاكيد أننا نحتاج الى اعادة
النظر في ثقافتنا مرة اخرى في مدارسنا في معاهدنا في جامعاتنا فاليوم وللاسف
الشديد ليست المسارعة في بناء الأمة على الاسس الصحيحة انما المسارعة اليوم الى
العكس من ذلك فالمسارعة في التعليم مثلا الى ان تكون مدرسته أولى المدارس في تعليم
اللغات الاجنبية متجاهلين لغة القرآن ولغة الآباء والاجداد فهذه المدارس والمعاهد
سيتحملون المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى فكل ما يوضع في عقول الناشئة يسأل عنه
الآباء والمعلمون كما قال الامام الغزالي في الاحياء مستشهدا بقوله صلى الله عليه
وسلم ” إنما أنا مثل الوالد أعلمكم” إذا فكل من يعلم فهو بمثابة
الوالد. الاخوة الكرام نحتاج الى اعادة النظر في تعاملنا داخل البيت فهل تعاملنا
في البيت بثقافة الاخلاق مع أولادنا مع زوجاتنا قد تكون العلاقات داخل البيت
متوترة جدا.
أما العنصر الثاني فهو ثقافة الذوق الجميل أو
الجمال في كل شيئ أما العنصر الثالث فهي ثقافة العمل والاتقان في العمل وكذلك
ثقافة التنظيم وثقافة العمران وحب التعمير هذه إذا ايها الاخوة الاسس الخمس
الاساسية التي تجعل من الثقافة ثقافة حقيقة لهذه الامة أو لهذا الشعب أو لهذه
الدولة.