ولذلك في
وصف الأمة القوية العزيزة التي يريدها لنا الله سبحانه وتعالى أن نكون على هذا
الوصف ممثلا في أمرين عظيمين هما، بعد الجوانب العقدية والايمانية، في قوله سبحانه
وتعالى في سورة المؤمنون << وإن هذه
أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم
فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين ايحسبونأنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في
الخيرات بل لا يشعرون
>> فلا تتحقق
القوة بالمال والبنون مهما كثر المال ومهما كثرت البنين فجيوشنا العربية في حرب 67
كانت تزيد مالا وعددا عن جيش العدو بخمسين ضعفا ومع ذلك هزمنا شهر هزيمة كما لا
يخفى عليكم هؤلاء الذين يضنون بأن الحضارة والقوة تتحقق بالمال والبنون قد أخطؤوا
فليس لهم شعور ولا دراية ولا دراسة للامم والتاريخ. إن الأمم تبنى بالقيم العقدية
والاخلاقية ثم كما قلنا بوصفين أساسيين أو بثلاثة أوصاف أساسية: الوصف الأول الذين
عندهم القدرة على التضحية <<
والذين
يؤتون ما آتو وقلوبهم وجلة أنهم الى ربهم راجعون
>>  أما الوصف الثاني الذي كنت أريد أن أبدأ به هو
أولائك يسارعون في الخيرات،  المسارعة في
الخيرات هذا تعبير قرآني عظيم جدا فكلمة يسارعون أيها الاخوة الاحبة هو فعل مضارع
وهو من باب المفاعلة وفي علم الصرف والذي للأسف الشديد لم يعد من أولويات اهتمام
مدارسنا اليوم فقد استبدلت أهميته لدراسة اللغات الاخرى مما سيساهم في تدني مستوى
فهم قرآننا فعلم الصرف يصنف أنه هناك معاني خاصة لكل باب ، فباب المفاعلة للمشاركة
التي يغلب أحدهما الآخر أي عندما أقول ظارب زيدا عمرا أي أن كل واحد منهما قد شارك
في ظرب الآخر ولكن زيدا أقوى من الآخر أي الفاعل فأسند الفعل اليه إذا هنا يبين
لنا القرآن الكريم أن يا أمةالاسلام بأن غيركم من الأمم من اليهود والنصارى ومن
الملحدين والمشركين ومن العلمانيين ومن كل غير المسلمين أن هؤلاء يسارعون،هؤلاء
يعملون، فكأننا جميع في ساحة واحدة وهناك سباق نحن في تسابق للحضارة للتقدم فالأمة
الناجحة هي الامة التي تسبق هؤلاء فإذا لم تسبق فبدون شك فستكون هذه الأمة مسبوقة
فنتيجة المسابقة لابد أن يكون هناك سابق ومسبوق.

 هنا يصف الأمة
الاسلامية ويقول هذه أمة الخيرية هذه الامة العظيمة هي الأمة التي في ساحات السبق
العلمي وفي ساحات السبق الابداعي وفي ساحات السبق العسكري وفي كل مجالات الحياة
فهي من المفروض أن تكون السباقة للآخرين ولكنني البارحة عندما كنت أدرس هذه الآية
فقد بكيت لحال هذه الأمة ووضعها اليوم في هذا السباق القائم وكأبسط مثال على ذلك
أكثر من 400 شخصية غالبيتهم غير مسلمين يسبقوننا الى غزة المحاصرة ونحن هاهنا
جالسون وحوالي 50 منهم ظربو وجرحو وبالرغم من ذلك لم يتراجعوا ولم يتخلو عن مهمتهم
النبيلة التي جاؤو من أجلها برغم كل ما اصابهم فاين هذا السبق؟

فحتى المجال الذي من الممكن أن نظن أننا قد نحقق فيه
السبق وهو دفع الأموال والزكاة فحتى هذا فنحن متخلفون فيه فكل الدراسات تشير الى
أن المسلمين لا يدفعون كل زكاتهم فلو دفعت زكاة الاموال كاملة لما جاع مسلم واحد
فأنا بنفسي قمت بعملية حسابية بسيطة توصلت الى أن زكاة المال للعالم العربي وحدة
تصل الى 100مليار دولار فأين هي هذه المبالغ الطائلة وهل نصل حتى الى نصفها لا
أتصور إذا حتى في هذا الباب ليس لنا اسبقية في الخيرات وكمثال دامغ آخر في
بريطانيا أيام حرب البوسنة والهرسك قد جمعوا قرابة 15 مليار جنيه استرليني صدقات
الى أهل البوسنة وهذه دولة غير مسلمة وانما حركتها العوامل الانسانية إذا الجانب
الانساني حرك الخيرية لديهم أكثر من العوامل الاخوة والعقيدة عندنا.

أما عن العلم فحدث ولا حرج فلا اسبقية لنا فيه ولا نعرف
طعما لخيراته فحتى الذين يفتح الله عليهم في هذا الباب فإنهم يتوجهون الى الخارج
للكشف عن ابداعاتهم وقدراتهم وليس في بلاد المسلمين وحتى لا نكون عدميين فإنه
أخيرا بدأت بعض المبادرات في الاهتمام بهذا الباب باب خيرية العلم مثل بعض البلدان
ومنها بلدنا قطر

فبالله عليكم كم عدد المسلمين في القوافل التي تتابعت من
أجل رفع الحصار على غزة قليل أليس كذلك فكل الذين يحركون ويقودون القوافل هم غير
مسلمين والقوافل القادمة سيكون على نفس الوتيرة تقريبا فحسب ما صرح به رئيس
القافلة الحالية النائب جورج قلوي فإن القافلة القادمة سيقودها رئيس فنزويلا بنفسه
هوجو شافيز والتي بعده سيقودها وفد من حزب المؤتمر الوطني بجنوب افريقيا والتي
تليها وللمرة الأولى ستكون برآسة مسلم وهو السيد مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا
الاسبق.

أما الصفة الثالثة والاخيرة فقد جاءت في قوله تعالى
<<
وهم لها سابقون>> أي
أن هذه الامة الخيرة من شدة تسابقها في الخيرات حتى تسبقها فتسبق الخير حقيقة صورة
رائعة ومعبرة لما يجب أن تكون عليه هذه الأمة فأين ما تكون يكون الخير يجري معك أو
بالأحرى وراءك فتكون خيرا أين ما حللت بل تكون حالة متكاملة من العمل الخيري.

إذا هذه الأوصاف الثلاثة إذا وجدت في أي أمة فهي ستصبح
أقوى أمة وأعظم أمة وأخير أمة ولا يمكن أن تسبقها أي أمة من الامم في أي مجال من
مجالات الخيروللاسف الشديد فإن عدد من الامم الاروبية قد أخذت بعضا من المظاهر
الايجابية ولكنها أسقطت الأساس والمتمثل بالجانب الاخروي ولذلك نراهم في عدد من
القضايا الانسانية مثلا وحتى التي تخصنا كمسلمين هم أكثر جرأة منا فالمظاهرات التي
انطلقت منددة بحرب غزة أو حرب العراق في الغرب لا يمكن بأي حال من الأحوال
مقارنتها بم حدث عندنا فلا مقارنة.

 

الخطبة الثانية:

على الرغم من أننا لا نؤمن بفكرة المؤامرة وإنما كما جاء
في القرآن الكريم نسند الأمر الى أنفسنا <<
أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم>> ولكن
في الحقيقة نحن تدبر لنا المكائد من أعدائنا لا شك في ذلك ولكن وللأسف نحن الذين
ننفذها فمثلا لقد كانت هذه الأمة قبل 100 سنة أو حتى أقل أمة واحدة وتدار من قبل
حاكم واحد ممثلا في الخلافة العثمانية فمزقها الغرب
من خلال بث
النعرة القومية بين ترك وعرب وفرس وكرد وغيرها وقد اعترف عدد من المؤرخين الغربيين
بأنهم هم من بثو القومية الطورانية لدى الاتراك والقومية العربية لدى العرب فتمزقت
بذلك الامة واستعمرتنا الدول التي قسمتنا وبثت فينا هذه النعرات وخاصة بريطانيا
وفرنسا ولكن أين هم العرب فقد استكثروا عليهم حتى أن يكونو بلدا واحدا بل ومن خلال
اتفاقية سايكسبيكو فقد قسمت الى دويلات صغيرة ووضعت هذه الحدود الاصطناعية ففي
الأصل لم تكن هذه الحدود موجودة في الأصل حتى أصبحنا نتحدث عن الامن القومي للدولة
الاقليمية وسيادة هذه الدول المصطنعة على حدودها فتمنع اخوانها من المسلمين حتى من
الدخول لها من اجل أن يأكلو بعد أن اشتد عليهم الحصار فحفروا انفاقا من تحت الارض
حتى لا يدركهم الموت وتصل الأمور بالبعض أن يعتبر بناء هذا الجدار الفولاذي أمر
طبيعي لينطق أحد ممثلي المؤسسة الدينية في أحد الدول العربية ويقول هذا أمر واجب
وضرورة يا للعار والله، واجب على السلطات المصرية أن تبني جدار فولاذي لتمنع
اخوانها من غزة المحاصرة من المرور عبر الانفاق ليجلبوا ما يقتاتون به من أين جاء
بفقهه هذا العالم” يا ترى وسبحان الله بماذا يستشهد بالآية القرآنية <<
لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا
وتسلموا على أهلها
>> انظر الى أين
وصلت التأويلات الخاطئة ولي الأعناق للآيات القرآنية لتبرير الاجرام في حق اخوانهم
انه والله لأمر غريب فهذا أمر محكوم بالضرر والضرر يزال كما في القاعدة الفقهية
فاخواننا في غزة متضررون ومهددون بالموت وهذا أمر ظاهر في حين أنهم من الممكن أن
يسببوا ضررا لاخوانهم في مصر فهذا أمر لم يحدث وامكانية حدوثه مضنون فيها وليس
مؤكدة وللحقيقية اخواننا في غزة هم من أحرص الناس على أمن مصر فهي شقيقتهم الكبرى
ولا أحد منا يرضى الضرر لمصر وشعب مصر ولا حول ولا قوة الا بالله.