ذكرنا أن معظم القانونيين يذكرون الأنواع الثلاثة (التعويض العيني ، والنقدي ، وغير النقدي) وأن الفقه الإسلامي قد استعمل مصطلحاته السابقة .
وبالنـظر الدقيق في مصـطلحات الفقهيـيـن يتبين لنا دقة مصطلحاتنا الفقـهيـة ، لما يأتي :
أولاً : وذلك أن المصطلحات الفقهية فرقت بين نوعين من التعويضات المالية هما التعويضات الناتجة عن فعل جنائي ، والتعويضات الناتجة عن عمل مدني أو جنائي ، حيث خصص الفقه الإسلامي للأول ثلاثة مصطلحات وهي الديات ، التي حددها الشرع عند الاعتداء على النفس ، أو الأعضاء ، أو القوى والأجهزة الخاصة بالإنسان .
وقصدي من ذلك ما ثبت بدليل صحيح صريح ، أما عدا ذلك من الاجتهادات فهو محل رد وبدل حسب الأدلة والمقاصد والمصالح ، وحسب رعاية تغير الفتاوى بتغير الزمان والمكان.
ولذلك فباب الديات يحتاج إلى تمحيص فلا ندخل فيه إلاّ ما ثبت في الكتاب أو السنة ، أو الإجماع الصريح الصحيح .
والمصطلحان الآخران هما : الأرش والحكومة ، وكلاهما يخضعان لاجتهاد الخبراء ، وبالتالي فلا مانع من إدخال الضرر المعنوي في التقدير والتقييم دون إفراط ولا تفريط .
وإنما الإشكالية في احتساب الضرر المعنوي مع الديات حيث إنها مقدرة ، فهل تعتبر هذه الإضافة معها مخالفة للنص ؟ هذا ما يحتاج إلى اجتهاد مؤصل ؟ .
وخصص الفقه الإسلامي للتعويضات الناتجة عن فعل جنائي أو غير جنائي مصطلحين شاملين هما : الرد بالمثل ، والرد بالقيمي أي قاعدة المثلي والقيمي في التعويضات.
ثانياً : أن الفقه الإسلامي قد اعتمد على معيار موضوعي مرن لدى التعويض من خلال أن هذه القاعدة ليست جامدة على أن كل مثلي يجب أن يرد بالمثل دون استثناء ، ولا أن كل قيمي يرد بالقيمة دون استثناء ، وإنما معيارهما العدل فقط وتحقيق المصالح ودرء المفاسد وبالتالي فيهما يستوعبان كل ما ذكر في الفقه المدني وزيادة .
ومع ذلك فلا حساسية لدينا من استعمال هذه المصطلحات القانونية ، ولا حرج فيها شرعاً ، إذ انه لا مشاحة فيها ، ولا قدسية لها كذلك .