بسم الله الرحمن الرحيم

19 يوليو 2010  

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عل المبعوث رحمة للعالمين وآله الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين . أرحب بكم ايها الاخوة الكرام وأحييكم بتحية الاسلام  فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يسعدني أن ألتقي بكم في هذا اليوم لأحدثكم في هذا المؤتمر الصحفي عما تم بشأن هذه المصالحة المباركة التي تمت في قرغيزيا على يدي وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
كما لا يخفى على حضراتكم انه قبل حوالي أربعين يوماً من الآن حدثت مشاكل كبيرة في جنوب قرغيزيا في منطقتين كبيرتين هما منطقة أوش ومنطقة جلال آباد اللتين يسكنهما الأوزبك والقرغيز فحدثت فتنة راحت ضحيتها مئات من القتلى وآلاف من الجرحى وعدد كبير جداً بحدود عشرة آلاف بيت أحرقت أوهدمت مما دعت الحكومة الى الاستعانة بالدول الجوار لاخماد هذه الفتنة.
ونحن في الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي قد أصدرنا بياناً وأبدينا استعدادنا التام بإرسال وفد للمصالحة وجاء رد الحكومة ونحن في الاجتماع الثالث للجمعية العمومية للاتحاد  حيث رد علينا نائب رئيس الجمهورية على بياننا برسالة طيبة الى الشيخ العلامة القرضاوي وأبدى استعداده الكامل لاستقبال وفد الاتحاد وتسهيل مهمة الوفد للمصالحة بين الأوزبك والقرقيز.
وتشكل وفد الاتحاد من الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعدد من العلماء من أعضاء الاتحاد ومن دول مختلفة فمن مصر عميد كلية الدعوة السابق فضيلة الشيخ طلعت ومن مملكة العربية السعودية منهم فضيلة الشيخ محمد موسى الشريف ومن قطر فضيلة الشيخ الصيرفي بالاضافة إليّ ومن تركيا الشيخ حمدي اصلان، ومن سوريا الشيخ ياسر  وكذلك علماء من بعض المناطق الاسلامية  في روسيا.
ووصل الوفد صباح يوم الخميس في تمام الساعة الرابعة فجراً  وقد كلفت برآسة الوفد من الاتحاد بحكم مسؤوليتي ونحن قد أعددنا مسبقاً لإنجاح هذه المهمة  أولاً بالتضرع الى الله سبحانه وتعالى  وبعد ذلك استعنا  بمجموعة من العلماء بتهيئة الاجواء المناسبة وكذلك استفدنا من خدمات مكتب الندوة العالمية للشباب الاسلامي حيث قام مدير المكتب الاستاذ سعيد بيومي جزاه الله خيرا بالاستعدادات اللازمة  وبهذه الاستعدادات قالوا لنا بأن الأجواء الآن مناسبة لحضور الوفد  الى قرغيزيا و هكذا  تشكل الوفد من عشرة علماء ووفد اعلامي من الاستاذ حسن الدبا وكذلك الاستاذ فرحات ممثلاً للجزيرة
وحين الوصول استقبلنا في المطار كبار مسؤولي الدولة وبعد ساعات قليلة قابلنا وزير الخارجية وهو شاب منفتح  وتكريماً لوفد الاتحاد أصدر بيانا بأعطاء تأشيرة دخول البلد في مطار قرغيزستان لكل مواطن من مواطني البلاد العربية . وفي اللقاء معه كنا صريحين في عدة الامور منها بأن تقوم الحكومة بدورها بتحقيق العدالة ومعاقبة المتسببين في هذه الفتنة  وأن تقوم الحكومة بإنشاء صندوق دعم للمتضررين وكان هذا اقتراح الاتحاد وان تشار ك الدولة وتساهم في هذا الصندوق رغم ان الدولة عندها مشاكل اقتصادية بسبب الحكومة السابقة حيث ان الحكومة السابقة قد افرطت باموال الدولة.  وبعدها استقبلتنا السيدة روزا رئيسة جمهورية  قرغيزيا وتناولت وشرحت لنا المشكلة بكل تفاصيلها وذكرت لنا أن همها وهم الحكومة الآن هو إخماد الفتنة وأبدوا تخوفهم لتصعيد الصراع  مرة أخرى وخاصة وهم على أبواب أربعينية الحدث . وبعدها استقبلنا السيد عمر بك وهو المرشح لرئاسة الحكومة القادمة وكان لنا غذاء عمل  ويوم مكثف من الحوار والمشاورات.  وكنت قد طالبت المسؤولين جميعاً بأربعة أشياء  أولها  العدل والمساواة و ثانيها الحكمة و الثالثة بتشجيع العلماء  واعطاعهم الدور وخاصة في الجوانب الدينية والرابع بأنشاء صندوق للمتضررين ونحن كاتحاد مستعدون بدعم الصندوق وكذلك بدعوة المحسنين من المسلمين بدعم هذا الصندوق، وقد أعلنا استعدادنا بمئة ألف دولار، أو تزيد.
سافرنا في اليوم التالي الى منطقة أوش وهي المنطقة التي بدأت فيها الفتنة الكبرى والتقينا هناك مع أغلب المسؤولين عن المدن والمناطق التابعة لمدينة أوش وكذلك رؤوساء العشائر والعلماء في تجمع ضخم لأكثر من 1000 شخص ولاحظنا أنهم جلسوا جلسة الفريبقين المتخاصمين. فبدأنا الجلسة بكلمة الاتحاد وتحدثنا فيها عن الجوانب الايمانية والقيم الاسلامية التي تدعو للجمع وعدم التفرق وأن القومية هي للتعارف كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز  ” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ….” وكررت لهم أيضاً وسألتهم الا تحبون أن تجتمعوا على حوض الكوثر ويسقيكم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة وأنتم اخوة متحابون في الله ومجتمعون على كلمته  .. مما أدى هذه الكلمة الى أن أجهشوا بالبكاء وقام الجمع كلهم وتصافحوا وتصالحوا  وتعاهدوا على عدم التفرقة والصلح فيما بينهم. وواصلنا حواراتنا ولقاءاتنا حتي ذهبنا الى القرى والاماكن التي لن يتسنى لوجهائهم ورؤسائهم الحضور الى جلستنا  بحيث غطينا 30 منطقة والحمدلله تأثروا بكلمات الوفود  مما يشهد لهم ولهذا الشعب بصفاء قلوبهم مع قوتهم وشدتهم، وتم الصلح في هذه المنطقة.
وذكر لنا المسؤولون بأنهم عندهم تخوف من ظهور الفتنة في محافظة جلال آباد وخاصة يوم السبت يصادف الذكرى الاربعينية للحدث لذلك سافرنا الى هناك واجتمعنا بهم في تجمع ضخم من 1500 شخص من الوجهاء ورؤساء القبائل والعلماء وخاطبناهم بنفس الاسلوب فلم يبقو لهم إلا أن يتصافحوا  ومن ثم تصالحوا وتعاهدوا على المتطلبات الأربع التي سبق وأن ذكرتها من العدل والمساواة والحكمة واعطاء دور للعلماء وانشاء صندوق لدعم المتضررين. ثم ذهب كل من أعضاء الوفد الى أكثر من منطقة لإخماد الفتنة وتناصحهم . وتمت المصالحة بحمد الله بين الشعبين ولكن هناك المتضررين بسب هذه الفتنة وهولاء يحتاجون الى دعم من اخوانهم المسلمين لذلك باسم الاسلام، ثم باسم الاتحاد وباسم الشيخ القرضاوي وجميع أعضاء الاتحاد نوجه نداء الى المنظمات الانسانية والاسلامية بأن يهبوا لدعم هذه المنطقة المنكوبة قبل أن تتجدد الفتنة مرة أخرى وأن يصرفوا لهم أموال الزكاة والصدقات وفي هذه الأموال أجران أجر الصدقة أو الزكاة وكذلك أجر الاصلاح بين الناس  كما أمنار الرسول صلى الله عليه وسلم وأنظروا ماذا فعل الانصار حيث تبرعوا بأموالهم وما يملكون لأخوانهم من المهاجرين حتى تبرعوا بنصف مالهم  ووصفهم الله تعالى : ” ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” 
هذه دعوة خالصة الى اخواننا المحسنين والمتمكنين والى المنظمات لدعمهم.

فلما تم الصلح بين القبيلتين  ورجعنا الى العاصمة كانت الحكومة باستقبالنا وجلسنا في عشاء العمل مع نائب رئيس الدولة ومع مسؤولي الدولة وذكروا لنا بأننا أول وفد اسلامي  زرناهم  حتى الآن واكدنا ايضاً دور قطر وحكومته في الاصلاح لذا هنا اوجه نداءاً آخر لكل الدول دون استثناء ان يهبوا لمساعدة هذه الدولة الفتية وهو بصدد انشاء دستور جديد باعطاء الحرية لكل الاديان ولذلك فهذه فرصة لنا أن يكون لنا الدور مع العلم هم كانوا تحت الاحتلال السوفيتي لمدة 70 عاماً  وأحب ان أخبركم بأن الأتحاد العالمي لعلماء المسلمين سيساهم بمبلغ 100 ألف دولار لترميم بيوت المتضررين مع العلم ان ترميم بيت واحد يكلف 4000 دولار وسوف نخصص حساباً خاصاً في الجمعيات الخيرية في قطر لدعمهم ومساندتهم.

اشكركم على حضوركم  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال :: هل كان الرؤساء والوجهاء كانوا يمثلون حقاُ الشعبين المتنازعين؟

القره داغي: نحن في الاتحاد جاهدنا على أن لا يكون عملنا محسوباً على الحكومة والأحزاب وكان حضور العلماء والرؤساء استجابة لدعوتنا كان لعلمهم بأنه لسنا من طرف الحكومة ولا نتكلم بأسمهم وحاولنا أن لا نحمل الحكومة أي شئ لكي تكون للوفد مصداقية ولو كنا تكلمنا باسم الحكومة لم يكونوا ليحضروا ولكنهم حضروا ونحن بدورنا لم نكتف فقط بحضورهم وإنما ذهبنا الى مناطقهم والتقينا بهم هناك والتقينا كذلك بالذين لم يتواجدوا معنا في لقائاتنا وألقينا الخطبة عليهم وأعتقد أن من التقينا بهم يمثلون أكثر من 80% من الشعبين. وعملنا كذلك على نصح  الحكومة وطلبنا منهم أن تكون الحكومة للجميع وأن تكون السيدة روزا أماً للجميع  ورئيسة للجميع ولا بد أن تكون لها المصداقية وهذا يتم من خلال الأفعال والأقوال وأن يعتبروا مواطني الأوزبك من مواطني الدرجة الأولى وبما أن القرغيز هم الأكثرية فعليهم أن يرفعوا شعار الاسلام الجامع مع الوطنية والمواطنة وليس القومية والقبلية  وأن يكون للأوزبك نسبة لا بأس بها في الحكومة الجديدة فالعدالة والمساواة أساس الحكم الرشيد .

السؤال: هل هناك اتفاق مكتوب وماهي الضمانات لعدم ظهور الفتنة مرة أخرى؟

القره داغي: كنا نود أن يكتب الاتفاق لكن لكثرة الأعداد التي التقينا بهم  حاولنا أن نركز على الجانب الايماني والاخوة الايمانية وتركنا الأمر للحكومة ونحن وجدنا الجدية والصرامة من الحكومة لحماية هذه الاتفاقية ولتكملة الصلح. وقد أخبرونا بأن المجرمين الآن إما مطارد أو في السجن وكذلك نحن عاهدناهم بزيارات متعددة ومتكررة للإشراف على هذا العمل وكذلك الاشراف في التعمير. واحب أن اذكر ايضاً بأننا طلبنا من بعض العلماء بتكوين فرع للاتحاد هناك .

السؤال: ماذا كان سبب الفتنة برأيكم؟

القره داغي: ةكان هناك محاولات خارجية من بعض الدول لزعزعة الاستقرار في هذا البلد وكذلك تواجد وتعارض القوتين الكبيرتين في المنطقة . وكانت الحكومة تلقي اللوم كذلك على الحكومة السابقة. والسبب الأخر قد يكون التحاسد والعنصرية القبلية لأن احدى القبيلتين أكثر غناء  من الثانية وكذلك الابتعاد عن الجانب الايماني .

السؤال: ماذا تتوقعون من دولة قطر للقيام بها؟

القره داغي: نحن نتوقع الكثير ونحاول أن نتصل بالوزارة الخارجية لهذه الأمور وأعتقد بسب السياسة الرشيدة لدولة قطر أن يكون لها دور في وأد هذه الفتنة ونطلب كذلك من كل الدول االسلامية ان يكون لهم دور ايجابي في هذا البلد.

السؤال: من يكون المشرف على صندوق الدعم؟

القره داغي: نحن سوف نشرف على الصندوق مع بعض  الجمعيات منها الندوة العالمية للشباب الاسلامي ويمكن ان يكون هناك أكثر من صندوق  وقد طلبت أيضاً من أغنياء البلد أن يساهموا في ترميم بيوت المتضررين والدولة أبدت استعدادها لتساهم بمبلغ كبير وهم مستعدون بكل ما يساهم ويحقق الأمن والسلامة لهذه المنطقة العزيزة علينا وعليهم.