على ضوء النصوص الشرعية والمبادئ العامة التي تضمنها الكتاب والسنة والسيرة العطرة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ، يجب على الدولة الإسلامية ما يأتي :




  1. توجيه الأسرة المسلمة نحو الالتزام بأحكام الشريعة الغراء لخاصة برعاية الوالدين على الصورة التي ذكرناها في الآيات الكريمة والسنة النبوية ، واتخاذ كافة الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف من خلال توجيه التعليم والإعلام والوعظ والإرشاد ونحو ذلك .



  2. القيام بدعم الأسرة مادياً ومعنوياً لتقوم هي بواجب الرعاية نحو المسنين داخل الأسرة ، ومراقبة ذلك من خلال المشرفين الاجتماعيين .



  3. الرعاية القانونية الملزمة من خلال الدستور والتشريعات نحو المسنين بالطرق التالية :


    أ‌.   إنشاء دور الرعاية الاجتماعية لهؤلاء المسنين في حالة عدم وجود أقارب لهم يقومون بهذا الواجب ، وتكون هذه  الدور في قمة العناية الرعاية والنظافة والرعاية الصحيحة وعدم عزلهم عن الأسرة والمجتمع .


    ومما هو جدير بالتنويه به والإشارة إليه هو أن الإسلام يولي العناية القصوى بالرعاية الأسرية ولو كانت بدعم حكومي ، أما إنشاء دور الرعاية وتشجيع المسنين على السكنى فيها فلا يتفق مع مقاصد الشريعة الغراء ، ولا يتناسب معها ، لأن الأسرة في الإسلام يجب أن تكون مترابطة ، وأن تكون كجسد واحد ، وهذا هو الواقع الذي عليه عالمنا الإسلامي ، وبالأخص الدول الخليجية حيث تذكر الإحصائيات الرسمية في دولة الإمارات العربيةالمتحدة أن نسبة 99.5% من المسنين يعيشون مع أسرهم ، وان نسبة 0.5% فقط منهم هم الذين يعيشون في دور الرعاية الاجتماعية[1] وفي السعودية تصل نسبة الذين يعيشون من المسنين في دور الرعاية أقل من 10% وهم في غالبهم الذين ليس لهم أهل وأقارب قريبة يعيلونهم[2] .  


    ب‌. إشغال المسنين بالأعمال الصالحات النافعات في الدنيا والآخرة وإيجاد الأعمال المناسبة لهم فكرياً ،وحرفياً ومهنياً دون إلزامهم ما داموا قادرين على العمل حتى لا يحسوا بأنهم عالة ، إضافة إلى  الاشغال بالعبادات والشعائر ـ كما سبق ـ .  


     


    ويمكن تنظيم المسنين إلى فئات متنوعة :


    أ‌.   بالنسبة للمتعلمين أن تتيح الدولة لهم ما يريدون من القراءة والكتابة والتأليف ، والاستفادة من الكومبيوتر والانترنيت ، وكذلك الاستفادة منهم كمستشارين كل حسب تخصصه .


    ب‌. بالنسبة لغير المتعلمين ، إتاحة الفرصة لهم للتعليم أو العمل الخفيف السهل ، أو الحرفة أو المهنة المناسبة ويكون ذلك حسب الاختيار دون الجبر والإكراه .


      والحقيقة أن المسنين ليسوا كالمرضى العاجزين وإنما هم قادرون على العمل ويريدون الحياة الكريمة وفق تصوراتهم وقدراتهم .



  4. تهيئة الأعمال الفكرية المنسابة للقادرين منهم ، حيث أثبتت الدراسات الحالية أن المسنين الذين يستعملون ذاكرتهم تبقى ذاكرتهم جيدة ، بل تتحسن ، فقد نشر الباحث راند بكنز مقالة في مجلة (نيورون) جاء فيها ان المعروف في السابق هو أن التقدم في العمر ترافقه صعوبات في الذاكرة ، ولكن الأبحاث الجديدة أظهرت أن فقدن القدرة العقلية على التعلم يعود سببه جزئياً إلى التراجع في استعمال القشرة الدماغية الأمامية ، وهي الجزء المسؤول من الدماغ عن الحالة الفكرية للشخص ، وقد قام بيكر بإجراء اختبارات على عدد من المسنين حيث تم تصوير أدمغتهم تصويراً مغناطيسياً دقيقاً لوضع خريطة لتدفق الدم في أجزاء القشرة الدماغية في العمليات العقلية كما يفعل صغار السن ، ثم حاول الباحثون تصحيح ذلك من خلال مطالبتهم المسنين تصنيف الكلمات في الكلمات الحقيقية والمجازية ، قال بكنز : عندما فعلنا ذلك تبين أن هناك زيادة في استعمال الجزء الأمامي من الدماغ ، وبالتالي كان هناك تحسن في الذاكرة ، وهذا ما شجعه على وضع اختبارات وتمرينات على تدريب الذاكرة وتحسينها .


      وهذا يكشف سر أن الإسلام يجعل التفكير الدائم في الخلق ضرورة دائمة وأن المسلم في تفكير دائم وذكر مستمر .



  5. الرعاية الصحية الشاملة ، لأنها تتعلق بالحفاظ على البدن والنفس التي هي من الضروريات الخمس أو الست في الإسلام .



  6. إحساس المسنين بأهميتهم في المجتمع من خلال استشارتهم وإسناد بعض الأمور إليهم ، وإشعارهم بالانتماء إلى المجتمع.



  7. تنمية روح الولاء في الأسرة والمجتمع ، وبث روح الوفاء باعتبار أن من لا وفاء له لا إيمان له إيماناً كاملاً ، حيث ورد مثل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : (



  8. تشجيع الناس على إحياء سنة الوقف في هذا المجال وذلك بإنشاء أوقاف خاصة برعاية المسنين .



  9. ترتيب التعاون الجماعي الشعبي من خلال زياراتهم للمدارس والجامعات ، والشخصيات والمصانع ونحوها ، وكذلك نقلم إلى الديوانيات والمجالس للشخصيات المعروفة .



  10. ترتيب المخصصات النقدية لهم ، وعدم الاكتفاء بالخدمة والرعاية المتاحتين .



  11. تمويل هذه الرعاية لجميع المسنين والمسنات من غير المواطنين حتى ولو  كانوا غير مسلمين ، كما ذكرنا ذلك في معاملة عمر مع الشيخ اليهودي إكراماً لشيبتهم وسنهم .




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



([1]) يراجع : موقع وزارة الشؤون الاجتماعية لدولة الإمارات العربية المتحدة



([2]) موقع وزارة الشؤون الاجتماعية في المملكة العربية السعودية


 اعلى الصفحة