يمكن أن يتصرف في ديون الوقف بعدة طرق ما دامت تحقق المصلحة للوقف ، منها :




  1. بيع الدين لمن عليه الدين بالأعيان كالعقارات والسلع ونحوهما :


     أي جعل دين الوقف ثمناً لها وذلك ممكن عندما يكون المدين غير قادر على رد دين الوقف نقداً لعدم وجود السيولة لديه ، وحينئذٍ يمكن أن يشتري منه عقاراً ، أو سيارة ، أو أي شيء آخر بهذا الدين الذي عليه ، أو ببعضه[1] .  وهناك صور كثيرة لبيع الدين لا يسع البحث ذكرها[2].



  2. جعل دين الوقف الحال رأس مال في السلم لدى المدين نفسه :


     حيث أجازه بعض الفقهاء منهم المالكية ، وأحمد في رواية عنه رجحها شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، قال ابن القيم : ( وأما بيع الواجب بالساقط فكما لو أسلم إليه في كرّ حنطة بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين ، وسقط له عنه دين غيره ، وقد حكى الإجماع على امتناع هذا ، ولا إجماع فيه ، قاله شيخنا ، واختار جوازه ، وهو الصواب ، إذ لا محذور فيه…)[3] .


     ولكن المالكية اشترطوا في جواز بيع دين السلم ثلاثة شروط ، ذكرها الخرشي فقال : (يعني أنه يجوز للمسلم إليه أن يقضي السلم من غير جنس المسلم فيه سواء حل الأجل أم لا بشروط ثلاثة :


    الأول : أن يكون المسلم فيه مما يباع قبل قبضه (أي غير الطعام) كما لو أسلم ثوباً في حيوان فأخذ عن ذلك الحيوان دراهم ، إذ يجوز بيع الحيوان قبل قبضه .


    الثاني : أن يكون المأخوذ مما يباع بالمسلم فيه يداً بيد كما لو أسلم دراهم في ثوب مثلاً ، فأخذ عنه طشت نحاس ، إذ يجوز بيع الطشت بالثوب يداً بيد.


    الثالث : أن يكون المأخوذ مما يجوز أن يسلم فيه رأس المال ، كما لو أسلم دراهم في حيوان فأخذ عن ذلك الحيوان ثوباً ، فإن ذلك جائز ، إذ يجوز أن يسلم الدراهم في الثوب ، فاحترز بالقيد الأول من طعام السلم ، فلا يجوز أن يأخذ عنه دراهم ، لأنه يؤدي إلى بيع الطعام قبل قبضه ، وقد وقع النهي عنه ، ولا فرق بين أخذ العوض من بائعك أم لا ، وبالثاني من اخذ اللحم الغير مطبوخ عن الحيوان …وبالثالث من أخذ الدراهم عن الذهب وعكسه ، إذ لا يجوز….)[4] .



  3. بيع دين الوقف لغير المدين بالأعيان (العقارات ونحوها) :


     وهذا جائز عند جماعة من الفقهاء منهم الشافعي في أحد قوليه ، وأحمد في قول له صححه ابن تيمية وابن القيم ، قال النووي : (أما بيعه ـ أي الدين ـ لغيره كمن له على إنسان مائة فاشترى من آخر عبداً بتلك المائة فلا يصح على الأظهر …وعلى الثاني : يصح…قلت : الأظهر الصحة والله أعلم)[5] وجاء في الاختيارات الفقهية : (ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره ، ولا فرق بين دين السلم وغيره ، وهو رواية عن أحمد)[6] .



  4. تحقيق شركة الملك بدين الوقف :


     وذلك عن طريق جعل الدين ثمناً بنسبة شائعة من عقار ونحوه ، وبذلك يصح الوقف شريكاً في ملكية العقار ـ مثلاً ـ ويأخذ نصيبه من الأجرة ، أو يبيع بعد ذلك نسبته من العقار ، وهذا أيضاً جائز بل هو حل طيب عند عدم قدرة المدين على السداد .



  5. الحوالة بدين الوقف :


 أجاز جماعة من الفقهاء الحوالة بالدين ، منهم الحنفية ، ووجه للشافعية ، والمالكية في غير الطعام[7] فعلى ضوء ذلك يمكن الاستفادة من الحوالة ، وذلك بتحويل دين الوقف في ذمة زيد مثلاً إلى ذمة مدينه عمرو مثلاً ، حيث يسهل تحصيل الوقف من عمر لأنه مليء وغير مماطل .


 


هذا والله أعلم بالصواب


 


 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


([1]) يراجع : حاشية ابن عابدين (4/166) والمدونة (4/80) والمجموع (9/274) والمغني (4/53) والمنثور في القواعد (2/159) والأشباه والنظائر للسيوطي ص 351


([2]) يراجع لمزيد من التفصيل : د.علي القره داغي بحثه بعنوان : أحكام التصرف في الديون ، المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، ع11 (1/95- 156) ومصادره المعتمدة .


([3]) إعلام الموقعين (2/8)


([4]) شرح الخرشي (5/227)


([5]) الروضة (3/514)


([6]) الاختيارات الفقهية ص 131 وإعلام الموقعين (4/3) ويراجع : د.علي القره داغي : بحثه السابق ص 112


([7]) حاشية ابن عابدين (4/208) وفتح العزيز بهامش المجموع (10/340) والروضة (3/512) والشرح الكبير (3/327)


 اعلى الصفحة