بسم الله الرحمن الرحيم
ايها الاخوة المؤمنون
لا زلنا نعيش في ظل دائرة إصلاح النفوس ، تحدثنا عن إصلاح النفوس في الخطب السابقة عن عدة امور أساسية يحتاج إليها المؤمن بل تحتاج إليها الأمة جميعا ، فصلاح هذه النفوس وتغييرها نحو الأحسن ، لأن الله سبحانه وتعالى جعل تغيير النعمة إلى النقمة ، وكذلك تغيير النقمة والمشاكل والمصائب إلى النعم والسراء والخير والبركة ، ربط بين ذلك كله وبين تغيير النفوس، إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، ذلك بأن الله لم يك مغيرا قوما حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكلمة “أنفسهم” ايها الإخوة الكرام في هذه الآية الكريمة تشمل كل ما في الداخل من القلب والروح والعقل والنفس الأمارة بالسوء، هذه الأمور الداخلية كلها هي مرتبطة بعضها من البعض ، وهي من الكلمات إذا اجتمعت تفرقت، كما يقول العلماء ، وإذا انفردت اجتمعت، فإذا ذكرت النفس وحدها أريد بها بقية ما في داخل الانسان من القوى والأجهزة الفعالة ، سواء ما تسمى بالروح أو بالقلب أو بالعقل أو بغير ذلك مما هو من الأعمال الداخلية والأعمال الباطنية، ولكن إذا اجتمعت النفس والعقل والروح فحينئذ تطلق كل كلمة على معناها الخاص ، فيراد بالروح الجانب الروحي الذين فخ الله سبحانه وتعالى في الإنسان ، “فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ” هذا الجانب السمو ويراد حينئذ عند الاجتماع بالعقل معناه، وبالنفس كذلك جانبه الشهواني الذي إذا أصلح هذا الجانب تتحول هذه النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة ثم تتحول بعد ذلك إلى النفس الراضية المطمئنة بالله سبحانه وتعالى، ومن هنا بما أن هاتين الآيتين الكريمتين تحدثتا عن الأنفس دون أي شيئ آخر معها فإنها يراد بها الإطلاق، أي إصلاح ما في داخل الإنسان من عقل حينما يبحث عن تعمير الكون وعن الحكمة كما بينه سبحانه وتعالى في وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم حينما تحدث عن وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عن إصلاح هذه الجوانب, فقال سبحانه وتعالى “هوالذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ” تلاوة الآيات لسمو الروح حتى تبقى هذه الروح مرتبطة بخالقها وبنافخها، فتسمو وتعلو من الأرض التي فيها الجوانب الحيوانية والشهوانية إلى السمو الروحاني الذي كان عليه الملائكة حيث لا يعصون الله ما أمرهم ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يسمو بالإنسان، وبروح الإنسان فيجعل هذه الروح من خلال القرآن الكريم الذي لا يزال وسيظل مستمرا بيننا ، فهذا القرآن الكريم هو الذي يسمو بروح الإنسان ويرتقي بها إلى عالم الملائكة، ويزكيهم أي يزكي أنفسهم وقلوبهم حيث يجعل هذه النفس من نفس أمارة بالسوء إلى نفس تحس بالمسئولية ، والنفس التي تحس بالمسئولية سماها الله سبحانه وتعالى بالنفس اللوامة التي تلوم الإنسان على التقصير في أي شيءكان ، تلوم الإنسان على الخطأ ، وتلوم الإنسان على الخطيئة ، وتلوم الإنسان كذلك على الانتقاص أو على النقص في العبادات وعدم الزيادة فيها حسب ما هو مشروع كما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا أيها الإخوة الأحبة فهذا الجانب مهم جدا ،الرسول صلى الله عليه وسلم يزكي ، والتزكية ” قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ” وتزكية النفس أن الإنسان يظل من خلال نفسه ، من خلال المربي ، أو الشيخ ، أو الناصح الأمين، أو الصديق، أو البيئة الجيدة أو الجماعة الطيبة أو الأسرة المباركة أو المسجد أو المدرسة أو أي مكان ، يتعامل كله ويتجه الجميع لإصلاح هذه الأنفس ولترويضها ، كما يروّض الإنسان دابته وصقره الكاسر حيث يحوله إلى حيوان هادئ أليف لا يؤذي الإنسان ، وهكذا النفس الأمارة بالسوء يظل الإنسان بنفسه وبشيخه ومربيه ومسجده ومدرسته وأسرته يظل مروّضا هذه النفس حتى تتحول من هذه الصفة اللئيمة ، من هذه الصفة الخبيثة إلى صفة طيبة وهي اللوم، وحينما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة تجاوز القنطرة كما يقولون في الدنيا والآخرة ، أصبح له إنسان مرهف بالمسئولية أمام الله وأمام المجتمع وأمام الأجيال ، وحينما يقدم على شيئ لايتقدم ولا يتأخر ولا يتصرف إلا إذا علم بأن فيه رضى الله سبحانه وتعالى، وأن فيه مصلحة الأمة ، وأن ذلك لن يتعارض مع رضى الله وكذلك لن يتعارض مع مصلحة الأمة ، هذه هي النفس اللوامة التي ما أحوجنا إليه . وهي لا تتحقق أيها الإخوة أبدا إلا بهذا الترويض, إلا بهذا التهذيب ، إلا بهذه التزكية ، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يربي صحابته في مكة المكرمة وكذلك في المدينة المنورة ، ولذلك نرى الصحابة عندما يكثر صحبتهم كلما ازدادت الصحبة للرسول صلى الله عليه وسلم كلما ازداد نقاء الصحابي ، وكلما ازداد فضل الصحابي على غالب الأمور وحسب القاعدة العامة في صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يتركهم بكل الأساليب المؤثرة ما كان يتركهم إلا يروّض نفوسهم ويزكيها ويوجهها نحو الخير، ويجعل هذه النفس في داخلها كراهية المعصية وحب الإيمان ، فالله سبحانه وتعالى حينما يكون الإنسان محاولا يجعل في داخل الإنسان فيزين له ، وزين له حب الإيمان وكذلك وجعل في نفوسهم كراهية الكفر والعصيان، أنك تكره الذنوب وتقبحها فعلا، أن نفسك لا تشتاق إليها ، تصل إلى هذه المرحلة ، فحينئذ تصل النفس اللوامة ايها الأحبة إلى النفس المطمئنة ، مطمئنة بالله ولا يخاف عليه أن ترتكب الذنوب بإذن الله، وتترسخ في ذلك الوقت التقوى في داخلها ، وتصبح هذه التقوى بمثابة البرهان الذي ذكره الله سبحانه وتعالى لسيدنا يوسف عليه السلام حينما تعرضت له المرأة فقالت هي هيت لك، وسيدنا يوسف على طول بدون أي تفكر قال : معاذ الله . وهكذا الإنسان المسلم يصل إلى هذه المرحلة من الاطمئنان ، تكون لذته في العبادة وفي ترك الكفر والعصيان، وتكون كراهيته للمحرمات وتكون قباحته وتقبيحه لكل شيئ نهى الله عنه الإنسان، فهذا هو الإنسان او النفس المطمئنة، وحينما تتحول هذه النفس المطمئنة إلى النفس اللوامة تأتي بعدها مباشرة الاطمئنان والرضا ، راضية و مرضية ، وإنما تكون راضية بالله لا تعرف اللوم ، وتتحول في هذه المرحلة في مرحلة الراضية وفي مرحلة الاطمئنان أنك مطمئن، في داخل نفسك كراهية للذنوب ، قبح شديد للعصيان ، لا يأتي إلى بالك أبدا مهما كانت امرأة جميلة ، ومهما كانت الأموال كثيرة أنت تقبحها لأنك تتذكر فورا النار، تتذكر فورا رضى الله ، تتذكر فورا أنك تقف بين يدي الله أنت وحدك ، والله يسألك ، وحينئذ كيف تهيئ جوابك ، مهما كان الجمال ومهما كان المال فإن رضى الله سبحانه وتعالى هو الأفضل والأولى للإنسان العاقل من لذة عابرة أو من مال قد تستفيد منه وقد لاتستفيد منه . حينما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة حينئذ تصبح نفس الإنسان راضية، معنى راضية أي أنه يتحول الإنسان من مقام الصبر إلى مقام الشكر لاتعرف الصبر ابدا ، لأن الصبر انتهى في نظرك ، أصبحت شاكرا حتى في وقت الضراء في وقت المحن في أشد المحن ، أنت راضي انت شاكر، طبعا لما يتحقق الشكر يتحقق الصبر بطريق أولى ، وهذا ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن يقينهم وحسن ظنهم بالله في رضائهم بالله سبحانه وتعالى، بأن الله هو نعم الوكيل ، ونعم الوكيل لا يمكن أن يفعل لنا مهما كانت الأسباب ، مهما كانت الهزائم، مهما كانت الجروح ، مهما كانت الأمراض ، مهما كان كان كان مهما كان فإن الله إذا عمل لك فإنه عمل لك ولمصلحتك ، وهذا ما فعله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحتى التابعون، فقد ورد أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان يعيش في البصرة وكان عمره في حدود ستين سنة، فأصيب بمرض خطير في فخذه، فقطعت رجله بالمنشار ، لم يكن هناك لا وسائل البنج ولا شيء، أخذوه في المستشفى أو دار الحكمة وقطعوا رجله بالمنشار العادي ، فأغمي عليه تماما ، وحينما صحا سجد الشكر لله سبحانه وتعالى فورا ومباشرة فسأله الطبيب وقال سبحان الله لماذا تشكروانت في مقام الصبر، فقال يا ولدي إنني في مقام الشكر، لأن الله سبحانه وتعالى أعطاني هذه الرجل ، انظروا إلى نظرته ، امشي عليه ستين سنة واليوم أخذها مني وهي منه أساسا ، الله سبحانه وتعالى خلقني وخلق رجلي وأخذها مني وأعطاني عليها أجرا ، أليس كذلك أيها الطبيب؟ قال بلى والله، فقال: إذن أنا في مقام الصبر أو في مقام الشكر؟ أنا في مقام الرضا بقضاء الله ، في مقام حسن اليقين بالله ، ربما لو بقيت هذه الرجل ، ربما إنها ارتكبت بها خطيئة ، فاشكر الله على هذه النعم ، وهو في هذه المجادلة إذ جاء له شخص وقال ياعروة إن ابنك الفلان قد استشهد في المعركة ، في هذا الوقت العسير الذي أصيب فيه بهذا الكسر جاء له هذا الخبر وإذ بالرجل يسجد سجدة الشكر، والطبيب مستغرب من هذا العمل ويقول له ياعروة الآن ولماذا في مقام الشكر ؟ حتى قال: يا ولدي أعطاني الله سبحانه وتعالى الولد الفلاني الذي اسمه كذا اثنين وعشرين سنة وأنا اتمتع بهذه النعم، ثم اخذه الله مني بفضله ومنّه ، أخذه مني بطريق الجهاد وهو يجاهد واستشهد ، ألا تعلم بأن الشهيد يشفع لسبعين من أهله ، وهو عروة ومع ذلك يطمع، أنا في مقام أشكر الشاكرين ، والله لا تكفي سجدتي لله سبحانه وتعالى ، لو كان بيدي كل الدنيا وهبتها لله على هذه النعم ، وبدأ الرجل يبكي حتى أصبح الطبيب يبكي ويسقط على الأرض من شدة تأثره بهذا الموقع ، هذا هو النفس التي تتحول من نفس كاسرة، من وحش كاسر، من نفس أمارة بالسوء، من نفس لا تشبع ، من نفس تحلو لها الدنيا ،من نفس حلاوتها في الزنا والمحرمات وأكل أموال الناس وإيذاء الناس ، تتحول هذه النفس إلى هذه النفس اللوامة ، إلى هذه النفس المطمئنة إلى هذه النفس الراضية ، ثم حينما وصلت إلى هذه المرحلة راضية مرضية فالله قد رضي عنك وكتب لك الرضوان وكتب لك الأجر الجزيل وبعد ذلك الجنة والفردوس والجنان .
أيها الإخوة : نحن فعلا محتاجون إلى تحويل هذه الأنفس، ويبدو أن تغيير الرؤس كما يقال لا ينفع كثيرا في تغيير النفوس، ولذلك كنا دائما نلوم الروساء والحكام والأمراء ولكننا اكتتشفت من خلال سقوط هولاء الطغاة الكبار ، هذا أمر طيب في مصر وفي تونس وليبيا واليمن، ولكن هل النفوس تغيرت هذا هو السؤال ؟ هل النفوس تغيرت بتغير الرؤس قد لاتكون ، بل كلا ، وانما نحتاج فعلا إلى أن نغير أنفسنا وإلا فالحالة في مصر وفي تونس، هؤلاء الناس الآن يريدون هؤلاء الذين يسمون انفسهم علمانيين وانتهزوا بعض الأخطاء والفرص ليس عندهم مانع تصريحا وتلويحا ، ليس عندهم مانع في الاستعانة بالغرب أو الشرق أو العسكر أو اسقاط الاقتصاد المصري، مادام يؤدي ذلك إلى إسقاط شخص أو جماعة الله أكبر ، أين النفس السليمة مهما كان هذا الشخص ، لماذا الآن يكون رضا الله أولا فوق كل الاعتبارات؟ ثم مصلحة البلد، ومصلحة البلد التي إذا لاسمح الله تضررت أو تفككت ليس كأي بلد لايعرف مدى خطورة ذلك إلا الله سبحانه تعالى؛ لأن الأعداء كثيرون ولأن أعداء الاسلام يعلمون بأنه اذا افشلت أو إذا تضررت أو تفككت مصر فإن الأمة العربية والأمة الاسلامية تماما في الحقيقة تحتاج إلى فترة طويلة من الزمن لتفكر في الإصلاح مرة أخرى، أو تفكر في الوحدة مرة أخرى أو تفكر في النهضة مرة أخرى ، هذه الحقيقة يمكن ينكرها الجاهل ولايمكن أن ينكرها العاقل لكن انظر النفوس مليئة بالحقد بالحسد بالجشع بالكبرياء بالحسد الكبير الذي أدى كما ذكرنا إلى أن يقتل أحد أولاد آدم أخاه الشقيق لأجل الحسد ، لماذا أنت لماذا أنا، ياليت هؤلاؤ قلدوا، ما أقول يقلدوا المسلين أو أصحاب النفوس الصافية ياليت قلدوا أمريكا وبريطانيا ، الأحزاب تتنافس وتتصارع والروساء يتصارعون عند ما يأتي وقت الانتخابات، ولكن حينما ينجح أحدهم لايعلن الرئيس فى امريكا إلا بعد ما يهنئه المعارضون الذين سبوه وشتموه ربما في الانتخابات لكن بمجرد ما انتهوا من الأنتخابات عادة لايعلن أبداً إلا أنه يأتى المعارض مرشح الحزب الجمهوري أو أي حزب لابد أن يهنئ الرئيس المنتخب ثم يأتي الرئيس ويعلن ويقول أنا الرئيس لكل أمريكيين وليس لفئة معينة، في البرلمانات في بريطانيا قد يتصارعون ثم يخرجون مباشرة من الباب ويذهبون ويشرون معهم القهوة و لا أي شيء آخر ، أين هؤلاء، نحن مسلمون الأولى بنا و مع الاسف الشديد هؤلاء يدعون أنهم يصلون ويصومون لكن أين قيمة الصلاة كما قال سيدنا عمر رضى الله عنه حينما جاء إليه شخص وهو يشهد له يقول فلان رجل طيب، قال كيف عرفت أنه رجل طيب هل عاملته بالدرهم والدينار؟ قال لا والله، قال ما عرفته ، إذن هل جاورته وصحبته في سفر طويل، قال لا ، قال إذا كيف تعرفه ، ثم قال : لعلك رأيته يصلى في المسجد يبكى ، هذا ليس ميزانا ، الميزان الحقيقى للصلاة الحقيقية “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” ، ما فائدة أنا أصلى هنا إماما أو مأموما و أبكى ثم اخرج لا سامح الله وأسب وأشتم و آخذ أموال الناسأ ما قيمة الصلاة ، لا أقول أن هذه الصلاة معدومة لكن أين أثرها ، أين حقيقتها؟ هل فرضت الصلوات كحركات ؟ أبداً فرضت الصلوات لغايات ولمقاصد ، هذه المقاصد إصلاح النفوس ، وقوفك مع الله حينما تقف وتقول الحمد لله رب العالمين حينئذ أنت تتبرأ من كل شكر لغير الله، ليس هناك شخص يستحق الشكر الحقيقى إلا الله وإنما أنا اشكر هذا لأن الله أمرني أن أشكر الناس “لايشكر الله من لم يشكر الناس” ، لكن الشكر الحقيقى صاحبه هو الله ، ثم بعدين أنت تخاطب رب العالمين الرحمن الرحم وانت ليس عندك رحمة ما تستحي من نفسك؟ ، وأنت نقول ” مالك يوم الدين ” وانت ما تفكر في يوم القيامة ، والآن بعد كم يوم تموت والله سبحانه يحاسبك. ثم بعد ذلك يقول إياك نعبد وإياك نستعين وانت معتمد في رزقك ، مش على الله وإنما على فلان تخاف من فلان ، كل هذه الأشياء، الله سبحانه وتعالى جعلها في هذه الآية ولايسع المجال لها ، ولذلك ما أحوجنا جميعا علماء و أمراء وحكماء وأفراد الناس وعامة الناس نحن جميعا ما أحوجنا إلى إعادة النظر إلى أنفسنا بإصلاحها إصلاحا شاملا والا سنظل كأفراد في دائرة النفس الأمارة بالسوء وعدم الرضا والاطمئنان والقلق والاضطراب والمشاكل وسنظل كأنها متحاربة متصارعة لأن النفوس ليست صافية حتى وأن أزلنا عشرين راسا ، وانما المهم مع إزالة الرؤس أن تتغير النفوس، أن تعرف هذه النفوس حق الله وحق البلد وحق المصلحة العامة ، اسأل الله العظيم رب العرش العظيم وفي هذا الوقت أن يصلح أنفسنا ويجعل هذه من الانفس اللوامة والمطئنة والراضية ، ونسال الله تعالى بتضرع أن يرضى عن انفسنا ويجعل نفوسنا مرضية فتلك أمنيتنا فى الدنيا والاخرة .
ايها الاخوة :
بعض الذين دخلوا في الاسلام من المستشرقين ومن العلما ء والفلاسفة غير المسلمين حينما دخلوا فى الاسلام قالوا وكتبوا نحن والله نستغرب غاية الاستغراب أن يكون لدى المسلمين هذا الكنز الدفين لإصلاح النفس وفي مسيرة الإصلاح وفي الرشد والصلاح وفي كل الجوانب التي يحتاج إليها الانسان حتى في مجال البيئة ، وفي مجال الطهارة نحن نستغرب هذه الأمة لها هذا الكنز مع ذلك يظل بهذا الشكل من الابتعاد من هذا الكنز، ولم يأخذ من هذا الكنز إلا الشكليات والرموز ، هذا ما سمعته وقرأته ، وهذا فعلا، ولذلك إننا نحتاج إلى إعادة النظر في مدارسنا بصراحة وفي خطبائنا الذين يجب عليهم أن يركزوا على هذه الجوانب الاساسية ، اليوم أمتنا الاسلامية فى معظمها وعمومها ولاسيما في المسيطرين عليها فى وسائل الإعلام وهي أخطر شيء ولذلك سمى الله سبحانه وتعالى الإعلام المتميز الموجه نحو الغير سماها بالجهاد الكبير ” وجاهدهم به جهادا كبيراً ” ولم يرد إطلاق الجهاد الكبير على الجهاد إلا في الجهاد الإعلامي ، وخطورته كسيف أخطرمن أي سيف أخر ، وهذا السيف هوالذي جعل هذه الامة حتى ليست كما قلت تأخذ الأمور الطيبة من الغرب كما أشرت إلى بعضها وإنما تأخذ الأشياء السيئة ، والرذائل ، التي الأمة الغربية لم تتقدم بها بالمناسبة ، الذين يتسكعون في الشوارع ليس هؤلاء هم الذين يبنون الأمة والاقتصاد ، هذا هولاء غيرهم ، أو بعض الناس يأخذون بهذه الأمور ، والا حتى في مسائل الحكام انظر أى حاكم في الغرب إذا وجدت مشكلة لابد أن يتحملها ، و إذا وجدت مشكلة أمنية فوزير الداخلية أول من يقدم استقالته ويحقق معه ، وإذا وجدت مشكلة كم رأيتم في أي مكان فوزارة الخارجية بالنسبة للسفارات تتحمل مسئوليتها عن أي فرد فى الخارج وقد يحاسب وقد يوجه إليه التهم وقد يحكم عليه وقد يسجن ، وانظر ما الذي يحدث في عالمنا؟ ماذا فعل بشار الأسد بأمته اليوم أمس يطلب ولايستحي، وكما يقال فى المثل المصرى ، …… فلنصل صلاة الملايين لأجل الأمن، الله اكبر، يريد الصلاة من ملايين الناس لأجل الأمن الذي هو دمره ، نحو أربعمائة ألف بيت دمره بشار الأسد و أعوانه وشبيحته ، عشرات الآلاف حسب الأمم المتحدة اكثر من ستين ألف لكنه يمكن هذه الستين ألف عشرة فى المئة، يمكن مأئتين ألف من الناس قتلوا والسجناء بمآت الألآف، والاغتصاب حدث ولا حرج، يستحي الانسان أن يذكره في هذا المكان ، هذا الذيى يفعل ولا يستحي ولايتحمل مسؤليته ، فلذلك أيها الأخوة من هنا كان القرآن الكريم جعل الأمة هي صاحبة السلطة على الحكومات ، “ولتكن منكم ألأمة يدعون إلى الخير” هذه الأمة هي التى تدعو إلى الخير وتكون لها القدرة على الحل والربط، وحينما تكون الأمة مغيبة فهولاء الظلمة والمستبدون والاسبتداديون والطغاة يفعلون ما يشاءون ، يكونون مثل ما كان فرعون ” إنما أهديكم إلى سبيل الرشاد ” ولايأذنون حتى بالإيمان إلا إذا هم آذنوا لنا ، يعنى فرعون حاسب وعاقب السحرة لما آمنوا وقال: كيف آمنتم به قبل أن آذن لكم ، الله، حتى الإيمان لازم يكون بأيديهم هذا هو مصير الطغيان بسببنا لأن الأمة تخلت ، كذلك الأمر فى العراق , العراق الذي جابوا فيها هؤلاء الاحتلال ثم بعد ذلك احتلال هؤلاء، ثم جاء هؤلاء باسم القاعدة وباسم الطوائف، أكثر من مليون شخص قتلوا وأكثر من مليونين شردوا ، ومع ذلك الآن حينما اخواننا فى مناطق السنة يطالبون بحقوقهم تصور رغم أن هذا ما تقول صدام حسين الذي حكم ثلاثين سنة ، هذا رجل جاء على أساس الانتخابات وعلى رماح الدبابات الأجنبية يقول: هذه فقاعات ، فقاعات شعب ، كلمات أمتنا، تصور سبحان الله ،القرآن الكريم ذكر هذه المسألة في سورة الذاريات حينما بين بأن كل ظالم وكل طاغية يكرر نفس الكلام الذي كرره الطغاة السابقون ، يعنى الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم هو نفس الذي قاله فرعون لموسى، أو نمرود لسيدنا إبراهيم عليه السلام أو الخ، فاستغرب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال سبحان الله إيش هذا ، فالله سبحانه وتعالى بين له السبب وقال: أتواصوا به بل هم قوم طاغون” يعني هؤلاء الطغاة وهؤلاء المشركون الذين يتكلمون بنفس الكلام والمنهج الذي تكلم به فرعون وهامان ونمرود وقارون، هولاء تواصوا به أي وصّى بعضهم البعض وكتبوا وصية كل واحد للآخر، وأخذوا هذه الوصية ، رب العالمين يقول لا ، ليست القضية قضية وصية ، وإنما القضية قضية النفس السيئة ،” بل هم قوم طاغون” ففكرة الطغيان فكرة واحدة حينما تترسخ في الذهن يأتي لها من شياطين الإنس والجن نفس ما قيل للسابقين