اُخْتُتِمِ يوم الاثنين ٣٠ مايو/أيار ٢٠١٦م – بفضل الله وتوفيقه – مؤتمرُ توحيد التقويم الهجري الدولي، المنعقد في استانبول في الفترة ٢٨-٣٠/ ٥/ ٢٠١٦م. وقد ساهم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ا. د.علي القره داغي مساهمة فعالة في اللجنة العلمية كما اختير ليكون رئيس لجنة الصياغة كما رأس اجتماعات اليوم الثاني والثالث وأشرف على التصويت حتى خرج المشروع في صورته المشرفة التي ساهم فيها الجميع.
وقد دعا إلى هذا المؤتمر ونظمه الرئاسة العامة للشؤون الدينية في تركيا، بالاشتراك مع: مركز الفلك الدولي والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وبمشاركة العديد من المؤسسات والمجامع الفقهية والعلمية ولجان الفتوى في اكثر من 60 دولة في العالم أهمها:
1- المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي.
2- المجمع الفقهي في شبه القارة الهندية.
3- هيئة كبار العلماء في السعودية.
4- مجمع علماء الشريعة في أمريكا.
كما حضر ممثلو مؤسسات الفتوى في العديد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية والأميركتين وأستراليا وروسيا وغيرها.
وشارك في المؤتمر ممثلون عن العديد من المؤسسات الفلكية والمؤسسات التي تُصْدِرُ التقاويمَ في العديد من البلدان، أهمها:
1- المشروع الإسلامي لرصد الأهلة.
2- تقويم أم القرى.
3- الهيئة المصرية العامة للمساحة َّ.
4- الاتحادُ الإسلاميُ بِأَمْرِيكا الشماليةISNA.. وغيرها من المؤسسات الفلكية.
وهو بهذا يُعَدُّ من أكبر المؤتمرات العلمية – إن لم يكن أكبرها على الإطلاق – فيما يتعلق بدراسة الحساب الفلكي، والرؤية، وتوحيد التقويم.
وقد سبق المؤتمرَ جهدٌ تحضيري استمر لأكثر من ٣ سنوات، قامت به اللجنة العلمية للمؤتمر والمكونة من مجموعة من كبار الفقهاء والفلكيين، عقدت خلالها ٥ ندوات تحضيرية.
ويهدف المؤتمر إلى تَوْحِيدِ المسلمين في شعائرهم، بحيث يكون هناك تقويمٌ هجريٌّ معتمدٌ واحدٌ، يجمع المسلمين على الصيامِ، والأعياد، والمناسبات الدينية المختلفة، بدلاً مِنَ التقاويمِ الخاصّة بكل بلد..
وقد تداول العلماءُ من الفقهاء، والفلكيين، والخبراءِ خلال ثلاثة أيام متتالية وجهاتِ النظر المختلفة حول الموضوع بجميع أبعاده الشرعية والفلكية والاجتماعية، مع تركيزٍ خاصٍّ على تأثيره في واقع الأقليات المسلمة في الغرب، والتي لا تمتلك مؤسساتٍ دينيةً مُلْزِمَةً للجميع، مما يؤدي إلى انقسامهم في هذه المناسبات، والذي بدوره يؤثر على وحدة كلمتهم، وعلى سمعتهم وسمعة الإسلام في مجتمعاتهم الغربية.
كما ناقش المؤتمر أيضاً حاجةَ هذه الأقلياتِ – أكثرَ من غيرها – إلى تحديدٍ مُسْبَقٍ لمناسباتها الدينية وأعيادها.
وبعد الاتفاق على أهمَّ المعاييرِ والشروط التي يجب أن يتضمنها التقويم، والتي تتلخص في:
– الاعتماد على الحساب الفلكي.
– الاعتماد على الرؤية الحكمية بحيث يشترط إمكانية رؤية الهلال لا مجرد ولادته
فقد تبلورت المشاريع المقدمة للمؤتمر في مشروعين رئيسيين.
١- المشروع الأول:(التقويم الأُحَادِيُّ):
وفكرتُهُ أن يكون هناك تقويمٌ واحدٌ للعالم كُلِّهِ شَرْقِهِ وغربِهِ، تكون فيه بداياتُ الشهور القمرية موحدةً في أنحاءِ العالم، وينطلق هذا المشروع من القول الفقهيِّ المشهور والذي عليه جمهور العلماء بأنه (لا عبرةَ باختلاف المطالع)، فمتى رُئيَ الهلالُ في بَلَدٍ لزم جميع المسلمين العمل على تلك الرؤية.
٢- المشروع الثاني: (التقويم الثُّنَائِيُّ(:
والذي يُقَسَّمُ فيه العالَمُ إلى نطاقين:
– نطاق شَرْقِيٍّ: وَيَضُمُّ قارة آسيا وأستراليا وأفريقيا وأوروبا، وفيه جميع دول العالم الإسلامي.
– نطاق غَرْبِي: ويَضُمُّ الأمريكتين الشمالية والجنوبية.
بحيثُ إِذَا أَمْكَنَتْ رُؤْيَةُ الْهِلالِ في أي بقعة من الأمريكتين فقط فإِنَّهُ يلزم سكان الأمريكتين ولا يلزمُ بقيةَ دول النطاق الشرقي.
وينطلق هذا المشروع من القول الفقهي الذي يقضي ب( الاعتبار باختلاف المطالع) وعليه فقد حدد للكرة الأرضية مطلعان فقط.
وعلى هذا التقسيم فإن التوافق بين النطاقين الشرقي والغربي في تحديد بدايات الشهور سيتحقق بنسبة 75% من الأشهر وسيختلفان في 25% منها تقريباً والتي ستسبق فيها دول الأمريكيتين بقية الدول في فواتح الشهور بيوم واحد.
وبَعْدَ اسْتعراض الملاحظات الواردة على كلا المشروعين، وفوائد كل منهما، وآثار العمل بأي منهما – تَمَّ عرضُ المشروعين للتصويت، وقد حظي المشروع الأول (التقويم الأحادي) بأغلبية الثلثين تقريباً من بين الحضور.
هذا.. وقد خرج المؤتمر بعدد من القرارات والتوصيات، من أبرزها:
١- اعتماد الحسابات الفلكية القائمة على إمكانية الرؤية.
٢- أنْ تعملَ رئاسة الشئون الدينية التركية بالتواصل مع الرئاسةُ التركية على عرض مشروع التقويم على منظمة المؤتمر الإسلامي لاعتماده.
٣- أن تُشَكَّلَ لجانُ رصدٍ عالميةٌ بأجهزةِ الرصد الحديثة، بناء على معطيات الحساب الفلكي في إثبات الرؤية.
٤- دعوة الأقليات المسلمة إلى توحيد صومها وفطرها، والاستفادة من التقويم الذي سيصدر لاحقاً بناء على مقررات المؤتمر.
وأخيرا: فإن التقويم الهجري الإسلامي الموحد مطلب يحلم به جموع المسلمين في العالم لتضييق دائرة الخلاف وأسباب الانقسام..
وهو أيضاً مسؤلية كبرى يشترك فيها الحكام والعلماء والفلكيون والمثقفون والمسؤولون في المؤسسات الإسلامية والدعوية على حد سواء، وكل مسؤول أمام الله من موقعه الذي يعمل فيه.
نسأل الله أن يجمع المسلمين على ما فيه خيرهم وفلاحهم في الدارين.