ظهر
من خلال هذا العرض المتواضع دور الوقف ومقاصده ، ومدى توسع أنواعه حتى شملت معظم
جوانب الحياة ، حتى أطلقنا القول : إن حضارتنا الإسلامية العظيمة هي هبة الوقف ـ
بعد الله تعالى ـ فالوقف هو الذي ساهم مساهمة فعالة في تحقيقها ، وفي تحقيق
التكافل وازدهار العلم والثقافة والفنون .
وبالتالي
فإن حضارتنا الإسلامية قد سبقت الحضارة المعاصرة في اعتمادها على مؤسسات المجتمع
المدني ( الأهلي ) ، ومؤسسات العمل التطوعي غير الحكومي.
ومن
هنا يظهر لنا سر قوة الحضارة الإسلامية وتقدمها على الرغم من كل الفتن والحروب
الداخلية ، والمشاكل السياسية ، لأنها كانت في دائرة السلطة السياسية في الغالب ،
وإنما كانت مؤسسات المجتمع المدني تسيرها الأمة ذاتياً وطوعياً ، ويشرف عليها
العلماء والقضاة ، والمفتون ، حيث أولوا عنايتهم لهذه المؤسسات تاركين السياسة من
جانبها التطبيقي لهؤلاء الخلفاء بدءاً من عصر بني أمية إلى العصر العباسي ، غير أن
الذي أسقط الحضارة الإسلامية هو ما فعله المغول والتتار ، حيث قاموا بتدمير الحضارة
والقضاء على تماسك مؤسسة الوقف .
ومن
هنا بدأت مرحلة خطيرة من الانحدار حتى وصلت إلى الانهيار ، ثم جاء في العصور
الأخيرة الاحتلال الأجنبي فركّز هو وعملاؤه على تدمير الأوقاف ، إلى أن بدأت
الصحوة الإسلامية المباركة منذ العقود الأخيرة ، فنهض الوقف مع الصحوة ، ولا يزال
ينهض .
إن
مقصدي هو : إن أردنا الحضارة والتكافل فعلينا أن نبذل كل جهدنـا للنهوض بالوقف
ومؤسساته مع الاستفـادة القصوى إلى ما وصـل إليه الغـرب ، حيث تطور الوقف ، و(
ترست ) و ( فاونديشن ) بشكل كبير .
والله الموفق وهو المستعان ، وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه الفقير إلى ربه
علي محيى الدين القره داغي