جريدة العرب – الدوحة
الحلقة السابعة
ولدى تناوله لمخاطر الإرهاب والإسراف في القتل، وترويع الآمنين قال القره داغي إن الإسلام منع ترويع الآمنين وصان أمنهم، ومنع تشويه صورهم، حتى أثناء القتال، وأضاف: دلت أحاديث كثيرة على حرمة ترويع المسلم وكذلك من يعيش على أرض الإسلام بأمان حتى ولو على سبيل المزاح والهذر فقد عقد المنذري في كتابه الترغيب والترهيب باباً مستقلاً للترهيب من ترويع المسلم، ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً، ذكر فيه أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه»، ومنها ما رواه أحمد والترمذي وأبوداود بسندهم عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه، فأخذه ففزع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً»، وفي حديث آخر رواه الطبراني بسند رواته ثقات عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لرجل أن يروع مسلماً»، وفي حديث آخر رواه البزار والطبراني عن عامر بن ربيعة أن رجلاً أخذ نعل رجل فغيّبها وهو يمزح، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تروّعوا المسلم، فإن روعة المسلم ظلم عظيم».
ولم يترك الرسول صلى الله عليه وسلم أي مجال للتخويف حتى ولو بالنظر فقد روى الطبراني بسنده عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه فيها بغير حق أخافه الله يوم القيامة».
وقد طبقت هذه التوجيهات في عصر الخلافة الراشدة حيث أرسل الخليفة عمر إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها، فأنكر ذلك، فقيل لها: إن عمر يدعوك قالت ويلها، وما لها ولعمر، فبينما هي في الطريق ضربها الطلق فدخلت داراً فألقت ولدها فصاح صيحتين ومات، فاستشار عمر الصحابة فأشار إليه بعضهم وفي رواية هو عبدالرحمن بن عوف: أن ليس عليك شيء، إنما أنت وال مؤدِّب، فقال عمر: ما تقول يا علي؟ فقال: أرى أن ديته عليك، لأنك أفزعتها فألقت ولدها من سببك، فأمر علياً أن يقيم عقله على قريش.
فهذا الأثر التطبيقي يدل بوضوح على أن الترويع حتى بالوسائل المعنوية يترتب عليه العقوبة في الدنيا أيضاً.
وقد شدد الرسول صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على جمال الإنسان وعدم تشويه صورته حتى في القتال، لأن الله تعالى خلق آدم على صورته، ولأنه أكرمه وخلقه في أحسن تقويم، فقد عقد مسلم في صحيحه باباً للنهي عن ضرب الوجه، حيث روى بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه» وفي رواية أخرى عنه بلفظ «إذا قاتل أحدكم أخاه فلا يلطمن الوجه» وفي رواية أخرى عنه بلفظ «إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته».;