يتجلى إعجاز الزكاة في أن الله تعالى جعل ما يتحقق به التكافل المالي والاجتماعي ركناً لازماً من أركان الإسلام ، لا يتم إلاّ به لو دفعت الزكاة بحق ، ووزعت بعدل لما بقي فقير واحد على وجه الأرض
إن المسلمين الأغنياء يشاركون العالم في المسؤولية الإنسانية نحو أي إنسان ما دامت فيه الروح
الدولة مسؤولة أمام الله تعالى ثم أمام أهل الحلّ والعقد عن توفير الحياة الكريمة لجميع من يعيش على أرضها حتى من غير المسلمين المواطنين
بدعوة من بيت الزكاة بكيرالا بالهند شارك فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث في المؤتمر الدولي جول الزكاة الذي عقد مؤخرا في مدينة كوتشين بولاية كيرلا وقد كلف بيت الزكاة فضيلته بإلقاء الكلمة الرئيسة في المؤتمر واعتبار حضور فضيلته ضيف شرف للمؤتمر، وألقى فضيلته بحثا هاما حول الزكاة بعنوان: الإعجاز في منظومة الزكاة ودورها في تنمية المجتمع والقضاء على الفقر والبطالة.
وقال فضيلته في بحثه إنه لو دفعت الزكاة بحق ، ووزعت بعدل لما بقي فقير واحد على وجه الأرض، ولا سيما إذا وضعت لذلك خطة استراتيجية تقوم على مقاومة الفساد بجميع أنواعه . كما رأى أن المسلمين الأغنياء يشاركون العالم في المسؤولية الإنسانية نحو أي إنسان ما دامت فيه الروح
وقال فضيلته الدولة ( جميع المسؤولين بدءاً من رئيس الدولة إلى الوزراء وبقية المسؤولين أصحاب القرار ) مسؤولة أمام الله تعالى ثم أمام أهل الحلّ والعقد – مجلس الشورى إن وجد – عن توفير الحياة الكريمة لجميع من يعيش على أرضها حتى من غير المسلمين المواطنين.. وذهب إلى أن الضمان الاجتماعي يعملفي الإسلام على توفير مستوى ( تمام الكفاية ) .. وقدّم لبحثه قائلا:
إن الحديث عن إعجاز القرآن العلمي حق أبلج إذا تدبرنا الآيات القرآنية وما تضمنتها من مبادئ عظيمة وأحكام دقيقة تعالج قضايا العصر بشكل متوازن وسط عدل، لا ميل فيها نحو اليمين أو اليسار ، وإنما على الصراط المستقيم .
فقد تضمنت آيات الزكاة وضع نظام مؤسسي روعيت فيه كيفية الاستمرار والاستقرار من خلال تحصيص نسبة من أموال الزكاة لمؤسسة الزكاة التي تقوم بالجمع والصرف والتوزيع، فهذا سبق ، بالإضافة إلى جوانب كثيرة من الإعجاز العلمي التفصيلي الذي سنذكره ونبينه في هذا البحث بإذن الله تعالى .
ويتجلى إعجاز الزكاة في أن الله تعالى جعل ما يتحقق به التكافل المالي والاجتماعي ركناً لازماً من أركان الإسلام ، لا يتم إلاّ به، وقارنه بعبادته تعالى ، حيث أينما وجد الأمر بإقامة الصلاة وجد الأمر بالزكاة، كما أن الله تعالى جعلها شرطاً لتحقق الأخوّة الإيمانية فقال تعالى : (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) كما أن أبابكر الصديق رضي الله عنه أعلن الحرب على المانعين من أداء الزكاة، وبذلك تكون دولة الإسلام أول دولة تعلن الحرب وتضحي بفلذات أكبادها في سبيل الفقراء وتحقيق التكافل الاجتماعي.
إن تجليات الإعجاز في الزكاة تظهر في معظم أحكامها، ونحن في هذا البحث نتطرق بإيجاز إلى بعض هذه التجليات، مع التركيز على دورها في تحقيق التنمية الشاملة ، معرجين على التعريف بالإعجاز العلمي ، وتجلياته في الزكاة.
وقد أثبتت الدراسات والبحوث العلمية أن التشريعات الإسلامية هي الحل الحقيقي لعلاج أمراض الأمة ، وأن صيدلية الإسلام لا زالت مليئة بالأدوية الناجعة، والشفاء الشافي ، وما فتئت غضّة طريّة ، وثرّية تظهر عجائبها وأسرارها ومعجزاتها مع مرور الأزمات وتنوع الأماكن حيث نرى فشل معظم النظم – حتى الأكثر حداثة – في علاج مشاكل الفقر والبطالة، وظهور الأزمات الاقتصادية الواحدة تلو الأخرى التي تثبت وجوب عودة الناس إلى دين الفطرة والمنبع الصافي مهما حاولت الشياطين وضع الحواجز والسدود تطبيقاً لوعد الله الحق : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
ومن الجدير بالذكر أن بحث فضيلته يتكون من قسمين : يتضمن القسم الأول منه – بعد التعريف بالمفردات الأساسية لعنوان البحث- وجوه الأعجاز ، والسبق والحِكم العظيمة في الزكاة متضمنة أيضاً جوانب تنموية .أما القسم الثاني ، فسيتضمن منهج الإسلام بإيجاز في علاج الفقر والبطالة ودور الزكاة فيه.