نادى فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث بأهمية الأخذ بالمبادئ والقرارات التي اتفقت عليها المجامع الفقهية في تحديد بداية الشهور القمرية وقال إن من تلك المبادئ أن الكل متفقون على أن الاسلام هو دين العلم ودين الاخذ بالسنن وأن من مقاصد خلق الشمس والقمر معرفة المواقيت والسنين والحساب وأن الرؤية هي الأصل ، وأنه لا عبرة باختلاف المطالع وإن تباعدت الأقاليم ، وأهمية وجود هيئة للحساب الفلكي والمراسم وضرورة وجود تقويم شامل أي تقويم موحد للمسلمين .. جاء ذلك في ندوة أقامها الاتحاد والمجلس بالتعاون مع هيئة الشؤون الدينية بتركيا أقيمت في باريس مؤخرا ضمن سلسلة ندوات وجهود دعوية قام بها د. القره داغي في عدد من الدول الأوربية ليتم توحيد بدء شهر رمضان بها وتخليص الجاليات المسلمة هناك من تعدد بدء الشهر الكريم والأعياد الإسلامية.
تحذير من الفرقة
وقد ألقى فضيلته محاضرة بعنوان تحديد بداية الشهور القمرية ، بدأها ب التحية والدعاء ناقلا تحية سماحة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد ثم استهل حديثه عن القضية المطروحة محذرا من الفرقة بين مسلمي الغرب التي تصل إلى حد أن يكون الصيام ثلاثيا ثلاثة أيام والأعياد أيضا داخل البيت الواحد وداخل المدينة واحدة ورأى أن هذا بالتأكيد يتنافى تماما مع وحدة الأمة ومع الحديث الصحيح الذى صححه الأمام الألباني رحمه الله (صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون) أي أن الجماعة حينما تفطر فيجب على الفرد أن يلتزم فإذا كانت الجماعة المسلمة داخل فرنسا أو ألمانيا أو أي مكان بدأت.
المرجعية في قرار جمعي
هذا وقد تساءل فضيلته عن المرجعية فقال إنها في القرارات المجمعية الفقهية.. وذكر أن هذه المسألة قد نوقشت في قضية أخرى هي الزكاة ، مشيرا إلى أن الزكاة من واجبات الدولة ولكن الدول الإسلامية أو معظمها لا تجمعها، والقضية قضية جماعية وقضية شخصية اعتبارية لهذه الأمة فصدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي والمجامع الفقهية والهيئة العالمية للزكاة بأن الجمعيات الخليجية المعتمدة تحل محل الأمة، فإذا كان الأمر كذلك في قضية جمع الزكاة ، فإننا نرى أي مجمع كبير يمثل أوربا يمكنه أن يقوم بذلك ، فالمراكز الإسلامية لها الحق أيضا في بعض القضايا الخاصة بالقضاء كالنكاح والطلاق وغيرها ، فإذا كان الأمر كذلك فالذي يجمع هذه المراكز هو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث الذى يضم أكثر من أربعين عالما، وثلثا هذا العدد من داخل اوربا حتى يكونوا على إطلاع وعلم ، نحن نمثل أقلية في الحقيقة ورغم أننا نعيش بفكرنا ومشاعرنا معكم لكننا محسوبون على بلاد الشرق ، فنحن نمثل أقلية بالثلث في هذا المجمع.. فإذا صدر قرار من أربعين عالما يمثلون معظم هذه البلاد ثم بعد ذلك تأكد هذا القرار بقرار حكومي سيادي من رئاسة الشؤون الدينية أصبح القرار واضحا من أنه المرجعية ، حينما يصدر القرار من هذه الجهات يكون قرارا جماعيا، وهذا من حيث التأصيل الشرعى لقضية من المرجعية في إصدار هذه القرارات.
مع المخالفين
هذا وقد أكد فضيلته على سماع حجج الآخرين من المعارضين وأنهم مأجورون على اجتهادهم ولكن بشرط أن يبحثوا معنا، ونحن مأجورن أيضا على اجتهادنا بشرط أن نبحث معهم، ودعوناهم وندعوهم دائما بأن يسمعوا منا ونسمع نحن منهم، وقد أشاد فضيلته بما قاله فضيلة الشيخ كرموز في هذا الشأن حيث قال أمامكم تقويمان تقويم أحادي وتقويم ثنائي ، ونحن في تركيا لدينا هذا التقويم الأحادي منذ ثلاثين سنة، ولكن مستعدون لأى تقويم أنتم تقررونه، وقد صدر قرار من حوالى ثلثي الأعضاء الحاضرين من ستين دولة وحوالى مائة وسبعين عالما وفلكيا قد أقروا بالتقويم الموحد، لذلك لابد أن نتحد على كلمة سواء خاصة في هذه المسألة هذه المسألة ليست قضية فكرية تخص مسألة جزئية ولكنها تخص الأمة الاسلامية بل تخص الإسلام نفسه.
مناقشة
في مناقشته لحجج المعارضين لتوحيد بدء الشهور قال فضيلته: هم يقولون أنتم تطالبون بإجماع الامة للاعتماد على الرؤية، سوف نثبت بالأدلة بأنه لم يكن هناك إجماع من عصر التابعين إلى يومنا هذا على أن الرؤية هي الوسيلة الوحيدة لدخول شهر رمضان أو للخروج من شهر رمضان وللعيد، ثم يقولون أنتم تخالفون السنة النبوية وسوف نثبت بالأدلة القطعية العلمية، ثم بعد ذلك يقولون انكم تخالفون منهج السلف ولماذا لأنكم أنتم تجعلون وسائل العبادات قياسية ومعقولة المعنى بينما وسائل العبادات مثل العبادات تعبدية محضة ونحن نعارضهم في هذه المسألة ونثبت بالأدلة القطعية بأن وسائل العبادات ليست كلها تعبدية مثل فريضة الحج فهي تعبدية مثل الصيام.
وسيلتان
وقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين) قال تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) والشهود غير الرؤية بل أعم من الرؤية أي أن المقصود أن الشهر يدخل وإذا دخل الشهر فقد حضر الإنسان هذا الشهر ، والرسول صلى الله عليه وسلم من باب التيسير ولأننا أمة أمية سهّل لنا بأنه يُكتفى بالرؤيا فقد ذكر وسيلتين ..ثم قالوا أيضا لماذا لا تتبعون مكة المكرمة وأنتم حينما تتركون مكة المكرمة فأنتم تقللون من شأن مكة، ونحن نجيب على هذا أنه إلى يومنا هذا لم تثبت الرؤية من خلال مكة المكرمة ،لأن مكة المكرمة لغويا وشرعيا هي الحرم والحرم بواد أدنى ودائما الرؤية ترى من الطائف أو السيل.. الأمر الآخر مقاصد الشريعة والتي من أهمها توحد المسلمين وتوحيد شعائرهم ومشاعرهم.. وقال فضيلته إن التقويمين كليهما يقومان على الرؤية الحكمية الممكنة من خلال خمس درجات وارتفاع ثمان درجات وبالتالي ليس من قبل بالتقويم الثنائي فعليه أن يقبل بالتقويم الأحادي.. ثم قالوا لا يمكن كما يقولون علماء الفلك أن يكون هذا التقويم إلا إذا اعتمد على الرؤية الحكمية أي ما يمكن ان يرى في المستقبل.