بعض مشاكل التحكيم في البنوك الإسلامية :
تنصُّ معظم عقود البنوك الإسلامية للمرابحات والاستصناع وغيرهما على التحكيم عند التنازع ، وذلك لسهولة إجراءات التحكيم ، ولكن بعض البنوك الإسلامية في بعض الدول بدأت تتراجع عن هذا الشرط ، وتنصّ في عقودها على اللجوء إلى المحاكم بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ونصوص العقد .
1ـ فمثلاً تعتبر الرسوم القضائية في دولة قطر قليلة حيث لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال قطري مهما كانت قيمة العقد ، في حين أن مصاريف التحكيم وأتعاب المحكمين أكثر بهذا بكثير ، بل قد تكون باهضة الثمن إذا كانت قيمة العقد كبيرة ، ولذلك يلجأ إلى القضاء بدل التحكيم .
2ـ ومن جانب آخر فإن قضايا عدم سداد ديون البنوك أو التأخير فيه أصبحت كثيرة ، فبعض البنوك لها أكثر من خمسين قضية فكيف سيكون الوضع لو كانت هذه القضايا محالة على التحكيم.
3ـ ومن جانب آخر فإن اللجوء إلى التحكيم قد يكون المبرر فيه هو سرعة البت في الموضوع وقد وجد أن بعض الدول مثل دولة قطر لا تتأخر فيها القضايا كثيراً ، وأن محاكمها تأخذ بنظر الاعتبار ظروف البنوك الإسلامية التي لا تأخذ فوائد التأخير فتقدمها على القضايا المالية التي تؤخذ على تأخيرها الفوائد الربوية ، ومن هنا فلا تتأخر قضايا البنوك الإسلامية في المحاكم القطرية كثيراً ، ربما يتقارب الزمن المطلوب للبت في القضية في المحاكم من زمن إصدار الحكم من المحكمين .
4ـ وأيضاً فإن هناك مشاكل شكلية تعيق عملية التحكيم مثل وجود سهو في العنوان البريدي لمكان التحكيم أو خطأ فيه ، أو في عناوين الأطراف حيث يجعل ذلك سبباً لعدم انعقاد التحكيم .
5ـ وهناك مشكلة المحكمين أنفسهم حيث أن عدداً ليس بالقليل منهم لا يستوعبون فنيات وشكليات التحكيم ومتطلباته القانونية ، وحينئذٍ يترتب على ذلك بالضرورة بطلان حكم التحكيم وضياع حقوق وأموال ووقت أطراف النـزاع .
6ـ وهناك معضلة أخرى لا تقل عن سابقتها وهي أن أحد أطراف النـزاع قد يعاند في تعيين المحكم وحينئذٍ يتعين على الطرف الآخر ، أو بقية الأطراف اللجوء إلى المحكمة المختصة بنظر النـزاع لتعيين محكم الطرف الممتنع مما يترتب عليه إطالة أمد النـزاع ، وفقدان أهم ميزة للتحكيم .
ومن جانب آخر فإن اختيار المحكم المرجح قد يستغرق وقتاً طويلاً ، ووقتاً أكثر في الاتفاق على بنود وثيقة التحكيم وهكذا نجد أشهر أو سنوات تمر دون إصدار حكم من هيئة التحكيم ، فهناك قضية كان فيها شرط التحكيم ظلت متداولة بالمحاكم لمدة خمس سنوات حتى صدر فيها حكم بتعيين الحكم المرجح.
7ـ وهناك مشكلة أخرى تمس قضية الطعن بالتزوير حيث يوقف عمل هيئة التحكيم حتى تفصل المحاكم المختصة في دعوى التزوير الأصلية المقامة من أحد الأطراف .
ولهذه الأسباب بدأت بعض البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تلجأ إلى المحاكم بدلاً من التحكيم ولا سيما في البلاد التي لا تـزال إجراءات القضاء غير معقدة .
بعض التحسينات في العقود لعلاج بعض هذه المشاكل مع مثال :
ونظراً للمشاكل السابقة فقد حاولت مع محامي البنك أن تتجاوز بعضها من خلال ذكر التفصيلات الكافية في البند الخاص بالتحكيم ، ومن خلال أن يكون اختيار محكم يتم ترشيحه من قبل هيئة الرقابة الشرعية ، ومحكم يتم ترشيحه من قبل غرفة تجارة وصناعة قطر ، ومحكم يتم ترشيحه من قبل المحكمين الأوليين .
وبهذا الشرط اختصرنا الزمن ، وتجاوزنا معاندة أحد أطراف النـزاع ، أو مماطلته في الاختيار . كما أننا أدخلنا التفصيلات القانونية الكافية في نفس البند الخاص بالتحكيم حتى لا يتجاوزها المحكمون ، ولأهمية ذلك أذكر البند الخاص بقضية كنتُ أحد أعضاء هيئة التحكيم فيها وهو :
البند الثامن : (( أي خلاف أو نـزاع ينشأ بين طرفي / أطراف هذا العقد خاص بتفسير أو تنفيذ أي بند من بنوده يعرض على هيئة تحكيم ثلاثية يتم اختيارها كالتالي :
1 ـ محكم يتم ترشيحه من قبل هيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول .
2 ـ محكم يتم ترشيحه من قبل غرفة تجارة وصناعة قطر .
3 ـ محكم مرجح يتم ترشيحه من قبل المحكمين الأوليين ، فإذا لم يتفقا على ذلك تفوض هيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول في ترشيحه .
وتبدأ إجراءات التحكيم بموجب كتاب مسجل يرسل من طالب التحكيم للطرف الثاني للنـزاع يعلنه بموجبه بأسباب النـزاع والطلبات المراد الحكم بها ورغبته في إحالة الموضوع للتحكيم وذلك في خلال أسبوعين من تاريخ إرسال الكتاب المسجل ، فإذا انقضت تلك المدة دون أن يتسلم طالب التحكيم ردّ من الطرف الثاني للنـزاع أو دون أن يتم الاتفاق بين طرفي النـزاع على إحالته للتحكيم ، فإنه يحق لطالب التحكيم السير فوراً في إجراءات التحكيم وذلك بإرسال كتابين مسجلين الأول لهيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول ، والثاني لغرفة تجارة وصناعة قطر ( ونسخة منهما للطرف الثاني للنـزاع ) وذلك على العنوان التالي : ص .ب : 644 الدوحة ـ قطر لهيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول ، ص.ب : 402 لغرفة تجارة وصناعة قطر ، يعلنهما بموجبهما بنشوء نزاع بينه وبين أحد / باقي أطراف هذا العقد ( مع ذكر ملخص النـزاع والطلبات المراد الحكم بها ) وعدم توصلهما إلى اتفاق بشأنه ، وطالباً ترشيح محكم من كل منهما لنظر ذلك النـزاع ، وبمجرد ورود اسمي العضوين المرشحين ، يجب على الطرف طالب التحكيم إرسال كتاب مسجل إلى الطرف الثاني للنـزاع يعلنه فيه بضرورة تواجده بمقر الطرف الأول وفي مواعيد عمله الرسمية ( من الساعة السابعة والنصف وحتى الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً ) للتوقيع على وثيقة التحكيم ، مع إحضاره باسمي المحكمين اللذين تم ترشيحهما من قبل هيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول وغرفة تجارة وصناعة قطر ، وذلك في خلال عشرة أيام من تأريخ إرسال الكتاب المسجل .
إذا تواجد الطرف الثاني للنـزاع بمقر الطرف الأول خلال المهلة المحددة ، يتم التوقيع على وثيقة التحكيم والتي يجب فيها تسمية المحكم المرجح مع تحديد أول جلسة لنظر النـزاع وآخر ميعاد لتقديم المستندات ومذكرات الدفاع ، فإذا تخلف الطرف الثاني للنـزاع عن الحضور فإنه يتم إبلاغه بواسطة هيئة التحكيم بموجب كتاب مسجل بميعاد أو جلسة أسبوعين فإذا لم يحضر ـ رغماً عن ذلك ـ تؤجل الجلسة الأولى إلى جلسة أخرى تعقد في خلال مدة أقصاها أسبوعين يعلن بها الخصم الغائب ، فإذا لم يحضر الأخير الجلسة المؤجلة أو لم يودع مستنداته أو مذكرة بدفاعه ، ينظر النـزاع في غيبته ويصدر الحكم بناء على المستندات المقدمة في النـزاع وفي نطاق ما ورد بوثيقة التحكيم ، ويسري نفس الحكم في حالة حضور الطرف الثاني للنـزاع لإحدى جلسات التحكيم وغيابه عن باقي الجلسات حتى ولو لم يودع مستنداته أو مذكرة بدفاعه .
في حالة استقالة أي محكم ( بما في ذلك رئيس الهيئة ) أو وفاته ( لا قدر الله ذلك ) أو امتناعه أو عجزه عن العمل أو اعتزاله أو عزل منه أو قام مانع من مباشرته له يعين محكم بدله بنفس الطريقة التي عين بها المحكم الأصلي ، ويكون للخلف جميع سلطات المحكم الأصلي ويقوم بجميع واجباته .
ويتم الفصل في النـزاع على أساس ما ورد ببنود هذا العقد في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ونصوص القوانين القطرية والأعراف والقواعد الخاصة والعامة التي لا تـتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية .
وتحدد الهيئة الإجراءات الخاصة بها مستهدية في هذا العقد بإجراءات التحكيم الوارد في قانون المرافعات القطري رقم (13) لسنة 1990 ( المواد من190حتى210 ).
ويكون لهيئة التحكيم الحق في الفصل في جميع طلبات طرفي النـزاع المرتبطة بالنـزاع الأصلي ، وفي جميع المسائل الأولية التي يتوقف عليها الفصل في النـزاع الأصلي بما في ذلك الفصل في جميع المسائل المتعلقة باختصاصها عدا المسائل التي تخرج أصلاً عن ولايتها ، وعلى سبيل المثال يكون لهيئة التحكيم من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد طرفي النـزاع اتخاذ ما يلي من إجراءات الإثبات: ندب الخبراء ، سماع الشهود ، توجيه اليمين المتممه ، توجيه اليمين الحاسمة .
ويجب أن يصدر حكم هيئة التحكيم في خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تأريخ توقيع المحكمين على وثيقة التحكيم ، مالم يرتض طرفي النـزاع كتابة بامتداده . ويكون حكم هيئة التحكيم سواء صدر بالإجماع أم بالأغلبية باتاً ونهائياً وغير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن .
إذا ثارت أي منازعة بين طرفي النـزاع بشأن تفسير حكم هيئة التحكيم فإنه لا يجوز لأيهما أن يطلب كتابة من هيئة التحكيم في خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوماً من تأريخ صدور الحكم ، إصدار تفسير له ، وعلى الهيئة إصدار التفسير المطلوب في غضون خمسة عشر يوماً من تأريخ تسلمها لطلب التفسير ، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذي يفسره ويسري عليه ما يسري على الحكم الأصلي من كونه باتاً ونهائياً ، ولا يترتب علة تقديم طلب التفسير وقف تنفيذ الحكم الأصلي .
هذا ويلتزم من يحكم ضده من طرفي النـزاع بجميع مصروفات التحكيم وأتعاب المحكمين أو بنسبة ما يحكم به عليه ، وعلى أن تسدد أتعاب المحكمين مقدماً وبالتساوي بين طرفي النـزاع عند التوقيع على وثيقة التحكيم ، أو تسدد كاملة من طالب التحكيم في حالة غياب الطرف الثاني للنـزاع ))