ملخص خطبة الجمعة 24 سبتمبر 2010 لفضيلة الشيخ علي محي الدين القره داغي بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب
أيها الاخوة المؤمنون، إن كل امة تريد أن تكون معتزة بتاريخها، ولها أصولها وجذورها، فما عليها الا أن تفتخر برجالاتها وتاريخها وتراثها وانجازاتها على مر العصور سواء كانت هذه الانجازات للأمة نفسها أو للانسانية جمعاء.
ومن هذا أيها الاخوة، نجد أمتنا الاسلامية، وبالرغم من مكانة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومكانته عن الله سبحانه وتعالى، فإنه لم يربطها به صلى الله عليه وسلم وإنما أرد أن يربطها بتاريخها الطويل وبرجالها الصالحين من الذين ذكرهم سبحانه بدءا من سيدنا آدم ويمر عبر الأنبياء والصالحين والشهداء والصديقين. ولذلك عندما أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نطلب الهداية للصراط المستقيم فقد عرفها بأنها ” صراط الذين أنعمت عليهم ” وذلك في سورة الفاتحة التي نقرءها يوميا في صلواتنا الخمس<< اهدنا الصراط المستقيم>> ولم يُعرّف الله الصراط المستقيم بأنه الاسلام مثلا أو الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها وإنما عرفه بقوله << صراط الذين أنعمت عليهم >> أي عرّف الصراط بهؤلاء الذين أنعم الله عليهم والذي بينهم في آية << أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا>> فأنت في صلاتك، أيها المؤمن، وأنت تردد في سورة الفاتحة<< اهدنا الصراط المستقيم>> أي صراط هؤلاء الأنبياء المرسلين وهؤلاء الصديقين المصدقين وهؤلاء الشهداء المضحين وغيرهم من الصالحين، هذا هو إذا شعار الانسان المؤمن هو الدعاء للاقتداء والاهتداء بهؤلاء الذين هدو البشرية وضحوا في سبيل نشر كلمة التوحيد والتمكين لدين الله.
ومن هنا أيها الاخوة الكرام لقد شهد الله سبحانه وتعالى لهذه الامة، التي هي امتداد لهؤلاء الصالحين، بأنها امة صالحة << كنتم خير أمة اخرجت للناس>> وهذه الافضلية والخيرية ليس لها علاقة لا بالجنس ولا بالعرق ولا المكان و بأي شيئ اذا << تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله>> كما شهد الله سبحانه وتعالى لرسول هذه الأمة بأنه رحمة للعالمين بأنه خير للبشرية جمعاء وأن الله قد آتاه ما لم يؤت أحدا حتى من الأنبياء فقد اعطاه الله الشفاعة العظمى.
وبهذا أيها الاخوة الأحبة فإنه قد اجمع العلماء على أن خيرية هذه الأمة وأفضليتها هي كذلك تعبر عن أفضلية وخيرية رسولها ومعلمها، فهل يعقل ان لا ينسب نجابة التلاميذ ونبوغهم الى معلمهم، كما انه كذلك ينسب الفشل وانعدام الفهم للتلاميذ الى المعلم كذلك، ولذلك أن الذين يصورون أن الامة قد ارتدت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم أغلب صحابته ولم يسلم الا القليل وأن أغلبهم قد خانوا الرسول صلى الله عليه وسلم في عدم الامتثال “للوصية”، وهذا ان دل على شيئ، حسب ما يذهب إليه هؤلاء، أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فشل في تربية هذا الجيل الأول الذي هو الأفضل الأجيال في هذه الأمة.
إن هذا لا يتفق مع العقل ولا مع الشرع، إن هذه الامة في مجموعها كانت ولا زالت خير أمة أخرجت للناس، ولأن الله سبحانه وتعالى شهد لهم بأنه رضي عنهم << رضي الله عنهم ورضو عنه>> فمن شدة حبه لهم سبحانه، هذا الجيل الاول الذي نصر نبيه وحمل الرسالة، بأنه راض عنهم وكذلك هم راضون عن الله سبحانه فكيف تكون هذه الشهادة الربانية المخلدة في القرآن الكريم ويكونوا في نفس الوقت قد خانو وارتدوا وفعلوا ما فعلوا.
كما وصل الامر ايها الاخوة الاحبة الى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم واللاتي عشن معه واللاتي كانت أفضلهن السيدة خديجة ثم بعدها مباشرة السيدة عائشة رضي الله عنهما، فعائشة التي مات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في حجرها وفي حجرتها، بعد أن استأذن زوجاته في أن يقيم عندها طيلة مرضه الى أن التحق بالرفيق الاعلى.
فإذا كانت هذه المرأة الطاهرة أم المؤمنين، كما وصفها أحد السفهاء الذي لا دين له ولا عقل، بأنها فسقة وفاجرة وهي التي قتلت الرسول صلى الله عليه وسلم، فأين كان الوحي الذي كشف للرسول المنافقين جميعهم، فكيف لا يكشف له من كان يخونه في بيته، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون الا كذبا والله
بل على العكس من ذلك تماما فقد برأها الله سبحانه وتعالى من حادثة الافك بالوحي قرآنا يتلى الى يوم الدين، وكما قالت السيدة عائشة نفسها عند هذه الحادثة، قالت: كنت واثقة أن الله لن يتركني فيما أنا فيه ولكني كنت أتوقع أن يوحي الله لرسوله رؤيا في منامه فيبرئني الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أن ينزل في تبرءتى قرآنا فهذا لم أكن أتوقعه <<إن الذين جاؤو بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم >> وهذه الخيرية في كشف الحقيقة وكشف المنافقين الذي كانوا وراء هذه الفتنة وهذا الافك المبين. كما أن هذه الخيرية تتمثل في بقاء هذا القرآن يتلى على مر الزمن خالدا ليرد على هؤلاء السفهاء الذين مازالو يرددون ما كان يردده هؤلاء المنافقين من قبل. وهذا والله اعجاز قرآني فقد علم الله أنه سيكون في هذه الأمة وفي غيرها من يبغض عائشة ويبغض نبيه من خلالها فأراد أن تبقى هذه الأيات تتلى الى يوم القيامة لتسفه هؤلاء السفهاء المنافقين الكذابين الأفاكين الى يوم الدين.
كما جاء في سورة الاحزاب قوله تعالى مبينا مكانة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم << يا أيها النبي قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة وزينتها فعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما>> وقال كذلك<< يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن>> فقد طلبن من الرسول صلى الله عليه وسلم التوسع في الرزق، فقد كان الرسول وعلى امتداد 3 أشهر لا يوجد في بيته الا الماء والتمر، فجاءت هذه الآيات لتخيرهن بين أمرين السعة في الدنيا والطلاق من الرسول الكريم أو النعيم المقيم في الجنة، وكان أول من استشار من زوجاته صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة قائلا اسئلي أباك وأمك في هذا الأمر، فقالت رضي الله عنها أفيك أسال يارسول الله، فاختارت واخترن كلهم الله والدار الآخرة رضي الله عنهن أجمعين ولذلك كتب الله فيهن في الآية الثانية بأنهم لسن كأحد من النساء.
إن الذي روج له بعض السفهاء حول هذه الام الطاهرة، أحب زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الآونة الأخيرة ما هو إلا مؤامرة خطيرة تريد أن تفجر هذه الأمة من الداخل، فبعد أن فشلت مؤامراتهم في النيل من نبيه صلى الله عليه وسلم من الخارج، وكانت نتائجها عكسية، بأن ازداد دخول غير المسلمين في الاسلام واكتشفوا حقيقة هذا النبي ولهذا الدين العظيم، فتوجهوا الى طعن هذه الأمة من داخلها من بعض من يدعون الانتساب اليها لتنشغل في متاهات الفتنة الطائفية، لا سامح الله، إن الذين يروجون لهذه السفاهات انما هم قد خانوا الله ورسوله وهم يسيرون في مخطط خطير تحيكه دوائر مشبوهة لبث الفتنة بين صفوف هذه الأمة الممتحنة ونسأل الله سبحانه أن يحفظ هذه الأمة من هؤلاء السفهاء من الداخل والخارج.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ونصلى ونسلم على المبعوث رحمة الى العالمين
أيها الاخوة، إذا نظرنا الى الأمم الأخرى كيف يصنعون من القراصنة والقتلة أبطالا كما هو الحال في بعض الامم، وصنعوا لهم التماثيل لأنه قد قدّم، وبالرغم من قرصنته ونهبه، بعض الاعمال الجليلة لأمته، والبعض منهم نقرأه نحن في بعض مدارسنا في بعض القصص كأبطال وفاتحين كبار ساهمو في تقدم العالم، ونحن أمة الاسلام يأتي بعض السفهاء المحسوبون علينا ويفعلون هكذا بأبطالنا، هذا ملعون وهذا فاسق وهذا كذا وهذا كذا فإذا قلنا هكذا في هذا الرعيل الأول الذي رضي الله عنهم وأنه هو سبحانه يحب أن يرضى هؤلاء وشهد لهم بالخيرية << لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة >> ولذلك ان الله سبحانه وتعالى نفى صفة الايمان عن الذين اتهموا السيدة عائشة بنص القرآن بقوله في آخر آيات الافك << إن كنتم مؤمنين>>