جعل الله سبحانه وتعالى لحمايةهذه الأمة من الانصهار والذوبان، مجموعة من الوسائل الاساسية، فمن هذه الوسائل ما أمر الله سبحانه وتعالى به الحكام والأمراء والمسئولين من أي يقوموا من خلال سلطتهم وقوتهم بحماية الدين وحماية المسلمين ووحماية الدين والدنيا، أو كما يسميه علماؤنا بسياسة الدين وسياسة الدنيا واقامة الدين، واذا ام يقم هؤلاء بهذا الواجب فإن الله سبحانه وتعالى جعل وسيلة أخرى أهم من ذلك بكثير وهي مسؤولية الأمة الاسلامة جميعا فردا وجماعة وقبيلة واسرة وقوما وعشيرة ومن كل الجوانب، هذه المسؤولية المشتركة، تكمن في حماية هذه الامة للحفاظ على مبادئها وثوابتها ولمنع المنكر والظلم والعدوان والاثم عن الفرد والجماعة.
ملخص من خطبة الشيخ في مسجد عائشة رضي الله عنها في الدوحة بتاريخ 20/5/2011
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الاخوة الكرام
جعل الله سبحانه وتعالى لحمايةهذه الأمة من الانصهار والذوبان، مجموعة من الوسائل الاساسية، فمن هذه الوسائل ما أمر الله سبحانه وتعالى به الحكام والأمراء والمسئولين من أي يقوموا من خلال سلطتهم وقوتهم بحماية الدين وحماية المسلمين ووحماية الدين والدنيا، أو كما يسميه علماؤنا بسياسة الدين وسياسة الدنيا واقامة الدين، واذا ام يقم هؤلاء بهذا الواجب فإن الله سبحانه وتعالى جعل وسيلة أخرى أهم من ذلك بكثير وهي مسؤولية الأمة الاسلامة جميعا فردا وجماعة وقبيلة واسرة وقوما وعشيرة ومن كل الجوانب، هذه المسؤولية المشتركة، تكمن في حماية هذه الامة للحفاظ على مبادئها وثوابتها ولمنع المنكر والظلم والعدوان والاثم عن الفرد والجماعة.
وهذه يسميه الاسلام بالأمر بالمعروف والتهي عن المنكر وبالنصيحة وووسائل التغيير المتاحة لكل فرد من أفراد هذه الأمة
ومن هنا الأيتها الاخوة الأحبة نرى القرا ن الكريم، وكذلك السنة النبوية المشرفة، نجد فيهما العشرات بل المئات من الآيات الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة التي تركز على هذا الجانب، وتجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تربية أساسية، يجب أن تغرس داخل نفوس الجميع، صغارا وكبارا، بحيث يتغذى الطفل على هذا المنهج، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، لأنه ليس هناك كبير لا يُنصح، ولا صغير لا يَنصح، فالنصيحة من الصغير للكبير، ومن الكبير للصغير، ومن الضعيف للقوي، ومن القوي للضعيف، بهذا التماسك تكون هناك حماية داخلية حماية ذاتية لهذة الأمة، من أن تصل الى مستوى الهبوط في القيم والاخلاق والعقيدة والسلوكياتز
ومن هنا أيتها الاخوة الأحبة، جعلت الايات القرانية الكريمة هذه الوظيفة أو هذه الرسالة ، رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جزءا من الايمان، ومتمما له، وأن الانسان لا يمكن ان ينجو من خسران الدنيا، وخسران الاخرة، الا اذا كان يقوم بهذا الواجب بسم الله الرحمن الرحيم ” والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )، كل انسان في خسارة كبيرة جدا، وعبرالقرآن الكريم في هذه السورة العظيمة التي يقول فيها الامام الشافعي رضي الله عنه “لو لم يُنزل الله سبحانه وتعالى سورة غير هذه السورة لكفت الأمة ” فيقولها القران الكريم بهذه الاسلوب “ان الانسان لفي خسر” كلمة “في” للظرفية أي ان الخسارة تحيط بالانسان، كأنها ظرف وآنية تحيط بالانسان، كالماء في الاناء، والاناء محيط به، وهكذا هذا الانسان، وضع في خسارة محيطة به، ولا ينجو من هذه الدائرة الخطيرة، من اليمين وعن الشمال، ومن كل الجوانب، الا من خلال وسيلة واحدة وهي الايمان بالله سبحانه وتعالى والعمل الصالح والتواصي بالحق. وكلمة التواصي أيتها الاخوة الاحبة كلمة كما يقول علماء اللغة، المشاركة المتساوية، فلدينا في علم الصرف نوعان من صيغ المشاركة والتي تدل على المشاركة بين الشخصين، أحداهما: تكون الفاعل أقوى من غيره، وهي صيغة باب فاعل، ضارب، اما الثانية فهي من باب التفاعل مثل التواصي، التراضي، التشاور، هذه الصيغة الأخيرة تدل على المساواة الكاملة بين جميع المشاركين، فهذه الاية اذاً تدل على أن هذه التوصية بالحق، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يختلف فيه شخص عن آخر، فالكل مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى، وكل واحد لابد ان يوصي الآخر، والآخر يوصيه، فالعالِم ينصح العامة، والعامي كذلك ينصح العالِم، والحاكم ينصح المحكومين، والمحكومين كذلك ينصحون الحاكم، وبذالك يكون عملية التواصي، وعملية النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عملية ذاتية فععالة مؤثرة، لا يغفل عنها أحد ولا يمكن أن يكون هناك أحد بمنأى عن هذه المسؤوليةأ فالمسؤولية اذاً للجميع، ومن هنا فكأن الذنوب والعصيان والظلم والطغيان بمثابة النار، فحينما يظهر هذا الإثم أو هذه العصيان او هذا الظلم، فكأنه ظهرت شرارة فيجب على الجميع ان يسرعوا لاطفاء هذه الشرارة، لأنه اذا لم نقم بهذا الواجب، ومعظم النار من صغر الشرر، فتأتي هذه الشرارة، فتحدث فتنة كبرى، وتحدث حريقا هائلا، لا ينجو مه الكثير، وهكذا الذنوب والعصيان يجب عل كل الا يترك ذلك لا من الكبير ولا من الصغير ولا داخل الأسرة ولا خارجها فهذا هو الواجب وهذا هو الديدن الذي يجب عليه ان يكون المسلم والا لو أهمل ذلك لعم الفساد، ولعمت الشرارة وأحدث حريقا هائلا، وهكذا تاريخنا، حينما كان الناس في عصر الخلافة الراشدة وما بعدها يقومون بواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وواجب التواصي بالحق وواجب النصيحة التي هي الدين والتي جعلها الله سبحانه وتعالى وجعلها رسوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة، “وقال الدين النصيحة، قلنا لمن قال لله ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم” فاذا وجد خلل في هذا التواصي أو في هذه النصيحة، فيعم العذاب، كما ورد ذلك في حديث ثابت يرويه الامام داود والترمذي بسندهما عن ابن مسعود رضي الله عنه تعالى عنه حيث قال ” قال رسول اله صلى الله عليه وسلم حينما كان في بني اسرائيل ياتي الرجل
وهذا ما اشار اليه القران في اية اخرى “كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ” فأول ما يظهر نقاط في القلب، ثم تزداد هذه النقاط بكثرة الذنوب، ثم يسود القلب، وحينئذ يصبح قلبا متحجرا لا يلين ولا يتعذ بالله سبحانه وتعالى، ويصبح المجتمع فاسدا، ومن ثم يهلكون، لان الهلاك لا يدرأ بالصلاح، وانما يدرأ بالاصلاح، فلم يصلحوا، وحينئذ عمهم الله سبحانه وتعالى العذاب ومن ثم قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم ” لُعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود …..
حينما وصل الامر أن بعضهم لم يمنع الأخر، حينئذ لعنهم الله سبحانه وتعالى، ولم يكتفي الله سبحانه وتعالى بهذه اللعنة الأخروية، انما كذلك سخر عليهم من يسومهم سوء العذاب من الامم، سواء كانوا من الرومان أو من الكلدانيين أو بختنصر اومن غير ذلك، عذبهم الله بذلك عذابا شديدا حتى يعودوا الى الله
فوسائل حماية الامة عند الله سبحانه وتعالى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فاذا لم يقم به الامة فحينئذ يكون العذاب والهلاك والدمار
ولذلك يقول ابن مسعود حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الاية كان متكأ فقام فقال “كلا لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا او يوشك الله سبحانه وتعالى أن يعومكم بعذاب ” وفي رواية ” أن يضرب الله قلوب بعضكم ببعض”
فمن هنا أيها الأخوة الكرام، الوقوف أمام الظلمة واجب بكل الوسائل، ولا يجوز الخوف، والذي لا يجوز حينما يكون الانسان يدافع لنفسه ولأمواله ولحقه الخاص اما لحق الأمة وحق الله سبحانه وتعالى، فيجب أن تكون هذه الوسيلة التي تحمي الأمة والا يوشك الله سبحانه وتعالى أن يعذبنا فكأنما الرسول صلى الله عليه وسلم يقول، ان هذه اللعنة، وان هذا الهلاك، وان هذه التدمير، ليس خاصا ببني اسرائيل، وانما ايضا لكم ايها المسلمون اذا لم تنفذوا أمر الله، ولم تقوموا بواجب النصيحة للكبير والصغير، للحاكم والمحكوم، فيكون مصيركم، لا سمح الله، مصير هؤلاء،
وهذا ما حدث لأمتنا، كانت هذه الأمة عظيمة، وكم كانت صاحب حضارة، وكم كانت لها قوة، وتستيجب لأمرأة واحدة في المعمورية وتقول “وا معتصماه” فتجهز لها الجيش، وينقذها، ويحرر البلد تماما، لأمرأة واحدة. أما اليوم فكم من نساء، وكم من اطفال، وكم من المعذبين تصرخ وكم وكم .. ولكن عمنا الله سبحانه وتعالى بهذا العذاب الذي نحن نشاهده أكثر من مئة سنة، عذاب الفرقة، عذاب الذل التمزق والفقر والفسق والفجور والقلق والاضطراب، كل ذلك موجود لأن هذه الأمة لابد أن تؤدب بأدب الله سبحانه وتعالى اذا لمت قم بالواجب حتى تعود الى رشدها وطريقها الصحيح، وهي طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والأمة شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بالسفينة التي لاتترك للعبث بها فالحرية عندما تتعارض مع حرية الآخرين تقف الحرية عند ذلك, هؤلاء ممكن داخل انفسهم أن يفعلوا ما يفعلون ولكن لا يجوز لهم أن يجهروا بالذنوب أو يرتكبوا الظلم بحق الأخرين، فاذا لم نقم فيكون مثلنا كمثل أهل السفينة، فالسفينة سفينة الامة، وسفينة الدولة واحدة، وسفينة المدينة واحد،ة وسفينة الاسرة، وسفينة الشعب كذلك واحدة، يجب علينا جميعا أن نحافظ عليها وأن نكون كما أراده الله سبحانه وتعالى لنا أن نكون ” تأمرون بالمعرون وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”
الخطبة الثانية
اذا نظرنا الى هذه الآيات، التي تلون بعضها، والى الاحاديث الكثيرة التي ذكرنا جزءا بسيطا منها، لدل ذلك على أهمية هذه الحماية الذاتية التي يجب أن تبقى قوية داخل الامة، وأن نربي أولادنا عليها كما فعل لقمان ” يا بني اقم الصلام وأمر بالمعروف وانهى عن المنكر واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الأمور . وقضية الصبر تأني دائما بعد الامر بالعروف والنهي عن المنكر، لأن من يأمر وينهي يناله بالتأكيد كثير من الأذى والتعذيب والكلام، ولكن لا بد من الصبر لأن هذه فريضة على كل انسان وهي طريقة النجاة وطريقة الفلاح وطريقة النصر الحقيقي لكل انسان فهنا وحتى في صورة العصر ذكر التوصية بالصبر على كل شئ في سبيل تنفيذ أمر الله سبحانه وتعالى
فأمتنا اذا كانت اليوم تقوم بهذه المظاهرات والثورات الشعبية فهي جزء من الصحوة الطيبة وتقوم بجزء من واجبها التي فرضها الله سبحانه وتعالى عليها، فردا وجماعة وامة، ان تقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “من رأى منكم منكرا فليغيره بيدية ومن لم يستطيع فبلسانه ومن لم يستطيع فبقلبه وذلك أضعف الايمان” فهذه الثورات الشعبية كلها تدخل ضمن هذا الاطار الايجابي الواجبي، وهي صحوة طيبة مباركة نتفائل منها الخير الكثير، حينما تستطيع الامة أن تقول للظالم يا ظالم.
كنا في السابق وحتى العلماء ووعظنا مشغولة بعامة الناس وكان هؤلاء الكبار والمسئولون متروكين، فهذا تقص، وخلل، فيجب ان ينال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة، ان نفعت، ان تصل للجميع واذا لم ينفع فلا بد من ثورة شعبية ولا فكيف تغير، فهؤلاء لا يتغيرون الا اذا غيروا والامة اذا كانت قوية فلا يحتاج الى تدخلات خارجية، فكانت على الامة ان تقوم بواجبها فكم يألمني ان الأمة الاسلامية من محيطها الى محيطها لا يتحدث عن ترحيل القذافي ولا الظلم الذي يحدث في سوريا ولا الانتهاكات التي تصل الى حد مجرم الحرب، وكذلك في اليمن، ساكتون الا دولة أو دولتين مثل قطر وتوركيا، الامة الاسلامية لها أكثر من 67 دولة ساكتون عن الظلم، بل لا يريدون ذلك، خوفا من ان تصلهم الشرارة، فهل هذا جائز؟ اخواننا يقتلون ويعذبون وهم ساكتون باسم السيادة ! اي سيادة! وهذا الحدود اساسا كلها من صنع اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، فهل يجوز انتهاك وقتل الانسان بالعشرات والمئات والالاف ومنعهم من الكهرباء والماء بحجة السيادة ! اي سيادة! بل هذا ذل، وهل هؤلاء يفعلون لله؟ وماذا فعلوا للأمة؟ هل حرروا اراضينا؟ بل سقطت القد س الشريف والضفة وغزة والجولان كلها في ظل هؤلاء المستبدين الذين رفعوا شعار “لا صوت يعلو على صوت المعركة ” وهم أذلوا الشعوب والبلاد في سبيل فلسطين وفعوا بفلسطين ما فعلوا.
هولاء سيحاسبون امام الله حسابا شديدا الساكت عن الحق شيطان أخرس هؤلاء يشاركون في الجريمة ولا سيما هم قادرون ولا سيما الدول العربية الكبرى والدول الاسلامية الكبرى والكل ساكت، والعالم ساكت على ما يحدث في سوريا وليبيا واليمن وهذا لا يجوز ولكن الحمد لله خاب هؤلاء الحكام وقام الشعب وقام العلماء وقام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بفضل الله.