وهناك أنواع  تنبثق عن الأسهم باعتبارات متعددة:

أ ـ أنواع الأسهم من حيث إرجاع قيمتها : تنقسم بهذا الاعتبار إلى نوعين [1]:

  1. أسهم رأس المال : وهي التي تبقى قيمتها إلى حين التصفية النهائية ، فهذه الأسهم حكمها من حيث المبدأ الجواز مع ملاحظة ما ذكرناه ، وما سنذكره من حكم كل نوع ، وهي الأصل والقاعدة في الشركات .

  2. أسهم تمتع : وهي الأسهم التي ترد قيمتها تدريجياً ، أو مرة واحدة قبل انقضاء الشركة ، او بعبارة الاقتصاديين : تستهلك قيمتها في حياة الشركة دون انتظار لانتهاء أجلها وتصفية موجوداتها ، ويعتبر استهلاك السهم عملية استثنائية .

 وهذا النوع في الغالب يكون في الشركات التي تكون محددة بفترة زمنية ثم تفنى أصولها كشركات السفن ، أو التي لا يتوقع أن تبقى عند انقضائها أصول توزع على المساهمين ، مثل شركات الامتياز للبترول أو المعادن التي يعطى لها حق الامتياز لفترة محددة ، والتزمت بأيلولة ما تملك إلى الحكومة ـ مثلاً ـ ، وحينئذٍ تعمل على تعويض المساهمين بإعادة القيمة الاسمية إليهم قبل انقضاء الشركة إضافة إلى الأرباح إن وجدت .

 وهذه الأسهم لا تسمح بإنشائها كثير من القوانين الوضعية إلاّ إذا كان غرض الشركة يتعلق باستغلال موارد الثروة الطبيعية أو مرفق عام ممنوح لمدة محددة ، أو كانت أصولها مما يستهلك بالاستعمال ، أو يزول بعد مدة معينة وهذا النوع لصاحبه حق التصويت في الجمعية العمومية ، والحصول على نصيب من الأرباح ، بل وموجودات الشركة إن بقيت .

 وقد اختلف القانونيون في تكييف هذا الاستهلاك ، فبعضهم يرى أن عبارة عن توزيع الأرباح ، وبعضهم يقول : إنه رد لرأس المال الذي قدمه المساهمون ، وثالث يقول : إنه يعتبر “وفاء معجلاً” لنصيب المساهم في رأس مال الشركة إلى غير ذلك مما لا يسع المجال لطرح أدلة كل فريق ومناقشته .

 وهناك تفاصيل كثيرة لأسهم التمتع في قوانين الشركات ، لذلك لا نخوض فيها ، وإنما نبين الصور الشرعية ـ حسب نظرنا ـ لأسهم التمتع على ضوء التفصيل الآتي وهو :

1 ـ إن أسهم الشركة إذا جعل كلها على هذا الشكل (أي ما يسمى بأسهم التمتع) ونص النظام الأساسي لها على هذا التفصيل ، ثم مع انقضاء كل سنة يوزع ما حصلته الشركة من النقود على جميع المساهمين بالتساوي حسب الحصص ، فهذا جائز لا غبار عليه ، وأن ذلك يكيف شرعاً على أن ما يعطى يمثل جزءاً من الأصول والأرباح ، أو بعبارة أخرى : إن ذلك كان بمثابة تصفية جزئية مستمرة في كل سنة إلى أن تنتهي ، وتنتهي معها موجودات الشركة .

 لكنه إذا بقي من أصول الشركة شيء يوزع على هؤلاء المساهمين حسب حصصهم ، إن كان نظامها ينص على ذلك ، كما في شركات السفن ونحوها مما يبلى ، أو تفنى ، وأما إن كانت الشركة شركة امتياز يعود ملكية ما يتبقى من المكائن للحكومة التي منحتها الامتياز فلا مانع منها أيضاً ما دام الشركاء قد أخذوا حقوقهم ، ووافقوا في النظام الأساسي على إعطاء ما تبقى للحكومة بناء على أن ذلك كان وعداً بالتنازل ثم تحقق التنازل الفعلي في الأخير ، أو من باب الهبة للدولة .

 والخلاصة ان المساواة بين حقوق جميع المساهمين مطلوبة لا يجوز لصاحب حق أن يأخذ أكثر من الآخر ، وأن الفقه الإسلامي لا ينظر إلى الأسماء فقط ، وإنما إلى المسمى والمقصد أيضاً ، ولذلك يعتبر ما سبق جائزاً شرعاً ، سواء أكان سمي بأسهم التمتع أم لا.

2 ـ أما إذا كانت أسهم الشركة نوعين : أسهماً عادية ، ويبقى أصحابها ملتزمين بالتزامات الشركة ، وأسهم تمتع يستهلكها أصحابها ، ويتخلصون من خسارتها ، فهذا لا يجوز ، لأنه مخالف لمقتضى عقد الشركة من المساواة بين الجميع ، واحتمال المخاطر للجميع ، فلا يجوز أن ينجو مساهمون من تحمل الخسارة حين يأخذون قيمة أسهمهم ، ويتحمل الباقون الخسارة كلها ، فهذا ظلم وإجحاف وضرر لا يجوز شرعاً .

 ويمكن أن يعوض عن هذه الفكرة بالمضاربة ، وصكوك المضاربة لأجل محدد ، أو أن تنشئ الشركة فرعاً خاصاً لهذا النوع من الشركات تكون جميع أسهمها أسهم تمتع .

 

ب ـ أنواع الأسهم من حيث المنح وعدمه : تقسم إلى قسمين [2]:

  1. أسهم يدفع صاحبها قيمتها .

  2. وأسهم منح : وهي الأسهم التي تمنحها الشركة للمساهمين مجاناً في حالة زيادة رأس مال الشركة على شكل ترحيل جزء من الأرباح المحتجزة ، او الاحتياطي إلى رأس المال الأصلي ، ويتم توزيعها حسب قدر الأسهم .

 وهذا لا غبار عليه شرعاً ما دام المنح يتم بالتساوي حسب الأسهم ، لأن ذلك مال المساهمين ، فلهم الحق في الحصول عليه بأي طريق مشروع .

حصص التأسيس [3]:

 وهي عبارة عن نصيب مقدر من أرباح الشركة على شكل صكوك قابلة للتداول تصدرها شركات المساهمة بغير قيمة اسمية ، لأولئك الذين قدموا خدمات جليلة أثناء تأسيس الشركة ، مثل براءة اختراع ، او تحصيل التزامات من شخص اعتباري عام.

 فهذه الصكوك تعطى لأصحابها نصيباً من أرباح الشركة، وتقبل التداول ، وبذلك تتفق مع الأسهم ، لكنها تختلف جوهرياً من حيث إنها تصدر بدون قيمة اسمية على عكس الأسهم ، ولا تمثل أي حصة من رأس المال ، ولا تخول لأصحابها أي حق لإدارة الشركة ، فضلاً عن أنه يمكن إلغاؤها.

 يقول د. أبو زيد : (لقد ظهرت حصص التأسيس لأول مرة سنة 1858م بمناسبة تأسيس شركة قناة السويس البحرية كوسيلة لشراء ذمم رجال السياسة …..ونتيجة لطبيعة الأهداف التي تسعى إليها حصص التأسيس ، وما أدت إليه من نتائج بالغة السوء وقفت الكثير من التشريعات منها موقف العداء ، فحرمها المشروع الفرنسي في قانون الشركات الصادر سنة 1966….كذلك فعل المشرع السوري…، وتجاهلها القانون العراقي والكويتي) وأقرها قانون الشركات بمصر الصادر لسنة 1983 ، في مادته 34 ، وكذلك نظام الشركات في السعودية في موارده 112 ، 113 ، 114 ، 115 .

 وقد ثار جدل قانوني حول تكييف حصص التأسيس ، فيرى البعض أن صاحبها بمثابة الدائن ، لا المساهم ، ويرى آخرون إلى أنه في مركز خاص بحيث لا يعتبر دائناً ، ولا شريكاً .

 وحكم هذا النوع على ضوء قواعد الفقه الإسلامي غير جائز ، لأن صاحب حصة التأسيس ليس شريكاً حتى باتفاق القانونيين لأنه لم يقدم حصة نقدية ولا عينية ، ولا عملاً مستمراً مع ان العمل لا يجوز الاشتراك به في شركات المساهمة ، والشركات ذات المسؤولية المحددة ، حتى عند القانونيين .

 وحصة التأسيس تكيف فقهاً على أن صاحبها قدم للشركة خدمة غير محددة ولا مبينة ، ثم تمنحه الشركة عدة صكوك في مقابلها ، وهي صكوك غريبة لا هي مثل الأسهم حيث ليس لصاحبها الحق في موجودات الشركة ، وإنما في أرباحها ، ولا هي مثل السندات ، كما أن الشركة لها الحق في إلغائها وإن كان بتعويض

 ولذلك فلا يمكن تكييفها على البيع على أساس أن الشركة تبيع عدة صكوك في مقابل خدمات صاحبها ؛ لجهالة الثمن والمثمن معاً ، إذ الخدمة التي قدمها ليست محددة حتى يرد عليها عقد البيع ، كما أن الصك أيضاً غير محدد من حيث ما يأخذه صاحبه ، لأنه مقيد بنسبة الربح الذي هو معدوم عند العقد ، أو مجهول يظهر في المستقبل .

 كذلك لا يمكن تكييفها على عقد الإجارة لأن مقدار الأجرة المتمثلة في الصك مجهول لا يعلم قدره ، ولا على عقد الجعالة لنفس السبب السابق ، ولا هبة ، لأن طبيعتها أنها في مقابل عمل ، والهبة بعوض يشترط فيها ما يشترط في البيع كمبدأ عام .

 إضافة إلى أن فتح هذا الباب سيؤدي إلى فتح أبواب المجاملات والمحاباة وشراء الذمم على مصراعيها ، وحتى معظم القانونيين قد هجموا عليها هجوماً عنيفاً ، وكشفوا عن عوارها ، وعيوبها ، وأخطائها ، وبينوا نتائجها السلبية جداً ، فطالبوا بإلغائها .

 ويمكن أن تستبدل بهذه الفكرة فكرة المكافآت النقدية أو العينية لهؤلاء الذين قدموا خدمات فعلية ، أو براءة اختراع ، كما يمكن تحويل قيمة هذه المكافأة بعد تحديدها بأسهم عادية تتساوى معها في جميع الحقوق والالتزامات .

 

________________________________________

([1]) التطبيقات الشرعية لإقامة السوق الإسلامية  : أ.د. علي محيي الدين القره داغي : بحث مقدم إلى الدورة الثامنة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي 1415هـ ـ 1994م ، ومنشور في مجلة المجمع ع8 ، ج 2 ، ص 394 – 396 ، ومصادره .

([2]) المرجع السابق (2/394 – 396) ، ومصادره

[3])) المرجع السابق (2/398 – 400) ، ومصادره .