الذمة لغة  : هي العقد والأمان  .


وفي اصطلاح الفقهاء : هي محل خلاف ، حيث أثبتها جمهورهم ، وجعلوها مناط الأهلية ، وعرفوها بأنها : وصف يصير به الانسان أهلاً لما له وما عليه ، فقد قال العزّ بن عبدالسلام : ( الذمة هي تقدير أمر بالانسان يصلح للالتزام والالزام من غير تحقق له )  وهي خاصة بالانسان  لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ….. )  قالوا : فهذه الآية الكريمة اخبار عن عهد جرى بين الله وبين بني آدم ، والاشهاد عليهم دليل على أنهم يؤاخذون بموجب اقرارهم من أداء حقوق الله تعالى عليهم ، فلا بدّ إذن من وصف يكونون به أهلاً للوجوب وهو الذمة بالمعنى اللغوي والشرعي ، وهو وصف خاص لهم دون غيرهم .


   وقد أنكر بعض الأصوليين  اثبات الذمة قائلين بأنها أمر لا معنى له ولا حاجة إليه في الشرع ، وانه من مخترعات الفقهاء ، وأن الانسان تلزمه الأحكام وتجب عليه ، او له بوصفه انساناً دون حاجة إلى تقدير وصف يصير به أهلاً لذلك ، فالانسان أهل للالزام والالتزام دون حاجة إلى هذا التقدير فعلى هذا تتوجه الخطابات التكليفية باعتبار ذاته دون الحاجة إلى تقدير وصف .


  هذا هو المشهور بين جمهور الفقهاء والأصوليين في تعريف الذمة ، وبيان العلاقة بينها وبين الأهلية ، واعتبارها مناطاً ومبنى لأهلية الوجوب  ، غير ان الامام القرافي قد اتخذ لنفسه مسلكاً فجعل الذمة خاصة بمن هو أهل للتكليف  ، وفسرها بقوله : ( الذمة معنى شرعي منها البلوغ ، ومنها الرشد ، فمن بلغ سفيهاً لا ذمة له ، ، فمن اجتمعت له هذه الشروط رتب الشرع عليها تقدير معنى فيه يقبل الزامه أجر الاجارات ، وأثمان المعاملات ونحو ذلك من التصرفات ، ويقبل التزامه ، إذا التزم شيئاً اختيارياً من قبل نفسه لزمه ، وإذا فقد شرط من هذه الشروط لم يقدر الشرع هذا المعنى القابل للالزام ، والالتزام وهذا المعنى المقدر هو الذي تقدر فيه الأجناس المسلم فيها مستقرة حتى يصح مقابلتها بالأعواض المقبوضة ناجزاً في ثمنها ، وفيه تقدر أثمان البياعات بثمن إلى آجال بعيدة أو قريبة ، وصدقات الأنكحة ، والديون في الحوالات والحقوق في الضمانات  ، ثم إن القرافي قد رد على من قال بأن الذمة هي أهلية التصرف ، والمعاملة رداً مفصلاً وفسر أهلية التصرف بأنها : ( قبول يقدره صاحب الشرع في المحل ، وسبب هذا القبول المقدر التمييز )  فعلى ضوء هذا أن القرافي جعل التكليف شرطاً للذمة وادعى في ذلك عدم خلاف فيه ، غير أن هذا الادعاء غير مسلم ، بل إن جمهور الأصوليين والفقهاء جعلوا الذمة مناطاً لأهلية الوجوب فتتحقق مع حياة الانسان يقول صدر الشريعة : ( فقبل الولادة له ذمة من وجه يصلح ليجب له الحق ، لا ليجب عليه ، فإذا ولد تصير ذمته مطلقة … )  ويقول ابن نجيم : ( والآدمي يولد وله ذمة مطلقة صحيحة للوجوب )  ويقول الغزالي : ( واما أهلية ثبوت الأحكام في الذمة فتستفاد من الانسانية …وشرطها الحياة … )  وكذلك قال غيرهم  .


  وهذا الاصطلاح الخاص في معنى الذمة عند القرافي يعود في نظري إلى أنه نظر إليها باعتبارها ذمة مالية كما يقال في ذمة فلان دين أي انشغلت ذمته به بدليل أنه فرق بين التصرفات وقال في بعضها أنها لا تثبت في الذمة كالنكاح  ، وفي بعضها الآخر أنه تثبت فيها أثمان البياعات ومهور الأنكحة …  كما أنه قد فسرها بالوصف المقدر في المحل القابل للالزام والالتزام ، فعلى هذا فالخلاف لفظي ، لأن الجمهور لم يشترطوا في الذمة هذا المعنى ، ولا تحقق التكليف ، ولو فسروها بهذا المعنى ، او فسرها القرافي بما فسر به الجمهور لما وقع خلاف بينهم ولهذا انتقده ابن شاط المالكي ، ولم يرض بتعريفه  .


الذمة في اصطلاح القانونيين : يقول الأستاذ السنهوري : إن الذمة ـ على النحو الذي صاغ به  النظرية الفقيهان : أوبرى ، ورو ـ هي مجموع الحقوق الموجودة ، أو التي قد توجد ، والالتزامات الموجودة ، أو التي قد توجد لشخص معين ) ويستخلص من ذلك معنيان :


أولاً ـ أن الذمة مجموع من المال .


ثانياً : أن الذمة هي الشخصية القانونية ، فما دام يدخل فيها الحقوق والالتزامات التي قد توجد ، فهي إذن : القابلية لكسب الحق ، أوترتيب التزام ، وهذه هي الشخصية القانونية )  .


 


ويترتب على اثباتها ما يأتي :


أ‌)    يكون للدائنين حق ضمان عام على مجموع أموال المدين الموجودة والتي ستوجد .


ب‌)  ينتقل حق الدائنين بعد موت المدين إلى تركته كمجموع من المال .


ت‌)  تقوم نظرية الحلول العيني على فكرة المجموع ..  .


ويتبين من هذا العرض أن الذمة في القانون تختلف عن الذمة في الفقه الاسلامي :


1.   شمولية الذمة في الفقه الاسلامي لكل الحقوق والالتزامات المالية وغيرها ن في حين أنها في القانون خاصة بالأموال والحقوق المالية .


وعلى هذا رأي الجمهور ، ولكن على ضوء ما قاله القرافي وغيره من المالكية أن القانون يتفق معهم في تعريف الذمة .


2.   وفي نطاق المال تبدأ الذمة المالية في الفقه الاسلامي بالشخص ثم تنتهي بالمال ، وأما في القانون فبالعكس .


3.   يذكر الأستاذ السنهوري : أن الفرق الجوهري بين الفقهين : هو أن الفقه الاسلامي ينظر إلى الذمة كشخصية قانونية لا كمجموع من المال  .


  وقد كان الاعتراف بالذمة المالية للانسان ليس أمراً هيناً في الأفكار القانونية القديمة ، فكانت تستصعبه جداً ، إذ أن ذلك يعني فصل جسم الانسان عن التزاماته وحقوقه ، والفكر القديم لا يتصور هذا الفصل بل كان ينفذ آثار التزاماته على جسمه إما بالتعذيب أو بالاسترقاق فقد كان القانون الروماني يرفض الاعتراف بالذمة للانسان باعتباره إنساناً وإنما يعترف بها للمواطن الروماني فقط وثلاثة شروط أولها : أن يكون حراً ، وثانيها : أن يكون من المواطنين الرومان الأصليين ، وأما غيرهم حتى وإن كانوا تحت حكمهم فليس لهم ذمة الأداء ولا الوجوب ، وثالثها : أن يكون مستقلاً ـ أي غير خاضع لسلطة رب الأسرة ـ فالابن مثلاً يظل خاضعاً لرب الأسرة فهو وماله له ولا تكون له أي أهلية ولا ذمة إلى أن تزول هذه السلطة بأحد الأسباب التي يقررها القانون الروماني منها موت رب الأسرة ، هذا بالنسبة للذكور ، وأما الاناث فلا يكتسبن الشخصية القانونية المتكاملة ، بل هنّ خاضعات حتماً للوصاية الدائمة ( نظم جايوس : 1 ، 145)  .


  وهكذا فلم تظهر نظرية الذمة المالية المتكاملة  ـ على حد تعبير بعض  ـ إلاّ على يدي الفقيهيين الفرنسيين : أوبري ، ورو  حيث انتشرت أفكارهما حول الصياغة الأولى لهذه النظرية في أواخر القرن التاسع عشر ، والقرن العشرين ، وشاعت فيما بعد بالنظرية التقليدية للذمة  .


اثبات الذمة للشخصية الاعتبارية ( المعنوية ) :


 


  وقد تبين لنا من خلال العرض السابق أن فكرة الذمة فكرة فقهية حكمية اعتبارية سبقت القوانين الوضعية ، وأنها تخريج فقهي قائم على الفرض والاعتبار ، توصل إليها الفقهاء لتسهيل الأمر وليست أصلاً منصوصاً عليه في الشريعة ، ، وإنما الأصل الشرعي هو أن الانسان هو مناط الأهلية ، سواء سمينا محل الحقوق والالتزامات بالذمة ، أو بشيء آخر ، وما دام الأمر كذلك فلا مانع من اثبات الذمة المالية للشركات وأن ينتقل هذا الوصف والاعتبار إلى غير الإنسان ما دامت الأسباب التي دعت إلى الاعتراف به موجودة في الشركات ، وهي الحاجة ، ومصلحة الشركاء  ، بل إننا رأينا في العرض السابق ان فقهاءنا ذكروا من مسائل في باب الشركات بصورة عامة ، وفي باب المضاربة بصورة خاصة ، ما يظهر منها بوضوح الاعتراف بذمة مالية مستقلة لمال المضاربة ، مستقلة عن ذمة المضارب ، وعن ذمة رب المال ـ كما سبق ـ  .


  وإذا خرجنا من دا\رة الشركات إلى الأوقاف ، وبيت المال فإن دائرة الذمة المالية لهما أوسع ، حيث إن ديون الوقف والتزاماته لا تتعلق بالناظر من حيث ، بل تتعلق بذمة الوقف ، بل نص جماعة من الفقهاء على أن المسجد أهل للتملك حكماً ، فقد اشترط المالكية في الموقوف عليه أن يكون أهلاً للتملك حقيقة أو حكماً حيث جاء في مختصر خليط مع شرحه للدردير :  ( على أهل التملك حقيقة كزيد والفقراء ، أو حكماً كمسجد ، ورباط وسبيل )  ومثل ذلك ورد في المذهب الشافعي وغيره حيث أسندوا ملك الموقوف على المسجد ـ مثلاً ـ للمسجد نفسه ، فقد صرح الشافعية بان : ( منافع الموقوف ملك للموقوف عليه )  وأن الحنابلة أجازوا الوقف على المساجد والجهات العامة مع اشتراطهم أن يكون الموقوف عليه أهلاً للتملك  .


  وقد أثبت الحنفية الذمة لبيت المال بصورة واضحة ، بل أعطوا خصوصية لكل نوع من بيت المال ، فقد جاء في الفتاوى الهندية : ( فعلى الإمام أن يجعل بيت المال أربعة لكل نوع بيتاً لأن لكل نوع حكماً يختص به لا يشاركه مال آخر فيه فأن لم يكن في بعضها شيء فللإمام أن يستقرض عليه ما فيه مال فإن استقرض من بيت مال الصدقة على بيت مال الخراج فإذا أخذ الخراج يقضي المستقرض من الخراج الاّ أن يكون المقاتلة من الفقراء لا يصير قرضاً عليهم لأن الخراج له حكم الفيء والغنيمة وللفقراء حظ فيها وإنما لا يعطى لهم لاستغنائهم بالصدقات كذا في محيط السرخسي )  .


  وحتى لو اعتبرنا أن الذمة ـ من حيث هي ـ ثابتة بالشرع وأدلته ، فإن تفاصيلها اجتهادية ليست إلاّ تنظيماً فقهياً يراد منها تنظيم المسائل ، وضبط الأحكام ، يقول أستاذنا الشيخ علي الخفيف : ( وجملة القول في ذلك أن نظرية الذمة وما فرع عليها من الأحكام ليس إلاّ تنظيماً تشريعياً يراد منه ضبط الأحكام ، واتساقها ، ويصح أن يتغير ، ويتطور لمقتضيات المعاملات ، وتطورها إذا ما اقتضت المصلحة ذلك ، وليس فيما جاء به الكتاب ، ولا فيما أثر من السنة ما يمنع من أن تفرض الذمة لغير الانسان ، وتفسر تفسيراً يتسع لأن تثبت للشركات والمؤسسات ، والأموال العامة على أن يكون ما يثبت لهذه الجهات من الذمة دون ما يثبت للانسان على درجة من الكمال تجعله أهلاً لأن يكلف بما هو عبادة ، ولأن تشغل بما هو واجب ديني ، وما يثبت لغيره دون ذلك فلا يتسع لغير الالتزامات المالية من ناحيتها السلبية الايجابية ) .


  ثم أرجع الفرق بين القانون الوضعي ، والفقه الاسلامي في اثبات الذمة إلى التعامل والعرف ، والاستجابة للتطور الاقتصادي والمعاملات الشائعة  .


  وهذا التوجيه الذي ذكره الشيخ علي الخفيف في غاية من الوجاهة ، إذ أنه ليس بالضرورة أن تكون الذمة على مرتبة واحدة ، حيث ان مرتبتها في الانسان تكون أعلى تسع التكاليف الشرعية والالتزامات المالية .


  بل إن الذمة حتى في الانسان ليست على منزلة واحدة ، فذمة البالغ الرشيد غير ذمة البالغ السفيه المحجور عليه ، وغير ذمة الطفل الصغير ، وغير ذمة الصبي المميز ، وذمة الصحيح غير ذمة المريض مرض الموت ، حيث مراتب الأهلية أربع بالتدرج  ، وكذلك الحال في الشركات ، حيث إن الذمة المالية لشركات المساهمة أقوى منها في شركات التضامن .


  وبالاضافة إلى ما سبق فإن فقهاءنا أثبتوا الذمة المالية لبيت المال ، حيث قالوا : إن بيت المال وارث من لا وارث له ، وأن عليه التزامات وله حقوقاً ، وان الوقف يخرج من ملكية الواقف ـ عند جمهورهم ـ لا إلى ملكية الموقوف عليه ، وإنما له ملكيته الخاصة ، ووجود مستقل عن الناظر أيضاً ، وقالوا أيضاً إن المسجد يوقف عليه ، وأسندوا إليه المالكية ، جاء في أسنى المطالب : ( ولو كان للمسجد شقص من أرض مشتركة مملوكة له …..)  حيث تثبت له الشفعة ومثله ورد في كتب أخرى  .


  ولكل ما ذكرناه نرى أن الاعتراف بالذمة المالية للشخصية الاعتبارية أمر مشروع تتسق مع أصل فكرة ( الذمة ) التي تقوم على الفرض والتقدير لتنظيم وضبط الأحكام واتساقها ، ولا سيما أن النتائج والآثار المترتبة عليها ترجع في حقيقتها ومآلاتها إلى الانسان .


   ولكن يثور التساؤل حول مرتبة هذه الذمة ، أو الأهلية حتى داخل الالتزامات المالية للشخصية الاعتبارية هل هي تصل إلى مرتبة أهلية الأداء الكاملة ؟


  إن القوانين الوضعية التي اعترفت بها أعطت لها الأهلية الكاملة ، وأنها تتمتع بجميع الحقوق إلاّ ما كان منها ملازماً لصفة الانسان الطبيعية ، وذلك ضمن الأهداف والحدود التي رسمها لها القانون ، فقد نصت المادة (53) من القانون المدني المصري على :


( 1-الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلاّ ما كان منها ملازماً لصفة الانسان الطبيعية ، وذلك في الحدود التي قررها القانون .


2- فيكون له :


أ ـ ذمة مالية مستقلة


ب ـ أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه ، أو التي يقرها القانون .


ج ـ حق التقاضي


د ـ موطن مستقل ..


3- ويكون له نائب يعبر عنه إرادته ) .


  وهذه المادة متفق عليها بين جميع القوانين  العربية والخليجية  ، حيث نجد نظيرتها في قانون الشركات التجارية القطري المادة (1) ، وفي نظام الشركات التجارية السعودي المادة (13) ، وقانون الشركات التجارية الكويتي المادة (2) وقانون الشركات التجارية البحريني المادة (77) ، وقانون الشركات الاماراتي المادة (12) ، وقانون الشركات التجارية العماني المادة (3) .


  وبناء على ذلك فإن الأموال التي قدمها المساهمون وما نتج عنها هي ملك للشركة ذاتها ، أي لشخصيتها الاعتبارية ، وليست ملكاً مباشراً للمساهمين ، ويترتب على ذلك أن ذمة الشركة مستقلة عن ذمم الشركاء فلا مقاصة بين ديونها وديونهم ـ إلاّ في شركة التضامن على تفصيل ـ يقول الأستاذ السنهوري : 0 فلها ـ أي الشركة ـ أهلية الوجوب ، وأهلية الأداء ، فتستطيع أن تتملك بعوض ، أو بغير عوض ، وأن تتصرف في أموالها طبقاً للنظم المقررة في عقد تأسيسها … ، ولا فرق في ذلك بين المعاوضات والتبرعات …. )  .


  هذا بالنسبة للقوانين وأهلها فلا يختلفون في الاعتراف للشركات ـ ما عدا شركة المحاصة ـ بأهلية أداء كاملة ، ولكن يمثلها مجلس الادارة ، او المدير حسب نوعية الشركة ، غير أن الخلاف دائر بين الفقهاء المعاصرين الذين تناولوا الموضوع ، حيث ذهب أكثرهم إلى ما ذهب إليه القانونيون في اثبات الأهلية الكاملة للشخصية الاعتبارية  في حين ذهب الشيخ الصديق الضرير إلى اثبات أهلية الوجوب فقط فقال : ( نخلص من هذا إلى أن الشخصية الاعتبارية ” شركات المساهمة ” لا تثبت لها أهلية الأداء ، وتثبت لها أهلية الوجوب بالقدر الذي يناسبها )  .


 


ونحن لسنا مع الشيخ الجليل في هذا الرأي لما يأتي :


 


1-   أن القانونين حينما أثبتوا الشخصية الاعتبارية للشركات أعطوا لها كل الحقوق إلاّ ما كان منها ملازماً لصفة الانسان الطبيعية في الحدود التي قررها القانون ، ولذلك أصبحت للشركة ذمة مستقلة عن ذمم الشركاء ……الخ ، فإذا قلنا : ان أهليتها هي أهلية الوجوب فإن ذلك يعني أنها : لا تثبت لها إلا الحقوق الايجابية ، ولا تقدر على تنفيذ الالتزامات لأنها ليست لها أهلية الأداء التي هي مناط صحة التصرفات كما يقول الفقهاء أيضاً   .


2-   إذا لم تثبت للشخصية الاعتبارية أهلية الأداء إذن فكيف يكون لنائبه الحق في إنشاء العقود والالتزامات والتبرعات باسمها ، فصحة تصرفات النائب فرع لصحة تصرفات المنيب ، إلاّ في حالات الضرورة الخاصة بولاية الوالدين على أموال القصروهي ولاية شرعية تثبت بالشرع ، وحتى في هذه الحالة فإنهما لا يستطيعان التصرف في أموالهم بما يضرهما ، مثل التبرعات ، في حين أن نائب الشخصية المعنوية له الحق في كل التصرفات الناتجة من أهلية الأداء الكاملة في حدود ما رسمه القانون .


  لذلك لو قبل برأي الشيخ الضرير لفقدت الشخصية المعنوية ( الاعتبارية ) فائدتها وتوصيفها الذي من خلاله توصل القانون إلى تنظيم أمور الشركة بالشكل المطلوب .


 


 


 


وجوب الزكاة في أموال الشركاء في الشركات الحديثة في ظل مبدأ الشخصية الاعتبارية عليها :


 


نحتاج إلى تمهيد قبل أن نخوض في غمار المطلوب من العنوان


تمهيد : لبيان القرارات الصادرة من المجامع الفقهية ، والندوات الفقهية ، والتي تنص على أن الزكاة تجب على المساهمين ، وأن الشركة إنما يجوز لها دفع الزكاة عن أموالها في الحالات الآتية :


1.   صدور نص قانوني ملزم من الدولة بتزكية أموالها .


2.   أن يتضمن النظام الأساسي أوالعقد الأساس او النشرة التزام الشركة بدفع زكاتها .


LinkedInPin