سبق أننا قلنا : ان الزكاة إما أن تدفعها الشركة ـ على ضوء التخريجات السابقة ـ أو المساهمون ، ففي حالة الافلاس والتصفية ، فإن استغرقت الديون كل أموال الشركة فقد سقطت الزكاة عنها ، وان بقي شيء من الأموال فإن الشخصية الاعتبارية التي يمثلها الآن المصفى تدفع حق الزكاة إذا توافرت الشروط والضوابط ، أما إذا لم يقم المصفى بأداء الواجب فإن كل مساهم يدفع زكاته على نسبة المال التي حصل عليه ، وحسب السنوات التي خلت بين فترة الدفع السابق قبل الافلاس ، وفترة التصفية كلها ، فإن كانت عاماً يدفع زكاة عام واحد ، وإن كانت عامين فزكاة عامين ، وهكذا .


  وعلى كل حال فإذا كانت الشركة لم تدفع الزكاة قبل الافلاس فإن دين الزكاة لن يسقط ، وأن المساهمين لا تبرأ ذمتهم بهذه الاجراءات بل يجب عليهم دفع الزكاة عن السابق حسب المال الموجود في وقته ، وعن اللاحق : كل بحسب المال الذي آل إليه ووجبت فيه الزكاة ، مع رعاية أثر الخلطة في النصاب حيث لا يشترط أن يكون نصيب كل واحد قد بلغ نصاباً .


  وقد نصت المادة (53) من قانون الزكاة السوداني لسنة 1990 على أن يكون لأموال الزكاة امتيازٌ على  كل مال آخر للمدين بها ، وبمثل ذلك نصت المادة (51) من قانون الشركات السوداني الصادر في عام 2001م .


  وما أقره القانون السوداني حول أولوية دين الزكاة هو رأي وجيه لبعض الفقهاء معتمدين على ظاهر الحديث الصحيح المتفق عليه عن ابن عباس قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إن أمي ماتت وعليها صوم ، أفأقضيه عنها ؟ قال :     ( نعم : فدين الله أحق أن يقضى )  .


 


كيف تخرج الشركة زكاة أسهمها ، أو موجوداتها ؟


إذا قامت الشركة بزكاة أسهمها ، وموجوداتها فإنها تتبع الخطوات الآتية :


 


1 – اعتبار الشركة بمثابة شخص طبيعي ، وهذا يعني اعتبار جميع أموالها كأنها أموال شخص واحد ، من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة ، ومن حيث النصاب ، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ ، ونحو ذلك ، بناءءً على مبدأ الخلطة ـ كما سبق ـ .


  وقد صدر قرار في ذلك من مجمع الفقه الاسلامي الدولي ، قرار رقم (28(3/4)   نص على أنه : (ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال.


ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين ) .


2- إذا كانت الشركة تجارية تعامل معاملة التاجر ، وإذا كانت زراعية تعامل معاملة الزارع ، وان كانت صناعية فتعامل معاملة الشخص الذي يملك المصنع وهكذا . . .  .


3 – ولا ينظر إلى بلوغ كل صاحب سهم النصاب ، وبالتالي فلا تحسم أسهم شخص لم تبلغ النصاب اعتماداً على المذهب الشافعي الذي تبنته الفتاوى الجماعية في الشركات .


4 – تطرح الأسهم اليت لا تجب فيها الزكاة مثل أسهم الخزانة العامة ، وأسهم الوقف الخيري ، والجهات الخيرية ، وكذلك غير المسلمين ـ كما سبق قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي قرار رقم (28(3/4) ـ ، وقد ذكرنا فيما سبق رأياً احترناه حول إمكانية عدم طرحها …


5 – إن زكاة الشركة لا تتأثر ببيع أسهمها ، أو المضاربة فيها أثناء الحول ، لأنها باقية لا تتأثر من الناحية المالية بذلك .


6 – إذا كانت أنشطة الشركة حراماً ، أو مختلطة فإن الزكاة تكون فيما يعتبر حلالاً ـ كما سبق ـ .


7 – الشركة إذا دفعت زكاتها تحتاج إلى الاعتماد على دليل مفصل لبنودها لبيان ما يحسب ، أو يحسم منها ، وقد قامت الهيئة الشرعية العالمية للزكاة بوضع دليل ارشادي من خلال ندواتها ، نذكره في الملحق الأول ، كما أصدرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية معياراً خاصاً بكيفية محاسبة الشركات نذكره في الملحق الثاني .


8 – الأسهم المضافة في آخر الحول ، أو أثناءه تضم إلى موجودات الشركة ، ويكون حولها حول المال الذي ضمت إليه إذا كان نصاباً  عملاً بمذهب الحنفية في أن العبرة بأول الحول وآخره  .


 


 


هذا والله أعلم وأخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


وصلى الله على سيدنا محمد


وعلى آله وصحبه أجمعين


 اعلى الصفحة