الديون لغة جمع الدَين ـ بفتح الدال ـ وهو لغة يطلق على ماله أجل ، وأما الذي لا أجل له فيسمى بالقرض ، وقد يطلق عليهما [1].

 وقد ورد لفظ “الدين” ومشتقاته في القرآن الكريم حتى أن أطول آية هي آية الدين : قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ….)[2] وقد فسَّره المفسرون بعدة تفسيرات ، قال الشافعي : ( يحتمل كل دين ،ويحتمل السلف )[3] وقال الطبري : ( ..وقد يدخل في ذلك القرض والسلم..)[4] وقال الجصاص : ( ينتظم سائر عقود المداينات التي تصح فيها الآجال ……)[5] .    

 فلفظ ” دين ” يشمل كل دين ثابت مؤجل سواءً كان بدله عيناً أو ديناً ، وحتى لو كان سبب الآية موضوع السلم فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب[6] .

 وورد لفظ الدين في السنة  المشرفة بمعنى الدين الشامل لحقوق الله تعالى ،وحقوق العباد المتعلقة بالذمة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فدين الله أحق أن يقضى )[7] . 

 وأما الفقهاء فقد أطلقوا الدين على معنيين : عام لكل ما يجب في ذمة الإنسان من الالتزامات الآجلة الدينية والدنيوية ، وخاص بما ثبت في ذمته بسبب عقد ” استصناع ، ومرابحة ، وقرض ونحوها ” أو لاستهلاك أو قرابة [8].

 فالدين هنا أعم من القرض ، والمقصود به في البحث هو المعنى الخاص الذي يتناول الديون الآجلة بسبب عقد الاستصناع ، أو المرابحة ، أو البيع بالثمن الآجل ، أو نحو ذلك [9].

 

وصف المشكلة :

 من المعلوم أن البنوك الإسلامية تتعامل مع عملائها في الغالب عن طريق الالتزامات الآجلة ، فتصبح دائنة لهم سواء الدين ناتجاً عن عقد المرابحة ، أم البيع الآجل ، أم الاستصناع أم نحو ذلك ، وذلك لأن النشاط الرئيسي لها هو تحقيق الأرباح من خلال العقود الآجلة التي تكون أثمانها مؤجلة ومقسطة .

 والمشكلة تكمن في أن هذه الأثمان التي تحولت إلى ديون في ذمم العملاء إذا تأخر أداؤها في أوقاتها المحددة فإن البنك الإسلامي يخسر عوائد هذه الديون المتأخرة ، وذلك لأن أرباحه تعود عند إجراء العقود الشرعية إلى ملاحظة الزمن طولاً قصراً ، فإذا تأخر السداد كلياً ، أو سداد بعض الأقساط فإن هذه الأرباح لم تتحقق بصورة متكاملة .

 ولكن بعض العملاء يتأخرون عن دفع أقساطهم الواجبة ، أو يتعمدون في عدم الدفع بسبب عدم فرض الفوائد على التأخير في البنوك الإسلامية ، لكل ذلك تقع مشكلة كبيرة للبنوك الإسلامية تكمن في أنها تحرم من هذه الديون المتأخرة أو من استثمارها والاستفادة من عوائده ، ومن هنا تخسر نسبة لا بأس بها من العوائد يكون لها تأثير سلبي على ميزانيتها ، وبالأخص في التنافس مع البنوك الربوية التي لا تتأثر بهذه المتأخرات لأن الفوائد تعمل حسب الزمن ، وأن عداداتها تحسب الفوائد كلما تأخر موعد السداد .

 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) القاموس المحيط / ولسان العرب ، والمصباح  المنير / مادة “دين” 

([2]) سورة  البقرة / الآية (282)

([3]) أحكام القرآن للشافعي (1/137)

([4]) تفسير الطبري ،ط.دار المعارف ،تحقيق الأستاذ شاكر (6/43)

([5]) أحكام القرآن للجصاص  ” ط.دار الفكر ببيروت (1/482)

([6]) يراجع : تفسير ابن عطية ،ط.مؤسسة دار العلوم  بالدوحة (2/500) ، وأحكام القرآن لابن العربي ،ط.دارا لمعرفة ببيروت (1/242) ، وتفسير القرطبي ،ط.دار الكتب (3/377) ، وزاد المسير لابن الجوزي (1/340) ، والتحرير لابن عاشور ،ط.دار التونسية (2/99)

([7]) رواه البخاري في صحيحه  ، كتاب الصوم ، فتح الباري (4/192) ، ومسلم في صحيحه (2/804)

([8]) يراجع : حاشية ابن عابدين ،ط.دار الفكر (5/157) وفتح القدير (5/431) ، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي(2/4) ، والمنثور في القواعد ،ط.أوقاف الكويت (2/158) ،والقواعد لابن رجب  ص 54 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 254 ، والبحر الرائق (6/46

([9]) المراجع السابقة