بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص خطبة الجمعة 8 ابريل 2011 لفضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب
ايها الإخوة المسلمون
فقد تحدثنا في الخطبة السابقة عن اهمية الإخلاص وأنه الركن الاساسي لقبول العبادات وأن الناس العاملين هلكوا أذا لم يكونوا مخلصين فقال تعالى:( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)(ومن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)
وهذا الاخلاص أيها الأحبة يتكون من عنصرين اساسيين
العنصر الأول: وهو ما يسمىبالجانب الوجودي الذي يتمثل في توحيد الله سبحانه وتعالى وما يترتب على ذلك من العبودية لله سبحانه وتعالى وهذا ما تحدثنا عنه في الخطبة السابقة.وهذامقام (ايااك نعبدواياك نستعين)
العنصر الثاني وهو المكمل تماماً للإخلاص هو الجانب العدمي للإخلاص وهو عدم الإشراك بالله تعالى لا شركأ ظاهراً كما كان عليه المشركون و انما شركأ خفياً كما هو الحال لدى الرياء والنفاق والمجاملة الحارجة عن حدودها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أخوف ما أخاف على أمتي الرياء والشهوة الخفية التي هي أخفى من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء) رواه الحاكم وصححه.
قال تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤن ويمنعون الماعون) قال مجاهد هم أهل الرياء وهذا هو الجاه المذموم أما الجاه المحمودفهوان يستعمل في خدمة المجتمع فالاخلاص يعني ان يكون كل الاعمال لله تعالى ( انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)
الرياءهو داء العلماء ، والكرماء، والشهداء ، والعباد المشمرين عن ساق الجد ، لسلوك طريق الآخرة والرياء هو التظاهر بالخير ، وإظهار العمل والعلم، وحب المدح والإطراء وحب الشهرة، وحب الجاه ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة المتقين.
وهذا الجانب أصعب بكثير من الجانب الأول ، وذلك لأن الايمان بالله تعالى، وحتى الايمان بالتوحيد، متوافر لدى الكثيرين، أما تحقيق ذلك من خلال طرد جميع التصورات والنيات التي تكون لغير الله تعالى، ومنع الرياء داخل القلوب فلا يوجد إلا لقلة من الناس، وهذا معنى ماقاله بعض الصالحين الحكماء، فربما يفتح لك باب الطاعة، ولكن لا يفتح لك باب القبول عند الله تعالى لأنه لم يفتح لك باب الاخلاص الحقيقي، وهذا هو المفهوم من قوله تعالى ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) اي ذبحت الاضاحي والهدايا، واريقت الدماء، وهذا هو الطاعة الظاهرة، ولكن النجاة في الإخلاص والاخلاص وهذالا يتحقق إلا بالتقوى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال الرياء يقول الله عز وجل اذا جاز العباد ما عمل : اذهبوا الى الذين كنتم تراؤن في الدنيا فهل تجدون عندهم الجزاء ) رواه أحمد والطبراني
وهذا الجانب السلبي نستطيع أن نسميه بنواقض الإخلاص وحيث ان نواقضه هي:
1- الرياء: فقال تعالى في وصف المنافقين (يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا)وفي حديث عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، ومن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشأنه) رواه مسلم.
2- ذكر الأعمال أمام الناس للتفاخر والتشهير
ولكن هناك أعمالا ليست للرياء فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن) رواه مسلم. وليس العمل خاصا بالمال بل بكل خيرتعمل به للناس.
3- المن بالخيرات والصدقات قال تعالى 🙁 ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ) البقرة 264
وفي وصف قبول الصدقة قال تعالى: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ولا يتبعون ما أنفقوا منأ ولا أذى)
4- الأذى للمتصدق عليه وهو أخطر من المن فلا يجوز ايذاء المسلم بالهمز واللمز
5- النفاق والمجاملات الزائدة من المدح والثناء غير الحيقيقي:
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن ناساً قالوا له: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم اذا خرجنا من عندهم؟ قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نعد هذا نفاقاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه البخاري
الخطبة الثانية
انه لا يوجد شئ في الاسلام الا وله علاقة بدنيانا و بمجتمعنا وبأمتنا وسيرتنا وصحوتنا وعزتنا وقوتنا وكرامتنا فالله سبحانه وتعالى غني عن عباده ولكنه من خلال العبادات لله يربي الامة الاسلامية لتكون خير أمة أخرجت للناس وعلى مستوى الدنيا لما ننظرالى الأخلاص اذا وجد كيف له من آثار عظيمة على هذه الامة. من أهم هذه الاثار أن الأمة تكون متماسكة مترابطة متحابة في الله سبحانه وتعالى لأنهم يريدون ارضاء الله ولا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا غير المخلص لا يريد الا العلو ، أما المخلص المتقي المختفي لا يريد التظاهر ولا التكبر ولا التجبر ، الأمة الاسلامية اليوم تعاني من هؤلاء المتكبرين المتجبرين الظالمين الذين لا يكتفون بالمدح العادي وانما يجعلو ن الأمة كلها تصفق لهم وتقدسهم، فهل لو كانوا مخلصين ليحدث لهم ما حدث، ثم لو كان الأمة أيضا في مجموعها التزمت بما ذكر في الايات والأحاديث النبوية الشريفة بألا يقولوا الا الحق امام الحاكم والمحكوم، ولو اجبروا فالرزق بيد الله، وأن الاجل كذلك بيد الله، فهؤلاء ما تجرؤا علينا هذا التجرؤ الا لعدم التزامنا بما أمرنا لذلك لما قيل لفرعون ما الذي فرعنك، قال: قومي ، ماقلت شيئأ الا قالوا صدقت. فلذلك تكبر وتجبر عليهم ( فاستخف قومه فأطاعوه)
لذا يجب للأمة أن تقول للمحسن أحسنت و للمسئ اسأت وأن تقف أمام الظالم بكل قوتها،
الحمد لله الأمة اليوم لا تكتفي بالقول للظالم أنت ظالم بل يقول يا ظالم ارحل وكفى. الانسان بطبيعته يحب الاستبداد والذي يمنعه منه أمران وهما العقيدة والخوف من الله، والردع من قبل الأمة أو القضاة، الغرب استطاعوا أن يردعوا الظالم عن الظلم بواسطة البرلمانات القوية و لأهل الحل والعقد أما عندنا فمجالس الشورى للعقد فقط وليس للفسخ والعزل والحل، وقد سمي مجالس الشورى من قبل الخلفاء الراشدين بأهل الحل والعقد وقدموا الحل أي القدرة على الفسخ وان يقولوا للذي لا ينفع ارحل، وهذا عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم وهو غير ملزم الا بشروطه اذا اختل الشرط فسخ العقد كأي عقد أخر كالاجارة والوكالة.
اليوم غير المسلمين يحترموننا ويقولون كنا نظنهم رعاة يقودهم هؤلاء المجانين مثل فلان وفلان ولسنوات طوال ، لكن نراهم الان يضحون بدمائهم من أجل الحرية ولذا يستحقون الاحترام والتقدير.
لذلك ايها الخوة الكرام هذه الثورات الشعبية جائت من هذا المنطلق ولا يجوز التشكيك في شرعيتها فهي جزء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جزء اساسي من اعادة كرامة الانسان، انظروا الى اليمن كاد المجتمع أن يتفسخ و يتفرق و لا يزال الحاكم لا يهمه و في ليبيا نصف المجتمع تقاتله و القذافي مصر على بقائه،
ايها الاخوة الكرام
لذا على هذه الامة اذا ارادت حياة العزة والكرامة عليها أن تكون مخلصة متجردة قادرة على قول الحق لا تخاف في الله لومة لائم والحمد لله فالذين يقودون هذه الثورات حكماء ، أنظر الى اخواننا في اليمن رغم تواجد الاسلحة ولكن ثورتهم سلمية، يقتلون ويذبحون ويرشون بأسلحة ممنوعة وسامة وهم صابرون هذه هي الحكمةن ولولا هذه الثورات والحرية لما ظهرت هذه الحكمة والصمود والنضج والعقل لانها غطيت وتسترت من قبل هؤلاء الحكام، وكذلك في مصر فلم يكتفوا بالثورة بل حكماء هم مستمرون في الثورة الى اتمامها . وهكذا هي بقية حال الشعوب التي فيها الثورات
وما يؤلمنا اليوم ما يحدث في غزة وهم بلا عون فمجتمعاتنا مشغولة بالثورة والغرب لديها الازدواجية في التعاطي مع قضية غزة حتى غولدستن تراجع عن تقريره، فنسأل الله أن ينصر اخواننا في فلسطين ضد هذه الهجمة الشرسة وسائر بلاد المسلمين.