بسم الله الرحمن الرحيم

ايها الاخوة المؤمنون

اذا نظرنا الى تاريخ هذه الامة، نستطيع ان نقسمه الى ثلاثة اقسام أساسية، قسم كانت الامة العربية وبقية الشعوب الاخرى في ظل الجاهلية وقبل الاسلام، متفرقة ممزقة لم يكن لها سلطات وسلطان ودولة، وكان العرب بالذات مقسم بين امبراطوريتين: الساسانية والرومانية، وهما تتعاملان معاملة السيد للمسود، وهكذا كانت معظم الامم، وكانت مصر كذلك تحت هيمنة الرومان، الذين لم يكونوا يعطونهم حتى حق البيع والشراء، كما ثبت ذلك في تاريخ الغير قبل ان يثبته المسلمون.

كنا في تفرق وتمزق، وكنا في جاهلية، وكنا في ضعف وهوان، ثم دارت الزمن دورته التاريخية لصالح هذه الأمة، فتحولت الامة العربية من التفرق الى الوحدة، ومن الضعف الى القوة، ومن الجهل الى العلم، ومن التخلف الى الحضارة، ومن كونه تحت إمرة الاخرين اصبحوا قادة العالم، وحققوا حضارة عظيمة بتعاون المسلمين جميعا، ووصفت هذه الحضارة  بأنه حضارة اسلامية بكل ما تعني هذه الكلمة، واصبحت الصفة الاساسية هي الصفات التي تخص العلم والخدمة، وما تقدمه هذه الامة للبشرية جمعاء من العلم والحضارة والتقدم والفنون.

وظلت هذه الحضارة برهة من الزمن وكانت الامة الاسلامية سيدة العالم باعتراف الجميع، ولم تكن هناك امة ولا دولة تطمع في ان تأخذ شيئاً لا من ارضها ولا من سيادتها ولا من قوتها، وكيف ان امرأة واحدة من عمورية وكانت تحت الامبراطورية الرومانية اوذيت، فصاحت: وامعتصماه، فجيش المعتصم جيشاً، وحرر الجيش هذه المرأة، كما حرر المدينة كلها وضمها الى الرقعة الاسلامية، وهكذا كانت الامور تسير، وان كان قد اصاب هذه الامة ضعف بسبب عدم اتخاذها بسنن الله سبحانه وتعالى.

ثم جاء المحتلون، وهذه هي الدورة الثالثة، منذ اكثر من مئتي سنة، فقاموا بمحاولاتهم الشديدة والكبيرة للقضاء على هذه الامة من حيث هويتها وسيادتها وانتماؤها وثوراتها، فنهبت الثورات، ومزق هذه الامة، الذي ما زلنا نحن نعاني من هذا التمزق في عالمنا العربي والاسلامي، وهو شاهد مُشاهد لا يحتاج الى دليل.

وكان المحتلون، وهذا هو ديدنهم وطبيعتهم، ونحن لا نذمهم على ذلك، لأنه هذا يخصهم، وانما نذم انفسنا حينما نتبع اهواء هؤلاء المحتلين، الذين لا يريدون لنا خيرا، وكان شعارهم دائما: فرّق تسد، وأخذوا خيرات القارات الثلاث ليبنوا من خلالها حضارتهم المادى التي تفوقت، ومن خلال ذلك استطاعوا ان يغيروا كثيرا، فكانت الشريعة الاسلامية هي التي تطبق في عالمنا الاسلامي من يوم تمكن الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة الى ان جاء المحتلون المستعمرون، فأحلوا مكان الشريعة قوانينهم الوضعية وانظمتهم الاقتصادية، وساندهم في ذلك المساندون لهؤلاء المحتلين، والعملاء لهؤلاء المستعمرين، وحينما حاولت الشعوب العربية والاسلامية التحرر من هؤلاء المحتلين، تحررت بعض الدول ظاهريا، ولم تتحرر حقيقة من حيث الهوية والقوانين والانظمة، بل ظلت انظمتهم وقوانينهم هي التي تتحكم، وظلت مواصلاتهم الى فترة قصيرة هي التي كانت تتحكم فينا فكنتَ اذا اردت ان تذهب الى المغرب العربي او الى تونس او الى ليبيا، لابد ان تمر على احدى العواصم الغربية ثم من هنالك تنتقل الى احدى العواصم العربية او الاسلامية.

هكذا ربطونا بأنفسهم من الجانب السلبي وليس من الجانب الايجابي، بل إن هؤلاء المستعمرين تركوا بلادنا وهي في افقر حالة، وهذه هي الجزائر بقت فيه فرنسا اكثر من 170 سنة، وتركوها بدون علم ولا حضارة، بل تركوا فيها مسوخا في اللغة والعقيدة والاخلاق والقيم، وهكذا فعل بقية المستعمرين من الانكليز والهولنديين والايطاليين وغيرهم .

ومع كل ذلك حينما تأتي الصحوة الاسلامية وتنادي بعودة هذه الامة الى مرجعيتها، الى اصالتها والى قوتها والى حضارتها وتقدمها والى عصورها الزاهية، حينئذ تواجه بسيل من هذه الهجمات الشرسة ليست على مستوى الخارج، وهذا يخصهم، ولا يجوز ان نجعلها شماعة نعلق عليها مشاكلنا، وانما الهجمة على مستوى بعض العرب والمسلمين، وكيف يحادون ويعارضون عودة الامة الى شريعتها، كان بإمكان هؤلاء الذين يعارضون، او ربما لديهم تحفضات على بعض الجماعات، فهذا من حقهم، ولكن لابد أن لا تكون المعركة اليوم معركة بين الاسلام وبعض المسلمين، معركة بين تطبيق الشريعة ودستور ينص على مصدرية الشريعة وبين كراهيتهم لبعض الجماعات او لأفكارهم، فهذا أمر كان المفروض على العقلاء ان يبعدوا هذه المواجهة عن تطبيق عقيدتنا وقيمنا وشريعتنا، بل إن عقلاء المسيحيين في السابق ومنهم احد اساتذتي كانوا يدافعون عن الشريعة بدافع ان هذا الفقه الاسلامي من العرب- وهذا بنظره – ومن الشرق، فكيف يفضل وهو قبطي بأن يطبق على دولته فقه المحتل او فقه من خارج بيئته.

هذا الفقه الحضاري الذي يشملنا جميعا، وهذه المرجعية رحمة للعالمين، ولكن نرى بأن البعض من المسلمين، وهذا البعض ليس ببسيط، جيشوا الجيوش،  واستقووا بالخارج وساندهم بعض الجهات الدينية في ان تكون المعركة بين الشريعة والاسلام من جانب وبينهم وهو يسمون انفسهم بالمسلمين.

 هذه المسألة خطيرة جدا، ولوكانت لديهم الحكمة، ولو كان لديهم عقل لجعلوا قضية: أي فقه يطبقون؟ وأي منهج تريدون؟ وأي اسلام تريدون؟ هل الاسلام الذي فيه التشدد والافكار المتشددة؟ الذي كلنا نرفض هذه الافكار ام الاسلام المتمثل بهذه الرحمة التي بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه  (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) وقال تعالى (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ۚ قَالُوا خَيْرًا)، ووصف الله الرسول بأنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضعوا عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم، فأي عاقل يرفض تحليل الطيبات وتحريم الخبائث وإزالة التشدد والاغلال التي كانت موجودة في الاديان السابقة.

إن الانسان ليحتار كيف وصل بهؤلاء الى هذه المستوى؟ وكيف هلذه المؤامرة ان تصل الى هذه المستوى؟ وقد سمعنا ان إحدى الدول الكبرى وهي امريكا انفقت مئات الملايين، وخصصت مئات الملايين ليس لدعم الديمقراطية في مصر، وانما لإعطاء الرشوة، كما ثبت ذلك، ولم نسمع في اي عصر من العصور ان القضاء المصري بهذه المستوى من الذل والاذلال ان يقبل تحت ضغوط، ويخرج هؤلاء المدانون بجرائم الرشوة وجرائم التدخل في شؤون الغير والجاسوسية وغير ذلك، ان يوضعوا كلهم في طائرة خاصة مكرمين معززين ويترك الشعب المصري ليعاني من ويلاتهم والمصائب التي تركها هؤلاء.

فأقول لهؤلاء العلمانيين لماذا لا تدافعون عن سيادة بلدكم بدل أن تواجه الشريعة في مصر، ولماذا لم يواجهوا اذلال وخضوع القضاء بضغوط من العسكر وغيرهم رغم ان العسكر كان لهم موقف مشرف في السابق ولكن الضغوط الامريكية والاموال كان له تاثيره، والله اعلم.

إن القضية من الجانب المبدئي محسومة بالنسبة للمسلم، ويمكن لأي دولة انها تعطي تئويلا أنها لا تستطيع تطبيق الحكم الفلاني، ولاسيما في مجال الحدود ،وهذا حتى من الناحية الشرعية والفقهية امر عظيم، أصّلها سيدنا عمر رضي الله عنه حينما لم يطبق حد السرقة في عام المجاعة، وهذا يسمى فقه التنزيل، والشريعة كلها جاءت لمصلحة العباد، فإذا كانت الدولة لا تستطيع ان تحقق الامن الاقتصادي والتكافل الاجتماعي فحينئذ تستطيع أن تؤجل تطبيق بعض الاحكام ولا سيما في مجال العقوبات، أما أننا نقابل ونواجه الشريعة الاسلامية فهذه هي الكارثة الكبرى، أين العودة الى أصالتنا، أين العودة الى التخلص من آثار الاستعمار وآثار المحتلين؟ وهل الشريعة على مر تاريخها أضرت بهذه الامة أم رفعت شأن الأمة؟ كيف كنا في الاسلام، واين قوتنا الان بعد اسقاط الشريعة رغم كل هذه الامكانيات المالية لا نستطيع ان نفعل شيئاً لا في سوريا ولا في أي مكان وليس لنا وججود مؤثر حتى في الامم المتحدة الى يومنا هذا، لأننا مفرقون، وفي ظل الشريعة كانت هذه الامة قوية، وكانت صاحبة حضارة، وكانت متقدمة بدل أن تكون متخلفة، فهذا التأريخ، وهذه التجارب: تجربتنا قبل الاسلام و في ظل الاسلام وفي ظل الاحتلال والافكار الاشتراكية والقومية والبعثية والشيوعية التي طبقت علينا ولم تأتي هذه الافكار الا مزيدا من الاذلال، ومزيدا من الفقر والبطالة والتضخم، وما هذه الثورات الا هو رد فعل لهذا الفشل الذي تحقق على أيدي هؤلاء خلال مئتي سنة من حكمهم للبلاد والعباد، وقد فشلوا تماما في تحقيق اي نصر على اسرائيل، بل خسر العالم الاسلامي القدس والضفة والغزة والجولان وكذلك السيناء وكثيرا من الاراضي العربية ،ولم يحققوا ايضا الرفاهية ولم يحققوا الحرية وعاشوا مع شعوبهم كأنهم أخطر من المحتلين .

جاءت الثورات العربية في ظل شعار الله أكبر، وبقوة الاسلام، وباندفاع الاسلام، ولذلك اعطى الشعب المصري اصواته الى من يمثل الاسلام في نظرهم، فهل نحن نهمل اصوات 90% من الشعب المصري ونلجأ الى 10% يتحكمون في رقاب الناس، فهذا نوع من البلطجة الجديدة، البلطجة الفكرية او الشبيحة الفكرية، ماذا لو فاز العلمانيون بالاغلبية فهل كان الاسلاميون يستطيعون ان يقولوا ان لا يضعوا دستورا او اي شئ،  بل الاسلاميون الذي اعطى الشعب المصري لهم اصواتهم انما كان لأجل الاسلام، وبإسلام الاسلام، واذا لم يجعلوا في الدستور ان الاسلام هو الاساس فقد خانوا الامانة، أو عليهم ان يتخلوا ويعودوا الى الشعب مرة أخرى لأن الشعب اعطاهم الصوت من اجل الاسلام وباسم الاسلام.

الله سبحانه وتعالى بين ذلك بالتفصيل ولاسيما في سورة المائدة حيث تحدث القران الكريم عن اليهود الذي اعطاهم الله سبحانه وتعالى التوراة الذي فيه هدى ونور ثم تخلوا عنه والله سبحانه وتعالى لعنهم حينما ابتعدوا وتخلوا عن شريعتهم  (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) وقال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وكيف ان الله سبحانه وتعالى امر بالحكم بما انزل الله زكيف وصف الانجيل بالخير والبركة وأن فيه الموعظة والرحمة (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

ثم تحدث عن واجب الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكم بما أنزل الله (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

 ثم تحدث القران الكريم عن شرطين أساسايين، كأنما يتحدث عنا اليوم، بأنكم تستطيعون تطبيق الاسلام بشرطين: الشرط الاول الا تسمعوا للقوى الخارجية من الصهاينة والصليبيين والشرط الثاني الا تسمعوا لهؤلاء المنافقين الذين يقومون بتنفيذ أدوار اليهود والنصارى  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)، ثم بعد ذلك يطمأن الله المسلمين بأن الله وليهم وأن الله ناصرهم وأن الله مع هؤلاء الذين يكونون مع الله (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، فكيف تكون مسلما ولا تنتمي الى الشريعة الاسلامية بل تحاديه والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، ثم طمأننا القران أكثر في سورة المجادلة وسمى هؤلاء بحزب الشيطان حينما قال (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)، حينما بين الله سبحانه وتعالى أن الذين يحادونه (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ)، هؤلاء يخسرون ويفضحون كما يخسرون ويفضحون في الاخرة، والنتيجة أن الله سبحانه وتعالى ينصر أوليائه (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).

يبدو، بعد الربيع العربي، أن الثورة المضادة بدأت قوتها وشدتها الان، ولاسيما في مصر، الذي نأمل كما تأملون انه اذا عادت مصر الى دورها فإن الامة تكون بخير، وإن مصر لها ثقلها ولها قوتها، ولذلك يجب علينا جميعا ان ندعو ونطلب من الحكام في الخليج وغيرها من الدول العربية والاسلامية ان يدعموا التوجه الصحيح بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى لا تحدث ثورة مضادة أخرى تأكل الاخضر واليابس، حينئذ ندخل في ثورة ونخرج من ثورة، وهذا ما يريده اعداء الاسلام فيما يسمى بالفوضى الخلاقة.

الخطبة الثانية

أيها الاخوة المؤمنون

نعيش اليوم، يوم الارض، الذي يخص ارضنا المباركة، يوم القدس وفلسطين كلها، من نهرها الى بحرها، ومن كل ذرة من ذراتها، هذه الارض العزيزة التي سماه الله بالارض المباركة في اكثر من آية، وكان فيها مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الارض المباركة مدنسة اليوم بهؤلاء المحتلين والصهاينة، ونحن مشغولون ببعض، وهم يريدون للامة ان تنشغل عن قضيتها الاساسية، وفلسطين لم تحرر في السابق، ولن تتحررالا في ظل دعوة وراية اسلامية خفاقة، حررها عمر رضي الله عنه بإسم الاسلام، وطهرها صلاح الدين الايوبي الكردي تحت راية الاسلام فقط لا راية أخرى . هذه الارض ضاعت تحت رايات قومية وبعثية وشيوعية واشتراكية،  فكيف هؤلاء المضيعون يردون لنا أرضنا ؟هذا بعيد جدا، إنما الذي تعيده الايادي المتوضئة والمباركة، الايادي التي تريد وجه الله سبحانه وتعالى، وليس ذلك بعيدا، فما لأجدر بالامة أن تقف مع قضاياها .

ونحن نحيياليوم  يوم الارض، لا ننسى ما الذي يحدث في الجزء الثاني من الارض المباركة، أرض الشام، في ظل هذا النظام العبثي، الذي لا يتقي الله، ولا يخاف الله، ويقوم بالتدمير للارض وللانسان ولكل القيم، وحتى للاخلاق من خلال الاغتصاب الممنهج يندى له الانسانية. جعل الله نهياتهم قريبا ان شاء الله.