لا يجوز الصراع حول هوية الامة التى قاتل من أجلها منذ أكثر من مئة سنة.


أي اقصاء لهويتنا الاسلامية يعيدنا الى المربع الاول من الصراع


على الإسلاميين والعلمانيين الاتفاق على مشروع الوحدة الوطنية وما تريده الجماهير


عليهم الاتفاق على مشروع وسطي معتدل وعلى نبذ ثقافة العنف والتطرف، ورفض أي مشروع من الخارج

تدل التجارب التاريخية على أن المعارك الفكرية، وان الغزوات الفكرية، اشد وابقى وأخطر من اي معركة أخرى، ومن اي غزوة أخرى، وقد تتعرض الامة، لبعض المعارك المادية والعسكرية، او السياسية، ثم بعد ذلك سرعان ما تحسم هذه المعركة، ولكن الاشكالية ان تبقى آثارها الفكرية، او أن تبقى المعركة الفكرية قائمة وباقية تعمل عملها داخل الاطار الذي يحدده أعداء الاسلام وأعداء المسلمين، و كلما دخلت هذه الامة، معركة سياسية أو عسكرية، كانت النتيجة وكانت النهاية النصر والفوز لهذه الامة، ولكن الاشكالية – كما قلت- انها تبقى الآثار الفكرية ، والغزوة الفكرية تبقى قائمة وتعمل عملها بخطورة شديدة.

ومن هنا تأتي خطورة المعارك الاخيرة، التي خاضها أعداء الاسلام وخاصة المستعمرون منذ أكثر من مئتي سنة، ضد هذه الامة، وليست هذه المعركة ،عسكرية فقط، وانما كانت فكرية وحضارية وتشريعية وقانوينة واقتصادية، وكلما حل الاستعمار في اي بلد من البلاد، على مر تاريخنا المعاصر الذي يمتد في بعض الاحيان الى أكثر من ثلاثة قرون، كما في الجزائر، وكما كانت في المغرب العربي، وكذلك في المشرق الاسلامي والمشرق العربي، وبقية الدول. حينما بدأت هذه المعارك العسكرية، ونجح فيها المستعمرون، فاول ما بدأوا بتنفيد آثار نجاحهم في هذه المعركة العسكرية ، كانت تغيير التشريعات واستبدال الشريعة الاسلامية وتغييرها بنظم وقوانين وضعية، وكذلك تغيير القوانين الاقتصادية والقوانين الاجتماعية داخل هذه الامة،رغم محاولاتهم الشديدة أيضا لتغيير الدين من خلال وسائل التبشير ووسائل تنصير، التي كانت دائما تمهد للاستعمار، وتقف مع المستعمرين مهما كان، ناسيا هؤلاء الشعوب الغير المسلمة في معظمها، ناسيا قوميتهم، أو غير ذلك في كثير من الاحيان.

 ومن هنا حينما جاءت معارك التحرير منذ اكثر من مئة سنة في جزائر والمغرب وتونس، ثم بعد ذلك في مصر والعراق والشام وغير ذلك من البلاد العربية والاسلامية ،وانتصر في هذه المعارك المسلمون من خلال شعار الجهاد، لم تكن هناك كلمة ترفع، ولم تكن هناك قوة تقف، الا قوة بإسم الاسلام، وبإسم الجهاد، فتحررت هذه البلاد تحت هذه الراية، ولكن الشعوب في ذلك الاثناء، او تلك الاوقات لم تكن مهيئة التهيؤ المطلوب، لأن تعود تماما الى هويتها والى دينها والى الشعار الحقيقي الذي رفعته هذه الشعوبـ، وهؤلاء الاقوام،والتي انتصر بها وهو شعار الجهاد، ومن هنا تحررت هذه الدول من الغزو العسكري، وتحررت هذه الدول اللاسلامية ومنها العربية من الاحتلال العسكري، ولكنها بقيت الاحتلال الفكري والغزو الثقافي والانسلاب الحضاري، ومحاولة تغيير هوية الامة، وفرض هوية أخرى وثقافة أخرى على هذه الامة،  ونجحوا في ذلك، حينما غيروا الشرائع الاسلامية بالقوانين الوضعية، وظلت هذه القوانين سائدة في معظم البلاد الى يومنا هذا، وغيروا كذلك الانظمة الاقتصادية مهما كانت متواضعة وحلت محلها الانظمة الاقتصادية الرأسمالية في غالبها، ثم الاشتراكية الشيوعية في بعضها، ودخلت هذه الامة في صراع مرير من خلال صراع حول هوية الامة، وعامة الامة التي تريد أن تكون هويتها الاسلام وان تكون الشريعة الحاكمة هي شريعة الاسلام، وان يكون نظامها الاقتصادي قائما على الحلال والحرام الذي يؤمن به داخل المسجد وداخل السوق، ولكنه مجبر عليه أن يتعاول مع الحرمات من خلال الانظمة الربوية والرأسمالية والاشتراكية، وأجج هذه الصراع من قبل الاعداء ، ودائما كان المحتلون يدعمون كل توجه، سوى توجه – مهما كان-  اسمه الاسلام ، حتى أن مهادران في تقريره 2005 و2006 ذكر هذه المسألة ، ولم يستثني من الاسلاميين حتى الصوفية، وقالوا: وان كانت الصوفية اليوم هي اقرب ما تكون الينا وممكن ان نستثمرها لضرب الاسلام السياسي، ولكن الصوفية ايضا لها مخاطر من خلال مرجعيتها الاسلامية، ومن خلال هوية الاسلام.

هؤلاء المحتلون، وهؤلاء الذين يريدون ان يكون لهم السيطرة والهيمنة على بلادنا، يعرفون أن الاسلام الذي يرفض الذل، ويرفض العبودية لغير الله، ويرفض التبعية لغير الله سبحانه وتعالى، لا بد أن يُحارَب، وان يُبعَد، وأن يُغيب عن ساحات الحضور، وساحات الجماهير وساحات التشريعات وساحات السياسة فإذا كانت المعركة في ظاهرها بين ما يسمى بالاسلام السياسي وبين المشروعات الغربية أو الشرثقية ولكن هذه المعركة في حقيقتها وجوهرها بين ما يريده الاسلام لهذه الامة ان تكون أمة واحدة امة عزيزة أمة قوية وشاهدة وامة قادرة أمة متحضرة امة مستقلة ، بين ما يريد الاسلام من هذه الامة وما يريده هؤلاء من ان تكون هذه الامة بخيراتها الكثيرة ومعادنها العظيمة وما فيها من خيرات لا تحصى ولا تعد ان تكون امة تابعة ان تكون أمة منفرقة – فرق تسد – ان تكون امة ضعيفة حتى تؤكل أن تكون أمة دون حضارة ودون قوة ودون شهادة ودون خيرية وهذا صراع حقيقي، لأنه هكذا يريدون وهذا المفروض ماالذي تتوقعه من امة أو من شعب او من دولة تريد ان تسيطر ولها مصالحا في أن تكون الامة الاخرى ضعيفة فهذا شأنهم ولكن الاشكالية في شأن هذه الامة.

 ومن هنا اشغلت هذه الامة ودخلنا في هذه الصراعات الكثيرة بين ما يسمى هذه الاحزاب ، الاحزاب التقدمية ،الاحزاب الاشتراكية ، و الرأسمالية ، وحتى في البداية من سموا انفسهم بالديقراطيين ، ولكن ديمقراطية زائفة و ليست ديمقراطية حقيقية ، واصبح العالم العربي بالذات و العالم الاسلامي بشكل عام يعيش هذا الصراع، وفي ظل الصراع لا يمكن ان تكون هناك قوة ، لا يمكن ان يكون هناك اقتصاد قوي، لا يمكن ان تكون هناك مقاصد الله ومقاصد شرعه  أن تتحقق ، وكل ما مر حزب جاء حزب آخر وكلما فشلت بعض الاحزاب وبعض الافكار وبعض الايدلوجيات ، جاءت ايدلوجية جديدة مرة باسم الرأسمالية، و مرة باسم الاشتراكية، ومرة باسم الانقلابات العسكرية ، ومرة و مرة …

أكثر من مائتي سنة، هذا هو شأن الامة الاسلامية ،التي تؤججج فيها نار الصراع بكل ما تعنى الكلمة ، وأنشئ ايضا ما يسمى بالاسلام السياسي و الاسلام الغير سياسي او الوهابي ، و الاسلام الفلاني او العلاني الى آخر التسميات، كل ذلك في حقيقتها وجوهرها تعود الى هذا الصراع، ولكن الامة في معظمها لم تعِ هذه المسألة ، و يعود ذلك الى النخب السياسية ، الى معظم المفكرين ، والعلمانيين الذين لم يفهموا الاسلام بصورته الحقيقية ولم يفهموا شمولية الاسلام وجعلوا الاسلام السياسي، او الحركات الاسلامية السياسية بما يسمى بالاخوان او بغير الاخوان، جعلوا ذلك بمثابة الاعداء او العدو، و من هنا انحاز بعضهم او اكثرهم الى المشروعات الخارجية حماية لمكتسباتهم او لجهلهم بحقيقة الاسلام، ولاسيما الاعلام العالمي بيد صهاينة ، اذا كان وسائل الاعلام ووكالات الانباء بنسبة 90% في مصدرها وجوهرها بأيد صهاينة، والباقي بأيد غير صهاينة، و لكنه هم ايضا لا يحبون على اقل تقدير، او لا يفهمون او يجهلون الاسلام في حقيقتها ، هذا الصراع ادى الى كل هذه المشاكل، وهو المسؤول في نظر المحققين، عما وصلت اليه الامة من تخلف ومن تفرق و من تمزق، لأن هذا مزق الامة واشغل الامة بعضها ببعض ولا زلنا نحن ندخل في معركة و نخرج ثم ندخل في معركة اخرى.

كنا في معارك مع المحتليين ثم دخلنا في الانقلابات العسكرية ثم دخلنا في ما بيننا ثم وقع في العالم الاسلامي خلال مائة سنة اكثر من مائتي حرب داخلية ، بين دولة و دولة ، من العراق و الكويت و دول افريقية وحتى بين دول الخليج صراع على الحدود رغم ان الحدود صنعها المستعمرون في اتفاقية سايكس بيكو ، لم تكن هذه الحدود موجودة قبل مائة و خمسون سنة ، كانت الامة الاسلامية كلها واحدة في جنسية واحدة وحدود واحدة ، ولذلك تجد في كل بلد اشخاصا ينتمون الى بلاد اخرى ، هذا مصري وهذا تركي و هذا كردي و هذا عربي في اقصى بلاد الاسلام و المسلمين ، اينما ذهبت الى فارس الى قرغزيا ، اوزبكستان الى اخر افريقيا ، تجد ان القبائل العربية ذهبت الى هناك او اندونسيا وهكذا كانت الامة واحدة وكانت الارض واحدة ثم اشغلونا بالقوميات واسقطوا بالقوميات الخلافة العثمانية ، اشغلوا القومية الطورانية المتطرفة بالقومية العربية ، وتكون لديها رد فعل من خلال القومية العربية  واشتبكت القوميتان و كانت النتيجة سقوط الخلافة ، و الذي استفاد من هذا السقوط ليس العرب كما وعدوا بان يكون لهم ولكن الانجليز و فرنسا هم استفادوا ، هذا التاريخ نحن عاصرناها او نحن نشاهده ليس بعيدا واليوم الى معركة ثالثة اي المعركة على هؤلاء الذين عينهم المستعمرون الذين جاءوا باسم الانقلابات العسكرية وعاثوا في الارض فسادا وقضوا على الهوية الحقيقية لهذه الامة خلال اربعين او ثلاثين او خمسين سنة، من انقلاب عسكري في الشام في الاربعينات ثم بعد ذلك في مصر في الخمسينات و في العراق كذلك وكذلك في دول افريقية عربية و هكذا وصلت الى مرحلة الى هذه الثورة الشعبية التي ترونها وتشاهدونها الناس مستعدون للتضحية بكل غال وثمين من اجل التخلص من هؤلاء المستبدين الذين اذلوا الرقاب واخذوا اموال الناس واموال العباد وعاثوا في الارض فسادا وكانت الكلمات كلها كلمات التكبير والتهليل والمحرك، الدافع الذي دفع هؤلاء، ليس هناك دافع سوى الانتماء الاسلامي، سوى الشعارات الاسلامية ، سوى الحركات الاسلامية ،التي مهدت فعلا من حوالي مئة سنة لمثل هذه الثورات الشعبية، لم تاتي هذه الثورات من فراغ انما اتتت من برامج وجهود بذلها هؤلاء الذين ضحوا بكل شئ، وقتل اكثرهم في السجون، واُذوا في السجون، في مصر والشام وليبيا وفي كل مكان.

 فهل بعد كل هذه المعارك التي خضناها، وهل بعد كل هذا الفشل الذي تحقق على ايدي هؤلاء الذين لم يرفعوا الشعار الاسلامي، ولم يتفقوا مع هوية الامة، هوية الاسلام، هل تجربوا هذه الامة مرة اخرى وتُبتعد عن هوية الاسلام، لندخل في صراع اخر يمتد اكثر من مئة سنة؟ هذا هو السؤال الذي يجب علينا ان نحسمه، وقد حسم الله سبحانه وتعالى لنا هذه الهوية، وقال في كتابه العزيز مخاطبا العرب وغير العرب في ايات محكمات بينات “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا” فالله سبحانه وتعالى رضي لأن يكون لهذه الامة دين واحد، وهو الاسلام، ولم يرضى لأ ي دين اخر ولا لأي انتماء آخر، ولا لأي هوية أخرى، على الرغم من اعتراف الاسلام بالهوية القومية والهوية القبلية والهوية الوطنية ، هذه الهويات او هذه الانتماءات لا مانع منها، مقبولة، ولكنها في اطار الاسلام العظيم، وهي ايضا يجب ان تصاغ بصورتها الايجابية، وليست بصورتها السلبية العنصرية، التي تضر ولا تنفع، وانها منتنة ونتنة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” دعوها فإنها منتنة” حينما تكون عصبية جاهلية، ولكن حينما تكون القومية لخدمة القوم، حتى يقوم كل قوم بخدمة البعض في اطارها الصحيح وفي اطار الحقوق القريب، وحقوق التي فرضها الاسلام بنفسها على الاقرباء ثم على المنطقة القريبة “خذها من أغنياءهم وردها على فقرائهم”، حينما تكون في هذا الاطار، تكون قوة ايجابية داخل هذا الكيان العظيم، داخل هذا الاطار العظيم، وهو اطار الاسلام، واطار نعمة الاخاء، وبهذه تتكون الامة ، الامة لا تتكون من شعب واحد مهما كان الشعب عظيما، الامة تتكون من مجموعات مختلفة وحضارات وشعوب، تكون هذه الشعوب اصحاب حضارات متنوعة، ومن هنا جاءت عظمة الاسلام، وجاءت عظمة الحضارة الاسلامية من خلال هذا التنوع وتكونت الحضارة بسرعة ، حضارة عالمية خلال 150 سنة وصلت شأوا بعيدا في كل مجالات العلوم وفي كل مجالات التقدم واصبحت الامة تملك الارض فعلا وتكون حاكمة لهذا الارض ومتمكنة منها قادرة عل تنفيذ العدل وتحقيق العدل وان تكون لها امة الشهود ” وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ” اي تكونوا امة عادلة قادرة الشهادة بالعدل وتحقيق العدل بين الناس وليست امة تريد ان تأخذ وتنهب ثروات الآخرين كما رأينا ذلك من المستعمرين على الرغم ما يدعون من الحضارة والتقدم فمن هنا هذه الهوية يبجب على الامة المحافظة عليها وهي التي تجمع ولكن الامر المهم في هذا الصراع ان يتجه الصراع بين هذه الامة وبين المشروعت الغريبة عن هذه الامة. وقد كان لي استاذ مسيحي يدرني في جامعة عين شمس في مصر كان ينادي ويطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية وحينما قلت له كيف وأنت مسيحي تطالب بتطبيق الشريعة ؟ قال ان هذا الفقه أي الفقه الاسلامي على أقل تقدير فقه نشأ في هذه البيئى فهي أقرب إلي من الفقه الفرنسي أو الفقه الروماني او الانجليزي الذي يحتلون فكيف أرضى بفقه وقانون جاء مع المحتل وبقي يحكمني وتركنا المحتل وبقي اثاره تتحكم فينا.

هذا هو الموقف السليم بالنسبة لغير المسلمين ان يكون موقفهم من ان هذا الدين قد جاء وقد جرب، لاول مرة في تاريخ الاديان ان يسمح الاسلام سماحا كبيرا بالتعايش السلمي، ولاول مرة كما يقول المنصفون من الغرب ان تصنف وتكتب حقوق غير المسلمين وتلتزم بها الدولة الاسلامية لهذه الحقوق بنص مكتوب ووثيقة مكتوبة لاول مرة في التاريخ، من خلال وثيقة المدينة، دستور المدينة،الذي اعتمده الرسول صلى الله عليه وسلم في سبع وعشرين مادة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، نظمت هذه المواد علاقة اليهود بالمسلمين على اساس المواطنة الكاملة، حتى لم تكن هناك الجزية في ذلك الوقت، ولم يكن هناك اي شئ ،سوى حقوق المواطنة الكاملة، والتعايش السلمي، بل ان بعضهم في بعض الاحيان وصلوا الى مراتب عالية في ظل الحضارة الاسلامية كما يقول السيوطي ” كان بعض المسلمين يتمنون ان يصلوا الى هذه المناصب سواء كان مناصب علمية ام مناصب وزارية” فلماذا  هذا الخوف من هذا الدين الذي جرب، وبقي غير المسلمين بحرية، انظر الى عدد المسيحيين في كل عالمنا الاسلامي، بقوا كما هم ،والذين دخلوا في الاسلام دخلوا بمنتهى الحرية، لم يكن هناك اكراه على مر تاريخنا الاسلامي، بينما حينما جاء الصليبيون الى الاندلس الذي عاش فيها المسلمون، وهم الاكثرية من المواطنين الاندلسيين، بالملايين، وكان تشمل اسبانيا وجزء كبير من ايطاليا والبرتغال وقسم كبير من فرنسا، هذه المنطقة الواسعة جدا، حكمها المسلمون 8 قرون، وكانت الغالبية من المسلمين فلما جاء الصليبيون، خلال عشرين سنة فقط، ما تركوا مسلما واحدا، الا اذا قتل، او حُرق في محاكم التفتيش، او انه أخفى اسلامه، او تنصر وأصبح من النصارى، لم يبقوا مسلما واحدا.  بينما انظر الى المسيحيين وكذلك اليهود، على الرغم ما فعلوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الاسلام دين تسامح ودين الحقوق، ويعطيهم الحق ان يطبقوا شريعتهم في دولة الاسلام،وهذا ممنوع الان في ظل ما يسمى بالسيادة للقانون الوطني في بريطانيا، فهناك ممنوع سوى القانون الانجليزي، وهكذا في فرنسا ، ولكن في الاسلام سمح ان تكون هناك قانون اخر يخص غير المسلمين، وهذا الى يومنا هذا، في عصر الحضارة والتقدم، لا يوجد  السماح في دين اخران يكون له قانون اخر، لان هذا من باب السيادة القانونية ،وتنازل الاسلام عن هذه السيادة لأجل حرية الناس .

والامر الثاني، ايها الاخوة ، فبدل ان ينشغل العلمانيون كما هو حال اليوم، في تونس ومصر، أصبح اليوم بعد هذه الثورة المباركة، وهي ثورة الجمعة وثورة التراويح وثورة الصلوات وثورة الوقود الاسلامي الذي اصبح وقودا من مئة سنة ، الان يحاول ان يُشغلوا هؤلاء بالصراع بين الاسلاميين وبين العلمانيين، بدل ان ننشغل بالصراع بين انتماءنا الاسلامي وانتماءنا القومي والوطني – ايضا مهدد- وبين المشاريع الاجنبية،  المشاريع التي تريد لنا التبعية ” ولن ترضي عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم” انظروا الى دقة القران، لم يقل حتى تدخلوا في دينهم، هم لا يريدون ذلك، يريدون التبعية وقال “ملتهم” اي ثقافتهم وحضارتهم، هم يريدون ان نكون نحن مليار وستمائة مليون نسمة تابعين لهم لأن لنا ثروات وخيرات ولنا دين وحضارة، لابد ان لا يكون لنا هذه الذاتية لأن هذه الذاتية هي التي في نظرهم تكون مهددة لحضارتهم المادية الاستعمارية البشعة.

فندائي على هذا المنبر، وطلبي من هذا المكان المبارك، وفي هذا اليوم المبارك ان لا يكون الصراع داخل الامة الاسلامية والعربية بين الاسلاميين وبين العلمانيين، بل يكون الصراع ضد المشروعات الاجنبية، بل يكون الصراع بين المشروع الاسلامي المعتدل والمشروعات المتطرفة، فليتفق العلمانيون مع الاسلاميين – ان صح هذا التعبير – على نبذ مشروع التطرف، هذا هو الاساس، التطرف والافراط عدو الاسلام، الغلو والعنف ضد الاسلام والمسلمين، فلنتفق على ذلك، لنجتمع على اسلام الله الذي يسع الجميع، الاسلام الذي فيه كل الحضارة وكل القيم وكل الخيرات، الاسلام الذي طًبق ويسع لكل الاديان والمذاهب ، المسيحية واليهودية، حتى للهندوس. عاش المسلمون في الهند 12 قرنا، وهم يحكمون ولم يدخلوا احدا بالقوة وكان بإمكانهم ان يجبروا هؤلاء الهنودس أو الصيغ الى الاسلام. ولكن في الأندلس ، شبه قارة ، ما تركوا فيه مسلما واحدا خلال عشرين سنة فقط.

 فلذلك هذا الصراع اذا نجح سوف يجعلنا ان ندخل الى صراع آخر، تنشغل الامة الاسلامية، فبدل ما تنشغل بالتنمية والعلم والحضارة تنشغل بنفسها وتتأخر وتكون تابعة “حتى تتبع ملتهم”، ونُحرم من كل شئ، من ثرواتنا وخيراتنا وتشريعاتنا ومن قوانينا، فهل يرضى الكرام بمثل هذه التبعية ، هذا هو السؤال الذي يجب ان نوجههه الى أنفسنا ،والله الذي لا اله الا هو، ان هؤلاء الاعداء لا يريدون حتى العلمانية، انما يريدونهم اذا كانوا عملاء، وانا لا اقول غير أن معظم هؤلاء العلمانيين، وطنيون ومحترمون، ولكنهم مشكلتهم انهم نظروا الى بعض الجماعات المتطرفة وظنوا ان هذا هو الاسلام، الاسلام ليس هذه الجماعات المتطرفة والذي لازالت لا يصل نسبة 1 بالمئة من المسلمين، اي من جماعات العامة، التي تدعو الى الاسلام الحضاري والى الحضارة والتعايش والسلام .

وادعوا الله تعالى أن يحمي مصر والدول الاخرى من هذه الصراعات وان يحمي هوتنا الاسلامية التي لا بديل عنها، ان الشعوب قلوبها مسلمة فلا يمكن ان ترضى الا بالاسلام، وان تحمينا من الدخول في صراع مع الحكومة لمئة سنة أخرى فنظل في صراع الى صراع ,ادعو الله أن يهدي هؤلاء العلمانيين ان كان فيهم خيرا لتجتمع المة على ما فيها مصلحتها وما فيها خيرها وكرامتها .

لا زلنا نحن في عالمنا الاسلامي ،نعيش هذه الصرعات وقد تحرر الشعوب المسلمة من الاستعمار في الماضي،  واليوم يريد هذه الشعوب الاسلامية ان تتحرر من الظلم الذي فرض عليه بكل التضحيات، فأكثر من 50 الف شخص استشهدوا في معركة التحرر الثانية او الثالثة في  ليبيا ، وفي مصر وان كان والحمد لله – الثمن قليلا ولكنه لا زالت المعركة قائمة خاصة في هذه المسألة أي في حسم الهوية الاسلامية، وعلى اخواننا في مصر أن يحسموا هذه المسألة لصالح التجارب والواقع ولصالح عامة الناس.

وفي سوريا كما ترون، لا زال هذا النظام يطبق على شعبه اقسى  أنواع العنف والايذاء والقتل والتعذيب فقد استشهد حوالي 500 شخص ، والذي يكتشف جزء بسيط مما لم يكتشف ، ومات في السجون خلال هذا شهر رمضان اكثر من 80 شخص بالايذاء والتعذيب، والله سبحانه وتعالى بين خطورة القتل ” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما” كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:” لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يرق دما لأمرء مسلم” ولذلك نطالب الجيش السوري وشرفاء الأمن والشرطة بحماية الشعب من بطش النظام وشبيحته. لا يجوز تنفيذ أوامر نظام يقتل شعبه وفقد شرعيته، “فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”

ونطالب من بقي من جيش اليمن مع النظام أن ينضموا الى الثوار للحسم حتى لا تبقى اليمن فذ هيه الحالة من الشلل

مطالب منظمة التعاون الاسلامي ، وجامعة الدول العربية أن تقف مع الشعوب المضطهدة وليس مع الانظمة الظالمة القاتلة