المبادئ العامة والقواعد الكلية للتعايش السلمي والتعاون
الإنساني :
أولى الإسلام عناية قصوى بترسيخ مجموعة من
المبادئ والأسس والقواعد العامة في نفوس المسلمين من خلال مجموعة كبيرة من الآيات
والأحاديث الشريفة لتحقيق التعايش السلمي ، والقبول بالآخر ، بل لتحقيق التعاون
البناء على الخير والعذاب ، والإحسان ، ومن أهمها :
مبدأ : الاقرار بالاختلافات القومية ، واللونية ، والفكرية
والدينية والعقدية :
إن من سنن الله تعالى أن الناس ( مسلمين أو
غيرهم ) مختلفون في الأديان والأفكار والأيدلوجيات والتصورات ، فهناك العشرات بل
المئات بل الآلاف من الأفكار والأديان والتصورات والمذاهب الفكرية والتوجهات
المختلفة في مختلف جوانب الحياة .
وهذا الاختلاف هو من
إرادة الله تعالى ومن سننه الماضية حيث جعلهم مختلفين فيما سبق ، حيث يقول الله
تعالى : (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات
للعالمين …… )[1] .
وفي نطاق الاختلاف في الأديان والمذاهب والآراء يقول الله تعالى : ( كان
الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم
بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلاّ الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم
البينات بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)[2] وبين الله تعالى أن سننه تقضي وجود هذا الاختلاف حيث
يقول الله تعالى : (ولو شاء ربك لجعل
الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن
جهنم من الجنة والناس أجمعين)[3] ثم كرر ذلك في سورة النحل فقال : ( ولو شاء الله
لجعلكم أمة واحدة ولكن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ولتُسئلّن عمّا كنتم تعملون)[4] وفي سورة الشورى : (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة
ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير)[5] ويقول تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً
وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن
لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)[6] حيث تدل هذه الآيات بوضوح على أن هذا هو شأن الإنسان ،
كما يفهم منه قبول هذا الاختلاف مع السعي لتقليله .
ولكن هذه الاختلافات تقل أو تكثر ، تضعف أو تشتد
، تصغر أو تكبر حسب نسب مختلفة وفئات متنوعة بين المسلم وغيره ، ولكن المشتركات
الإنسانية بين جميع بني البشر ، ثم المشتركات في أصول الأديان ، والقيم العليا
أكثر ، وأكبر وأعظم من المفرّقات والممزقات وبخاصة في مجال قبول الآخر ، والعيش
المشترك ، فقال تعالى (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ)[7] .
مبدأ : سنة التدافع لله تعالى ، وسنة الدفع بالتي هي أحسن
لهذه الأمة :
ولم يستعمل ال