عندما تقرأ بعض الكتب والبحوث تجد بعضها يخلط بين جملة من المقاصد المتعلقة بالشريعة ، أو بخلق الإنسان ، أو البيئة ، أو نحو ذلك ، حيث قد يذكر مقاصد للشريعة ، وهي في حقيقتها لخلق الإنسان ، وهكذا … .

  والتحقيق أن المقاصد تختلف وتتنوع حسب موضوعها ، ومحلها ، أو حسب المضاف إليه  ، وكلها تعود إلى ما يظهر في الكتاب والسنة من مقاصد الله تعالى في كل ذلك ، فمقاصد إنزال الشرائع والأديان الحقة هي مثلاً : العبودية لله تعالى ، وإصلاح الإنسان ليكون صالحاً لتعمير الكون على ضوء منهج الله ، وهذا الإصلاح يحتاج إلى تحقيق مصالح الإنسان الضرورية ، والحاجية والتحسينية ـ على التفصيل الآتي ـ .

  وأما المقاصد في خلق الإنسان فهي محصورة في تحقيق مقصدين كليين استراتجيين يتفرع منهما عدد كبير من الأهداف والغايات لخلق الإنسان وهما تحقيق العبودية لله تعالى ، والخلافة في الأرض بنص القرآن الكريم : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )[1] ، كما سيأتي .

 وأن المقصد في خلق الملائكة هي عبادة الله وتنفيذ أوامره لإدارة الكون والبشر ، حيث خلقهم الله على شكل ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[2] .

 وأن المقصد في خلق الكون كله ( الدنيا والآخرة ) للابتلاء والامتحان فقال تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[3].

  ونحن هنا نقسم هذه المقاصد الإلهية التي أظهرها الله تعالى في القرآن الكريم ، وكذلك فصلها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الصحيحة ، إلى :

  1. المقاصد في خلق الكون

  2. المقاصد في خلق الملائكة

  3. المقاصد في خلق الجنّ والشياطين

  4. المقاصد في خلق الإنسان

  5. المقاصد في خلق الجنة والنار ( الآخرة )

  6. المقاصد في إنزال الأديان الحقة ، وبخاصة الإسلام التي تعبر عنها مقاصد الشريعة .

 ثم إن داخل كل نوع مقاصد فرعية تنبثق من المقصد الأصلي ، قد لا يسع المجال لذكرها .

وإن معظم الباحثين قد ركزوا على النوع الأخير ، لذلك نحاول تأصيل هذه الأنواع الستة بشيء من الإيجاز .

 

النوع الأول : المقاصد العامة في خلق الكون كله :

 تطرق القرآن الكريم إلى أن الكون في آيات كثيرة أكثر من آيات الأحكام ، حيث يظهر من خلالها أن مقصد الله تعالى في خلقه الكون هو ما يأتي :

  1. حتى يكون دليلاً وبرهاناً على وجود الله تعالى ، وعلى علمه ، وإرادته ، وقدرته ، وبقية صفاته الثابتة في الكتاب والسنة .

  2. إثبات ألوهية الله تعالى ، لأن الخلق هو الذي يدل على الخالق ، وأن الخالق بدون الخلق ليس بخالق ولا مستحق للعبودية ، ولذلك تنطلق معظم أدلة القرآن من مظاهر  الألوهية إلى الإيمان بالخالق والإيمان به .

  3. استحقاق العبودية الكاملة لله تعالى من خلال نعمة الخلق .

  4. حتى يكون خلقه سبباً لمنفعة الإنسان ورزقه وسعادته وبالتالي شكر الله تعالى ـ كما في الآية 22 من سورة البقرة ” ، ولينتفع الناس به  “سورة البقرة – الآية29” ، وليأكل حلالاً طيباً ، سورة البقرة – الآية 168 ، 169 ، 172 ، 173 ” .

  5. ابتلاء الإنسان به ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )[4]وفيه ، ليستحق بالأعمال الصالحات : الجنة بفضل الله تعالى ، وبأعماله السيئات : النار .

  6. تعمير الكون ، حيث سخره الله تعالى للإنسان حتى يعمره ويعبد الله تعالى حق عبادته.

 ومن الجدير بالذكر فإن لكل نوع من أنواع الخلق ، مقاصده خاصة ، فمقاصد الله تعالى في خلق الدنيا هي غير مقاصده في خلق الآخرة ، وهكذا …. مما لا يسع المجال للخوض فيه في هذه العجالة .

  إن مما لا ريب فيه أن الله تعالى خلق الخلق لِحِكَم وغايات قد ندرك بعضها ، وقد لا ندرك ، لكن الذي نؤمن به إيماناً جازماً ، وهو أن هذا الكون لم يخلق عبثاً ، وإنما خلق لغايات وحكم ، ونقول كما علمنا القرآن الكريم ( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[5] وذلك بعد الحديث عن خلق السموات والأرض … .

 

النوع الثاني : المقاصد في خلق الملائكة :

فقد تطرق القرآن الكريم إلى ذلك في آيات كثيرة نوجز مقاصدها فيما يأتي :

  1. عبادة الله تعالى وعدم عصيانه في شيء بل في ذرة حتى تضبط الأمور ، وتنظم أمور الكون بدقة متناهية .

  2. قيامهم بالواجبات التي كلفهم الله تعالى من حمل العرش ، وتبليغ رسالات الله تعالى إلى الرسل والأنبياء ، بل إدارة الكون كله ، وإدارة الدنيا والآخرة بأمر من الله تعالى ، وعلمه وإرادته ، مثل إدارة المطر ، والجبال ، والزلازل ، وقيامهم بأمر من الله بنفخ الروح في الجنين ، وكتابة مصيره ، وأخذ روحه وحياته عند أجله ، وتنفخ الصور، وكذلك كتابة جميع أعمال البشر خيرهم وشرهم ، والقيام بتدمير ما يريد الله تعالى تدميره ، وغير ذلك .. .

  3. النزول على الأرض لملئها بالسلام والبركات ومساعدة جند الله تعالى وتثبيتهم ونصرتهم حسبما أمرهم الله تعالى .

وهكذا

 

 النوع الثالث : مقاصد خلق الجنّ والشياطين :

وهي أيضاً كثيرة ونذكر هنا أهمها بإيجاز شديد :

  1. عبادة الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[6] .

  2. ابتلاء الإنسان بهم ووساوسهم ، وقيامهم بإضلال الإنسان بكل الوسائل المتاحة لهم ، وذلك لكشف صدق الإنسان مع الله تعالى وإيمانه والصبر والثبات ، أو بالعكس .

 

النوع الرابع : المقاصد في خلق الإنسان :

وهي أيضاً كثيرة نذكر أهمها هنا بإيجاز :

  1. العبادة لله تعالى عبادة شاملة لكل حركة الحياة والموت .

  2. الابتلاء لاظهار من هو أحسن عملاً حيث يقول الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[7].

  3. الخلافة في الأرض ، وقيامه بتعميرها ، بل الكون كله على ضوء منهج الله تعالى في الصلاح والإصلاح .

  4. ليملأ منهم الجنة والنار .

وهكذا ……..

  

النوع الخامس : المقاصد في خلق الجنة والنار ( الآخرة ) :

وقد ذكر القرآن كثيراً من هذه المقاصد نذكر أهمها :

  1. تحقيق عدل الله تعالى وإحسانه ورحمته الواسعة .

  2. لتكون النار رادعاً للكفرة والفجرة والفاسقين ، والجنة دافعاً وحافزاً للمزيد من الجهاد الشامل ، والعمل الصالح المصلح النافع للإنسان ، والحيوان ، والبيئة ، فقال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[8] وقال تعالى : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ)[9] ، فالإيمان باليوم الآخر من أهم الأسباب المؤدية لإصلاح الإنسان ، والسعي الحثيث لإصلاح مستقبله ، وتهيئته ، وتقديم العمل الصالح ، والاستزادة في طاعة الله تعالى ، والابتعاد عن كل ما حرمه الله ، وكل ما يؤذي الآخر .

 

النوع السادس: المقاصد في إنزال الشرائع السماوية ، وإرسال الرسل ، وبخاصة الشريعة الخاتمة ، وهي المقصودة في معظم الدراسات الموسومة : مقاصد الشريعة ، وبما أن الدراسات فيها كثيرة ، فأتحدث هنا عن أنواعها .

 فمقاصد الشريعة كثيرة ومتنوعة ، فهناك المقاصد العامة ، والمقاصد الخاصة ، بالعبادات والشعائر ، بل هناك مقاصد خاصة بالعقيدة ، ومقاصد خاصة بالصلاة من كونها صلة بين الإنسان وربه ، وكونها تصلح الإنسان وتمنعه عن الفحشاء والمنكر ، فقال تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )[10] ومقاصد خاصة بالزكاة من التطهير والتنمية ، والتكافل (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )[11] ومقاصد خاصة بالصيام من الترويض على السمع والطاعة والصبر( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[12] وحتى يتحمل ويصبر ، حتى لو شاتمه أحد يقول : إني صائم ، وكذلك مقاصد الحج من كونه مؤتمراً  (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ )[13] وللترويض عن الامتناع عن اللغو والجدال والمحرمات والحفاظ على الثروة الحيوانية والزراعية في مكة وعلى الحيوانات البرية ( الصيد ) عندما يكون محرماً .

هذا بإيجاز شديد جداً … .

 

   وأما مقاصد الشريعة فقد حصرها فقهاؤنا في المقاصد  أو المصالح الضرورية ، والحاجية ، والتحسينية ، وهذا التقسيم الثلاثي تقسيم عقلي لا يقبل وجود نوع رابع مطلقاً ، وإنما الخلاف في أنواع المقاصد أو المصالح الضرورية ، والحاجية ، والتحسينية ، فقد ذكر الفقهاء أن الضروريات خمس ، أو ست ، وعرفوها بعدة تعريفات :

أحدها : هو ما لا بدّ منه لقيام الحياة للعباد ، بحيث إذا اختل كلها ، أو أحدها اختل نظام حياتهم ، وعمتهم الفوضى والاضطراب .

والثاني : أن هذه الضروريات الست هي ما  وضع لكل واحدة منها في حالة السلب حدّ أو قصاص ، ومجموعة من التشريعات الأساسية ، فالدين شرع الشارع لتحقيقه وحفظه الجهاد ، ولحفظه من الاستهانة حدّ الردة .

وشرع الله تعالى لحماية النفس وحفظها وعدم الاعتداء عليها القصاص إضافة إلى حرمة أي اعتداء عليها ، وإباحة تناول المحرمات في حالة المخمصة .

وأما العقل فقد شرع لتنميته التفكير ، والحرية ، ولحفظه حرمة الاعتداء عليه ، وحدّ المسكرات .

والمال كذلك وضع لحمايته من الاعتداء عليه حدّ السرقة إضافة إلى حرمة الاعتداء عليه ، وأكله بالباطل ، وايجاب الضمان والتعويض .

وشرع الله تعالى لحفظ النسل الزواج ، وتحريم الزنا ، وايجاب الحدّ في حالة الاعتداء عليه بالزنا .

  وشرع الله تعالى لحفظ الأعراض حدّ القذف إضافة إلى تحريم أي اعتداء عليه .

  وبناء على هذا المعيار ( الوجود والسلب ) بعنصريه فإن هناك ـ في نظري ـ أمرين آخرين لا يقلان أهمية عن الأمور الستة السابقة وبخاصة في عالم الاقتصاد، ويتوافر فيهما العنصران المذكوران لمعاير الضرورات ، وهما :  

أولاً ـ حفظ أمن المجتمع ، أمنه السياسي ، وأمنه الاجتماعي ، وأمنه الاقتصادي ، وامنه البيئي ، حيث شرع الله تعالى أعظم الحدود وأشدها على الاطلاق في حالة الاعتداء عليه وهو حدّ الحرابة[14] ، حيث يقول تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [15].

  فالآية تدل بوضوح على محاربة من يعتدي على أمن المجمتع ويسعى لنشر الفساد في الأرض سواء كان هذا الفساد يخص الانسان ، أو الحيوان ، أو البيئة ، فهو فساد مطلق شامل لكل ما ينطبق عليه الفساد ، بل إن الله تعالى قيده في آية أخرى بالفساد في الأرض والاهلاك الحرث والنسل ، فقال تعالى : ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ )[16] .

   بل إن الآيات القرآنية الواردة في خطورة الفساد في الأرض وآثاره المدمرة أكثر من أن تحصى في هذه العجالة ، منها قوله تعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ  أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ  )[17] بل إن الله تعالى حرم الجنة أيضاً على هؤلاء المفسدين فقال تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )[18] .

 إذن فحفظ أمن المجتمع ودرء الفساد في الأرض ضرورة من الضروريات على ضوء المعيار الذي وضعه الفقهاء .

 ثانياً ـ حفظ أمن الدولة العادلة ، حيث أمر الله تعالى بحفظه وشرع لذلك وجوب البيعة ، وحرمة الخروج على السطان المسلم ، كما وضع الله تعالى لحمايته حداّ وهو حدّ البغي ، إضافة إلى تحريم الاعتداء عليه ، ووجوب حمايته ، فقال تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )[19] ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( …… ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر )[20] ويقول صلى الله عليه وسلم : ( من حمل علينا السلاح فليس منا )[21] .

  والبغاة هم الذين يخرجون عن طاعة إمام الحق أو من ينوب عنه بغير حق ، وقد يكون لهم تأويل ، ويحملون السلاح في وجهه[22] ، وبعبارة معاصرة هم المعارضة المسلحة التي تريد تحقيق ما تريده بالقوة والسلاح ، فهذا عمل غير جائز شرعاً ، فقد أجمعت الأمة على حرمة الخروج المسلح على الإمام العادل الذي ثبتت له الولاية بطرق مشروعة ، وأن جمهورهم على حرمة الخروج المسلح حتى على الإمام الفاسق الفاجر ما دام تترتب عليه فتنة وسفك دماء ، وبث الفساد والاضطراب ، مع ان الجميع يثبتون الحق للأمة في عزله وخلعه إذا ظهر منه سبب يوجبه مثل الفسق ، والظلم ، بشرط أن لا تترتب عليه فتنة أشد[23] .

النوع الثاني : المصالح الملغاة ، وهي المصالح التي في ظاهرها مصالح لفئة معينة ، وفي حقيقتها مفاسد ومضار ، ولذلك ألغتها  الشريعة ، مثل مصالح المرابين التي ألغاها الله بنص القرآن الكريم[24] وذلك لأن مفاسد الربا أكبر وخطره على المجتمع أشد ، وآثاره المستقبلية على الأجيال مدمرة .

النوع الثالث : المصالح المرسلة وهي غير النوعين السابقين ،وهي تشمل جميع المصالح والمنافع الفردية والجماعية ، والدولية التي لم يرد فيها نص خاص من الكتاب والسنة ، وهي تستوعب مصالح الأمة مهما كانت جديدة وحديثة إلى يوم الدين ما دامت لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية الثابتة .

 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) سورة البقرة / الآية 30

([2])  سورة التحريم / الآية 6

([3])  سورة الملك / الآية 1 –  2

([4])  سورة الملك / الآية 1 –  2

([5])  سورة آل عمران / الآية 191

([6])  سورة الذاريات / الآية 56

([7])  سورة الملك / الآية 1 –  2

([8])  سورة البقرة / الآية 214

([9])  سورة الشعراء / الآية 90 – 91

([10])  سورة العنكبوت / الآية 45

([11])  سورة التوبة / الآية 103

([12])  سورة البقرة / الآية 183

([13])  سورة الحج / الآية 28

([14]) يراجع لمزيد من التفصيل : عبدالقادر عودة : التشريع الجنائي الاسلامي ط. دار التراث (2/632……..)

([15]) سورة المائدة / الاية 33

([16]) سورة البقرة / الآية 205

([17]) سورة محمد / الآية 22 – 23

([18]) سورة القصص / الآية 83

([19]) سورة الحجرات / الآية 9

([20])  رواه مسلم في صحيحه الحديث 1844

([21]) رواه البخاري في صحيحه ، مع فتح الباري (13/23) و(1/98) الحديث رقم 98 ، 99 ، 100 ، 101 ويراجع سبل السلام ط. دار الجيل / لبنان

([22])  يراجع للتفصيل : بدائع الصنائع (7/90) وجواهر الاكليل (2/294) ونهاية المحتاج (7/402) والمغني (8/287) والتشريع الجنائي (2/675…. )

([23])  يراجع لمزيد من التفصيل : فتح القدير (4/408) وحاشية ابن عابدين (3/308) والبدائع (7/140) والبحر الرائق (5/72) ومواهب الجليل (6/914) والشرح الصغير (4/491) وشرح المحلى على المنهاج مع حاشيتي القليوبي وعميرة (4/170) والمغني لابن قدامة (8/105- 107 ) ، ويراجع : التشريع الجنائي (2/675)

([24])  الآيات 275- 281 من سورة البقرة