أو أنها تباشر نسبة قليلة من الأعمال غير المشروعة ، او العقود غير الصحيحة ، مثل شركة خاصة بإنشاء مجمعات عقارية ولكنها فيها المسابح أو النوادي الرياضية التي يختلط فيها الرجال والنساء ، او شركة سينمائية غرضها الأساسي إنتاج الأفلام الملتزمة او الفن الملتزم ، ولكنها في سبيل ذلك تنتج أفلاماً لا تخلو من المناظر غير المقبولة شرعاً ، او الشركة الخاصة بالإذاعة ، أوالتلفاز التي يكون غرضها الأساسي نشر وعرض الإعلام الإسلامي بمختلف صوره ، ولكنها قد تذيع أو تعرض برامج غير مقبولة شرعاً ، وتملك أفلاماً أو مسلسلات غير مقبولة شرعاً ، أو نحو ذلك .

 فالمقصود بالمساهمة : هو المشاركة في التأسيس ، أو أن يشتري السهم لأجل أن يكون مساهماً دائماً حتى يستفيد من ريعه ومنافعه .

 

المقصود بالتعامل :

 والمقصود بالمتاجرة هو شراء الأسهم لغرض بيعها ثانية لتحقيق الربح والاستفادة من تداولها دون قصد البقاء في الشركة والاستمرار فيها .

 

الحكم الشرعي :

 قبل أن أذكر آراء الفقهاء المعاصرين نذكر القرارات التي صدرت عن مجمع الفقه الدولي ، حيث نوقشت هذه المسألة في ثلاث دورات متتابعة ، جاء في دورة مؤتمره السابع (قرار رقم63(1/7) ما يلي :

((الإسهام في الشركات :

أ ـ بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز.

ب ـ لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم ، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها .

ج ـ الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات ، كالربا ونحوه بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة)) .

 ثم نوقش الموضوع مرة أخرى في دورة مؤتمر مجمع الفقه الثامن فصدر:            (قرار رقم 77(8/8) جاء بشأن المشاركة في أسهم الشركات المساهمة المتعاملة بالربا نص فيه على : (( إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان ، بروناي دار السلام من 1-7 محرم 1414هـ الموافق 12-22 حزيران 1993م ، بعد اطلاعه على توصيات الندوة الاقتصادية التي عقدتها الأمانة العامة للمجمع في جدة بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية حول حكم المشاركة في أسهم الشركات المساهمة المتعاملة بالربا ، الأبحاث في تلك الندوة .

 ونظراً لأهمية هذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه وتغطية كل تفصيلاته والتعرف إلى جميع الآراء فيه ، قرر ما يلي :

 أن تقوم الأمانة العامة للمجمع باستكتاب المزيد من البحوث فيه ليتمكن المجمع من اتخاذ القرار المناسب في دورة قادمة والله الموفق)) .

 ثم نوقش الموضع في دورة مؤتمره التاسع ، فصدر (قرار رقم 87(4/9) بشأن الاستثمار في الأسهم والوحدات الاستثمارية ، نص فيه على : (( إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من     1-6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1-6 نيسان 1995م .

 بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الاستثمار في الأسهم والوحدات الاستثمارية ، التي تبين منها أن الموضوع تضمن بين عناصره مسألة شراء أسهم الشركات ، التي غرضها وأنشطتها الأساسية مشروعة لكنها تقترض او تودع أموالها بالفائدة وهي لم يقع البت في أمرها ، بالرغم من عقد ندوتين لبحثها ، وصدور قرار مبدئي فيها للمجمع في دورته السابعة ، ثم قرار لاحق في دورته الثامنة بأن تقوم الأمانة العامة باستكتاب المزيد من البحوث في هذا الموضوع ليتمكن من اتخاذ القرار المناسب في دورة قادمة .

 وبعد الشروع في المناقشات التي دارت حوله ، تبين أن الموضع يحتاج إلى الدراسات المتعددة المعمقة ، لوضع الضوابط المتعلقة بهذا النوع من الشركات الذي هو الأكثر وقوعاً داخل البلاد الإسلامية وخارجها .

قرر ما يلي :

أولاً : تأجيل النظر في هذا الموضوع ، على أن يعد فيه مزيد من الدراسات والأبحاث بخصوصه وتستوعب فيه الجوانب الفنية والشرعية ، وذلك ليتمكن المجمع من اتخاذ القرار المناسب فيه حسب توصية الدورة الثامنة .

ثانياً : الاستفادة مما تضمنته الأبحاث الثلاثة[1] عن الصناديق الاستثمارية والإصدارات الاستثمارية لإعداد اللائحة الموصى بوضعها في القرار (30 (5/4) والله الموفق )) 

 ومن المعلوم أنه قد تخللت هذه الدورات الثلاث لمؤتمر مجمع الفقه الإسلامي عدة ندوات وحلقات متخصصة وخاصة بالموضوع في المغرب العربي ، وفي البحرين ، وجدة لم يتفق فيها الحاضرون من الفقهاء والاقتصاديين ، إضافة إلى ندوات وحلقات اقتصادية قامت بها البنوك والشركات الإسلامية ، وهذا دليل واضح على صعوبة الموضوع وأهميته التي استدعت كل هذا الاهتمام ، وذلك لأنه يتعلق بموضوع الشركات المساهمة التي تعتبر بمثابة العمود الفقري للاقتصاد القومي لكل بلد ، وأن حوالي 90% منها تتعامل مع البنوك الربوية .

تحرير محل النزاع :

 من خلال النظر في البحوث التي قدمت إلى مجمع الفقه الإسلامي في دوراته الثلاث ، وفي ندواته ، وحلقاته ، وفي معظم البحوث التي قدمت إلى الندوات الفقهية والاقتصادية للمؤسسات المالية الإسلامية نستطيع تحرير محل النزاع فيما يأتي :

  1. لا خلاف في حرمة الاسهام أو التعامل في أسهم الشركات التي غرض نشاطها الأساسي حرام مثل التعامل بالربا والسندات ، أو إنتاج المحرمات ، أو المتاجرة بها (قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 63(1/7) .

  2. ولا خلاف ـ خلافاً معتبراً ـ في إباحة الاسهام والتعامل في أسهم شركات نشاطها حلال وتلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في كل مجالاتها ، فتحرص على أن لا تتعامل بأي محرم من المحرمات ، وعلى أن تكون عقودها وتصرفاتها صحيحة .

  3. ولا خلاف ـ خلافاً معتبراً ـ في جواز المساهمة لمن يساهم ، أو يشتري أسهم البنوك أو الشركات التي تتعامل بالمحرمات بنية تحويلها إلى شركات ملتزمة وهو قادر على ذلك ، وفاعل .

  4. ولا خلاف بين الجميع في وجوب صرف ما يقابل النسبة المحرمة في وجوه الخير ، وإنما الخلاف في الاسهام ، أو التعامل في أسهم شركات غرضها الأساس حلال ، وأنشطتها الأصلية حلال ، ولكنها تتعامل مع البنوك الربوية اقراضاً واقتراضاً ، فإذا توافرت لديها السيولة فتدعها كلها أو بعضها في البنوك الربوية بفائدة وإذا احتاجت تستقرض منها بفائدة ، أو تصدر سندات محرمة (بفائدة) أو تتعامل ببعض محرمات أخرى ، هذا هو محل الاختلاف والبحث .

أسباب الخلاف :

 تعود أسباب الخلاف في هذه المسألة إلى اختلاف النظر والرؤية ، فمن نظر إلى الغرض الأساسي لهذه الشركات ، والأنشطة الأصلية الغالبة فيها ، وإلى عموم البلوى ، والحاجة ، وإلى قاعدة الكثرة والغلبة والأصالة والتبعية ، وأدلة أخرى في هذا المجال فقد أباح المساهمة والتعامل في أسهمها .

 واما من نظر إلى وجود محرم ولو كان يسيراً في أنشطة هذه الشركات ، وأن الحلال يتبع الحرام وأن المانع مقدم على السبب فقد حرم الاسهام والتعامل في أسهمها .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1])) الأبحاث الثلاثة هي في الاستثمار في الأسهم ، للدكتور منذر قحف ، والدكتور علي  محيي الدين القره داغي ، والدكتور عبدالستار أبو غدة ، انظر العدد التاسع لمجلة المجمع الفقه الإسلامي الدولي (2/9 –178)