ملخص خطبة الجمعة 12 نوفمبر 2010 لفضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب

أيها الاخوة المؤمنون لقد عشنا في الخطبة السابقة مع عباد الرحمن املا وتفاؤلا من الله سبحانه وتعالى بأن نكون من هؤلاء العباد، وقد اشرنا في خطبة سابقة الى بعض صفات هؤلاء العباد وكذلك الى اختيار هذه الكلمة” الرحمن” عن غيرها من الصفات مثل الرحيم كما بينا كذلك الربط بين هذه الآيات في سورة الفرقان والآيات التي قبلها وسنستكمل اليوم ان شاء الله جزءا آخر مما نستطيع ان نفهمه من هذه الآيات أو نستنبطه منها التي تستدعي منا دائما أن نتحرك وأن نعيش معها بقلوبنا وعقولنا وسلوكياتنا.

أيها الاخوة الأحبة يقول الله سبحانه وتعالى في مواصفات من يستحقون الجنة بفضله ويبين هذه المواصفات بدقة حتى نعرض لأنفسنا نحن على هذه المواصفات فهل تتوافر فينا أم لا << وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما>>

اليوم سنتحدث ان شاء الله عن علاقة هذه الآية عن الآية التي سبقتها مباشرة أو مع الآيات الثلاث التي سبقتها مباشرة. فقبل أن يتحدث القرآن الكريم بآيتين من هذه الآية الكريمة فقال<< واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا>> ففي الخطبة السابقة قد بينا أن اختيار لفظ الرحمن عوضا عن الرحيم لسببين اثنين، السبب الأو لأن لفظ الرحمن لم يكن معهودا عند الجاهليين فاختار سبحانه وتعالى هذه الكلمة للتمايز حتى تكون للمسلمين مصطلحاتهم الخاصة والامر الثاني أن الرحمن أبلغ من الرحيم لان زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى فلفظ الرحيم 4 حروف في حين لفظ الرحمن خمسة حروف

الامر الآخر سنتحدث عنه اليوم ان شاء الله وهو حينما طلب الله من المشركين بان يسجدوا فرفضوا فبين سبحانه وتعالى بأن السجدة وحدها هي بداية الطريق وليس نهاية الطريق فالعبودية لا تتحقق بمجرد السجدة وانما تتحقق بهذه المواصفات التي تصل الى 17 صفة وكانه سبحانه يرد على هؤلاء بأن السجدة ما هي الا بداية الطريق وبالرغم من ان الصلاة والسجود هي من الأساسيات ولكن يجب ان يتبع هذا الامر السلوكيات والاعمال وهذا كذلك ربط بين هذه الآية وقوله سبحانه وتعالى << واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا>>

الامر الآخر في الربط أيها الاخوة الاحبة بين هذه الآية والآية التي سبقتها مباشرة أو الآيتين قوله تعالى<< تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا>> الربط بين هذه الآية الكريمة والآية السابقة أيها الاخوة الاحبة أن مقام العبودية يأتي بعد مقام الالوهية فبعد توحيد الله سبحانه وتعالى تنطلق العبودية له وحده اذ ان هناك ترتيب جميل جدا بين توحيد الالوهية لله وحده وخلوصية العبادة له وحده كذلك أما الامر الثاني في هذا الربط أيها الاخوة الاحبة هو أن العبودية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق الا من خلال القناعة الكاملة من خلال الايمان الثابت من خلال اليقين الجازم وهذا الإيمان الثابت لا يتحقق الا عندما ينظر في هذا الكون من خلال العقل ليقودك الى الايمان بالله سبحانه وتعالى

ومن وحب على كل المؤمنين ان يكون ايمانهم ايمانا عقليا لا ايمانا تقليديا من خلال ما وجدو عليه آباءهم وذلك لا يتحقق الا بالتدبر في هذا الكون الفسيح الذي لو أمعنت النظر فيه لوصلت الى الخالق المبدع لهذا الكون.

ثم بعد هذا ايها الاخوة الاحبة فإننا ندخل في هذه الأية << وعباد الرحمن الذين يمشوع على الارض هونا>> وقد استعمل سبحانه لفظ الذين وهذا اللفظ لم يأتي اعتباطا وهي كما يقول علماء اللغة من الأسماء الموصولة واسماء الموصول للمعهود ماذا يعني هذا؟ يعني أن هؤلاء العباد معروفون مميزون بتصرفاتهم واخلاقهم << يمشون على الارض هونا>> أي يمشون أعزاء ومتواضعين سبحان الله ومن أين استنتجنا هذين الوصفين من هذه الكلمة الجميلة فحرف “على” يعني أنه متمكنون في الارض مستخلفون فيها وبعد ذلك يقول عبارة “هونا” متواضعون لينون لا يتكبرون ولا يتجبرون وفي نفس الوقت لا يمشون مشية الاذلاء المنكسرين وهذه صفات أمة الاسلام أما غايرها من الامم اذا تمكنوا تجبروا وطغو وقد رأينا الرئيس الامريكي السابق عندما احتل العراق كيف كان يمشي ويصرح ؟ ولكن والحمد لله بعد ذلك قد كسر انفه في هذا البلد العظيم

أما المسلم فهو عزيز وقوي ولكنه لا يتكبر ولا يظلم وقد وصف القرآن الكريم رسوله ومن معه << محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم>> أشداء على الكفار في الحرب وليس في السلم وليس ضد من يعيشون بيننا وهم في ذمة الله ورسوله وقد قال رسوله ” من آذى ذميا لم يريح أي لا يشم رائحة الجنة وان ريحها ليشم على بعد 40 سنة” ولذلك فما يحدث الآن في العراق من تفجير للكنائس وتفجير للسيارات في الاحياء ذات الاغلبية المسيحية هو عمل ممنوع لا يجيزه الاسلام ومخالف لشرعه ولهذه المواصفات التي كنا بصدد سردها لعباد الرحمن.

“واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” ولفظ الجاهل هنا أيها الاخوة يعني السفيه بذيئ اللسان فماذا يكون رد عباد الرحمن على هؤلاء السفهاء هل يسب ويشتم كما شتم وسفه عليه لا بل يقول لهؤلاء سلاما << أولائك يجزون الغرفة بما صبروا>> وهو جزاء عظيم في الآخرة.

الخطبة الثانية:  

ايها الاخوة الكرام اكرمنا الله بهذه الايام المباركات أيام العشر من ذي الحجة فقد ورد فيها أحاديث صحيحة ” ما من أيام يكون العمل الصالح فيها أفضل من الايام العشر ” والمقصود بالعشر هي هذه الايام العشر الاولى من ذي الحجة وهي افض الايام لفعل الخيرات وقد قيل ولا الجهاد في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد فيس سبيل الله الا رجل خرج بنفسه ودابته وماله ولم يرجع منها بشيئ

هذه أيام فرصة للمسلمين بأن يتوبوا الى الله و ان يبحثوا عن مواصفات عباد الرحمن ومن اهم هذه الاعمال هو الصيام ولا سيما صيام يوم عرفة