لقد اختصر الأب بولس حنا النظرة الصهيونية إلى العالم في كتابه : “همجية التعالم الصهيونية” حيث يقول : ( للنصراني إنجيل يبشر به العالم ، وللمسلم قرآن ينشره بين جميع الشعوب ، أما الإسرائيلي فله كتابان : كتاب معروف لا يعمل به ، وهو التوراة ، وآخر مجهول عند العالم يدعى “التلمود يفضله على الأول ويدرسه خفية وهو أساس كل مصيبة ” ) .
والعنصرية اليهودية هي مفتاح كل شرورهم وعدم اعترافهم بالغير ، وأن أموال الآخرين حلال لهم لأنهم سادة وغيرهم عبيد يعملون لهم والخطير إسناده ذلك إلى الله ، وتبريره على أساس ديني ونصوص من التوراة والتلمود كما قال الله تعالى : ( ومنهم مَنْ إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلاّ ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ، ويقولون على الله الكذب وهو يعلمون ) ، ويقول الأب بولس : ( إن النصارى يؤمنون بأن الله أبو الجميع ، المسلمون يؤمنون بأن الله ربّ العالمين ، وأما الصهيونيون فلا يريدون الإله إلاّ لهم وحدهم ، ولهذا عرف عندهم أنه إله إسرائيل ) .
على الرغم من تركيز الصهاينة على النصوص المتشددة في التوراة والتلمود في التشوه والعنصرية ، لكن التوراة لا تزال فيها نصوص تتحدث عن الرحمة في مجالات كثيرة ففي سفر الخروج ( 6:20) : ( الرب يصنع رحمة إلى ألوف من محبيه وحافظي وصاياه ) وفي سفر يونان ( 2:4 ) قال النبي مخاطباً : علمت أنك إله حنون رحيم طويل الأناة ، وكثير الرأفة ، ونادم على السرّ ! )
وتكرر لفظ “رحوم” أربع عشرة مرة ولا سيما بمناسبة الضيق الذي يحس به الشعب في زمن المنفى وفي المزمور ( 15:86 ) في وقت الشرّ والاضطهاد أطلق المؤمن صوته قال : ( وأنت يا رب رحيم حنون طويل الأناة كثير الرأفة والأمانة ) وفي سفر خروج ( 19:33 ) قال الرب : ( اصفح عمن أصفح ، وارحم من أرحم ) .
ولكن هذه الرحمة والرأفة الموجودة في العهد القديم فسّرها معظم اليهود بأنها خاصة بإبراهيم ، ويعقوب ، وأهل يابيش جلعا ، ومسيح الرب ، وداود ، وأيوب ، وراعوت ، وشعب الله وإن كانت بعض النصوص عامة للضعفاء والمساكين ، واليتامى والأرامل والغرباء ، ونحو ذلك ففي سفر التثنية ( 19:10 ) ( أحبوا الغريب فإنكم كنتم غرباء في مصر ) .
فالتوراة والمزامير لا زال فيها نصوص تدل على الرحمة والرأفة وبالأخص بالمساكين والغرباء ولكن المهم هو التطبيق كما أن هذه النصوص غلبت بالنصوص الكثيرة الواردة في الشدة والقسوة والعنصرية .