الربا الذي نزلت في شأنه عدة آيات في أربع سور في القرآن الكريم ، ووردت في حقه أحاديث كثيرة ، هل يعقل أن يكون مجهولاً جهالة تامة ، فالربا لغة الزيادة ، والنمو ، من ربا الشيء رَبْواً أي نما وزاد ، وفي التنزيل العزيز (…..اهتزت وربت) أي زادت وانتفخت ، ويقال : ربا المال : أي زاد ، وعلا ، وارتفع من الأرض ، وأربى على الخمسين ، أي زاد ، والرابية هي ما ارتفع من الأرض ، والربا الفضل والزيادة .
وفي الاصطلاح الشرعي : هو فضل خال عن عوض شرط لأحد العاقدين والربا نوعان : ربا الفضل وهو الذي يكون في الأشياء الستة التي وردت في الحديث الصحيح وما قيس عليها ، حينما يباع بعضها ببعض ولا يتوافر فيه التماثل والتقابض في المجلس عندما يكون بيع المتماثلين ، أو التقابض فقط عندما يختلف جنس المبيع عن المشترى .
وربا النسيئة وهو الزيادة في الدين نظير الأجل ، أو الزيادة فيه ، وسمي هذا النوع من الربا ربا النسيئة ، لأن الزيادة فيه مقابل الأجل أياً كان سبب الدين بيعاً كان أو قرضاً ، ويسمى ربا القرآن الكريم ، لأنه حرم بالقرآن ، ويسمى ربا الجاهلية ، لأن تعامل أهل الجاهلية كان به ، والربا الجلي ـ كما قال ابن القيم ـ لنه لا خلاف فيه ، ولا غموض فيه .
وحديثنا عن هذا الربا الجلي الذي كان واضحاً في عصر الرسالة ، يقول الجصاص : (والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل ، بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به ) ويقول أيضاً : ( معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة ، فكانت الزيادة بدلاً من الأجل ، فأبطله الله تعالى وحرمه ) .
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع معياراً واضحاً للربا وهو أن أية زيادة في القرض أو الدين بسبب الزمن فهي الربا المحرم فقال 🙁 فمن زاد أو استزاد فقد أربى) .
وبذلك يظهر لنا أن صورة الربا كانت واضحة وبالأخص في الربا الذي نزلت بحرمته الآيات القرآنية والسنة أو ربا الجاهلية ، أو الربا الجليّ ، ومن جانب آخر ، فإن واجب الرسول صلى الله عليه وسلم البيان كما قال الله تعالى : (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فلو كان الربا مجهولاً لبينه صلى الله عليه وسلم .
أجمع الفقهاء على أن ( كل قرض شرط فيه الزيادة فهو حرام) قال القرطبي : ( أجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا….) .
وإذا كان هناك لبس أو عدم وضوح فليس في أصل الربا ، وصوره الواضحة ، وإنما في بعض مسائله وجزئياته ، فعلى ضوء ذلك مما يسمى في البنوك الربوية بالفائدة ينطبق عليه تماماً ربا النسيئة ، لغة وفقهاً وواقعاً ـ كما رأينا ـ .