حقوق المرأة السياسية في الدساتير العربية :
1- دول ليست لها دساتير أو قوانين تنظم وتفسر الحقوق السياسية للمواطنين وهو ما يشمل الرجل والمرأة .
2- دول أصدرت دساتير لكن لم تنص أحكامه على منح المرأة حق المشاركة السياسية مثل ( الكويت والإمارات ) وقد تم تعديل دستور الكويت أخيراً فأعطى هذا الحق للمرأة بضوابط الشريعة الغراء .
3- دول عربية لها دساتير وقوانين تنص بوضوح على حق المرأة المشاركة السياسية ( تونس، مصر، سوريا، العراق، الأردن، المغرب، لبنان، اليمن، البحرين ، قطر) وغيرها فمن الملاحظ هنا أن التعامل مع الحقوق السياسية للمرأة في المجتمعات العربية ظل مرتهناً في بعض المجتمعات بعوامل متشابكة منها ما هو متصل بالموروث الثقافي والتقاليد ، وتأويل النصوص الدينية.
وأن أهم المعوقات أمام تفعيل دور المرأة في الحياة العامة:
1- الموروثات التاريخية المأخوذة من التقاليد وليست من الدين الحنيف والتي حصرت دور المرأة في أدوار محددة.
2- مشكلة الأمية التي تلعب دوراً خطيراً وعائقاً لحركة المرأة في نشاطها الوطني والديمقراطي، من حيث إن الأمية هي النقيض لما يريده الإسلام منذ نزول أول سورة من دستوره ( القرآن الكريم ) التي تقول : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ..)[1] ، والأمية لا يمكن حصرها فقط في معرفة الكتابة والقراءة ومعرفة المرأة حقوقها التشريعية والقانونية والسياسية فإن كل هذا يصبح هباء إذا كانت الأمية هو الأساس الذي يتحكم ويقنن نشاط المرأة في المجتمع .
3- الفجوة الكبيرة بين نصوص الدستور والقوانين المنظمة للعمل بالمساواة الممكنة بين الرجل والمرأة وبين تطبيقها على الأمر الواقع وبالتالي فقد أدى واقع المرأة إلى ابتعاد عن مجالات صنع القرار وإلى ضعف مشاركتها السياسية [2].
قضية المرأة والسياسة الاستعمارية والمحلية :
حاولت الدول المستعمرة والطامعة في خيرات البلاد الإسلامية استغلال قضية المرأة بشكل خطير ، فأنشأت بعض الاتحادات والمنتديات الخاصة بالنساء ، وحاولت اختراق البعض الآخر ، ويكفي للإشارة إلى ذلك أنه عند غليان الشعب المصري ضد الاحتلال الانجليزي كانت هدى الشعرواي[3] التي أسست جمعية الاتحاد النسائي عام 1923 تنادي بأن التحرير من الاستعمار لا بدّ أن يسبقه تحرير المراة ، وكما أن صفية زغلول قادت مظاهرة نسائية أمام ثكنات الجيش الانجليزي سنة 1919م بميدان التحرير يهتفن ضده وأثناء ذلك خلعت حجابها أمام المتظاهرات ضد الانجليز وداسته برجليها ، وتبعتها الاخريات ، ونسين القضية الأساسية[4] ، وكانت درية شفيق التي انتحرت عام 1975 وأنشات : اتحاد بنت النيل في عام 1939م لها علاقة قوية بسفارة بريطانيا وأمريكا في مصر ، وكانت تدعو إلى الاقتداء بالمراة الانجليزية المتحررة[5] .
ولذلك وقف المصلحون ، والأحزاب الوطنية ، مثل الحزب الوطني المصري برئاسة مصطفى كامل ضد هذه الدعوات وذلك أن وراءها أصابع استعمارية تهدف إلى الهاء الأمة عن مصيرها .
ومن الجانب الداخلي استغلت قادة الانقلابات العسكرية العربية في فترة الخمسينات هذه المسألة ، من خلال تبني ايدولجية الشيوعية ، أو الاشتراكية التي لا تعترف أساساً بمثل هذه القضايا الدينية ، وتدعو إلى الاباحية المطلقة ، وذلك لابعاد الدين عن الحياة ، حتى كانت المظاهرات الشيوعية في العراق بعد انقلاب عبدالكريم قاسم تدعو جهاراً نهاراً إلى ابعاد الدين عن الحياة ، وعدم الاعتراف بالنكاح والمهور والقيود والعقود[6] .
وفي عهد الاحتلال والهيمنة الجديدة ظهر الاهتمام الكبير بقضية المرأة من قبل الإدارة الأمركية برئاسة بوش التي وضعت : الاصلاح السياسي والديمقراطي والتعليمي في طليعة أولوياتها حسب الخطابات الرسمية للرئيس الأمريكي جورج بوش ، وبدأت الضغوط السياسية تأخذ مجراها في هذا المجال .
وفي مصر فجرّ كتاب تحرير المرأة في عام 1908م لقاسم أمين قضايا المرأة ففتح أبوابها على مصراعيها ، فطالبت منيرة ثابت عام 1919م بالحق السياسي للمرأة وشاركتها هدى شعراوي ، ودرية شفيق ، فطالبن بحق الترشيح والانتخاب وعضوية البرلمان للمرأة ، ثم أيد ذلك الاتحاد النشائي المصري حيث جاء في نظامه الأساس (تعديل قانون الانتخاب باشراك النساء مع الرجال في حق الانتخاب)[7] .
بل سعت المرأة المصرية لإنشاء أحزاب سياسية ، فطالبت فاطمة نعمت راشد ودرية شفيق بإنشاء حزب سياسي ونجحت درية في إنشاء حزب ( بنت النيل ) .
وأدت محاولات النساء إلى اقناع بعض الكتاب والبرلمانيين إلى المطالبة بهذا الحق لهنّ حيث قدم في عام 1946 اقتراح إلى مجلس الشيوخ المصري يطالب بمنح المرأة حق الانتخاب بل قدم مشروع قانون بذلك إليه في عام 1947م و1948م ، وأثناء ذلك صدر الاعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المنعقدة بباريس في 10/12/1948 وفي المؤتمر النسائي الذي عقد بالقاهرة في 19/4/1951 وقفت المرأة موقفاً عدائياً فارتفع صوت الشاعرة روحية القلليني بتحذير الرجال فقالت :
أمامكم ترون هدوء وجه ولكن القلوب تكنّ ناراً
فما يثني عزائمنا وعيدٌ فنار قلوبنا ازدادت أواراً
حيث خرجت النساء متظاهرات يطالبن بتقرير الحرية والمساواة في كافة الحقوق والأجور ، وتكررت هذه المظاهرة في 12/3/1954[8] فنتج عن ذلك دستور 1956 الذي أعطى الانتخاب حقاً للمصريين جميعاً ذكوراً وإناثاً .
وكان في مقابل الدعوات ( التي خلطت بين الحق والباطل وركزت على السفور والتغريب) دعوات معتدلة من النساء الملتزمات إضافة إلى المفكرين المصلحين أمثال محمد عبده ، ورفاعة الطهطاوي ، وعلي مبارك ، وكان محمد علي باشا نفسه يرى أهمية تعليم البنات ، فأنشأ مدارس لتعليم البنات عام 1832م مع منتهى الالتزام بآداب الاسلام وضوابطه ، فمثلاً حينما افتتحت أول مدرسة ثانوية للبنات في القاهرة ( مدرسة السنية) كانت هيئة التدريس نسوية خالصة فيما عدا مدرس اللغة العربية لتعذر وجود مدرسات للغة العربية ، ومع ذلك كان يختار من الرجال المتزوجين الكبار المشهود لهم بالصلاح ، وكانت الفتيات يحضرن إلى المدرسة في سيارات مغطاة بالستائر ، ويعدن إلى البيوت بالوسيلة نفسها ، أو يأتي وليّ الأمر مع موليته .
-
سورة العلق / الآية 1
-
موقع http://www.balagh.com/woman/index.htm ، مع تصرف
-
هدى الشعرواي ( 1879 ـ 1949م ) واسمها نور الهدى محمد سلطان باشا ، نسبت نفسها إلى زوجها ( علي باشا الشعراوي ) على عادة الغربيين ، وهي من عائلة لها ارتباط كبير بالاحتلال الانجليزي ، وكانت بائسة مع زوجها ، حيث تزوجها وهو كبير جداً بدون رضاها وعمرها اثنتا عشرة سنة ، وقد طلقها ثم بعد 8 سنوات راجعها, يراجع : نجلاء حماده : زمن النساء والذاكرة البليدة ، ملتقى ذاكرة المرأة 1998 ص 283 ، ومحمد اسماعيل : عودة الحجاب ص 106 ، ودمثنى الكردستاني : حركات تحرر المرأة ص 205
-
محمد قطب : قضية تحرير المرأة ط. دار الوطن بالرياض 1410هـ
-
د. محمد اسماعيل : المرجع السابق ص 118
-
سمعناها بأنفسنا فكانوا يقولون باللهجة العامية : بعدها الشهر ماكو عقد ولا مهر
-
مذكرات هدى شعرواي ص 332
-
د. اجلال خليفة : الحركة النسائية ص 174 ، ود. السيد أحمد فرج : المؤامرة على المرأة المسلمة ط. دار الوفاء بمصر ص 106-109