خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي بمسجد السيدة عائشة بتاريخ 11مارس 2011
أيها الاخوة المؤمنون
لازلنا نعيش في ضلال الآية الكريمة الجامعة التي تعود الخطباء بختم خطبهم بها منذ أمد بعيد وهي آية جامعة لانها قد جمعت بين كل خصال الخير كما جمعت النهي عن كل أصناف الشر و على كل ما هو مضر بالانسان وهي<< ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تذكرون>> لقد تحدثنا في خطب سابقة عن معنى العدل وما يقابله من نهي عن البغي والاعتداء كما تحدثنا قليلا عنم الاحسان واليوم نستكمل معكم بعض المعاني العظيمة لهذه الآية الكريمة.
لقد رتبت هذه الآية الكريمة الأوامر والنواهي حسب الشريعة الاسلامية فالعدل مطلوب من الجميع فالعدل يكون مع الانسان نفسه ومع أهله ومع أولاده ومع شعبه ومع جميع الانسانية فالعدل صغة مطلقة عدل شامل فالعدل هو المبدأ الوحيد الذي لم يدخل عليه استثناء فكل المبادئ الاخرى يدخل عليها استثناء في بعض الحالات الخاصة الا العدل فهو مطلق دائما لا استثناء فيه.
ثم تدرج القرآن الكريم بعد الأمر بالعدل المطلق في تفريعات العدل فليس العدل مطلوبا فقط من الحكام وهذا خطأ شائع فالعدل مطلوب من الانسان مع نفسه ومع أهل بيته ومع الجميع فالعدل تصرف عام مع النفس ومع الغير فلابد وقبل ان تقدم على أي عمل فلابد أن تعلم قبل ذلك هل ان هذا العمل هو عدل أم لا
فالهبة الى أحد الابناء هل هي عدل مع بقية اخوانه ام لا نظرة العطف والحنان لأحد أبنائك على حساب بقية اخوانه هل هي عدل ام لا وما الذي أصاب سيدنا يعقوب مع اولاده جزء منه نتيجة للرعاية التي كان يحض بها ابنه الصغير يوسف عليه السلام مقابل بقية اخوته الكبار الذين وصل بهم الكره لأخيهم حد التآمر علي أخيهم لقتله أو لتغييبه في الجب.
ثم لا يكتفي القرآن الكريم بالحديث عن العدل وه المساوات في الحقوق والواجبات وانما يأمرنا لنرتقي من العدل الى الاحسان والذي هو في مرتبة أعلى من مرتبة العدل واذا كان العدل هو رعاية الحقوق فالاحسان هو الزيادة في الحقوق الفض1ل الكبير الخير العظيم الكلمة الاجمل، العدل مثلا في السلام فعندما تقول السلام عليكم فيرد الآخر ب وعليكم السلام واذا أراد أن يبلغ الى درجة الاحسان فيرد هذا الاخير بـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وهكذا والاحسان دائما يكون بعد تحقق العدل فالزكاة مثلا عدلا أما إذا زاد عليها المؤمن الصدقة فيكون محسنا.
ثم بعد ذلك هناك مرحلة ثالثة في التعامل فقد أخص الله الوالدين والاقربين بحقوق ذوي القربى والحقوق كما فصلها الفقهاء الى ثلاثة أقسام أولها حق الانسانية ثم حقوق الإيمان ثم حقوق اولى القربى مع التسلسل في القرابة ولا يجوز لك أن يكون تعاملك مع الآخرين كتعاملك مع أقاربك فذوي القربى لابد أن تكون العلاقة معهم متميزة على البقية فلا يكتفى بالعدل والاحسان مع الاقارب وانما يحتاج الى صلة الرحم فواجب النفقة على الوالدين والابناء اذا كانوا في حاجة وهو من باب الوجوب وليس من باب الاحسان ولذلك فأنت حينما تتصدق على قريب فلك أجران أجر الصدقة وأجر صلة الرحم.
الخطبة الثانية:
أيها الاخوة المؤمنون
إن كل ما يحدث من هذه الاخلالات والمشاكل والمصائب والتخلف والظلم هي تعود في معظمها الى أن مجتمعاتنا لا تسير على هذا المنهج الرباني في تحقيق العدل والاحسان وايتاء ذي القربى وأن الميزان مختل في معظم ولا أقول في كل العلاقات بين الحاكم والمحكوم وبين الانسان واسرته وبين انسان ومجتمعه فأصبحت الأهواء تسير الكثيرين وأصبحت الشهوات هي الحاكمة وهي المرجعية وللأسف الشديد اتصرفات الناس وليس شريعة الله القائمة على العدل والاحسان وايتاء ذي القربى ومن هنا نرى ما نرى وأمتنا اليوم في أصعب اللحظات التاريخية التي ان نجت منها وهذا ما نتمناه وندعوا الله اله فإنها ستفتح الى فترة جديدة من النهظة والتقدم والحضارة وقوة وعزة وكرامة باذن الله وقد رأينا والحمد لله على ذلك آثار الثورتين العظيمتين في تونس وفي مصر ولكن المخاطر حولهما كذلك كبيرة فالمتربصون بهذه الأمة لا ينامون من أجل اجهاض هذه الثورات حتى لا تتحقق الحرية والحكم الرشيد وينتشر العدل وتتقدم الامة
ولهذا من واجبنا ايها الخوة الوقوف مع هذه الثورات حتى لا يلتف عليها بثورات مضادة فلاحظوا مثلا ماذا يحاك لمصر هذه الأيام من اشعال للفتنة الطائفية حتى تفشل هذه الثورة المباركة وتكون كذلك مبررا للتدخل الخارجي وتفكيك مصر ثم اذا انتقلنا الى ما يحدث في ليبيا وما تقترفه ما يسمى بكتائب القذافي من قتل واجرام في حق الشعب الليبي البطل على مسمع ومرآى من العالم ولو ان العالم وللحق قد بدأ في التحرك من خلال اعتراف باريس بشرعية المجلس الانتقالي للثورة الليبية ومن خلال المناقشات الجارية للحضر الجوي على القذافي ولكننا نحن جميعا لا نقبل باي تدخل اجنبي في ليبيا وانما نطلب الاعتراف بالمجلس الانتقالي وسحب الاعتراف من هذا النظام الاجرامي كما لا يسعنا كذلك الا أن نحي مجلس التعاون الخليجي المنعقد أخيرا والذي اتخذ عدد من القرارات التي من شأنها أن تدعم الثورة الليبية وتسحب الشرعية من النظام الاجرامي كما نحي دولة قطر على سبقها بالمواقف المشرفة في هذا الاطار فبالرغم من أنها دولة صغيرة في الحجم الا انها قدمت أدوارا رائدة في خدمة الثورات التي نجحت والثورات القائمة وللعالم الاسلامي عموما ولذلك حق لنا أن ندعوا لهذه القيادة بأن يوفقها ويزيدها توفيقا وسدادا فالمواقف المشرفة لدولة قطر يجب ان تذكر ويجب ان تشكر وأن نعتز ونفتخر نحن بهذه المواقف فبالرغم ما عانت من ضغوط وحملات اعلامية مغرضة لم تتراجع على القيام بدورها المشرف في نصرة المظلومين ونصرة الحق والعدل والحرية