إن من المتفق عليه أن الأسهم في العرف القانوني إنما تكون للشركات المساهمة التي لها شخصية اعتبارية اعترف بها القانون وأعطاها ذمة مالية مستقلة ، ومسؤولية محدودة ، وأهلية كاملة في حدود الأغراض التي أنشئت من أجلها ـ كما سيأتي في القسم الثاني ـ .


  وبسبب وجود هذه الشخصية الاعتبارية المالكة ثار خلاف بين أهل القانون حول ملكية المساهمين لأموال الشركة ، وإلاّ فلو كانت الشركة مثل الشركات السائدة في الفقه الإسلامي ، أو القانون قبل ظهور الشخصية الاعتبارية لما أثيرت هذه المشكلة ، وطبقت عليها أحكام شركة العنان ، أو المفاوضة حتى في موضوع الزكاة .


  ولذلك يقول بعض القانونيين : ( والواقع أن  اكتساب الشركة للشخصية القانونية ، وبروزها بصفة واضحة في هذه الشركات يجعل أحياناً من الصعب القول بأن للمساهم ” حق ملكية ” على الأنصبة التي أسهم بها في رأس المال ، حتى ول اعتبر من قبيل حق الملكية غير المباشرة ، كما يذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ، حيث تصبح هذه الأنصبة ومجموعها رأس المال ملكاً للشركة وتستقر في ذمتها) .


 فمعظم القانونيين ينطلقون من منطلق أن القوانين اليوم قد اعترفت بالشخصية الاعتبارية ، وبذمتها المالية المستقلة ، وملكيتها لأموال الشركة ما دامت قائمة ، إذن لا يبقى مجال لإشغال هذه الأموال بملكية مماثلة في وقت واحد ، فإذا كانت ملكية الشخصية الاعتبارية لهذه الأنصبة ملكية تامة ، فكيف تكون ملكية المساهم لنصيبه الذي دفعه للشركة ، وخرج من ملكيته إليها ملكية تامة .


  أما علاقة المساهمين بالشخصية الاعتبارية فهل هم يملكون الشخصية الاعتبارية أم لا ؟ فهذا أمر آخر يأتي تبعاً ، وليس أصالة .


 


بل إن غالبية الفقه الوضعي تفرق بين نوعين من المساهمين :


 


1-   المساهم المضارب الذي اشترى السهم ، أو اكتتب لأجل التجارة ، والمضاربة لتحقيق الأرباح ، فإن هذا المساهم ليس ( إلاّ مجرد دائن عادي للشركة  ، أو دائن عابر(passant)  ، أو دائن من الدرجة الثانية  ، حيث لا يستطيع الحصول على نصيبه من موجودات الشركة إلاّ بعد الوفاء بديونها المستحقة للغير .


فهؤلاء المساهمون المضاربون هم الأكثرية في معظم الشركات، وتحكمهم في الواقع ” سيكولوجية ” المضارب أكثر منها ” سيكولوجية ” الشريك .


 


2-   المساهمون الذين دخلوا في الشركة لأجل الاستمرار والبقاء ، وربطوا مصيرهم بمصير الشركة عن طريق تولي المسؤوليات فيها ، والتصدي لإدارتها ، فهؤلاء تتوافر فيهم نية المشاركة على سبيل الحقيقة ، بحيث يمكن القول بأن لهم حقاً في الشركة ، ويمثلون عنصر الديمومة والاستقرار في الشركة .


 


نقد هذه التفرقة :


 


   ولم يرتض جماعة من القانونيين بهذه التفرقة القائمة على أساس سيكولوجية  المضارب أو الشريك المستمر ، حيث ان اتخاذ المواقف النفسية لا يجوز أن تكون أساساً لازدواجية طبيعة حقوق المساهمين على الأنصبة في رأس المال ، وذلك لأن القوانين كلها لا تفرق في الحقوق والواجبات بين مساهم أراد البقاء ، ومساهم مضارب لم يرد البقاء ما دام باقياً ، فالقوانين واللوائح الخاصة بتوزيع الأرباح والتصفية ، وتقديم حقوق الدائنين على حقوق المساهمين لا تفرق بين مساهم ومساهم آخر وقت كونه مساهماً ، وإذا خرج بالبيع أو نحوه فلا يطبق عليه القانون الخاص بما بعد خروجه .


  ومن جانب آخر فإن حق المساهم ـ حتى المساهم المضارب ـ أعمق من علاقة الدائن بالمدين التي يبدو منها التناقض المصلحي بين الطرفين ، في حين أن علاقة المساهم بالشركة لا تقوم على التناقض بل على المصالح المشتركة ، والاشتراك في جني ثمارها ( الربح ) إضافة إلى أن المساهم المضارب يستطيع رهن سهمه ، وانتقاله إلى الورقة ، والتصرف فيه بمقابل ، أو بدون مقابل  .


 


  يقول الدكتور أبو زيد رضوان : ( كلها عناصر تشير إلى أن حق المساهم في الشركة هو من قبيل حق الملكية ، وان كان لا تتأكد إلاّ عند تصفية الشركة وتقسم موجوداتها )  .


 


  ويقول الدكتور علي حسن يونس : ( ان الشركة وان كان شخصاً معنوياً مستقلاً عن أشخاص المساهمين ، إلاّ أن هذا الاستقلال لا يعني إقصاء الآخرين إقصاءً تاماً ، ولا يرتب انتفاء كل أثر لوجودهم ، ولكنهم من خلف الشركة تشف عنهم شخصيتها ، فإذا اختلفت هذه الشخصية في ميدان الدفاع عن مصالحها ظهرت شخصية المساهم )  .


 


  اعلى الصفحة