القسم الثاني

الفضالة وتطبيقاتها

 

الفضالة : هو مصطلح قانوني يعبر عنه في الفقه الاسلامي بالفضولي ، وهو من يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي ، وذلك بأن يقوم شخص بشراء شيء لشخص آخر ليس له ولاية ولا وكالة ، أو أن يبيع شيئاً ليس له ولاية عليه ….. الخ ، وقد عرفه المعيار الشرعي للوكالة وتصرف الفضولي في البند 8/1  بأنه : هو من يتصرف في شؤون الغير دون أن يكون وكيلاً أو مأذوناً له بحكم الشرع …  .

 

  وقد اختلف الفقهاء في عقد الفضولي فقال المالكية ، وأحمد في رواية عنه أنه ينعقد موقوفاً على إجازة من اشترى له ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل ، وقال الشافعي في الجديد ، والحنابلة في الصحيح من المذهب : أن شراءه باطل .

  وأما الحنفية فقد فرقوا بين ما إذا أضاف العقد إلى نفسه ، فقد صح العقد له ، وبين ما إذا أضافه إلى الذي اشتراه له فإن العقد يكون موقوفاً [1].

  وفي رأيي أن مذهب الحنفية هو الراجح ، ولا يسع المجال الخوض في تفاصيل هذا الموضوع .

 

  وقد رجح المعيار الشرعي المذكور أن عقده موقوف على إجازة صاحب الحق ، نذكر ما جاء فيه لأهميته :

تصرف الفضولي :

  1. الفضولي هو من يتصرف في شؤون الغير دون أن يكون وكيلاً أو مأذوناً له بحكم الشرع ولو لم يكن التصرف ضرورياً وعاجلاً ، ولو ظهر الفضولي بمظهر المتصرف في مال نفسه .

  2. عقد الفضولي موقوف على إجازة صاحب الحق فإن أجازه نفذ وإن لم يجزه بطل ، ولا يملك إجازته بعد أن فسخ العقد بل يمكنه عقده ابتداء ، وللفضولي أو المتعاقد معه أيضاً حق الفسخ قبل الاجازة ، وإذا لم يجز صاحب الحق تصرف الفضولي له يكون التصرف للفضولي إذا لم يفصح عند تصرفه أنه فضولي بأن أضاف العقد لنفسه .

  3. تطبق أحكام تصرف الفضولي في جميع العقود المالية سواء أكانت من المعاوضات ، مثل البيع والشراء ، والايجار والاستئجار ، أم من التبرعات مثل الهبة كما تجري في الوكالة بالاستثمار .

  4. إذا أجاز المالك العقد صار نافذاً ، وتطبق عليه أحكام الوكالة ، وينفذ أثر الإجازة بأثر رجعي مستنداً إلى  وقت صدور التصرف  ) .

 

وعض البنوك الاسلامية تطبق عقد الفضولي في بعض الحالات ، منها :

  1. أن يقوم أحد التجار بشراء ما يريده من الخارج ، ثم يجد نفسه غير قادر على تنفيذ التزاماته ، فيأتي إلى البنك ويطلب التمويل ، ففي هذه الحالة لا يجوز للبنك أن يأخذ بعقد الفضالة ، إذ العقد صح للعميل نفسه ، فكيف يصح لغيره لعد ذلك .

  2. وهناك حالات أخرى يظهر للبنك أن العميل أراد فعلاً أن يشتري الشيء باسم البنك ، وذلك من خلال الفواتير وبوليصة الشحن ، ففي هذه الحالة يمكن للبنك إجراء العملية على أساس عقد الفضولي ، وإجازة العقد ، ثم البيع مرابحة للعميل .

  3. وهناك حالات أخرى تتمثل في أن البنك قد فتح للعميل الاعتماد المستندي ، وحدد له سقف المرابحات للاستيراد والتصدير ، ولكن قبل الموافقة على إجراء المرابحة يقوم العميل بشراء البضاعة بنية البنك ، ففي هذه الحالة أيضاً يجوز للبنك إكمال العملية بالاجازة ، ثم البيع مرابحة للعميل .

ولكن في رأيي يجب أن تكون هذه الاجراءات استثنائية محدودة وفي حدود ضيقة جداً تعرض كل حالة وحدها على الهيئة الشرعية أو العضو التنفيذ للهيئة .

 

 


 

([1]) يراجع : فتح القدير مع شرح العناية ( 5/ 985) وحاشية ابن عابدين (4/503) والبحر الرائق (5/277) وفتح العزيز ( 8/ 121 – 124) والاشباه والنظائر للسيوطي ص 310 والمجموع للنووي (9/261 – 263 ) والمنثور في القواعد (3/347) والمغني لابن قدامة (4/226) ويراجع : الدكتور علي القره داغي : مبدأ الرضا في العقود ، دراسة مقانرة ط. دار البشائر الاسلامية 1985 (1/152- 154)