بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


وبعد


 فإن مستجدات العصر ، ونوازله المتجددة المتغيرة تقتضي النظر الصائب ، بل وإعادة النظر بين فترة وأخرى في الأحكام القضائية الشرعية ، وذلك لأنها تتطلب العدل المطلق ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .


  إن أي خلل في المعلومات ، والتقديرات ، والأعراف ، والتغييرات ـ مهما كان قليلاً أو صغيراً فإنه يؤثر في الحكم الصادر بشأن القضية المعروضة ، وهذا مصداق لما أقره أهل العلم في كل التخصصات من أن الحكم على الشيء فرع  عن تصوره ، وتابع له ، وأن التصور إنما يتحقق إذا شملت المعرفة الدقيقة العميقة للجزئيات ، والوحدات والمفردات ، والروابط داخل كل جملة .


  وبما أننا مأمورون في شريعتنا بالعدل مع الجميع وأن العدل هو الشيء الوحيد الذي لا استثناء فيه حتى مع الأعداء ، فإن البحث عن مستجدات العصر ومتغيراته بصورة دقيقة شاملة أمر مطلوب ، تفرضه الشريعة وتقتضيه الضرورة .


  ومن هنا تأتي أهمية المؤتمر القضائي الشرعي الدولي بمحاوره السبعة ، من حيث الموضوعات ، ومن حيث الوصول إلى النتائج التي تخدم القضاء وتحقق له ما يصبو إليه من تحقيق العدل الذي قامت عليه السموات والأرض ، ونزلت به جميع الشرائع السماوية .


  وقد طلب مني سماحة قاضي القضاة الأستاذ الدكتور أحمد محمد هليل ، بأن أكتب بحثاً حول المحور الرابع الذي يتحدث عن التقديرات المالية وأثرها في الأحكام القضائية الشرعية من حيث تغير القيمة الشرائية للنقود ، وأثره على المهمور المسماة ، ومن حيث التداخل بين الدية والتعويضات المالية الأخرى ، وغير ذلك مما يتعلق بالموضوع ، ولم يسعني أمام هذا الطلب الكريم إلاّ الاستجابة والمساهمة ببحث متواضع يتناول هذا الموضوع ومحاوره على ضوء ما ذكره فقهنا الاسلامي العظيم ، وما يمكن أن يجتهد فيه بالنسبة للمستجدات ، والنوازل والقضايا المعاصرة ، وذلك من خلال ثلاثة مباحث تستوعب هذه المسائل .


    والله أسأل أن نوفق جميعاً فيما نصبو إليه ، وأن يكتب لنا التوفيق في شؤوننا كلها ، والعصمة من الخطأ والخطيئة في عقيدتنا ، والاخلاص في أقوالنا وأفعالنا ، والقبول بفضله ومنّه لبضاعتنا المزجاة ، والعفو عن تقصيرنا ، والمغفرة لزلاتنا ،  إنه حسبنا ومولانا ، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير .


 اعلى الصفحة