الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد الهادي الأمين ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين

وبعد

فإن لكل عصر آلياته ومستلزماته ومستجداته ، ولكن عصرنا الحاضر امتاز بكثير من الأشياء ، من أهمها الصبغة المادية ، وكثرة الحاجيات والمتطلبات للفرد والجماعة ، وتقارب الزمان والمكان حتى غدا كوكبنا كأنه كوكب صغير ، والمجتمعات كأنها قرية صغيرة متأثر بعضها ببعض ، ومتفاعل أقصاها بأدناها ، ولا يستغني بعضها عن بعض .

وفي ظل هذا العصر المتجدد المتطور تكثر المستجدات ، وتزداد الضروريات ، وتتسع الحاجيات ، وتصبح مساحة المحسنات واسعة لا تحدها حدود ، بل تتحول بعض حاجيات الأمس ضروريات اليوم ، وان ما كان من المحسنات قبل زمن يصبح من الحاجيات في هذا العصر ، وهكذا ، وهذا من قدر الله تعالى الذي لا محيص عنه .

ولأجل هذا كان فقهاؤنا القدامى الذين لم يشهدوا عصرنا قالوا : تتغير الفتاوى الاجتهادية بتغيير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص[1] وان لكل عصر نوازله الخاصة ، وفتاواه المناسبة معه ، حتى ان الإمام أبا يوسف تلميذ أبي حنيفة رحمهما الله حينما خالف شيخه في مسألة الحرابة في داخل مصر قال : (هذا اختلاف عصر وأوان لا اختلاف حجة وبرهان) .

ومن أهم المستجدات في عصرنا الحاضر موضوع التأمين بأنواعه وأشكاله المعاصرة التي لم تكن موجودة في السابق على شكل شركات مساهمة ، أو متعاونة ، وإنما أحدثها عصرنا الحاضر ، وتتطلبه حاجيات الزمن .

ومن المعلوم أن التأمين من حيث المبدأ والفكرة قائم على التعاون وتفتيت المخاطر وتوزيعها على أكبر قدر ممكن ، ولكن الفكر الرأسمالي حوّل هذا التعاون إلى تجارة وإثراء ومعاوضة ، وهنا الاشكالية الكبرى والآفة العظمى ، لذلك جاء البديل الإسلامي متمثلاً في إبقاء مبدأ التعاون على التعاون ـ كما سيتضح ـ وقد شرفني مجمع فقهاء الشريعة الموقر بأمريكا بالكتابة فيه ، حيث أسير على ضوء المنهج الذي طلب مني ان أهتدي به حيث يتضمن بحثي ما يأتي :

• تتبع ما كتب في الموضوع وما اتخذ فيه من قرارات ، واستعراض نقاط الوفاق والاختلاف بالنسبة لبقية المجامع .

• فساد عقود التأمين التجاري وحرمتها في الأصل

• الفرق بين التأمين التابع الذي يقدم ملحقاً بعقود البيع والشراء والتأمين الأصلي الذي يطلب ابتداء من شركات مستقلة متخصصة .

• صور التأمين المعاصرة في ظل اشتداد الحاجة وغياب البديل الإسلامي في الغرب

• التأمين الصحي

• التأمين ضد المسؤولية في المساجد والمدارس الإسلامية

• التأمين ضد الحوادث عند شراء السيارات

• التأمين الشامل full coverage إذا تعين سبيلاً لامتلاك بعض السيارات

• تأمين الحاجة إلى الاستشارات القرارية في ظل مسيس الحاجة إلهي بعد أحداث سبتمبر

• تأمين الحاجة إلى المساعدات طارئة عند التعطل المفاجئ للسيارات AAA

 

والله أسأل أن يوفقنا لما فيه الخير والسداد والرشاد ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، ويعصمنا من الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل إنه مولاي فنعم المولى ونعم النصير .

 

 

 

كتبه الفقير إلى ربه

علي بن محيى الدين القره داغي

غرة ربيع الآخر 1426هـ الدوحة

 


 

 

([1]) إعلام الموقعين ط. الكليات الأزهرية (3/3)