التكييف القانوني للتأمين وخصائصه [1]:

يتصف عقد التأمين بما يأتي :

1. أنه عقد رضائي يتم بتراضي الطرفين ، ولا يتوقف انعقاده على شكل معين ـ كما سبق ـ .

2. إنه عقد معاوضة يقوم على أن المستأمن يدفع أقساط التأمين فيتملكه في مقابل مبلغ التأمين ، وان نية التبرع معدومة ، لأن المؤمن ملزم بدفع مبلغ التأمين من خلال العقد عند تحقق الخطر المؤمن منه ، وان المستأمن لا يجد تأميناً بدون دفع الأقساط ، كما أن العلاقة قائمة بين الطرفين على أساس المعاوضة وليست على أساس التبرع ، ولا يضر ذلك كون المستأمن قد يعين مستفيداً يعود إليه مبلغ التأمين على سبيل التبرع ، وذلك لأن حديثنا عن العلاقة بين المؤمن والمستأمن .

3. وانه عقد ملزم للطرفين بعد تمام الإجراءات المطلوبة ، بحيث لا يحق لأحدهما الانفكاك عما التزم به ، ولكن جرى العرف العملي اليوم أنه يكتب في بعض وثائق التأمين أنه يحق للمؤمن الغاء الوثيقة بعد إخطار الطرف الآخر خلال فترة زمنية محددة ، وهذا يكيف على أن ذلك تم بالاتفاق الأولى على أن لهم هذا الحق .

4. وأنه عقد زمني يكون الزمن عنصراً أساسياً فيه ، حيث يلتزم المؤمن تحمل الأخطاء المؤمن منها لمدة محددة ابتداءً من تأريخ محدد .

5. وأنه عقد مدني من حيث الأصل ، ولكنه قد يصبح عملاً تجارياً مثل شركة التأمين التي اتخذت شكل شركة المساهمة ، وتقوم على أساس التأمين التجاري ( أي بالقسط الثابت ، ولذلك تعتبر كل أعمالها تجارية ، أما ما تقوم به شركات التأمين التعاوني فلا يعد عملاً تجارياً ، لأن هذه الشركات ليست شركات مساهمة ولا تستهدف الربح ولكن قانون لتجارة الكويتي نصّ في مادته 5/9 على اعتبار التأمين بأنواعه المختلفة من الأعمال التجارية: وفائدة اعتباره مدنياً أو تجارياً تعود إلى جهة الاختصاص في القضاء والدعاوى والإجراءات .

6. وانه من عقود الإذعان التي يقتصر القبول فيها على مجرد التسليم بشروط وضعها الموجب ، ولا تقبل المناقشة (م100 مدني مصري ، 80 مدني كويتي) ، ولذلك وضع المشرع قيوداً لحماية الطرف الضعيف المذعن من خلال تشريعات الرقابة ، أو التنظيم القانوني ، او تفسير نصوص العقد حيث يفسر الشك لصالح المستأمن مع انه هو الدائن (م 151/2 مدني مصري ـ 82 مدني كويتي) وتعديل الشروط التعسفية (م149 مدني مصري ، 81 مدني كويتي) وعدم جواز مخالفة نصوص العقد إلاّ أن يكون ذلك لمصلحة المستأمن حيث نصت المادة 753م على أنه : (يقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام النصوص الواردة في هذا الفصل ، إلاّ أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له ، أو لمصلحة المستفيد) وطبقتها محكمة النقض المصرية[2].

7. إنه عقد احتمالي (غرر) ، حيث لا يعلم العاقدان مقدار الكسب أو الخسارة ، وأن التزامات كلا الطرفين ، أو أحدهما تتوقف في وجودها ، أو في مقدارها على حادثة محتملة من حيث هي ، أو من حيث زمنها ، ولذلك خصص القانون المدني المصري الباب الرابع لعقود الغرر ، وذكر في فصله الأول : المقامرة والرهان ، وفي فصله الثالث: عقد التأمين[3] .

8. إنه عقد حسن النية : ومع أن مبدأ مراعاة حسن النية من المبادئ العامة التي تسري على العقود حسب المادة 148 مدني مصري والمادة 19 كويتي ، ولكن عقد التأمين يتميز عن العقود الأخرى من حيث إن حسن النية يلعب دوراً في انعقاده ، وتنفيذه أكبر من الدور الذي يقوم به في أي عقد آخر ، ولذلك يعتمد المؤمن في تقرير قبوله على صحة البيانات التي يدلي بها المستأمن حيث يتوجب عليه أن يتحرى جانب حسن النية عند الإدلاء بتلك البيانات ، وهكذا الأمر عند انعقاد العقد ، وتنفيذه[4] .

 


 

 

   ([1]) يراجع في هذه المسألة : المراجع السابقة جميعها ، وبالأخص د. أحمد شرف الدين ص 113 ، ود. الزعبي ص 133

([2]) انظر : مجموعة النقض المدني الستة 16 ص 1347 رقم 211/ نقض مدني مصري في 28/12/1965 بخصوص التأمين ضد الحريق ، حيث قضت ببطلان الشرط الوارد في وثيقة التأمين الذي كان ينص على أن عقد التأمين لا يضمن الخسارة أو الاضرار التي تلحق الأشياء المؤمن عليها بسبب احتراق ذاتي إلاّ بنص صريح في الوثيقة.

([3]) د. الزعبي : المرجع السابق ، والمراجع السابقة .

([4]) د. أحمد شرف الدين ص 118 ، والمراجع السابقة