بسم الله الرحمن الرحيم
الجمعة17 ذي الحجة
1430الموافق 4 ديسمبر 2009
مسجد السيدة عائشة بكليب بن
عمران
إن العمل في
الاسلام مهما كان عظيما فإن العبرة فيه بخواتيمه ونتائجه وان الافعال الطيبات مهما
كانت رائدة وعظيمة فإن المهم فيها هوأن تكون قادرة على تغيير الانسان وان تكون
قادرة على ان تحقق للانسان منهجية متواصلة فالعبرة في الاسلام ايها الاخوة الاحبة
بأن يعيش الانسان المسلم حياته ومماته على الاسلام أن يحي للاسلام وان يموت كذلك
للاسلام وان يستقيم على الافعال الصالحات وان يستمر كذلك على ترك المعاصي والمنكرات
فليست الاعمال في الاسلام آنية أو وقتية وان كانت مرتبطة بالاوقات وانما الاعمال في
الاسلام حتى وان كان أداؤها مؤقتا ومحددا بالاوقات فان الاسلام يريد من خلال ذلك
منهجية دائمة.
فالحج مثلا فقد
فرضه الله سبحانه وتعالى على المسلمين مرة واحدة ولكنه سبحانه جعل لهذه الفريضة
منهجية دائمة قائمة على الاستقرار والاستقامة وكذلك على الاستمرار والدوام فلنقرأ
معا ايها الاخوة الاحبة بعض الآيات الكريمات التي تتعلق بالحج، حيث يقول سبحانه
وتعالى في سورة البقرة، << الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
واتقوني يا أولي الألباب>>.
هذه الآية
الكريمة تتضمن حالتين، أو تتضمن منهجين، المنهج المؤقت الذي يتعلق بحالة الحج،
والمنهج الثاني والمرتبط بهذه الفريضة وهو المنهج المستمر والمستقر، فالمنهج الاول
هو منهج تدريبي ترويضي يروض الحاج لكي يستمر على المنهج الثاني، الذي بينته الآية
الكريمة نفسها، فالمنهج الأول يقول للحاج أثناء الحج لا يجوز للانسان أن يتقرب من
زوجته مثلا خلال فترة الاحرام، حتى يتعود أن لا يقترب من المحارم في عالم الجنس في
غير الاحرام والحج ثم بعد ذلك يقول، فلا رفث ولا فسوق أي ولا معاصي فلا يجوز للحاج
أن يرتكب المعاصي مهما كانت هذه المعصية بسيطة، لأنه محرم في طاعة الله سبحانه
وتعالى، بل إن بعض العلماء فسروا الفسوق، بالسباب بدليل الحديث الصحيح “سباب المسلم
فسوق وقتاله كفر” فأي فسق كان والرأي هنا للعموم سواء تعلق هذا الفسق بعالم المال
أو عالم الجنس أو السلوك والمعاملات أو العقائد، فكل ذلك فسق وخروج عن طاعة الله
سبحانه وتعالى، ثم يقول سبحانه وتعالى للترويض أكثر<< فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج>> حتى الجدال أي المخاصمة، أو ان يجادل الحاج أخاه حول قضية ما، دينية كانت أو
دنيوية فلا يجوز له ان يدخل في جدل مع غيره.
بعض العلماء
فسروا، والآية تحتمل، فقد فسر البعض أن الحج قد فصله الله سبحانه وتعالى أحكاما فلم
يبقى فيه جدال، وهذا معناً جائز أيضا وصحيح، ولكن الظاهر من الآية الكريمة هو نهي
عن أن يحدث جدال في الحج، أي جدال كان خلال فترة الحج كاملة، ومن هنا يأتي الترويض.
إذا هذه
المنهجية المؤقتة تروض الانسان أيها الاخوة الأحبة للوصول إلى المنهجية الثانية،
والتي تم بيانها في نفس الآية سبحان الله والتي تتمثل في في ثلاثة اموراساسية وهي
رقابة الله سبحانه وتعالى و علم الإنسان ويقينه بان الله يعلم بكل شيئ فهذا العلم
يجعلك تصل إلى مرحلة الاحسان <<وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خر الزاد
التقوى واتقوني يا أولى الألباب>>، ثلاثة عناصرأساسية تكون منهجا مستمرا ومستقرا
للحاج ليسير عليه ولغير الحاج كذلك، بدايته العلم، بأنك تعلم علم اليقين بأن الله
يعلم ما تفعله، وهذا يجعلك ان صدقت أن تصل إلى قمة من قمم الإسلام والإيمان وهي
الإحسان، فهذا الدين يبدأ بالإيمان أو يبدأ بالإسلام ثم الإيمان أو كلاهما معا كما
ورد في حديث عمر ثم بعد هذا تصل الى درجة الإحسان، كما جاء في حديث عمر عندما سأل
جبريل عن الاسلام ثم الإيمان ثم الإحسان فإجاب جبريل أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم
تكن تراه فإنه يراك وهذه هي مرتبة الإحسان، فلا تغفل عن الله سبحانه وتعالى في كل
اعمالك في سرك وعلانيتك.
وانطلاقا من
هذه الآية الكريمة في تبيان الاحسان أن أساس العبادات والالتزامات تنطلق من هذه
النقطة الاساسية وهي ان يكون هذا الانسان على هذا اليقين، وأنا أعتقد فعلا لو أننا
وصلنا إلى هذه المرحلة لما استطعنا أن نرتكب منكرا أبدا فكيف للإنسان أن يرتكب
منكرا وهوعلى علم يقيني أن الله يراه.
إذا أيها الحاج
الكريم فقد روضت طيلة فترة الحج لتصل في نهاية المطاف وبعد انقضاء الحج الى هذه
الحالة الاستقرارية المستمرة زمانا ومكانا
ثم أكملت الآية
الكريم ب <<وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوني يا أولى الالباب>> المنهج الثالث
،حينما أنت تزداد من الخير حينها إذاً تصل إلى مرحلة التقوى وهي الأساس، فالتقوى هي
قمة الولاية لله سبحانه وتعالى وقمة ولاية الله سبحانه وتعالى لك حتى تصل هذه
المرحلة.
فإذا نفذنا
أيها الإخوة الأحبة هذين المنهجين ،المنهج الأول التدريبي ليوصلنا الى المنهج
المستقرالدائم من خلال هذه العناصر الثلاثة فقد فزنا جميعا وفاز الحجاج.
أما لا سمح
الله إذا حج الحاج واعتبر أن هذا هو كل شيئ فهذا الخطأ الأكبر لأن العبرة أيها
الأحبة بالخواتيم كما جاء في الأثر ” إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون
بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فبدخلها ” وكذلك العكل صحيح.
الخطبة
الثانية: الحمدلله والصلاةوالسلام على رسول الله ….
بسبب عدم اتباع
منهجية مضبوطة من قبل المسلمين مع غيرهم وكذلك في عدم وحدتهم وتفرقهم، يستطيع
الآخرون من غير المسلمين أن يعبثوا بأوضاع إخواننا من الأقليات المسلمة أين ما حلت
بل عبثوا حتى برموزنا الإسلامية كما حصل في أكثرمن بلد غربي في السنوات القليلة
الماضية.
أما آخر ما حصل
في هذا الإطار ما نضنكم قد تابعتموه هو ما أقدمت عليه دولة سويسرا من القيام
باستفتاء أسفر وبنسبة 57%، عن منع المسلمين هناك من حقهم في بناءالمآذن في المساجد
التي يقيمونها،وهذا دليل جديد يكشف زيف الشعارات التي طالما صموا بها آذاننا في
الغرب من حريةالاديان والديمقراطية.
إن الموافقة
على هذا القرار الظالم وبهذه النسبة المرتفعة من قبل الشعب السويسري يجعلنا نستنتج
أن جزءا كبيرا من هذه الشعوب الأوروبية على درجة من العنصرية والحقد على الاسلام
بما يجعلنا نحذرأن تستأنف الحروب الصليبية من جديد إذا توفرت لهذه الشعوب أدنى فرصة
لذلك فماذا أعددنا لذلك؟
والسلام عليكم
ورحمته تعالى وبركاته