يرى الشيوخ الثلاثة أنه يجب على المساهم أن يدفع زكاة أرباح أسهمه السنوية إضافة إلى زكاة قيمتها السوقية .

  ومع أن الشيخ القرضاوي رجح رأيهم بالنسبة للأفراد لم يرض بهذا الازدواج الممنوع في الزكاة ، حيث يترتب على ذلك دفع الزكاة على الأرباح مرتين ، مرة باعتبارها داخلة في قيمة السهم ، ومرة باعتبارها ربحاً ، ومن جانب آخر فقد عاملنا صاحب الأسهم مرة بوصفه تاجراً ، فأخذنا من قيمة أسهمه زكاتها ، ومرة بوصفه منتجاً فأخذنا من ربح أسهمه ، وهذا هو الازدواج أو الثنّي الممنوع شرعاً   .

  وفي رأيي لا يترتب على وجهة نظر الشيوخ الثلاثة الثني الممنوع شرعاً ، وذلك لأنهم اعتبروا الأسهم عروض تجارة لها قيمة خاصة ، وأن الأرباح التي جاءت بمثابة الأرباح النقدية الموجودة ، وبالتالي فالقواعد العامة لعروض التجارة تقتضي أن تحسب قيمة عروض التجارة إضافة إلى النقود الموجودة كما هو رأي جميع الفقهاء القائلين بوجوب الزكاة في عروض التجارة ، وكما ذكره الشيخ نفسه  ، وكما بينه التابعي الفقهي ميمون بن مهران ، حيث قال : ( إذا حلّت عليك الزكاة ، فانظر ما كان عندك من نقد ، أو عرض ، فقوّمه قيمة النقد ، وما كان من دَين في ملأة فاحسبه ، ثم اطرح منه ما كان عليك من الدَين ، ثم زك ما بقي )  .

 

الرأي الثالث ـ الاعتماد على معرفة الموجودات الزكوية ، أو عدم معرفتها :

  حيث تجب الزكاة عليها في حالة معرفتها ، ولا تجب عليها في حال عدم معرفتها ، وهذا رأي أكثرية الحاضرين في مؤتمر الزكاة الأول حيث جاء فيه :  (الحالة الثانية : أن يكون قد اتخذ الأسهم للاستفادة من ريعها السنوي فزكاتها كما يلي:

أ – إن أمكنه أن يعرف عن طريق الشركة أو غيرها – مقدار ما يخص السهم من الموجودات الزكوية للشركة فإنه يخرج زكاة أسهمه بنسبة ربع العشر(5ر2%).

ب – وإن لم يعرف فقد تعددت الآراء على ذلك: فيرى الأكثرية إن مالك السهم يضم ريعه إلى سائر أمواله من حيث الحول والنصاب ويخرج منها ريع العشر (5ر2%) وتبرأ ذمته بذلك ) .

  وهذا يعني أن مالك السهم في هذه الحالة لا تجب الزكاة في سهمه من حيث هو ، ولذلك جاء قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي الأول (28(3/4) تأكيد على هذا الرأي ، ونص على : (فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع )  .

  ولكن المجمع الموقر عدل عن هذا الرأي في قراره رقم (121(3/13) بالنص الآتي : (إذا كانت الشركات لديها أموال تجب فيها الزكاة كنقود وعروض تجارة وديون مستحقة على المدينين الأملياء ولم تزك أموالها ولم يستطع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخصّ أسهمه من الموجودات الزكوية فإنه يجب عليه أن يتحرى، ما أمكنه، ويزكي ما يقابل أصل أسهمه من الموجودات الزكوية. وهذا ما لم تكن الشركة في حالة عجز كبير بحيث تستغرق ديونها موجوداتها.

أما إذا كانت الشركات ليس لديها أموال تجب فيها الزكاة، فإنه ينطبق عليها ما جاء في القرار رقم 28 (3/4) من أنه يزكي الريع فقط ولا يزكي أصل السهم )  .

  وهذا الرأي الثالث في نظري غريب من حيث سقوط هذا الركن ، ومقدار الحقوق التي تتعلق بهذه الحالة ، والتي تعد بعشرات الملايين ، بل بمئاتها لمجرد عدم المعرفة ؟ .

وهذا الرأي وإن كان يتفق مع رأي الأكثرية في مؤتمر الزكاة الأول من حيث وجوب الزكاة في الريع دون الأصل ، لكنه يختلف معه من حيث الحول ، حيث إن قرار المجمع يقضي بأن يبدأ حول الريع من يوم قبضه ، في حين أن رأي الأكثرية يقضي بأن يضم الريع إلى سائر أموال المساهم من حيث الحول والنصاب .

  وقد رجح الشيخ الضرير رأي الأكثرية في مؤتمر الزكاة الأول حيث قال : ( وهو الأولى عندي ، ومؤدى الرأيين أن الأسهم المتخذة للاستثمار لا زكاة في أصلها ، وإنما يزكى   ريعها )  .

 

ثلاثة آراء تنبثق عن عدم العلم :

  وعند مناقشة زكاة الأسهم ـ في الندوة الحادية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة ـ بنية الاستثمار والاستفادة من ريعها ظهرت ثلاثة آراء للمشاركين في حالة عدم معرفة المساهم ما يخص أسهمه من الزكاة ، وهي :

الرأي الأول ـ أن تعامل هذه الأسهم معاملة الأسهم المعدة للتجارة فيدفع زكاتها على أساس قيمتها السوقية ، وحجته في ذلك أن هذه الأسهم لا تخلو من التجارة ، وبنية البيع في الغالب وان كانت بعد زمن ، إضافة إلى أن الشركة تجارية ـ في الغالب ـ ، إضافة إلى أنه الأحوط .

الرأي الثاني ـ يزكيها حسب غالب الظن من الموجودات الزكوية من خلال التحري والبحث والسؤال من أهل الذكر .

الرأي الثالث ـ أن يزكي قيمتها عند بيعها فور قبضها من غير انتظار حولان الحول  ، استئناساً ، أو قياساً على التاجر المحتكر عند المالكية  .

الرأي الرابع : وجوب الزكاة بنسبة 10%  في ريع الأسهم  كله ( أي الموزع وغيره ) فور قبضه قياساًَ على الأرض الزراعية :

  وهذا رأي الأقلية من الحضور في مؤتمر الزكاة الأول كما جاء في توصياته وفتاواه ـ كما سبق ـ وهو الرأي الأخير الذي تبناه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي  .

  وهذا الرأي مين على قياس الأسهم على الأرض الزراعية ، وبالتالي فإن أرباحها مثل غلى الأرض ، وتكون العلة الجامعة في كون كل واحد منهما أصلاً لا تجب الزكاة في ذاته ، وإنما تجب الزكاة في ناتجه .

 

  وفي رأيي أن هذا القياس لا تستقيم فيه علته ، فالأسهم لدى القانونيين هو النصيب الذي يقدمه المساهم أو الوثيقة ( الصك ) التي تمثل حصة المساهم في رأسمال الشركة  فذلك النصيب عبارة عن النقد الذي يقدمه المساعم ، وإذا قدم حصة عينية فإن الأسهم التي تقابلها لا يجوز تداولها إلاّ بعد نشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر عن سنتين كاملتين  وذلك لتأكيد مصداقية تقييم هذه الحصص العينية وصحة قيمتها التي قومت بها  .

  فالأسهم العينية لا تبقى عينية إذ تقوم بالنقود في البداية ثم من خلال ميزانيتين متكاملتين لأربعة وعشرين شهراً ، وبالتالي تحولت إلى قيم نقدية .

  ثم إن معظم الشركات التجارية ، وبخاصة البنوك الإسلامية حينما تنظر إلى ميزانيتها السنوية ترى أن نسبة النقود والديون تتراوح بين 80% و90% وأن نسبة منها عروض تجارة ، فكيف تعتبر أصلاً لا تجب فيه الزكاة .

  ثم إن الأرض لها خصوصيتها من حيث ذاتها وتكوينها والتعامل معها ، ومن حيث قبضها وملكية ما في داخلها ، حيث تختلف في كل ذلك عن الأسهم التي هي عبارة عن الديون والنقود وعروض التجارة .

 فهل مجرد إطلاق اسم أو عنوان مثل ” الأسهم ” يلغي كل مكونات الشيء وحقائه وقيمه ؟!

 ومن جانب آخر فإن الريع في الأسهم هو النقد ، وأن الناتج في الأرض الغلة أو التمر ، وهما مختلفان حقيقة وحكماً ، وان أحكام النقود تختلف عن أحكام ما تنتجه الأرض والشجر ، لذلك أرى أن هذا القياس قياس مع الفارق ، بل قياس لا يستقيم لأنه قياس نقد ودين وعروض تجارة على الأرض والشجر .

  ومن جانب آخر فإن زكاة ما تنتجه الأرض هي العشر إذا كانت تسقى بماء السماء ، ونصف العشر إذا كانت تسقى بدلو ونحوه ، في جين أن القائلين بوجوب دفع العشر 10% لم يفرقوا بين الحالتين ، وبالتالي فلم يصبح حكم الفرع مساوياً لحكم الأرض ، وهذا شرط أساس في صحة القياس كما هو معروف  .

  ثم إن الأرض والشجر من أدوات الانتاج أما الأسهم فليست منها حتى عند القانونيين ، فهي معتبرة حسب مكوناتها ، وأن ريعها ـ في الغالب ـ يعود إلى رأس المال والعمل ، وبالتالي فهو أقرب إلى عروض التجارة إلاّ في بعض شركات خاصة بالزراعة ، ونحوها .

 

الرأي الخامس :  وجوب الزكاة في ريع السهم عند قبضه بمقدار ربع العشر ، دون انتظار الحول ، وهذا رأي قال به بعض العلماء  .

 

القرارات الجماعية الصادرة بشأن زكاة الأسهم :

 ولأهمية هذا الموضوع نوقش في عدة مؤتمرات وندوات وحلقات فقهية ، وصدرت بشأنها عدة قرارات وفتاوى ، نذكر أهمها :

 

أولاً ـ الفتوى الصادرة من المؤتمر الأول للزكاة ، الذي أقيم بالكويت عام 1984م ، وهي :

(زكاة أموال الشركات والأسهم :

زكاة أموال الشركات:

1- تربط الزكاة على الشركات المساهمة نفسها لكونها شخصاً اعتبارياً، وذلك في كل من الحالات الآتية:

1) صدور نص قانوني ملزم بتزكية أموالها.

2) أن يتضمن النظام الأساسي ذلك.

3) صدور قرار الجمعية العمومية للشركة بذلك.

4) رضا المساهمين شخصياً.

ومستند هذا الاتجاه الأخذ بمبدأ (الخلطة) الوارد في السنة النبوية بشأن زكاة الأنعام، والذي رأت تعميمه في غيرها بعض المذاهب الفقهية المعتبرة والطريق الأفضل وخروجاً من الخلاف – أن تقوم الشركة بإخراج الزكاة ،فإن لم تفعل فاللجنة توصي الشركات بأن تحسب زكاة أموالها وتلحق بميزانيتها السنوية بياناً بحصة السهم الواحد من الزكاة.