ملخص خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي محي الدين القره داغي 15 اكتوبر 2010 بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب
ايها الاخوة المؤمنون لقد أراد الله سبحانه وتعالى بأن تكون الأمة الخالدة التي كتب سبحانه على يديها الخير والرحمة للعالمين وحتى اذا ضعفت هذه الامة في فترات من الزمن فانها لن تموت أبدا لأنها الامة الوحيدة التي جعلها الله صاحبة الرسالة الخالدة رسالة الاسلام والقرآن الكريم كلا الله رب العالمين الذي تكفل بحفظه بنفسه سبحانه << إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون>> الآية
فمهما عمل واجتهد الاعداء لقتل هذه الامة والقضاء عليها أو ازالتها عن دورها الحضاري فإنهم لن يستطيعوا ولكنهم قد ينجحوا في تأخرها وتخلفها لفترة من الزمن واشغالها بقضايا هامشية داخلية فتتخلف علميا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا فينتشر الفقر والجهل والمرض في كثير من شعوبها شرقا وغربا وهو ما يحصل في أيامنا هذه فتجد افقر الدول في العالم هي اغلبها من الدول الاسلامية ونسبة الجهل والتخلف كذلك ترتفع نسبتها في عدد كبير من هذه الدول الاسلامية.
فقد كنا منذ أيام قليلة في أقصى شرق هذه الأمة في أندنوسيا ثم بعدها في أقصى غربها في أفريقيا وتحديدا في السنغال فوجدنا أن هذه الدول وبالرغم مما تتمتع به من خيرات وثروات باطنية استطاع أعداء الاسلام أن يجعلوها تعاني من مشاكل اقتصادية وانتشار مظاهر الفقر لنسبة كبيرة من شعوبها.
هذه هي السياسات التي يحاول أعداء الاسلام فرضها في أجزاء كبيرة من هذه الأمة وقد نجح في الكثير منها خلال المائتي سنة الاخيرة ولكن في المقابل والحمد لله نشهد صحوة طيبة مباركة تجتاح كامل شعوب الامة ولكن هذه الصحوة أيها الاخوة الأحبة على الرغم أنها أحيت القلوب وأحيت المشاعر وأعادت الأمة الى هويتها ولكن أيها الاخوة الأحبة لا يكفي لأننا ببساطة قد اكتشفنا اخلالات في مجالات أخرى التي كان من الواجب أن يتزامن التقدم فيها بالتوازي مع هذه الصحوة المباركة ومن هذه المجالات التي مازلنا نزداد تخلفا فيها وبعدا عن المنهج الاسلامي الصحيح هي قضايا التعليم والتنمية والوحدة
ولذلك فبالرغم من وجود هذه الصحوة فلابد أن نعترف بأنه هناك تراجع خطير في هذه القضايا فالفقر يزداد يوما بعد يوم في أمتنا حتى في بعض البلاد التي حباها الله بوفرة الثروات وكذلك في الجانب التعليمي والجانب الصحي
إذا أيها الاخوة الأحبة أين الخلل مع وجود هذه الصحوة وهذه العواطف؟ حيث لا نتقدم بالرغم من هذه الصحوة فهل يكفي أن نحمل العامل الخارجي كل هذه المظاهر التي عددناها أم أن هناك عوامل أخرى
إن ما يقوم به أعداء هذه الأمة أو ما عبرنا عنه بالعامل الخارجي هو في الأصل متوقع منهم وقائم ما دامو هم اعداء يقول تعالى<< ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا>> إذا هذا هو منهج الأعداء ولا يجب أن نتوقع منهم غير ذلك ولكن القرآن وبعد أن حسم منهج الأعداء تجاه أمة الاسلام أرادأن ىيبين لنا منهجا آخر بقوله تعالى<< أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم>> الآية إذا نحن كذلك مسؤولون أمام الله على كل ما أصابنا ويصيبنا وليس فقط ما يحيكه لنا الأعداء.
إذا الخلل أيها الاخوة الأحبة يكمن فيما وضحه الله سبحانه في أول آية نزلت من القرآنه الكريم ممثلا في مكانة العلم والتعليم ونظمنا التعليمية فهذه الصحوة المباركة صحيح قد أحيت القلوب والعواطف ولكن من للعقول وما تحتاجه من سلامة التفكير وعلمية المنهج فتركيز هذه الصحوة على القلب فقط وعلى النفس فقط لن يؤدي الى النتائج المطلوبة ولن يرفع التحدي الذي يواجه هذه الأمة فنحن في حاجة كذلك الى الاهتمام بالعقل بالعلم والحكمة واتباع المنهج العلمي في تحليل كثير من الظواهر والعمل على حلها ولذلك أيها الاخوة الأحبة نجد أن أو سورة لم تتحدث عن الصلاة على أهميتها ولا عن العقيدة على أهميتها وأساسيتها بل تحدثت على مسألتين اثنين هما العلم والقراءة من جهة وكرامة الانسان ومنع الاستبداد والدكتاتورية من جهة اخرى وهذا تشخيص متكامل من منزل هذه الرسالة على أن حل مشاكل هذه الأمة وتقدمها لن يتحقق بكثرة الصلوات فقط ولا ولا بتركيز العقيدة فقط فالعقيدة والصحيحة والصلوات والعبادات بصفة عامة يجب أن تكون ضمن منهج شامل متكامل يكون العلم والقراءة هما العمود الفقري الذي يرتكز عليه هذا المنهج الشمولي وكرامة الانسان وتخليصه من الاستبداد والضلم غايته يقول تعالى<< اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق >> ولم يقل الله سبحانه اقرأ القرآن وانما قال اقرا في العموم وهي دعوة لقراء العلوم وقراءة الكون والتدبر في خلق الله تعالى فأنت يامحد قد ارسلت ومن ورائك أمتك الى تعمير الأرض والأرض لا تعمر الا بالعلم ولذلك عندما كانت الأمة في عزة عهدها كانت تقرأ كل شيئ وكانت تزن كتب الأمم الأخرى بالذهب من أجل الاطلاع على ما تحمله ومن علوم وخبايا ولذلك ازدهرت العلوم في شقيها الديني والدنيوي ان صح التعبير فانتشرت العلوم الشرعية وازدهرت وتفرعت وكذلك ازدهرت علوم الطب والكيمياء والفيزياء والجغرافيا بالتوازي
ولذلك أيها الاخوة الأحبة إذا كنا ومن خلال الصحوة الاسلامية المباركة قد خطونا خطوة طيبة في احياء العقول ولكن مازال الطريق طويلا امامنا من أجل احياء العقول بالعلم والحكمة واحياء النظام الاجتماعي الذي يكرم الانسان ويرفع عنه الظلم والاستبداد
الخطبة الثانية:
أيها الاخوة الاحبة حتى في مجال التمكين لقد عرف الاستعمار والاعداء هذه القضية فعرفوا ان سيطرتهم وقدرتهم على النيل ولو مؤقتا من هذه الأمة فوضعوا خططا تعليمية تخدم اهدافعم الاستعمارية الاحتلالية مرتبطة أحيانا بقيم الالحاد وقيم الغرب حتى يحققوا أهدافهم في صرف هذه الأمة عن مصادرها العلمية والشرعية الاسلامية وكذلك تخريج نخبة متأثرة بالقيم الغربية أمسكت بمقاليد الحكم مباشرة بعد أن خرج الاستعمار من بلاد المسلمين فترى مثلا في أغلب الدول الافريقية الاغلبية من المسلمين ولكن الذين يمسكون بمقاليد الحكم هم إما من النصارى أو من العلمانيين فهناك بلدا افريقيا عدد المسلمين فيه لا يتجاوز ال25 بالمائة في حين يمسكون بنسبة 94% من اقتصاد البلاد والبقية أكثر من 70% يتحكمون بنسبة 6%