الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وخاتم الرسل والنبيين ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين .
وبعد :
فإن المملكة العربية السعودية على الرغم من جهودها الحثيثة المقدرة المباركة في التخفيف على ضيوف الرحمن في أداء شعائرهم بيسر وسهولة ، وبذل كل ما بوسعها من أجل راحتهم ، ونجاحها في توسعة الحرمين الشريفين ، ولكن موضوع الزحام في منى لا يزال يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود الفقهية والفنية للوصول إلى حل شامل لهذه المشكلة التي راح ضحيتها مئات الحجاج في كل عام .
لذلك فإن دعوة رابطة العالم الإسلامي من خلال أمانة المجمع الفقهي لبحث هذا الموضوع من كل جوانبه الممكنة (وبالأخص الجانب الفقهي) كانت موفقة ومتناسقة مع هذه الجهود حتى يصل العلماء إلى حل فقهي ليبدأ بعد ذلك الحل الفني ، ولذلك استجبت لهذه الدعوة الكريمة للمساهمة ببحث متواضع بذلت فيه كل ما أمكنني من الجهد في هذا المجال ، حيث راجعت كتب السنة ، والآثار والمصنفات ، وكتب الفقه بمختلف مذاهبه ، كما راجعت كتب الموسوعات المعاصرة حول فقه الصحابة الكرام رضي الله عنهم وما كتب حول الموضوع من البحوث المعاصرة ، والفتاوى ، وبالأخص فتاوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ، والفتاوى والبحوث المنشورة في مجلة البحوث الإسلامية التي تصدرها رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء ، حيث راجعت الموضوع في كل أعدادها فوجدتها أنها تطرقت إلى هذا الموضوع في أعدادها (5 ، 7 ، 13 ، 14 ، 19 ، 23 ، 34) ، إضافة إلى أنني اعتمدت على البحوث والدراسات القيمة التي أصدرها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج .
وكان منهجي في ذلك هو الاعتماد على الدليل من الكتاب والسنة ومنهج التيسير الذي شرعه الإسلام وأكد عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في بيانه العظيم ، وبالأخص في باب الحج ، حيث كان معظم إجاباته على أسئلة الناس في منى : (لا حرج)[1] .
والله أسأل أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم ، وأن يعصمنا الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل ، فهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير .
((1) انظر صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (3/559-568) ، ومسلم (2/948) ، وسيأتي مزيد من التخريج والتحليل له فيما بعد بإذن الله تعالى